هل لك أن تتخيل حادثاً مؤسفاً واحداً يمكن أن ينشر فوضى تمتد من لوس أنجليس إلى روتردام إلى شنغهاي. حادثة جنوح سفينة الحاويات العملاقة إيفر غيفن في قناة السويس هي نموذج على مدى اعتماد التجارة المتزايد على سلاسل التوريد العالمية، وهو أمر يحتاج إلى مزيد من التمحيص بعد نهاية الكارثة، والتي عطلت مسار نحو 200 سفينة حتى الآن ورفعت أسعار النفط والسلع الأخرى، وأجبرت العديد من السفن على تحويل مسارها نحو رأس الرجاء الصالح، مما قد يرفع حوادث القرصنة، وقد رأينا كيف افترس القراصنة، ولا يزالون يفترسون السفن التي تتحرك في المياه قبالة القرن الأفريقي.
حادثة السفينة العملاقة في قناة السويس تصدرت وسائل الإعلام العالمية، وبخاصة أن 12 في المئة من التجارة العالمية بما فيها النفط والمنتجات النفطية تمر عبر القناة، في وقت فشلت الجهود المبذولة لإخراج السفينة في يومها الرابع، في وقت حذر أولئك المكلفون بتحريك سفينة الحاويات من أنه لن يكون هناك تقدم يذكر قبل الأسبوع المقبل، مع تقدير البعض أن السفينة قد تبقى عالقة حتى أبريل (نيسان) المقبل.
في هذا التقرير نستعرض كيف تداولت وسائل الإعلام العالمية حادثة جنوح إحدى أكبر سفن الحاويات في العالم في قناة السويس وتداعيات الحادثة على الاقتصاد والتجارة العالميين:
"نيويورك تايمز": مخاطر الاعتماد الشديد على سلاسل التوريد العالمية
صحيفة "نيويورك تايمز"، حذرت من مخاطر اعتماد العالم وبشكل كبير جداً على سلاسل التوريد العالمية. حيث عنونت "السفينة العالقة في قناة السويس تحذير من العولمة المفرط"، إن العالم تلقى تحذيراً آخر هذا الأسبوع بشأن مخاطر اعتماده الشديد على سلاسل التوريد العالمية. وقالت الصحيفة إن جنوح سفينة واحدة في قناة السويس، أدى إلى إغلاق حركة المرور في كلا الاتجاهين، مما تسبب في مواجهة التجارة الدولية ازدحاماً مرورياً هائلاً مع عواقب وخيمة محتملة.
وتطرقت الصحيفة للحديث عن مزايا السفينة إيفر غيفن، حيث قالت إنها ليست مجرد سفينة فهي تعتبر واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم، وهي تتسع لـ20 ألف صندوق معدني لنقل البضائع عبر البحر، كما تناولت أهمية قناة السويس، مشيرة إلى أنها ليست مجرد مجرى مائي فهي قناة حيوية تربط مصانع آسيا بالعملاء الأثرياء في أوروبا، فضلاً عن كونها قناة رئيسة للنفط.
"واشنطن بوست": تزايد القرصنة مع تغييرات المسار
صحيفة "واشنطن بوست"، حذرت من تزايد عمليات القرصنة بعد أن دفعت حادثة قناة السويس كثيراً من سفن العالم لتغيير مسارها حول أفريقيا، فعنونت "تتزايد مخاوف القرصنة حيث تقطع السفن شوطاً طويلاً حول أفريقيا لتجنب سد قناة السويس". وقالت الصحيفة، إن سيارات "كيا" الجديدة وحيوانات حية ومليارات الدولارات من النفط الخام وسلع أخرى ظلت عالقة في قناة السويس طوال اليوم (أمس الجمعة). فيما حاولت القاطرات والجرافات تحرير سفينة حاويات (مؤرضة) أصبحت ترمز إلى مخاطر الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على البضائع التي تنتقل حول العالم في سفن أكبر وأكبر.
