Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر الحل العسكري الفرنسي يتيح للجزائر النفاذ إلى العمق الأفريقي

اعتبر بوقادوم أن "الإرهاب ظاهرة عابرة للحدود لذلك فإن التعاون الدولي وحده هو المجدي لمكافحتها"

أدى تصاعد الأعمال الإرهابية في منطقة الساحل إلى استنفار الجيش الجزائري (التلفزيون الرسمي الجزائري)

رأت الجزائر أن الحل العسكري في منطقة الساحل "فشل"، بعد تصاعد الاعتداءات الإرهابية، وتمددها، بشكل أثار مخاوف المجموعة الأفريقية من توتر الأوضاع، ما فتح المجال أمام استعراض المقاربة الجزائرية المبنية على الحل السياسي السلمي الذي يتخذ من التنمية المحلية أساساً متيناً.

فشل الخيار الأمني

وجاء تصريح وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، بأن "الحلول العسكرية وحدها لا تكفي لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل"، ودعوته إلى "تعاون دولي لمحاربة الظاهرة العابرة للحدود في ظل التصعيد الحالي الذي تشهده المنطقة"، ليكشف عن نوايا الجزائر في استعادة عمقها الاستراتيجي الذي استفردت به فرنسا بفرضها المقاربة العسكرية. وأضاف بوقادوم أن "الحلول العسكرية ستكون مجدية في القضاء على الإرهاب فقط عندما تصاحبها جهود جدية للتعامل مع المشاكل المتعلقة بالتنمية في منطقة الساحل"، مشيراً إلى أنه "في ظل شح الموارد، سيكون الاعتماد على الأموال السهلة التي مصدرها الإرهاب وعمليات الاختطاف سائداً في المنطقة، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار".
واستدل وزير خارجية الجزائر من أجل إثبات فشل التعاطي الأمني مع ظاهرة الإرهاب في منطقة الساحل، بنتائج عملية "برخان" العسكرية التي تقودها فرنسا في المنطقة منذ عام 2014، مشيراً إلى أن "باريس نشرت 5100 جندي ضمن بعثة الأمم المتحدة متعددة الجنسيات التي تضم أكثر من 15 ألف جندي لتحقيق الاستقرار في مالي، لكن ذلك الحضور العسكري الكبير لم يكن كافياً، لأنه لا يعالج الأسباب العميقة للظاهرة". وقال بوقادوم، إن "الإرهاب يعد ظاهرة عابرة للحدود، لذلك فإن التعاون الدولي وحده هو المجدي، لأن منطقة الساحل حيوية بالنسبة للجميع"، معتبراً أن "الجماعات الإرهابية مهما كانت تسمياتها "داعش" أو "بوكو حرام" كلها متشابهة، وهي تتجدد باستمرار".

اتهامات أممية

بعد 7 سنوات من اعتماد المقاربة العسكرية التي قادتها فرنسا، وفي ظل توالي الأنباء عن سقوط قتلى وجرحى من جيوش دول الساحل والأمم المتحدة، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة إعادة النظر في طريقة معالجة ظاهرة الإرهاب في المنطقة، خاصةً أمام توسع دائرة رفض الأفارقة لوجود القوات الفرنسية التي باتت متهمة بارتكاب مجازر بحق المدنيين كما وقع في منطقة "بونتي"، وسط مالي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وفق ما ذكرت الأمم المتحدة في تقريرها الذي وصف ما حدث بـ"المجزرة" على الرغم من رفض باريس نتائج التحقيق.

دعم الحلول السياسية

في السياق ذاته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مبروك كاهي، أن "المقاربة الجزائرية كانت الأنجع من البداية، لكن فرنسا اختارت القوة، وفي النهاية ثبت فشلها وتشتت تحالف برخان العسكري"، مضيفاً أنه "سجلت انتهاكات حقوقية بحق شعوب المنطقة من قصف للمدنيين وتقييد الحريات، تمت التغطية عليها بفعل الأوضاع السياسية غير المستقرة في مالي، لكن تحقيق الأمم المتحدة كشف عنها وحمل فرنسا المسؤولية الأخلاقية والقانونية". وأبرز كاهي أن "الجزائر عادت لترافع لصالح مقاربتها وهي تقوم بجهود لدعم الاستقرار في مالي وتقوية مؤسسات الدولة".
وتدعو الجزائر إلى دعم الحلول السياسية والمساعدة في تنمية هذه المنطقة لاجتثاث الإرهاب، خاصة أن الجماعات الإرهابية تستثمر في فقر أبناء المناطق المحرومة، وتمكنت بقيادة وزير الخارجية، صبري بوقادوم، من عقد اجتماع للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، في مدينة كيدال بشمال مالي، لأول مرة، على اعتبار أنها منطقة خاضعة لسيطرة المسلحين، حيث نوقشت ملفات عدة أهمها الإصلاحات المؤسساتية ومتابعة تنفيذ مختلف القرارات، واستكمال المسار المتسارع لنزع السلاح وإعادة الدمج، وإصلاح سياسة مشاركة المرأة، وإطلاق مرحلة جديدة من مشاريع التنمية، إلى جانب مواضيع أخرى، وهو اللقاء الذي وصفته الأمم المتحدة بالتاريخي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فرنسا تدافع

من جانبها، تدافع فرنسا عن وجود قواتها بالمنطقة، إذ قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الفرنسية، إيرفيه غران جان، إن سبب وجود القوات الفرنسية في "المثلث الحدودي" بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، هو "محاربة الإرهاب وحماية المدنيين"، مبرزاً أن "نشر هذه القوات جاء بطلب من دول منطقة الساحل لمحاربة الجماعات الإرهابية". واعتبر غران جان أن "العمليات الفرنسية ستؤدي إلى تجنب وقوع هجمات إرهابية في أوروبا، وبخاصة في فرنسا، إذ تمثل منطقة الساحل ملاذاً وقاعدة خلفية لعمليات الإرهابيين".
ورداً على الاحتجاجات التي شهدتها مالي وبوركينا فاسو المطالبة بسحب القوات الفرنسية من المنطقة، رأى المتحدث الفرنسي أن هذه التظاهرات كانت "محدودة النطاق"، والغرض منها هو "نشر الإشاعات والتضليل"، مشيراً إلى ما وصفه بـ"العلاقات الجيدة التي تربط عناصر الجيش الفرنسيين والسكان المحليين".

ورقة طريق... ومخاوف

من جهة أخرى، رأت الإعلامية المهتمة بالشأن الأمني، ناهد زرواطي، أن "المقاربة الجزائرية تشكل ورقة طريق تحولت إلى حل واتفاق وقع في الجزائر". وأضافت "بعد أن كانت الجزائر وحدها في الساحة المالية كوسيط بين الأفرقاء الذين جمعت بينهم، أصبحت حالياً تقود الوساطة رفقة دول أخرى غربية وأفريقية، وهو ما يعد خسارة للجزائر وليس مكسباً".

وتساءلت زرواطي "لو تقدمت الجزائر بمقترح يطالب بانسحاب هذه القوى العسكرية الغربية، ومنها الفرنسية، هل ستقبل السلطات المالية؟ الجواب حسب معلوماتي لا"، مبرزةً أنه وفق ما سبق "نستنتج أن أي مقاربة سياسية سلمية للجزائر ستصطدم بجدار الحلفاء الجدد في مالي". وتابعت أن "الصراع الجيوسياسي أصبح أكبر، في حين تواصل الجزائر ممارسة دبلوماسية الزيارات، وهو ما قد يؤدي إلى خسارة الرهان على مالي مثلما حدث مع ليبيا".

المزيد من متابعات