Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات القاهرة لحل أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس

مصادر: تكثيف عمليات التكريك بعد فشل السحب تجنباً لمخاوف "تفريغ الحمولة"

تباعاً تتعاظم التداعيات السلبية عالمياً، إثر تعطل حركة الملاحة في قناة السويس، أحد أهم شرايين التجارة الدولية بعدما جنحت سفينة ضخمة وأغلقت المجرى المائي بالكامل في جزئه الجنوبي قبل أربعة أيام، بينما تتواصل جهود السلطات المصرية لتعويم السفينة.

ومع ترجيح مصادر متابعة لتطورات الموقف في قناة السويس، لـ"اندبندنت عربية"، قرب انفراج الأزمة خلال الأيام القليلة المقبلة شريطة نجاح "التكريك" بعد فشل "السحب"، بعكس بعض التوقعات التي تشير إلى احتمالات استمرارها لأسابيع، لا تزال المخاوف "قائمة وقاتمة" من احتمالات "فشل" العمليات الجارية وإزالة الرمال من أسفل سفينة الحاويات، إذ تبقى ضخامة "أم في إيفر غيفن"، التي كانت تقوم برحلة من الصين إلى روتردام، ويبلغ طولها نحو 400 متر وعرضها 59 متراً وتقدر حمولتها الإجمالية بـ224 ألف طن، "تحدياً" قائماً طوال الوقت، بحسب المصادر.

وتترقب أنظار العالم الأنباء القادمة من قناة السويس، التي أعلنت الهيئة المسيرة لها "هيئة قناة السويس" اليوم الجمعة، الانتهاء من تجريف الرمال المحيطة بالسفينة الجانحة بنسبة "نحو 87 في المئة، بمعدلات تكريك (تجريف) تقترب من 17 ألف متر مكعب من الرمال، حيث يتم طرد الرمال عبر خطوط خارجية خاصة بالكراكة، للوصول للغاطس الملائم لتعويمها الذي يتراوح من 12 إلى 16 متراً"، بعد الاستعانة بإحدى أكبر الجرافات المملوكة للهيئة، المسماه (مشهور). التي بدأت أمس العمل على بعد 100 متر من السفينة، واقتربنا اليوم حتى بعد 15 متراً، ومن عمق ابتدائي نصف متر وحتى عمق تكريك بلغ حالياً 10 أمتار".

ومع الأهمية التي توليها التجارة الدولية لذلك الممر المائي، أحد أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم، (يمر عبرها نحو 10 في المئة من إجمالي التجارة العالمية)، قاد عطل السفينة لتعطيل نقل بضائع تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليارات دولار كل يوم، أي ما يعادل نحو 400 مليون دولار من التبادل التجاري في الساعة، فكيف أدارت القاهرة أزمة تعطيل الملاحة في قناة السويس؟

عوائق انفراج الأزمة

وفق ثلاثة مصادر رسمية تحدثنا إليهم، فإن إطالة الأزمة يعود بالأساس لحجم السفينة الضخم وحمولتها الكبيرة، فضلاً عن العوامل الجوية والبحرية المعقدة لعملية التعويم المعتادة في مثل تلك الحالات.

وذكر أحد المصادر، "حين بدأت أزمة جنوح السفينة في الممر الملاحي لقناة السويس يوم الثلاثاء الماضي، حيث كانت تبحر في اتجاه الشمال من البحر الأحمر صوب المتوسط، لجأت السلطات المعنية في حينها لعملية سحب السفينة كإجراء أولي في مثل تلك الحالات"، إلا أنه وبحسب المصدر ذاته، "مع فشل محاولات السحب قررت الهيئة اللجوء إلى عمليات التكريك التي بدأت يوم الأربعاء".

وأضاف، "قدر المعنيون جنوح السفينة بشكل رئيس إلى انعدام الرؤية الناتجة من سوء الأحوال الجوية وفقدان القدرة على توجيه السفينة من طاقمها ومن ثم جنوحها"، موضحاً، "حين تدخل السفن المجرى الملاحي لقناة السويس يصعد مرشدون على متنها ويوجهونها في قوافل بمساعدة قاطرة واحدة أو اثنتين، ويقتصر رأي هؤلاء المرشدين على التوجيه فقط دون التدخل في عمل وتحريك السفينة".

