Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل مشفرة بين الحكومة الجزائرية والحراك الشعبي

غياب رئيس الدولة عن المشاورات كان بهدف عدم فرض وجهة نظره

مبنى محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية حيث يُحاكم رجال النظام السابق بتهم فساد (رويترز)

كشفت الحكومة الجزائرية عن المخطط المرتقب اعتماده في تسيير المرحلة المقبلة، فالحراك بات في نظر قائد الأركان أحمد قايد صالح، "يعرقل عمل المسؤولين والمواطنين، ويهدد البلاد بكارثة اقتصادية ستنعكس سلباً على القدرة الشرائية، ويحرك الطبقة السياسية بخاصة المعارضة التي تتمسك بمواقف تدفع البلاد الى الانسداد الذي من شأن استمراره ان يدفع الى الفوضى". بدوره قال وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة حسن رابحي، في ندوة صحفية أعقبت اجتماع مجلس الحكومة، إن "الجزائر تحتاج حالياً إلى بلورة الشعارات والمطالب التي يرفعها ملايين الجزائريين في المسيرات السلمية المنظمة كل يوم جمعة، في مقترحات مبنية على حوار جاد يشارك فيه كل الأطراف بمن فيهم الأحزاب السياسية والجمعيات".

وأوضح المسؤول الحكومي أن هذا الحوار هدفه "الوصول إلى برنامج عمل يكون محل إجماع للوصول بالبلاد إلى برّ الأمان، وذلك من خلال تنظيم انتخابات رئاسية حرة وديمقراطية ونزيهة"، معتبراً أنه لا يمكن تصور "إقصاء الدولة عن هذا الحوار، وأن كل الاقتراحات مرحب بها، على أن تكون في خدمة المصالح العليا للبلاد، مشدداً على أهمية تعيين كفاءات لتمثيل المتظاهرين للتحاور مع الدولة". وأشار إلى أن "الهيئات العليا في البلاد تدعو إلى التوافق وتجنيب الجزائر المخاطر كافة"، محذراً من الدخول في الفراغ الدستوري. ودعا الشعب الجزائري إلى "الوقوف أمام كل من تسوِّل له نفسه المساس بحرمة البلاد وإحداث الفوضى".

تناغم بين الجيش والحكومة

وجاءت هذه المواقف في سياق خطاب قائد الاركان، حيث تم الاتفاق على التمسك بالإطار الدستوري للخروج من الأزمة، بإضافة توابل سياسية لإرضاء الطبقة السياسية والنخبة، لاسيما المعارضة، التي تلعب على الخيوط من اجل التموضع الجيد استعداداً للمرحلة المقبلة. كذلك وُضع الجميع أمام الأمر الواقع، بالإشارة إلى مشاركة رموز النظام السابق، بعد تمسك قيادة الاركان برئيس الدولة بن صالح ورئيس الحكومة بدوي، رغم مطالب الشعب برحيلهما، حين قال الناطق الرسمي للحكومة بأنه "لا يمكن تصور اقصاء الدولة عن اي حوار"، ليبقى طلب تعيين كفاءات لتمثيل المتظاهرين للتحاور مع الدولة، الوسيلة التي لجأ اليها النظام لوضع حد للحراك بعد تشتيته، وهو ما أشار اليه الحقوقي والناشط السياسي، عمار خبابة، حين أوضح ان "تعيين ممثلين عن الحراك اصبح ضرورياً، لكن لم يحن وقته، على اعتبار ان الشعب خرج يطالب بالتغيير الجذري للنظام، والنظام ما زال قائماً"، مستنتجاً "أن تحقيق طلب الحكومة يتم هذا حينما يختفي الوكلاء والوسطاء".

القطيعة غير ممكنة

وتطرق وزير الاتصال إلى اللقاء التشاوري الذي دعت إليه رئاسة الجمهورية، وعرف مقاطعة واسعة، وغياب رئيس الدولة، حيث اعتبر أن عدم حضور عبد القادر بن صالح، يعود إلى عدم رغبته في فرض وجهة نظره، ونيته في توفير الظروف الملائمة لحوار يجمع كل الأطراف، وتابع بشأن الحضور الضعيف، أن الأطراف التي شاركت في هذا اللقاء "تستحق مكانتها وهي ممثلة ومعتمدة ولها حرية التعبير عن آرائها". هذه التصرفات ذكّرت بنظام بوتفليقة، حين كان يستنجد بجمعيات وأحزاب لا تملك قاعدة شعبية، من اجل تمرير ما يريد، وإضفاء الصدقية على استحقاقات أو قوانين أو قرارات، الامر الذي يجعل القطيعة مع النظام غير ممكنة في الوضع الحالي.

وفي السياق نفسه، اعتبر عايب رؤوف، مرشح سابق للانتخابات الرئاسية الملغاة، في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن تصريحات الحكومة حديث عام، لأنها تعلم جيدا بأن الحراك الشعبي لا يمكنه تعيين ممثلين، وتالياً "الحوار غير جاد". وتابع ان الوضع "يسير نحو الشلل، والأمور تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، والحراك الشعبي يطلب من الجميع المغادرة ولا يقترح البديل، لأنه وبكل بساطة يستحيل تعيين ممثلين بسبب فقدان الثقة".

الجمعة العاشرة ستخصص للرد على مطالب الحكومة بالنظر الى ما شهده الفضاء الازرق من تفاعلات في هذا المجال، وقد بلغت حد التوعد بجمعة مليونية فاصلة، غير أن تحذيرات قائد الاركان يجب اخذها على محمل الجد، فيما يتعلق بسعي جهات لزعزعة سلمية الحراك الشعبي، خاصة في ظل العمل الذي تقوم به العدالة ضد شخصيات متهمة بالفساد محسوبة على خصوم قايد صالح.

تحقيقات الفساد

أكدت النيابة العامة الجزائرية، الخميس، أنها لم تتلق "أي إيعاز" للقيام بالتحقيقات حول رجال الأعمال بسبب شبهات بالفساد.

وأضاف البيان "تؤكد النيابة العامة أن مكافحة الفساد تعد من أولويات السياسة الجزائرية، التي تسهر النيابة العامة على تطبيقها كما تقوم بواجبها المهني برزانة واحترافية".

وختم البيان أن "النيابة العامة تؤكد حرصها في جميع ممارساتها وتحرياتها وقراراتها بإجراءات سرية التحري". وقد وضع ثلاثة رجال أعمال هم كريم ونوح طارق ورضا كونيناف، الأربعاء، قيد الحبس الموقت بعد الاستماع إليهم في قضية "استعمال للنفوذ"، علماً أنهم أشقاء من عائلة مقربة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

كما قرر القضاء أيضاً الحبس الاحتياطي، الثلثاء، للمدير التنفيذي لشركة "سيفيتال"، أكبر مجموعة خاصة في الجزائر، وهو يسعد ربراب صاحب أكبر ثروة في البلاد، الذي كان على خلاف منذ سنوات مع السلطات الجزائرية.

المزيد من العالم العربي