Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعليق جهود تعويم سفينة قناة السويس الجانحة والخسائر بالمليارات

ارتفعت أسعار الشحن وتعطّلت سلاسل الإمدادات وحوّلت ناقلات نفط وغاز مسارها

ذكرت ثلاثة مصادر بقناة السويس أنه تقرر تعليق جهود تعويم سفينة الحاويات الضخمة الجانحة بالقناة في وقت متأخر الجمعة على أن تستأنف اليوم السبت، وفقاً لوكالة "رويترز".

وبدأت أحدث جهود تعويم السفينة "إيفر غيفن" في وقت سابق الجمعة بعد عمليات تجريف لإزالة 20 ألف متر مكعب من الرمال عند مقدمة السفينة.

وكانت هيئة قناة السويس قد أعلنت أنها استأنفت محاولات قطر السفينة الجانحة باستخدام زوارق السحب بعد اكتمال أعمال التكريك.

وأكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في بيان مساء الجمعة "مواصلة جهود" التعويم. وأوضح أن "مناورات القطر تتطلب توافر عدة عوامل مساعدة أبرزها اتجاه الرياح والمد والجزر مما يجعلها عملية فنية معقدة لها تقديراتها وإجراءاتها ومحاولاتها المتعددة وفقا لمواضع واختبارات الشد".

ولا تزال حركة الملاحة في قناة السويس معطلة بعد أن جنحت سفينة حاويات ضخمة صباح الثلاثاء بسبب سوء الأحوال الجوية وأغلقت المجرى المائي، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار الشحن لناقلات الوقود وتعطيل سلاسل الإمدادات العالمية، بينما فشلت محاولة جديدة لإعادة تعويم السفينة، الجمعة 26 مارس (آذار)، وفق ما أعلنت شركة "برنارد شولت شيب مانجمنت" (بي إس إم)، المشغلة للباخرة.

وقالت الشركة إن فريق الإنقاذ الهولندي أكّد أن قاطرتين إضافيتين ستصلان في 28 مارس للمساعدة في جهود إعادة تعويم السفينة. كما أوضحت الشركة أن مرشدين من قناة السويس كانا على متن الباخرة عند وقوع الحادث.  

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الجمعة، إن إدارة الرئيس جو بايدن تتوقّع بعض التأثير للسفينة الجانحة في قناة السويس على أسواق الطاقة، وإنها ستستجيب للأمر إذا اقتضت الحاجة.

وفي وقت سابق الجمعة، قالت هيئة قناة السويس إن الجرافات اقتربت لمسافة 15 متراً من مقدمة السفينة، وأنها تستطيع الاقتراب إلى عشرة أمتار بحد أقصى لدواعي السلامة. ووفقاً لتقديرات الهيئة، فإنه تمّ الانتهاء من 87 في المئة من عمليات التجريف.

عرض أميركي

وأشارت هيئة قناة السويس إلى عرض أميركي "للمساهمة في تلك الجهود"، مؤكدةً أنها تتطلّع "للتعاون معها في هذا الصدد تقديراً لهذه المبادرة الطيبة".

وأعلنت الولايات المتحدة عن جاهزيتها لمساعدة مصر في محاولة تعويم السفينة وذلك بواسطة فريق من خبراء البحرية الأميركية الذين يمكن نشرهم بسرعة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي "في إطار حوارنا الدبلوماسي النشط مع مصر، عرضنا على السلطات المصرية مساعدة الولايات المتحدة في محاولة إعادة فتح القناة".

وأضافت "نحن نتشاور مع شركائنا المصريين حول أفضل السبل لدعم جهودهم"، واصفة هذه المشاورات بأنها "مستمرة".

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكابتن بيل أوربان إنهم على استعداد للتحرك في حال طلب منهم ذلك. وأكد في بيان "عرضنا مساعدة مصر ونحن على جاهزية للقيام بذلك، ونتطلع لدعم أي طلب محدد نتلقاه"، مضيفاً "نحن نواصل مراقبة الوضع وتقييمه".