وقالت إن الازدحام البحري باهظ التكلفة على جانبي الممر المائي. دفع النقالات لتغيير مسارها عبر السفر حول الطرف الجنوبي لإفريقيا بدلاً من ذلك، مما أضاف أسابيع إلى رحلاتها، عبر منطقة معروفة بالقرصنة. وأضافت أنه ومع احتمال تحويل المزيد من السفن إلى رأس الرجاء الصالح، يمكن أن تزداد القرصنة، فنه لطالما كان القراصنة يفترسون السفن التي تتحرك في المياه قبالة القرن الأفريقي، وتعتبر البحار الواقعة قبالة غرب أفريقيا الغنية بالنفط من بين أخطر البحار في العالم بالنسبة للشحن. وقالت الصحيفة، إنه مدار اليومين الماضيين، قالت البحرية الأميركية، إن شركات الشحن من دول متعددة قد اتصلت بها بشأن تزايد مخاطر القرصنة على السفن التي يتم تغيير مسارها، بحسبما قال متحدث باسم الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ومقره في البحرين.
"ذا موسكو تايمز": روسيا وتحويل الأزمة إلى مكاسب
صحيفة "ذا موسكو تايمز"، رصدت تداعيات جنوح السفينة العملاقة في قناة السويس على روسيا، وتساءلت في افتتاحيتها إن كانت موسكو ستستفيد من انسداد القناة، وقالت إن ما يقرب من 300 مليون دولار من المنتجات النفطية الروسية تنتظر دخول القناة، والتي لا تزال مغلقة بعد تأريض سفينة الحاويات إيفرغيفن. وأشارت إلى أن موسكو تأمل في أن تتمكن من تحويل الأرضية الغريبة إلى مكاسب طويلة الأجل.
وأشارت الصحيفة إلى تأثر روسيا بشدة، باعتبارها أكبر مصدر لمنتجات النفط الخام عبر القناة. ففي المتوسط، تشحن روسيا 546 ألف برميل من النفط عبر القناة، ويشكل ذلك نحو 5 في المئة من إجمالي إنتاج روسيا النفطي أي ما قيمته 35 مليون دولار، بحسب تقديرات شركة "فورتيكسا" لتحليل الطاقة. وقال آرثر ريتشييه، كبير محللي الشحن في الشركة، إن هناك بالفعل ست ناقلات نفط تسافر من الموانئ الروسية عالقة في الازدحام. وتحمل ما إجماله 3.2 مليون برميل من النفط الخام - بقيمة نحو 195 مليون دولار - و1.2 مليون برميل من منتج البترول النظيف بقيمة 95 مليون دولار أخرى.
"فايننشال تايمز": إنقاذ السفينة سيستمر لأيام وربما أسابيع
صحيفة "فايننشال تايمز"، حذرت من أن أزمة قناة السويس لن تختفي ما بين ليلة وضحاها مستشهدة بتصريحات الشركة التي تقود عملية إغاثة السفينة الجانحة وكتبت تحت عنوان "شركة الإنقاذ تقول إن تطهير قناة السويس قد يستغرق أسابيع". وقالت الصحيفة، إن المخاوف من حدوث اضطراب كبير في التجارة العالمية قد تزايد بعد أن حذر رجال الإنقاذ من أن قناة السويس قد تظل مغلقة لـ"أسابيع" بسبب جنوح سفينة حاويات عملاقة.