وذكر المصدر ذاته، أن من بين الأسباب التي قادت إلى إطالة الأزمة  "أن السفينة إيفر غيفن أغلقت بالكامل الجزء الجنوبي من القناة، وهو ذلك الجزء الذي يسمح بالمرور في اتجاه واحد فقط، ما يعني أنه ليس بوسع سفن أخرى العبور"، موضحاً "أنها تمتلك غاطساً كبيراً، خصوصاً أنها كانت محملة بكامل طاقاتها"، وعليه تراعي جهود هيئة قناة السويس محاولة عدم إلحاق الضرر ببنية السفينة في المناورات لتعويمها وتوزيع الجهود بعناية على طول هيكلها".

 

من جانبه ووفق مصدر ثان، فإنه على الرغم من "الخبرات التقنية والخدمية العالية التي تملكها هيئة قناة السويس، فإنه يبدو أن بعض الظروف الأخرى كانت ضد حل الأزمة سريعاً، بينها أن عدداً كبيراً من كراكات الهيئة وقاطراتها انحصرت في الجزء الجنوبي من القناة، بعدما أغلقت السفينة إيفر غيفن الممر الملاحي، وعليه بات صعباً تحرك تلك الكراكات نحو الاتجاه الشمالي للمساعدة في عمليات السحب والتكريك". مضيفاً، "مثلت العوامل الجوية والبحرية في ما يتعلق بالمد والجزر في القناة في الوقت الراهن، إعاقة محاولات انتهاء الأزمة سريعا"، مع أخذ الهيئة في الاعتبار "أهمية عامل الوقت في إنجاز تعويم السفينة وإعادة حركة مرور السفن إلى طبيعتها".

واليوم الجمعة، أعلنت شركة برنارد شولت شيب مانجمنت "بي أس أم"، المشغلة لسفينة الحاويات الجانحة، إن فريق إنقاذ هولندياً من شركة سميت سالفيدج، أكد أن قاطرتين إضافيتين ستصلان يوم 28 مارس (آذار) للمساعدة في جهود إعادة تعويم السفينة. وقالت "بي أس أم" في بيان "التركيز الآن على التجريف لإزالة الرمال من حول الجانبين الأيمن والأيسر من مقدمة السفينة"، مضيفة أن كراكة يمكنها نقل ألفي متر مكعب من المواد في الساعة وصلت أمس الخميس، وجار اتخاذ الترتيبات لاستئناف الجهود اللازمة لإعادة تعويم السفينة.

إلى ذلك وبحسب المصدر الثالث، "تركيزنا الآن بالأساس منصب على عملية تسريع تعويم السفينة الجانحة"، مضيفاً، "نأمل خيراً بانتهاء الأزمة سريعاً بعد انتهاء عمليات التكريك التي تقوم بها الفرق المعنية".

وذكر المصدر ذاته، "بعد الانتهاء من عملية التكريك ستقوم الفرق المعنية بمناورة سحب جديد للسفينة ونأمل نجاحها، لأن أي سيناريو آخر قد يطيل من عمر الأزمة ويعقدها". معتبراً أن سيناريو إنزال الحمولة من على السفينة "قد يكون شبه مستحيل" إذ تحتاج مثل هذه العملية موانئ مخصصة ومعدة مسبقاً للتعامل مع مثل هذه الحالات من السفن الضخمة، فضلاً عن رافعات تعمل بأنظمة معينة.

