Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان اللبناني يؤجل "العتمة الشاملة" لشهرين بسلفة 200 مليون دولار

نواب من كتل عدة حذروا من مغبة المساس بأموال المودعين لدعم قطاع الكهرباء

جانب من جلسة البرلمان اللبناني في قصر الأونيسكو في بيروت الإثنين 29 مارس الحالي (الوكالة الوطنية للإعلام)

بعد نحو ثلاثة أسابيع من تحذير وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، ريمون غجر، من اتجاه البلاد إلى "عتمة شاملة" نهاية الشهر الحالي ما لم تتوفر الاعتمادات المالية اللازمة، أقر مجلس النواب اللبناني، في جلسته التشريعية التي عقدها، الاثنين 29 مارس (آذار) الحالي، واستغرقت نحو الساعة ونصف الساعة، اقتراح قانون يتعلق بإعطاء سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 300 مليار ليرة (200 مليون دولار)، كما أقر اقتراح قانون يتعلق باسترداد الأموال المتأتية من الفساد، أو ما عرف بقانون "استرداد الأموال المنهوبة"، بالإضافة إلى مشروع قانون يتعلق باتفاق في المحال الصحي مع العراق. وأحال البرلمان إلى اللجان النيابية اقتراح قانون يتعلق بإعطاء تعويضات للجسم الطبي نتيجة جائحة كورونا.
ويعاني لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية منذ ثلاثة عقود على الأقل، ومن ساعات تقنين طويلة تتخطى 12 ساعة. وعلى وقع شح السيولة بالدولار، بات يواجه صعوبات في توفير الأموال اللازمة لاستيراد الفيول.
ولم يقر لبنان بعد موازنة عام 2021، على وقع انهيار متمادٍ وتضاؤل احتياطي مصرف لبنان بالدولار. ويتم منذ مطلع العام تأمين الفيول عبر بواخر، بعد انتهاء عقد مع شركة "سوناطراك" من دون تجديده، إثر نزاع قانوني.

مثل "التيتانيك"

وافتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة التشريعية عند الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين في قصر الأونيسكو (المقر المؤقت للبرلمان في ظل جائحة كورونا)، بالتحذير من إن "لبنان سيغرق مثل سفينة تيتانيك" إذا لم يتمكن من تشكيل حكومة. وقال "حسناً فعلت اللجان المشتركة بإعطاء سلفة الكهرباء، لأننا أمام تعتيم البلد نهائياً". وأضاف "بين أن يقول الناس إن المجلس النيابي عتم البلد أو أعطى السلفة، فالخيار الأول أكثر مرارة من الثاني".
وانتقد بري حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها حسان دياب قائلاً "أنا أتعجب بأن الحكومة لديها كل هذا الشغل، مع الأسف الشديد يأتون الآن، ويطالبوننا بأن نفسر الدستور. إذا كان المطلوب تغيير الدستور، هذا الأمر ليس موجوداً على جدول أعمالنا، بالتالي فليذهبوا إلى العمل هذا ما أبلغته لرئيس الحكومة اليوم".
 

سلفة الكهرباء

وبدأت الجلسة بمناقشة البند المتعلق بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 200 مليون دولار.
وأفادت تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية، الأحد، عن إطفاء معمل الزهراني (جنوب) محركاته بسبب نفاد مادة الغاز أويل لديه، على الرغم من وجود باخرة تنتظر إفراغ حمولتها جراء خلاف حول اختبار المواصفات بين مؤسسة كهرباء لبنان ومديرية النفط في وزارة الطاقة.
وتطرقت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان أصدرته الأحد 28 مارس، لهذا التباين. وذكرت في الوقت ذاته أنه "كان من المفترض وصول ناقلة بحرية أخرى محملة بمادة الغاز أويل، آتية من الكويت، يوم الجمعة"، لكنها تأخرت بسبب أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس.
ويعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة في لبنان. وكبد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). ويشكل إصلاحه شرطاً رئيساً يطالب به المجتمع الدولي منذ سنوات لتقديم المساعدة إلى لبنان.

شهران ونصف الشهر

وتعليقاً على موضوع سلفة الخزينة لـ"مؤسسة كهرباء لبنان"، قال عضو البرلمان سيزار أبي خليل وزير الطاقة السابق (تيار وطني حر) لوكالة "رويترز"، إن "هذه السلفة ينبغي أن تكون كافية لاحتياجات الكهرباء لنحو شهرين، أو شهرين ونصف الشهر". وأوضح أبي خليل أن "معمل الزهراني يؤمن من أربع إلى خمس ساعات كهرباء يومياً وانطفاء أي معمل من هذه المعامل الكبيرة يؤثر سلباً على التغذية الكهربائية".
وتابع "هذا يعني أن اللبنانيين يعوضون من خلال مولدات تعمل بزيت الغاز الذي يزيد سعره بنسبة 30 في المئة على الوقود الذي يتم شراؤه من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، بالتالي يكون التأثير على احتياطينا من العملات الأجنبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اعتراضات نيابية

في المقابل، انتقد نواب من كتل عدة موضوع السلفة، فقال النائب جورج عدوان (القوات اللبنانية)، إن "هذه ليست سلفة، لا بالقانون، ولا في الواقع. ولا مرة أخذت مؤسسة كهرباء لبنان قرشاً وردته. وأذكر أن وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني تعهدت بسلسلة إجراءات ولم تنفذ أي شيء من كل ما طلبناه منها في ملف الكهرباء". وأضاف عدوان "إذا كان المجلس فعلاً سلطة رقابية فلا بد أن يأخذ إجراءات تتعلق بالإهمال الوظيفي. وأقول إن أي مس بالاحتياطي الإلزامي هو مس بأموال المودعين. ليذهبوا ويفتشوا من أين سيتدبرون الأموال".

أما النائب أسامة سعد، فقال إن "هذا القانون كان يجب أن يرد من الحكومة، ولا يبدو في الأفق أن هناك حكومة. على حكومة تصريف الأعمال ممثلةً بوزير الطاقة، أن يقولوا من أين سيأتون بالكهرباء وأصحاب المولدات (الخاصة) يبتزون الناس والفوضى عارمة. لا بد من دور سياسي للبرلمان، وأدعو إلى مرحلة انتقالية إنقاذية يتبناها مجلس النواب، ويسير بها، فإذا كانت السلفة من ودائع الناس فلست معها، ولا يحق لنا التصرف بما ليس لنا. وهذه مسؤولية الحكومة".
في السياق ذاته، صرح النائب هادي أبو الحسن (الحزب التقدمي الاشتراكي): "نؤكد موقفنا المبدئي برفض تكتل اللقاء الديمقراطي سلفة الكهرباء. موقفنا مبني على رؤية إصلاحية، والعتمة آتية بعد ثلاثة أشهر. كنا وسنبقى مع الإصلاح، ولا بد من تشكيل حكومة. ستؤخذ (السلفة) من أموال اللبنانيين، ويستنفد احتياطي مصرف لبنان، ثم سنلقي باللوم على مصرف لبنان".
من جهته، رأى النائب إبراهيم كنعان (تيار وطني حر)، أن "الموضوع المالي مهم في هذه السلفة. سياسات الحكومات المتعاقبة كانت تكلف الدولة أموالاً باهظة. واليوم في ظل الانهيار الكبير، إما أن نطفئ البلد والمؤسسات الخاصة والعامة، أو أن نلجأ إلى سلفة. الموضوع المالي أعمق من ذلك بكثير، لذلك لا يجب أن نكمل بهذه الطريقة، واليوم مطلوب من الحكومة تصريف أعمال، لا توقيف الأعمال، وأن تقوم بعملها، وعليها اتخاذ قرار بإعادة ترشيد الدعم، والمجلس النيابي لا يمكنه أن يتخذ هذا القرار".

المزيد من العالم العربي