Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ندرة السلع الاستهلاكية الضرورية تثير غضب الجزائريين

السوق تفتقد الرقابة ووزارة الخارجية تتعهد بتوفير المواد الغذائية وبأسعار تنافسية قبل حلول شهر رمضان

ندرة المواد الاستهلاكية جعلت الطوابير تعود أمام المحلات التجارية في الجزائر (الإذاعة الجزائرية)

تعيش السوق المحلية الجزائرية أزمة ندرة خانقة لمواد غذائية واسعة الاستهلاك، استدعت تدخل الحكومة لتخفيف مخاوف الشارع الذي ارتفعت درجة حرارة غضبه بشكل جعل الوضع العام يهدد بانفجار اجتماعي.

تهافت وهلع ومظاهر التسعينيات

وعادت مظاهر التسعينيات حين عرفت الجزائر أزمة اقتصادية واجتماعية إلى شوارع مدن البلاد، حيث لا حديث إلا عن غياب مادة زيت الطبخ وارتفاع أسعار السكر والعجائن، وتذبذب توزيع مادة الحليب وغيرها من الانشغالات، كما لا يخلو محل أو مساحة تجارية من الاكتظاظ والطوابير وبعض المرات مشادات بين المواطنين، وانتقل الحال إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت مساحة للتعبير عن الغضب وانتقاد الحكومة، تارة بشكل جدي وأخرى بسخرية تقلل من حدة الاحتقان.

وفي حين ناشد الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين المستهلكين ترشيد الاستهلاك واقتناء الكميات الضرورية فقط وعدم التهافت، أكدت جمعية التجار والحرفيين أن المبالغة في الطلب سلوك سيء، ومن سلبياته أنه يفتح المجال لظاهرة المضاربة التي يشتكي منها المواطن، وقال إن كل المعلومات المتوافرة تشير إلى أن مخزون المواد الاستهلاكية والغذائية يكفي خلال شهر رمضان وما بعده، كما دعت فيدرالية المستهلكين المواطنين إلى تجنب سلوكيات التهافت والتخوف والهلع التي تنعكس مباشرة على غلاء الأسعار وتشجع ظاهرة المضاربة.

الحكومة تطمئن

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، أعلن وزير التجارة كمال رزيق، التزامه بتوفير مختلف المواد الغذائية الأساسية وبأسعار تنافسية، وكبح المضاربة قبل حلول شهر رمضان، مشدداً على استعداد الدولة للتدخل لضمان وفرة المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك من لحوم وزيوت وحبوب وخضراوات وغيرها، من خلال الاستيراد.

وأضاف أن الندرة المسجلة في بعض المواد تعود بالدرجة الأولى إلى بعض الأخبار التي روجت عبر وسائل الإعلام حول ندرة محتملة، مما دفع بالمستهلكين إلى تغيير مستوى استهلاكهم وتخزين كميات إضافية.

وأكد الوزير الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، لأنه حق يكفله الدستور، خصوصاً بعدما أقر الرئيس تبون من خلال قانون المالية 2021، رفع القيمة المالية الموجهة للدعم العمومي إلى 17 مليار دولار، مشدداً على ضرورة أن يذهب الدعم إلى مستحقيه.

وبخصوص التجار المضاربين، ذكر الوزير وجود فرق رقابة مشتركة مجندة لمراقبة المخازن للتصدي لكل أشكال الاحتكار والمضاربة في السوق، إلى جانب تسليط أقصى العقوبات ضد المخالفين، تصل إلى المتابعات القضائية والشطب النهائي من السجل التجاري والتوقيف عن النشاط مدة سنتين، داعياً المواطنين للحفاظ على سلوكهم الاستهلاكي العقلاني، وعدم الانسياق خلف الإشاعات التي تروّج لندرة المنتجات في ظل الوفرة المسجلة على مستوى المخازن.

"الذعر الشرائي" وضعف التموين

وفي السياق، أبرز المحلل الاقتصادي مراد ملاّح، أنه يجب الانطلاق من معطى مهم، ألا وهو الارتفاع العالمي في أسعار المواد الأولية والأغذية كإحدى مخلفات جائحة "كوفيد-19"، فالزيادات التي شهدتها بعض المواد الغذائية كانت متوقعة ومنتظرة، وربما فاقمها تراجع قيمة الدينار الجزائري.

 أما في ما يخص الندرة، فهو في الحقيقة نقص في التموين لأسباب عدة أدت إلى ازدياد الطلب مقارنة بالعرض، وقال إن السوق تفتقد إلى الرقابة والتحكم الكافيين في سلاسل التوريد من طرف وزارة التجارة، مشيراً إلى ما يسمى بـ "الذعر الشرائي" الذي جعل آلاف المواطنين يقتنون مواد غذائية أساسية بكميات كبيرة بغرض التخزين، مخافة كابوس الانقطاع.

وتابع ملاّح، "أزمة الندرة تحيلنا الى موضوع دعم السلع الغذائية الذي يجب أن يتخذ شكلاً آخر بضخ المساعدات والدعم الحكومي من الدولة للمستحقين مباشرة، وليس عبر سياسة الدعم الكلي المنتهجة حالياً، التي جعلت السلع المدعمة عرضة للمضاربة والاحتكار والتهريب أيضاً عبر الحدود"، موضحاً أنه من بين الحلول كبح الذعر الشرائي عبر تسقيف الشراء، فلا يعقل أن يشتري مستهلك عشرات العبوات من زيت المائدة، ويبحث آخر عن عبوة سعة لترين أياماً وليالي في نطاق جغرافي واسع، "لكن للأمانة قد يكون هذا الإجراء حلاً مؤقتاً لتخفيف أثر الندرة وضمان انسيابية أكبر في التموين".

وختم بأن وجود نظام لتتبع الأغذية، بخاصة المدعمة، وحل إشكال الفوترة التي يرفض بعض الموزعين العمل بها، أمور يجب الإسراع في إرسائها لوقف مشاهد التدافع والهلع الشرائي الذي لا يشرّف صورة البلاد والمجتمع الجزائري.

قضية تسيير

من جانبه، اعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي والمستشار في الهيئة الجزائرية لمكافحة الفساد، أسامة لبيد، أن ندرة المواد الاستهلاكية في بلد اسمه الجزائر الذي مساحته قارة، هي قضية تسيير، ويبدو أن وزارة التجارة استدركت الأمر وكثفت الرقابة على أصحاب المخازن، وفرض على التاجر التقرب من مديريات التجارة، والإعلان عن عناوين كل المخازن التي يحوزها لتفادي الاحتكار والمضاربة ورفع الأسعار التي تثقل كاهل المواطن، مشيراً إلى أن الأسواق الجوارية والأسبوعية، وكذا أسواق التجزئة والجملة، يجب أن تنشط على مدى الأسبوع، فيما يخضع لاحقاً كل التجار لقرار العمل بالمداومة في المناسبات والأعياد، "ولا تكون عن طريق القائمة أو عدد محدود كما كان في السابق".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد