Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بقي من "اتحاد علماء المسلمين" بعد الأزمة التونسية؟

المنظمة التي أنشأها القرضاوي تتخذ من بريطانيا وقطر مقراً لها لكن عينها على "مكة والمدينة والقدس"

الاتحاد جند نفسه للدفاع عن نهج جماعة الإخوان المسلمين والثورات(أ ف ب)

على الرغم من أن جذور الأزمة السياسية في تونس متشعبة، إلا أن أثر فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحضوره في تفاصيلها من أشهر الأسباب التي دفعت العلاقة بين الفرقاء في تونس إلى التأزم، ليعيد الصراع مع فرع "الاتحاد" الجدل الذي نشأ مع التكتل العلمائي منذ ولادته في 2004 إلى الذروة مجدداً، بعد أن شهد احتدامه الأول مع حقبة ثورات ما يسمى الربيع العربي، إثر دخول الاتحاد في صدام مع الإفتاء والأزهر في جمهورية مصر العربية، ثم تالياً مع هيئة كبار العلماء في السعودية.

لكن على الرغم من ذلك قال المغربي رئيس الاتحاد الدكتور أحمد الريسوني أول ما أثير السجال ضد الفرع، إن أمل المنظمة قائم بأن تكون مقراتها في المدن الإسلامية الكبرى "مكة المكرمة والمدينة المنور والقدس" عوضاً عن بريطانيا (دبلن) وقطر، التي اتخذها أخيراً مقراً مركزياً، بعد أن اعترفت به لاحقاً في العام 2011، ونشرت الجريدة الرسمية في الدوحة نبأ ترخيصه مشفوعاً بنظام الاتحاد المكون من 38 مادة و52 عضواً، بوصفه أحد مؤسسات النفع العام في الإمارة الخليجية.

ومع أن المنظمة التي تصف نفسها بـ"المستقلة"، بدأت مبكراً قبل حدة الاستقطاب في الساحة العربية والإسلامية بعد الثورات، إلا أن تأسيسها من جانب أحد أقطاب الإخوان المسلمين والحركيين في العالم الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، أحاطها بكثير من علامات الاستفهام، والحذر من مرامي إنشائها، خصوصاً وأن هناك عدداً من التجمعات المماثلة التي تشارك فيها دول العالم الإسلامي كافة، وحتى الأقليات في الدول الغربية، مثل مجمع الفقه الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي (رسمي)، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي (شعبي)، وغيرها.

لماذا الاتحاد؟

غير أن اتحاد علماء المسلمين الذي يطلق عليه بعض المناوئين له "اتحاد القرضاوي" أو "صوت الإخوان"، أجاب عن ذلك بأن "هناك مؤسسات إسلامية قائمة في العالم الإسلامي، تقوم بأنواع مختلفة من الأنشطة العلمية والدعوية والخيرية، ولكن المؤسسة التي ننشدها تختلف عن هذه المؤسسات الموجودة، فبعض هذه المؤسسات يقتصر نشاطها على الجانب العلمي الأكاديمي، مثل المجامع الفقهية المعروفة".

ومن التبريرات التي أوردها فرع الاتحاد في تونس كذلك أن بعض تلك المجامع الإسلامية "مؤسسات تتبع الدولة التي نشأت فيها، وهي التي تعين أعضاءها، وهي التي تنفق عليها، وتتحكم إلى حد يقل أو يكثر في تصرفاتها أو توجهاتها، أو هكذا يتصور الناس"، كما أن بعض تلك المؤسسات إقليمية بحكم تكوينها، فهي تخدم بلداً معيناً أو منطقة معينة، "مثل المجمع الفقهي للهند، والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، ولكن الاتحاد الذي نسعى إليه له سمات وملامح تشخصه وتميزه".

وفصل الاتحاد في منشوراته المختلفة تلك السمات في نظامه الأساسي الذي سبقت الإشارة إلى نشر الجريدة الرسمية في قطر له، وعبر موقعه الإلكتروني، وأهمها في تقدير المنظرين له ثمانية معالم، تتضمن في سياقها الأهداف الجوهرية للمنظمة في الهيمنة على الشأن الديني والسياسي للمسلمين أينما وجدوا في العالم العربي والإسلامي والأجنبي.