وبحسب مسؤول أميركي في وزارة الدفاع طلب عدم كشف هويته، فقد عرضت واشنطن إرسال فريق من خبراء البحرية للمساعدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال إنه في حال تقدمت مصر بطلب رسمي يمكن للفريق أن يتحرك السبت من البحرين، القاعدة الاقليمية للاسطول الخامس الأميركي. وأشار المسؤول الى انه حتى هذه اللحظة لم تصدر أي موافقة على خطوة من هذا النوع.

وفي سياق متصل، قال وزير النقل التركي عادل قرة إسماعيل أوغلو الجمعة إنه من الممكن أن ترسل بلاده سفينتها "نانه خاتون" للمساعدة في حلّ توقف حركة الملاحة بقناة السويس، ضمن محاولات تبذلها أنقرة في الآونة الأخيرة لإصلاح علاقاتها المتوترة مع مصر بعد سنوات من العداء.

وقال قرة إسماعيل أوغلو لقناة "إن تي في"، "لقد نقلنا عرضنا لمساعدة إخواننا المصريين، وإذا وصلنا ردّ إيجابي منهم، فإن سفينتنا نانه خاتون واحدة من بين السفن القليلة في العالم التي يمكنها القيام بأعمال من هذا النوع". وأضاف أن أنقرة لم تتلقَّ رداً بعد لكنها على أهبة الاستعداد للتحرك.

التعويم

وكانت هيئة قناة السويس أعلنت في بيان ليل الخميس، الاستعانة بجرافة للقيام بأعمال التجريف في منطقة جنوح السفينة. وأوضح البيان، "تهدف أعمال التكريك إلى إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة بكميات تكريك تتراوح من 15 إلى 20 ألف متر مكعب من الرمال، يتمّ طردها عبر خطوط طرد خارجية خاصة بالكراكة، للوصول إلى الغاطس الملائم لتعويمها الذي يتراوح من 12 إلى 16 متراً".

وقال مسؤول في شركة "شوي كيسن كايشا"، المالكة لناقلة الحاويات الضخمة، لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" إن الشركة ليست لديها معلومات عن الحالة الدقيقة للأضرار التي لحقت بالسفينة. وأضاف أن "القاطرات والجرافات تستخدم في تكسير الصخور" في محاولة لإخراجها.

وكانت هيئة قناة السويس ذكرت في وقت سابق الخميس أن حركة الملاحة "عُلّقت مؤقتاً" لحين إعادة تعويم السفينة العملاقة التي سدّت القناة بالكامل بعدما جنحت وعلقت بالرمال.

وجنحت سفينة الحاويات "إم في إيفر غيفن"، البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 متراً وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، صباح الثلاثاء خلال رحلة من الصين متجهةً إلى روتردام، وعلقت في الناحية الجنوبية للقناة، قرب مدينة السويس. وتحاول قاطرات أرسلتها هيئة القناة إزاحتها منذ صباح الأربعاء.

العملية قد تستغرق "أياماً أو أسابيع"

ومساء الخميس، قال الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمشاريع قناة السويس إن حركة الملاحة في القناة ستُستأنف "في غضون 48 إلى 72 ساعة كحدّ أقصى".

وأتى تصريح مميش بعدما أفادت شركة "سميت سالفدج" الهولندية، التي كلّفتها مجموعة "إيفرغرين مارين كورب"، المشغّلة للسفينة المساعدة في التعويم، بأن العملية قد تستغرق "أياماً أو حتى أسابيع".

وشبّه بيتر بيردوفسكي، المدير التنفيذي لشركة "رويال بوسكاليس"، الشركة الأم للشركة الهولندية، مساء الأربعاء، السفينة بـ"حوت ثقيل جداً على الشاطئ، إذا جاز التعبير".

