Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لنتأمل عن كثب أمانة بوريس جونسون واستقامته

تفاصيل مروعة عن إحدى العلاقات الغرامية الحديثة لرئيس الوزراء

ادعت جنيفير أركوري (يمين الصورة) أنها على علاقة عاطفية مع بوريس جونسون منذ أربع سنوات (غيتي)

قبل فترة طويلة نسبياً تقارب الـ14 شهراً، بدأ وضع الخطط الخاصة بإنشاء غرفة للإحاطة الإعلامية في مقر رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت". وبعد طول انتظار، وصلنا إلى اليوم الذي بات فيه بوريس جونسون يشعر على نحو غامض بالأمان الكافي كي يفتتح الغرفة رسمياً.

بدت الشمس ساطعة، والطيور تغرد، وبدأ تخفيف قيود الإغلاق الخاص بجائحة كورونا، فيما شهدت لندن يوماً لم تحصل فيه أي وفاة [متعلقة بكورونا] على الإطلاق، ما شكل حادثاً أول من نوعه منذ ما يزيد على ستة أشهر. وهذا بالتأكيد، آمن إلى أقصى الحدود الممكنة. ولقد تحقق ذلك بالفعل. وسار كل شيء على ما يرام، بحسب شرح رئيس الوزراء. وهذا رائع تماماً، وفق تأكيد السيدان ويتي وفالانس (بروفيسور كريس ويتي، كبير المسؤولين الطبيين  في إنجلترا، والسير باتريك فالانس كبير المستشارين العلميين لدى الحكومة).

حسناً، لليوم الثاني على التوالي، غصت الصحف بتفاصيل مروعة عن إحدى العلاقات الغرامية الحديثة إلى حد ما لرئيس الوزراء، مع معلومات المحرجة نسبياً عن تلقي شركة تجارية يديرها الطرف الآخر في العلاقة الآنفة الذكر، 126 ألف جنيه إسترليني على شكل منح عامة. لكن، هيا بنا، إن ذلك يكاد يكون عديم الأهمية.

نعم، ربما كان هذا النوع من الممارسات كافياً لإنهاء العمل المهني لأي شخص يأمل في التمسك بعمله حتى آخر ذرة من العار، بيد أن بوريس جونسون هو من نتحدث عنه هنا. إن هذه حقاً شهادة حول التوقعات المتواضعة للغاية على نحو فريد التي تواطأ جونسون على صناعتها لنفسه، حتى أن أحداً لا يمكن أن يتكبد مشقة السؤال عنها.

نتذكر هنا حادثة مشابهة. حينما اتضح أن دونالد ترمب دفع مبلغاً من المال كرشوة إلى نجمة أفلام خلاعية كي لا تنبس ببنت شفة عنه، لم يصدر عن العالم سوى هزة كتفين متجاهلة. إن ذلك هو الحال مع جونسون الذي ورث استراتيجية الصدم والتحمل التي اختُبرت وجُربت في الماضي. ومن بعض الجوانب، ينبغي على المرء أن يبدي إعجابه بذلك.

واستطراداً، إنه [بوريس جونسون] يقود حكومة تقول ما تشاء، وتفعل أيضاً ما تشاء، ولا تفعل شيئاً لا ترغب به، وكذلك لا تعتذر أبداً، ولا تشرح  شيئاً على الإطلاق، وبالتأكيد لا تستقيل، وليس هناك أبداً من يتوقع غير ذلك منها.

وإذا بدت الأحداث غريبة، فلعل ذلك مرده إلى أن الأسئلة في جانبها الأكبر قد طُرحت، وجرى الرد عليها كلها إلى حد بعيد. وبالتالي، تسير الأمور على ما يرام، لكن الحذر مطلوب. إذ نكاد نبلغ الهدف، ولو على نحو بطيء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم تُبنَ تلك الغرفة [المخصصة للإحاطات الإعلامية] أساساً من أجل جونسون، بل من أجل سكرتيرته الصحافية الجديدة أليغرا ستراتون. وفي مفارقة نموذجية من النوع الذي يليق بعهد جونسون، فإن الغرفة من أساسها من بنات أفكار دومينيك كامينغز الذي تخيل أن البث التلفزيوني للإحاطة الإعلامية اليومية المقدمة إلى الصحافيين المعتمدين في مقر رئاسة الحكومة، يتيح للسياسيين تجاوز وسائل الإعلام، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إخضاع هذه الوسائل عموماً وإضعافها. في المقابل، جرى التعاقد مع أليغرا ستراتون لأداء هذا العمل، ما فتح الباب أمام سلسلة من الأحداث قادت في نهاية المطاف إلى استقالة كامينغز نفسه.

ومن المنتظر أن تقدم ستراتون في 17 مايو (آيار) المقبل الإحاطة الإعلامية الأولى التي ستصل إلى الجمهور بالبث التلفزيوني الحي. أما إحاطة اليوم، فقد جرت عبر مكالمة جماعية خاصة، وفق ما تقتضيه قواعد العمل الآمن في ظل جائحة "كوفيد" حاضراً. وهكذا، بناء على الأدلة التي شوهدت اليوم، ستُطرح قريباً على قناة إخبارية تبث الأنباء في مكان ما قريب منك، مع خلفية زرقاء براقة جديدة مئة في المئة، أسئلة من النوع التالي "تحدث رئيس الوزراء عن التعامل مع النساء باحترام. هل يعتقد أنه عامل زوجته بـ"احترام" حين مارس الجنس مع جنيفير أركوري قبل ساعات من ظهوره مع عقيلته إلى جانب الأميرة الملكية (آن) في دورة الألعاب البارالمبية؟". وسيكون الرد الذي يتلقاه جمهور المستمعين على هذا السؤال هو أن رئيس الوزراء قد تصرف بـ"أمانة واستقامة".

والحق أنه تصرف بـ"أمانة واستقامة" حين اصطحب أركوري معه في عدد من المهمات التجارية التي حملتهما إلى دول عدة في أنحاء العالم، على نفقة القطاع العام. وقد تصرف أيضاً بـ"أمانة واستقامة" عندما أخفق في إعلام السلطات المختصة في ذلك الوقت عن طبيعة علاقته بأركوري، أو في الواقع عن وجود أي علاقة بينهما على الإطلاق.

وبطبيعة الأمر، من المؤلم أن يكون عليك أن تصغي إلى صحافية لها سمعة ستراتون والسجل المهني الحافل الذي لا تشوبه شائبة، أثناء اضطرارها إلى التفوه بمثل هذا الكلام الفارغ بشكل واضح. ولا بد أنها تشعر شخصياً بألم عميق لأن عليها أن تفعل ذلك. إنه أمر سيئ بما فيه الكفاية قد تضطر إلى قوله في مكاملة هاتفية خاصة. في المقابل، إن التفكير في حقيقة أن ذلك سيجري بثه في وقت قريب على شاشة التلفزيون فيستطيع كل راغب أن يشاهده، يكاد يكون بالكاد أمراً يمكن تحمله.

© The Independent

المزيد من آراء