أما المعالم الرئيسة فهي "الإسلامية والعالمية والشعبية والاستقلال والعلمية والدعوية والوسطية والحيوية"، فهو كما يقول عن تفسيره تلك الحيوية "لا يكتفي بمجرد اللافتات والإعلانات، بل يُعنى بالعمل والبناء وتجنيد الكفاءات العلمية والطاقات العملية، تقودها ثلة من العلماء المشهود لهم بالفقه في الدين والاستقامة في السلوك والشجاعة في الحق والاستقلال في الموقف، والحائزين على القبول بين جماهير المسلمين".

"مأسسة القرضاوي"

هكذا عرف الاتحاد نفسه، على الطريقة التي توضح أنه لا شيء من شؤون المسلمين لا يعنيه أو لا يسعه التدخل فيه بأي شكل من الأشكال، من دون الاعتراف بحدود الدول الوطنية والأعراف الدولية السائدة، وهذا ما قام به فعلياً، على طريقة تشبه "مأسسة الشيخ القرضاوي" وتحويل أفكاره ومنهجه الإعلامي والخطابي إلى مشروع يصبح واقعاً على الأرض، كما اعتاد أن ينظر في فتاواه وبرامجه الإعلامية، خصوصاً عبر برنامج "الشريعة والحياة" على قناة "الجزيرة" القطرية، التي اتخذها منبراً له منذ نشأتها، في إطار مشروع حكومة قطر لاحتواء الإسلام السياسي في المنطقة، عبر تبني أشهر رموزه والحبر الأعظم لتياراته المتعددة المشارب، وخصوصاً "الإخوان المسلمين".

ومن بين الظروف المحيطة التي منحت الاتحاد أول الأمر زخماً إعلامياً وسياسياً في المنطقة، كونه جاء بعد عام فقط من احتلال العراق في العام 2003، وهي النقطة التي هزت المنطقة وأحدثت شرخاً كبيراً في أمنها الإقليمي والسياسي وفق عدد من المحللين، مما جعل الأطراف المختلفة تتسابق إلى تعبئة الفراغ الذي جرى، كل على طريقته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة إلى القرضاوي الذي صارت المؤسسة الجديدة جزءاً لا يتجزأ منه، فإنه من قبل كان اشتهر بخطابه الذي يعتبر تقدمياً في ذلك الحين وشعبوياً، إن لم يكن باسم تنظيم الإخوان المسلمين، فإنه يلتقي معهم في الخطاب والمنهج والأهداف نفسها، فهو كان من بين أوائل الفقهاء الذين أجازوا العمليات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين في سياق الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إلا أن التنظيمات الجهادية سريعاً ما قامت باستغلال تلك النظرية في التشريع للعمليات الإرهابية في الجموع الأجنبية وكذلك الإسلامية لاحقاً، مثلما طبق الزرقاوي في العراق، وأتباع أسامة بن لادن في السعودية في 2003 وما بعدها، فيما يسميه تنظيما "القاعدة" و"داعش" بـ "عمليات استشهادية"، وقريباً منها "الانغماسية" التي تعني اقتحام الأهداف العسكرية بمجموعة من المقاتلين المفخخين، والالتحام مع الأهداف من دون مناورة أو تراجع.

الاتحاد ليس إخوانياً؟

وينفي القرضاوي عمله لمصلحة جماعة الإخوان المسلمين، أو حتى الانتماء إليها، وكذلك الاتحاد الذي أسسه وكان رئيساً له في دورات متلاحقة، قبل أن يخلفه فيه المغربي الريسوني، ولذلك عرّف الاستقلال الذي جعله إحدى سمات "علماء المسلمين" الذي أنشأه، بأنه يعني أن الاتحاد "لا يتبع دولة من الدول ولا جماعة من الجماعات ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته".