وتظهر خريطة تفاعلية لموقع "فيسيل فاينادر" المتخصّص في حركة السفن، عشرات السفن تنتظر عند جانبَي القناة وفي منطقة الانتظار في وسطها.

وافتتحت قناة السويس التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عام 1869. وأعلن الرئيس السيسي عام 2015 مشروعاً لتطويرها، يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023. ولهذه الغاية، حفر المصريون عام 2014 مجرى جديداً، وهو الذي علقت فيه سفينة الحاويات.

ارتفاع تكاليف الشحن

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويسبب توقف قناة السويس اضطراباً نجم عنه ارتفاع في تكاليف الشحن لناقلات المنتجات البترولية إلى المثلين تقريباً هذا الأسبوع، وتحويل سفن عدة مسارها بعيداً من المجرى المائي الحيوي، ما أدّى إلى تأخيرات في توريد سلع التجزئة إلى المستهلكين.

ويتوقع محللون تأثيراً أكبر في الناقلات الأصغر والمنتجات البترولية، مثل صادرات النفتا وزيت الوقود من أوروبا إلى آسيا، إذا ظلت القناة متوقفة لأسابيع.

وقالت سري بارافيكاراسو، المديرة المعنية بالنفط في آسيا لدى "إف جي إي"، إن "نحو 20 في المئة من النفتا الآسيوية تُورّد من البحر المتوسط أو البحر الأسود عبر قناة السويس"، مردفة أن إعادة توجيه مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح قد يضيف نحو أسبوعين إلى زمن الرحلة وأكثر من 800 ألف طن من استهلاك الوقود للناقلات من فئة "سويسماكس".

والوقود أكبر مصدر تكلفة منفرد للسفينة، ويشكّل ما يصل إلى 60 في المئة من تكاليف التشغيل.

وعلى النقيض، يفاقم التوقف الوضع السيّء لسوق زيت الغاز الآسيوية، أو الديزل، التي يعتريها الضعف بالفعل، نظراً إلى أن آسيا تصدّر الوقود إلى أسواق في الغرب، مثل أوروبا، ويتدفّق ما يزيد على 60 في المئة منه عبر القناة بحسب إحصاءات عام 2020، كما ذكرت "إف جي إي".

سفن تحوّل مسارها 

وتظهر بيانات ملاحية من "رفينيتيف"، أن أكثر من 30 ناقلة نفط تنتظر في شمال القناة وجنوبها للمرور عبرها منذ الثلاثاء.

وقالت "بريمار إيه سي إم شيببروكينغ" للوساطة في الشحن البحري، "أسعار (الشحن) للناقلات من فئتي أفراماكس وسويسماكس في البحر المتوسط تحرّكت أولاً أيضاً، إذ بدأت السوق تضع في الاعتبار توافر عدد أقل من السفن في المنطقة".

وأوضحت "بريمار إيه سي إم" أن أربع ناقلات على الأقل من فئة "لونغ-رينغ 2"، ربما كانت تتّجه إلى السويس من حوض الأطلسي، تقيم على الأرجح الآن مساراً حول رأس الرجاء الصالح. وبإمكان الناقلة من تلك الفئة حمل نحو 75 ألف طن من النفط.

وأضافت أن ارتفاع الطلب على خام حوض الأطلسي داخل أوروبا سيزيد أيضاً من استخدام تلك الناقلات الأصغر حجماً ويدعم أسعار الشحن.

بالأرقام

وزادت تكلفة شحن المنتجات الأقل تلويثاً للبيئة، مثل البنزين والديزل، من ميناء توابس الروسي على البحر الأسود إلى جنوب فرنسا من 1.49 دولار للبرميل في 22 مارس، إلى 2.58 دولار للبرميل في 25 مارس، بزيادة 73 في المئة بحسب "رفينيتيف".