وسردت الصحيفة جزءاً من تفاصيل الإغاثة للسفينة قائلة، إن الحفارات المتخصصة وصلت، الخميس، في محاولة لاستخراج وإعادة تعويم الجرف الذي يبلغ وزنه 220 ألف طن بعد أن انغلق عبر القناة خلال عاصفة رملية، الثلاثاء. وأضافت أنه على الرغم من الجهود المبذولة لتحريك السفينة، فقد أظهر تتبع الأقمار الصناعية في الساعة 5 مساء بتوقيت لندن أن السفينة لا تزال عالقة عبر القناة. ونقلت "فايننشال تايمز"، عن برنارد شولت المدير الفني لشركة شيب مانيجمينت لإدارة السفن، عن أن محاولة إعادة تعويم السفينة في الصباح باءت بالفشل، ومن المقرر أن يتم التخطيط لمحاولة أخرى لاحقاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"سي أن أن" الأميركية: التجارة كانت في حالة فوضى قبل حادثة القناة
شبكة "سي أن أن" الأميركية، عنونت على موقعها "الشحن العالمي كان في حالة فوضى حتى قبل انسداد السويس. نقص السلع وارتفاع الأسعار يلوحان في الأفق". وقالت إن جنوح سفينة الحاويات العملاقة التي يبلغ طولها ربع ميل أغلقت واحداً من أكثر الشرايين التجارية حيوية في العالم، مما تسبب في ازدحام مروري أصاب أكثر من 200 سفينة، وقد يستغرق الأمر أسابيع لتخليصها. وأضافت ولكن حتى قبل جنوح إيفرغيفن في قناة السويس في وقت سابق من هذا الأسبوع، كانت سلاسل التوريد العالمية مشدودة إلى أقصى الحدود، مما جعل نقل البضائع في جميع أنحاء العالم أكثر تكلفة، وبالتالي تسبب في نقص كل شيء من دراجات التمارين الرياضية إلى الجبن في وقت يوصف فيه الطلب على المنتجات والسلع بغير المسبوق.
وأوضحت "سي أن أن" أن الإغلاق المطول للطريق الرئيس بين الغرب والشرق أدى إلى جعل الأمور أسوأ بكثير. وحذرت من أن التأخيرات أو عمليات التحويل المكلفة إلى طرق أطول سيؤديان إلى زيادة الضغط على الشركات التي تواجه بالفعل نقصاً في الحاويات وازدحاماً في الموانئ وقيوداً على السعة.
"التايمز" اليابانية: رفع أسعار شحن ناقلات الوقود
من جانبها ركزت صحيفة "التايمز اليابانية"، على جهود إغاثة السفينة العملاقة إيفرغيفن، وتداعيات الحادثة على أسواق النفط، حيث عنونت "قناة السويس تكثف جهودها لتحرير سفينة عالقة، بينما تراقب الولايات المتحدة تداعيات الحادثة على سوق الطاقة"، وقالت الصحيفة، إن عمليات التجريف والقطر التي تهدف إلى تحرير سفينة عملاقة عالقة في قناة السويس فشلت، الجمعة، وتسببت الحادثة في انسداد أدى إلى رفع أسعار شحن ناقلات الوقود وعرقلة سلاسل التوريد العالمية لكل شيء من الحبوب إلى ملابس الأطفال.
وسردت الصحيفة اليابانية تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن، والتي قال فيها إن إدارته تدرس ما يمكن أن تفعله للمساعدة، بعد جنوح إيفرغيفن البالغ طولها 400 متر في الممر المائي التجاري الحيوي، الثلاثاء، بسبب الرياح القوية. وما أشار إليه الرئيس الأميركي من أن بلاده تمتلك معدات وقدرات لا تمتلكها معظم البلدان، وقول بايدن للصحافيين في ديلاوير "نحن نرى ما يمكن أن نقدمه من مساعدة". ونقلت "التايمز اليابانية" عن مسؤول أميركي قوله، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "البحرية مستعدة لإرسال فريق من خبراء التجريف إلى القناة، لكنها تنتظر موافقة السلطات المصرية".
"غلوبال تايمز" الصينية: عائدات القناة لن تتأثر إلى حد كبير
صحيفة "غلوبال تايمز الصينية" عنونت قائلة "قناة السويس تعلق حركة المرور وسط مساع لتحرير سفينة عملاقة عالقة". وقالت إن السفينة إيفرغيفن، المقبلة من الصين إلى روتردام علقت مؤقتاً عبر مسار الشحن الأكثر ازدحاماً في العالم. ونقلت الصحيفة توقعات الخبير البحري صالح حجازي، والذي توقع أن يتم تحرير السفينة في غضون يومين إذا نجحت الجرافات في إزالة الرمال والأوساخ من قوسها الأرضي، وأشار الخبير بحسب الصحيفة إلى أن عائدات القناة لن تتأثر إلى حد كبير لأن حركة التجارة العالمية بطيئة بسبب تداعيات كوفيد- 19.