لكن الثورات العربية التي اندلعت في تونس أواخر العام 2010 قبل أن تنتقل إلى مصر ودول عربية عدة، امتحنت صدقية مزاعم الاستقلال تلك، إذ صار القرضاوي ومنابره، بما فيها "الاتحاد"، قوة دعم سريعة لتلك التظاهرات والتيارات الإخوانية التي قادتها إلى السلطة، ومن ثم شيطنة القوى التي أزاحتها عن المشهد، أو حاولت إعاقة هيمنتها، إن كان في مصر أو ليبيا وتونس واليمن، بدعم من دول عربية أصبحت في ما بعد أيضاً محل انتقاد منظمة القرضاوي وعدد من أعضائها.

وهكذا، فما إن قام الجيش المصري بقيادة الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي بإسقاط سلفه محمد مرسي الآتي من حزب الإخوان المسلمين، حتى ضجت المنابر المحسوبة على الإخوان وثارت ثائرتها، بما فيها "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، الذي جند من ارتضى من فقهائه للتنديد بالحكام الجدد، والقدح في شرعيتهم السياسية والدينية، مسخرين أحكام الشريعة والدين في دعم الحاكم السابق مرسي، على الرغم من مباركته إسقاط الرئيس مبارك، في تناقض نظر إليه منتقدو المنظمة بأنه "تسييس للدين بشكل مفضوح".

الصراع مع الأزهر

وخلال هذه المرحلة صار الصدام مفتوحاً بين الفريقين، واعتبر وزير الأوقاف المصرية الدكتور محمد مختار جمعة الاتحاد "بوقاً للإرهاب"، وأنه "كيان مأجور فاقد الصلاحية لا يُعتد برأيه أو ما يصدر عنه من بيانات تغذي الفكر الإرهابي وتخدم عناصر الشر"، فيما هدد الأزهر بسحب اعترافه العلمي بالاتحاد ومؤسسه، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، التي أوردت أن "الأزهر الشريف يدرس اتخاذ قرار بعدم الاعتراف العلمي بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على خلفية استخدام الاتحاد وتوظيفه للدين في أغراض سياسية، كإصدار فتاوى هدفها إرباك المجتمع وإحداث الفتن بين أبناء الوطن".

وجاء ذلك رداً على إصدار القرضاوي فتوى حرمت المشاركة في الانتخابات الرئاسية في مصر بعد الإطاحة بمرسي، وهو ما وصفه الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية بـ "الفتوى الضالة والمضلة والمجافية للشرع".

ولم يكن الصدام مع المؤسسات العلمية المصرية وحدها، ولكن تطور أيضاً إلى حرب داخلية وسط الاتحاد نفسه، إذ دفع عدد من قيادييه أمثال محمد العوا (أمينه الأول) وعبد الله بن بيه (نائب الرئيس) ومحمد تسخيري إلى الاستقالة لأسباب مختلفة، لكنها تلتقي عند الضيق بمنهجية القرضاوي في قيادة المؤسسة، وتسخيرها في غير ما وجدت من أجله.

علماء السعودية على الطريق

وفي السياق، جاء تناول الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية للاتحاد عام 2017، إذ حذرت من خطر الاتحادات التي "تصنف نفسها على أنها علمية، وهي بالأساس قامت على أفكار حزبية وأغراض سياسية ولا تمت للعلم والعلماء بصلة".

ولفتت إلى أنها توصلت من خلال رصدها إلى أن "ما يصدر عن تلك الاتحادات، لا سيما ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ينطلق من أفكار حزبية ضيقة، مقدماً مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين، وكان لهذا الاتحاد دور في إثارة الفتن في بعض الدول الإسلامية والعربية على وجه الخصوص".

وأضافت في البيان، "ننصح الجميع، ولا سيما طلبة العلم، بالابتعاد عن الانتساب إلى هذه الاتحادات، كما ننصح طلبة العلم في المملكة العربية السعودية بعدم الانتساب إلى أي اتحاد أو مجمع غير معتمد من الدولة".