وفي وقت سابق ذكرت شركة "سميت سالفدج" الهولندية التي كلفتها مجموعة "إيفر غرين مارين كورب" المشغلة للسفينة المساعدة في التعويم، إن العملية قد تستغرق "أياماً أو حتى أسابيع"، وعينت "إيفر غرين" فرق خبراء من "سميت سالفدج"، وأيضاً من الشركة اليابانية "نيبون سالفدج" من أجل وضع "خطة أكثر فعالية" لإخراج السفينة. وشبه  بيتر بيردوفسكي، المدير التنفيذي لشركة "رويال بوسكاليس" الشركة الأم للشركة الهولندية، مساء الأربعاء، الأمر بـ"أنه حوت ثقيل جداً على الشاطئ إذا جاز التعبير".

كذلك قالت شركة شوي كيسن اليابانية، التي تملك سفينة الحاويات العملاقة، اليوم الجمعة، "إن عملية إعادة التعويم جارية، لكن الشركة لا تعرف متى ستنجح هذه الجهود؟" وأوضحت، "ليس لدينا تقدير لموعد نجاح المهمة".

وتظهر خريطة تفاعلية لموقع "فيسيلفاينادر" المتخصص بحركات السفن، أن عشرات السفن تنتظر عند جانبي القناة وفي منطقة الانتظار ووسطها.

وإزاء ضبابية الأجواء، أبلغت شركة "هاباغ- لويد" للخدمات اللوجستية البحرية، التي أثر الحادث في عدد من سفنها، وعملائها، أمس الخميس، أنها تدرس "تعديل مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح"ـ وهو مسار بطول آلاف الكيلومترات يلتف حول القارة الأفريقية. بدورها قالت متحدثة باسم شركة ميرسك، أكبر مالك للسفن في العالم، إن الشركة تدرس "جميع البدائل الممكنة"، مشيرة إلى أن "تسع سفن حاويات تابعة لميرسك وسفينتين شريكتين" رأسية بانتظار إعادة فتح الممر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعادل طول سفينة "إيفر غيفن"، التي تديرها شركة "إيفر غرين مارين" التايوانية، طول أربعة ملاعب كرة قدم، وهي واحدة من أكبر سفن نقل الحاويات في العالم. ويبلغ وزن السفينة 200 ألف طن، وقادرة على نقل 20 ألف حاوية.

سيناريوهات أخرى

وفق المصادر التي تحدثت إلينا، فإن تركيز عمليات تعويم السفينة في الوقت الراهن يرتكز بالأساس على سيناريو "نجاح عمليات التكريك" كأولوية قصوى للقائمين على إدراة الأزمة، وذلك في مقابل خسائر متعاظمة قد يمثلها اللجوء للسيناريو الثالث المتمثل في "تفريغ حمولة السفينة"، وذلك لكونها عملية لوجستية طويلة ومعقدة نظراً لحجم السفينة ووضعها.

وبحسب بيانات هيئة قناة السويس، تعمل الآن جرافتان أرسلتهما الهيئة على تجريف الأرض عند مقدمة السفينة التي دُفنت في الضفة الشرقية للقناة، كما تحاول ثمانية زوارق قطرها بدفعها وسحبها بعيداً عن ضفتي القناة بمساعدة رافعات السفينة نفسها.

وقال مارتن شوتيفير، المتحدث باسم "شركة بوسكاليس"، التي تتبعها شركة "شالفيدج" الهولندية، إنه يمكن نشر سفن إضافية إلى جانب القاطرات، لكن ستكون هناك حاجة لحساب مقدار القوة التي يمكن استخدامها دون الإضرار بسفينة الحاويات.

وذكر أحد مصادرنا، "لو قدر لسيناريو التكريك النجاح، فإن الأزمة قد تنتهي بحلول الأحد أو الاثنين، في أقصى تقدير"، معتبراً أن حجم الإنجاز الذي تم في عملية التكريك "هو معجزة بكل المقاييس".

 

بدروه ذكر مصدر ثان، "أنه على الرغم من احتمالات اللجوء إلى سيناريو "تفريغ حمولة السفينة"، فإن الجهود الراهنة تحاول تجنبه بأكبر قدر ممكن، معتبراً أن إمكانية تنفيذه قد تكون صعبة وشبه مستحيلة لإنجازها في وقت سريع، ما يعني احتمالية تمديد تعطيل الملاحة في القناة لأسابيع، الأمر الذي سيتطلب مساعدات دولية أوسع لإنجاحه". وبحسب توصيف المصدر، "لو فشل سيناريو التكريك ستكون هناك مشكلة كبيرة وكارثة قد تطول، وعليه فهناك جهود استثنائية تبذل لإنجاحه".