وقال أنوب جاياراج، سمسار شحن ناقلات لدى "فيرنليس سنغافورة"، إن مؤشراً قياسياً للشحن البحري للسفن من فئة "لونغ-رينغ 2" من الشرق الأوسط إلى اليابان، المعروف باسم "تي سي 1"، ارتفع إلى 137.5 نقطة (ورلد سكيل) في وقت مبكر من الجمعة، مقارنةً بـ 100 نقطة (ورلد سكيل) الأسبوع الماضي.

وعلى نحو مماثل، سجّل مؤشر لتكاليف الشحن للسفن من فئة "لونغ-رينغ 1" على المسار ذاته، المعروف باسم "تي سي 5"، 130 نقطة (ورلد سكيل)، ارتفاعاً من 125 في نهاية الأسبوع الماضي. و"ورلد سكيل" هي أداة للقطاع تُستخدم لحساب تكاليف الشحن.

موسم يتّسم بانخفاض الطلب

وقال محللون إن تأثير تأخيرات الشحن البحري في أسواق الطاقة سيتراجع بسبب موسم يتّسم بانخفاض الطلب على النفط الخام والغاز الطبيعي المسال.

وذكر سمسار شحن بحري يعمل من سنغافورة أن ناقلات غاز مسال عدة حوّلت مسارها، مضيفاً أن المعنويات تجاه أسعار الشحن لناقلات الغاز المسال أكثر إيجابية بعد الحادثة.

وشرح أن بعض المشترين الأوروبيين الذين يترقبون تأخيرات في إمدادات الغاز المسال من قطر، ربما يدرسون خيارات أخرى مثل الشراء في السوق الفورية. لكن محللين يقولون إنه في ظل الطلب المنخفض على الغاز المسال في هذا الموسم، فإن التأثير ربما يكون ضئيلاً.

واعتبر كارلوس توريس دياز، رئيس أسواق الغاز والكهرباء لدى "ريستاد إنرجي"، في مذكرة الخميس، أنه إذا استمر التوقف في قناة السويس لأسبوعين، قد يتأجل تسليم نحو مليون طن من الغاز المسال إلى أوروبا. وتابع أن هذا الرقم قد يتضاعف إلى ما يزيد على مليوني طن من الشحنات المؤجلة التسليم في ظل أسوأ تصوّر، إذا ظلت القناة متوقفة لأربعة أسابيع.

في غضون ذلك، أبلغ متعاملون في النفط وكالة "رويترز"، أنهم يتبنّون نهج الانتظار والترقب لمعرفة ما إذا كان ارتفاع المدّ المنتظر يوم الأحد سيساعد في حل المسألة.

وقال متعامل مع شركة غربية، "لدينا بعض الشحنات العالقة... الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح سيكون أسوأ".

تكاليف التكدس الأسبوعية

وخلصت دراسة أجرتها شركة التأمين الألمانية "أليانز"، الجمعة، إلى أن توقّف حركة المرور في قناة السويس قد يكلّف التجارة العالمية ما بين ستة مليارات وعشرة مليارات دولار أسبوعياً.

وخلصت الدراسة التي أجرتها أكبر شركة تأمين في أوروبا، إلى أن كل أسبوع يمرّ على هذه الحالة من التوقّف يقتطع نحو 0.2 في المئة إلى 0.4 في المئة نقطة مئوية من النمو السنوي للتجارة.

وكتب معدو الدراسة، "المشكلة تكمن في أن التكدّس في قناة السويس هو القشة التي تقصم ظهر التجارة العالمية... من البداية، تطول مدد التسليم بالنسبة للموردين منذ بداية عام، وهي الآن أطول في أوروبا منها في وقت بلوغ جائحة كوفيد-19 ذروتها".

وقالت الدراسة إن الأثر السلبي على طول فترات التسليم يتضاعف في الولايات المتحدة، إذ تُستنزف المخزونات بفعل توقّعات بأن حزمة الرئيس جو بايدن الضخمة للتحفيز ستدعم الطلب.

المزيد من متابعات