تحذير الهيئة السابق لم يمر من دون تنديد، إذ طالتها موجة واسعة من النقد، خصوصاً من جانب المريدين المحسوبين على تنظيم الإخوان المسلمين على المنصات الاجتماعية.

تناول الجماعة الأم يستفز الاتحاد

وبدلاً من التراجع عن موقفها إزاء اتحاد علماء المسلمين، عادت هيئة كبار العلماء، وليس فقط أمانتها في العام 2020 إلى التشكيك في جماعة الإخوان المسلمين بالكلية، في بيان حمل توقيعات جميع الأعضاء، هو الأول من نوعه، أكدت فيه صراحة أن "جماعة الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها".

وساقت قبل تلك الخلاصة نصوصاً دينية عدة، وشواهد اعتبرتها كافية للانتهاء إلى أن الإخوان "جماعة منحرفة قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية".

وذكرت أنه منذ تأسيس المنظمة "لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً، مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم".

وفيما رفضت الجماعة تهم علماء السعودية، لم يفوت الاتحاد المناسبة للرد، إذ ندد في بيان ناري بتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية من زاوية دينية، فلئن كانت السعودية صنفت الجماعة منذ العام 2012 بأنها إرهابية، ولم تعترف بها قط على أراضيها، فإن الاتحاد لم يستوعب أن يأتي التصنيف بهذا الزخم العلمي من جهة دينية هي الأكبر على مستوى السعودية.

ولهذا صعّدت المنظمة الفقهية التي أسسها القرضاوي من هجمتها، وذهبت إلى الاعتقاد بأن بيان الهيئة السعودية الذي أزعجها، "أسخط عامة المسلمين في بلدكم وفي كل أنحاء العالم، ولكنه أرضى عنكم كافة أعداء الإسلام والمسلمين، وعلى رأسهم دولة الاحتلال الصهيوني، التي عبرت عن تأييدها ورضاها عن نهجكم الجديد"، بحسب تعبير المؤسسة القطرية.

فشل في مواجهة الحجج

وفي وقت لاحق، دحض الأمين العام لهيئة كبار العلماء في السعودية الدكتور فهد الماجد بيان الاتحاد من دون أن يسميه، واعتبر ما صدر عن المنتسبين إلى جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها، ممن هو على منهجها أو يقاربها في المنهج، عبر عدد من الردود على بيان هيئة كبار العلماء الذي حذّر من جماعة الإخوان المسلمين، جاءت "إما في شكل بيانات وإما في شكل تصريحات وتغريدات، وهي إثارات ودعاوى مجردة عن الدليل والبرهان، وإسقاطات لصرف النظر عن البيان".

وهكذا صارت صدقية الاتحاد بعد الصدام الصريح مع المؤسسات العلمية الكبرى تحت المحك، إلى درجة دعت الحزب الدستوري الحر في تونس إلى المطالبة بإغلاق فرع "علماء المسلمين" في العاصمة التونسية، إثر اتهامه بالتدخل في شؤون الدولة والاحتماء بحركة النهضة التي يترأس أحد أعضائها فرع الاتحاد، وتُتهم بالتغطية على نشاط الاتحاد المثير للجدل، نظير ما يتردد عن انتمائها هي الأخرى إلى جماعة الإخوان المسلمين الأم.

لكن رئيس الاتحاد أحمد الريسوني، نفى في بيان مرئي تهم الحزب الدستوري، بعد أن قاد الأخير تظاهرات أمام الفرع التونسي للاتحاد قبل أن تفرقها الشرطة، وصارت القضية موضع شد وجذب بين الفرقاء التونسيين.

وقال "إننا لا نشجع على المظاهرات ولا نملك الميليشيات، ولسنا حزباً سياسياً، وإنما اتحاد علمائي صرف، ليس عدواً لأي بلد أو نظام إسلامي، بل عدو للظلم والاعتداءات وانتهاك حقوق الانسان، واضطهاد الشعوب، وما نقوله إنما هو نصيحة، ونحن مع الحق أينما كان، وضد الباطل أينما كان".