واليوم الجمعة عرضت كل من تركيا والولايات المتحدة الأميركية تقديم مساعدات في حل توقف حركة الملاحة في قناة السويس، ووفق بيان للهيئة، فقد ثمنت الأخيرة ما تقدمت به الولايات المتحدة الأميركية من عرض للإسهام في تلك الجهود، معربة عن تطلعها للتعاون معها بهذا الصدد تقديراً لهذه المبادرة الطيبة، التي تؤكد علاقات الصداقة والتعاون التي تربط بين القاهرة وواشنطن. كذلك، قالت الهيئة إنها تعرب عن صادق الامتنان لكل ما تلقته من عروض للمساعدة في هذا الشأن، مشيرةً إلى الجهود الجارية نحو إعادة تعويم سفينة الحاويات.

ماذا بعد انتهاء الأزمة؟

بحسب المصادر التي تحدثت إلينا، فإن جهود مسؤولي هيئة قناة السويس تنصب في الوقت الراهن على عملية تسريع إعادة حركة العبور بأسرع وقت ممكن، وعدم الارتكان لحساب التداعيات الاقتصادية، غير مستبعدين في الوقت ذاته احتمالية لجوء السلطات المسؤولة عن القناة بمطالبة الشركة المشغلة لـ"إيفر غرين" بالتعويضات المناسبة عن حجم الضرر الذي لحق بالقناة.

وقال أحد المصادر، "منذ اليوم الأول للأزمة وهناك اتصالات مستمرة من الجانب الياباني والشركة المشغلة للسفينة الجانحة، بهدف تقديم أي تسهيلات أو مساعدات يمكن أن تسهم بها لتجاوز أزمة تعطيل الملاحة في القناة". مشيراً إلى أنه ومنذ اليوم الثاني، وصل فريق هولندي وصعد على متن السفينة بهدف المشاركة في الجهود المبذولة.

وعلى الرغم من تأكيد المصدر عرض الجانب الياباني لأي مساعدات ممكنة لتجاوز الأزمة، ذكر مصدر ثانٍ، "وفق ما يتم في مثل هذه الحالات فإن السفينة تكون مسؤولة عن دفع التعويضات المادية للأضرار التي لحقت بالممر المائي أياً كان نوعها"، موضحاً، "في حالة السفينة إيفر غيفن قدر المعنيون أن المسؤولية يتحملها ربان السفينة، على الرغم من الظروف الجوية وغيرها"، وتابع، "في الظروف الجوية ذاتها مرت أربع سفن في الممر الملاحى في الاتجاه ذاته من الجنوب إلى الشمال ولم تشحط في الرمال، ومن يرجع الأمر لمرشدي القناة اللذين صعدا على متنها، فإن رأيهم يكون فقط استشارياً فقط ولا يتجاوز إلى اتخاذ قرار بشأن السفينة".

وتابع المصدر، "بشأن إقرار التعويضات المستحقة من عدمه، ففي هذه الحالات يخضع الأمر للتقديرات السياسية وقيادة الهيئة، ولكن الإدارت الاقتصادية تعمل على تقديرها وفقاً للحالات السابقة والآليات المتبعة". مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إيراد الهيئة اليومي يبلغ نحو 15 مليون دولار أميركي.

وأمس الخميس اعتذرت شركة شوي كيسن اليابانية التي تملك سفينة "إيفر غيفن"، وقالت، "إنها تعمل على حل الموقف"، موضحة في بيانها "أن جنوح السفينة لم يسفر عن إصابات أو تسرب نفطي". وافتتحت القناة التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط في 1869. وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 2015 مشروعاً لتطويرها يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023. ولهذه الغاية، حُفر في 2014 مجرى جديد.

المزيد من تقارير