في غضون ذلك، اعتبر الكاتب التونسي عبدالجليل المعالي، المطالبات بغلق الفرع التونسي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ليست مجرد خصومة بين الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة، ورأى أن القضية "أكثر عمقاً من ذلك التسطيح المخل، ذلك أن المطالبة بحل هذا الفرع لم تصدر فقط عن الحزب الدستوري الحر، وإنما صدرت نداءات من المرصد الوطني لمدنية الدولة، الذي اعتبر أن حل الفرع من شأنه أن يسهم في التوقي من انتشار العنف والإرهاب، وصدرت أيضاً عن المركز الدولي للحوار حول الحضارات والأديان والتعايش السلمي، الذي وجه نداء إلى مصالح الدولة بفتح تحقيقات بخصوص الفرع والقائمين عليه، والتقصي حول أنشطتهم ومصادر تمويلاتهم".

وخلص إلى أن الدعوة إلى "غلق فرع اتحاد القرضاوي، كما يسمى في تونس، ليس لأي دوافع إقصائية أو استئصالية كما يروج لذلك الإخوان"، مؤكداً في مقالة كتبها حول الصراع بين الحزب والاتحاد، أن المطالبة فرضتها ظروف ملحة من أجل "إنقاذ تونس من براثن منظمة صنفتها دول عربية كثيرة بأنها إرهابية منذ العام 2017، ولكنها تجد في تونس الدعم السياسي، مثلما تلقى من قطر الدعم المالي".

أزمات بعد أخرى

وعلى الرغم من ادعاء رئيس المنظمة العلمائية في بيانه المشار إليه أن أعضاءه بالآلاف، إلا أن الضيق بنشاط المؤسسة تجاوز العالم الواقعي إلى الافتراضي، إذ التمس الاتحاد من متابعيه على "تويتر" التضامن مع صفحته في "فيسبوك"، التي "تعرضت للتضييق والحجب والحد من وصول المنشورات، لذا نرجو منكم دعم الصفحة وذلك بالضغط على زر الإعجاب، والتعليق والمشاركة، هذا مهم جداً جداً في استعادة الصفحة نشاطها، نثق فيكم وننتظر منكم الدعم". مما يوحي بأن الحرب الدائرة آخذة في التوسع.

ولم يكن التحدي الجديد الذي اعتبره الريسوني "خيراً"، الأول الذي حاصر الاتحاد، فإنه قبل ذلك واجه إدراج "الإنتربول" اسم مؤسسه الدكتور القرضاوي ضمن لوائحه، بعد أن جرى اتهامه بعدد من الجرائم، من ضمنها الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب القتل العمد، ومساعدة السجناء على الهرب والحرق والتخريب والسرقة.

وينفي القرضاوي تلك التهم ضده، كما طالب الاتحاد حينذاك في 2014 الشرطة الدولية (الإنتربول) بسرعة رفع اسم الدكتور من قوائمها التي يجب أن تضم أسماء من وصفهم بـ "المجرمين ممن ينهبون ويسرقون ويقتلون ويحرقون شعوبهم ويمولون الباطل، حيث فوجئنا نحن العلماء الموقعين بوضع اسم الدكتور القرضاوي ضمن اللائحة، بطلب من السلطات المصرية".

ومع أن المؤسسة المثيرة للجدل رحبت بمصالحة "العلا" التي أنهت الخلاف الخليجي مع قطر التي تحتضن الاتحاد، ويعتقد أنها تمول الكثير من أنشطته، إلا أن أثر تلك المصالحة على المنظمة الإسلامية لا يزال غامضاً حتى الآن، ومثلها التفاهمات المصرية - التركية، إذ كانت أنقرة إحدى منابر الاتحاد الرئيسة، وهي التي اختارها محلاً لانعقاد كثير من دوراته.

وكانت دول الرباعية العربية، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أعلنت مع بدء مقاطعتها قطر 2017 قائمة تضم كيانات ومنظمات وأشخاص تربطهم علاقة بالدوحة، وصنفوها إرهابية، وكان اتحاد علماء المسلمين ومؤسسه القرضاوي من بينها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير