Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يفضل المستثمرون الأجانب السوق الأميركية على غيرها؟

توقعات باستمرار التدفقات من الخارج على "وول ستريت" في الأشهر المقبلة

تكاد أسواق الأسهم الأميركية تكون وجهة نصف الاستثمارات بالأسهم في العالم تقريباً (أ ف ب)

أصدرت شركة "أبسليوت ستراتيجي ريسيرش" نتائج المسح ربع السنوي الذي يستعرض حصص الأصول العالمية. وكالمعتاد، تقدمت الولايات المتحدة على كل الأسواق في الاقتصادات المتقدمة والصاعدة بالحصة الأكبر من أموال المستثمرين في أسواقها المالية.
وقدرت الشركة أنه في ضوء عمليات التحديث المتكررة لتوقعات النمو الاقتصادي، إضافة إلى التوسع في التطعيم باللقاحات المضادة لفيروس كورونا "كوفيد-19" وخطط إنهاء الإغلاق للحد من انتشاره ستزيد استثمارات الأجانب في أسواق "وول ستريت" ربما على مدى 12 شهراً المقبلة.
وعقب إعلان نتائج المسح، قال مدير الشركة ديفيد باورز إن "المستثمرين واثقين جداً من النمو الاقتصادي العالمي خلال العام المقبل، بما في ذلك مزيد من التحسن في ثقة الأعمال وأرباح الشركات". وعلى الرغم من التذبذب في أسواق "وول ستريت" أخيراً وتراجع أسهم شركات التكنولوجيا نتيجة عمليات البيع الكبيرة لها مع ارتفاع العائد على السندات خوفاً من ارتفاع معدلات التضخم، إلا أن نصيب السوق الأميركية من الأصول العالمية لم يتراجع.
صحيح أن المستثمرين الأجانب زادت ثقتهم بأسواقهم، لكن باورز أشار إلى مفاجأة في نتائج مسح حصص الأصول العالمية وهي "تردد المستثمرين حيال تقليل حصص الأسهم الأميركية في محافظهم العالمية". لذا تتوقع شركة "أبسليوت ستراتيجي ريسيرش" استمرار إقبال المستثمرين الأجانب بقوة على سوق الأسهم الأميركية.
وتتسق نتائج المسح مع ما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن محللي حصص الأصول العالمية في "سيتي بنك غروب". ففي مذكرة لعملاء البنك، أوصى هؤلاء المحللون بزيادة حصص الأسهم الأميركية واليابانية في محافظ المستثمرين.

لماذا الأسواق الأميركية؟
 تكاد أسواق الأسهم الأميركية تكون وجهة نصف الاستثمارات بالأسهم في العالم تقريباً. ولا يرجع ذلك إلى حجم السوق، ولا لأن الاقتصاد الأميركي هو أكبر اقتصاد في العالم حجماً فحسب، إنما هناك أسباب عدة لاستقطاب "وول ستريت" للاستثمارات الأجنبية من أنحاء العالم، يمكن تلخيص بعضها كالتالي:

- الإجراءات، تُعد اللوائح وقواعد التعامل بالأسهم والسندات في السوق الأميركية من بين الأفضل والأيسر في العالم. صحيح أن بعض الأسواق الرئيسة الأخرى، كبورصة لندن مثلاً، لديها معايير جيدة أيضاً لكن الإجراءات الأميركية أكثر سهولة على المستثمرين.

- الدولار، يفضل المستثمرون الأجانب إجراء معاملاتهم بالدولار، ففضلاً عن أن الدولار يشكل نحو 60 في المئة من الاحتياطيات النقدية لدى دول العالم، فإن أكثر من ثلث معاملات الدفع والحسم في العالم تتم بالدولار الأميركي.

- المرونة، تتسم الأسواق الأميركية بالمرونة التي تميز الاقتصاد الأميركي عموماً. كما أن الولايات المتحدة ربما كانت أكثر دولة في العالم فيها نسبة كبيرة من السكان يستثمرون في الأسهم. وهذا مطمئن للمستثمرين من الخارج من ناحية توزع المخاطر في حال تقلبات السوق. وتنسحب المرونة أيضاً على التداولات، حيث القيود أقل على أسقف الحصص.

- التنوع، تُعد سندات الخزينة الأميركية أكثر أدوات الدين تداولاً. وبما أن صناديق الاستثمار الكبيرة حول العالم، مثل صناديق معاشات التقاعد والتأمين وغيرها، تقسم استثماراتها على أصول مختلفة مع الحصة الأكبر للسندات والأسهم، فيفضل الأجانب التعامل مع سوق واحدة كبيرة بدلاً من الأسهم في سوق والسندات في سوق أخرى.

- المؤشرات، يوجد في الولايات المتحدة أكبر عدد من الشركات متعددة الجنسية. كما أن فيها العدد الأكبر من أكبر الشركات في العالم. لذا، تجد مؤشر "ستاندرد أند بورز" للشركات الكبرى الأفضل أداءً في الأغلب. كذلك ستجد كبريات شركات التكنولوجيا، والشركات التكنولوجية الحديثة، مسجلة على مؤشر "ناسداك". وهي الشركات التي تتحرك أسهمها غالباً غير متأثرة بمنحنى النمو الاقتصادي.

- الفرص، توفر السوق الأميركية، بمؤشراتها الثلاثة الرئيسة، "ناسداك"، و"ستاندرد أند بورز" و"داو جونز"، خيارات واسعة للمستثمرين الأجانب. فمن يريد الاستثمار طويل الأمد معتمداً على أرباح الأسهم التي توزعها الشركات الكبرى فصلياً سيجد ضالته، ومن يريد الاستثمار قصير الأمد معتمداً على تذبذب الأسعار سيجد الفرصة في شركات التكنولوجيا والشركات الجديدة التي تقوم بطرح أولي للأسهم.

- التجزئة، نتيجة التنوع والفرص، وكذلك عمليات المضاربة المتاحة مثل "البيع القصير" و"الخيارات" وغيرها، أصبحت سوق الأسهم الأميركية الوجهة المفضلة للأجيال الجديدة من متداولي التجزئة الذين دخلوا السوق بالملايين في السنوات الأخيرة.

- الثقة، طبعاً هناك الثقة، وهو عامل مهم في تعاملات أسواق الأسهم. فالمستثمرون الأجانب لديهم ثقة في الاقتصاد الأميركي أكثر من أي اقتصاد في العالم. وذلك ليس فقط لأنه الأكبر عالمياً، ولكن لأنه الأكثر انفتاحاً ومرونةً، بالتالي يسير في الأغلب حسب دورات الاقتصاد التقليدية ما يوفر فرصةً للمستثمرين، مؤسسات وأفراد، للتخطيط مقدماً.

تلك بعض الأسباب التي تجعل أسواق الأسهم الأميركية في "وول ستريت" بنيويورك تستحوذ على النصيب الأكبر من أموال المستثمرين الأجانب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحدي الصين
وزادت في الآونة الأخيرة التحليلات والتعليقات في الصحافة الاقتصادية حول صعود الصين وإمكانية تجاوزها للولايات المتحدة لتحل محلها كأكبر قوة اقتصادية في العالم. لكن، ذلك يبدو بعيداً الآن حتى وإن حدث في ما بعد.
مع ذلك، تظل الأسواق الأميركية سابقة بمسافة يصعب على أحد قطعها في سنوات قليلة، بخاصة الصين، التي ما زالت في مرحلة تطوير أسواقها المالية بعدما ركزت على التصنيع والتجارة في السنوات الماضية. كما أن طبيعة النظام الصيني ستجعل الأسواق الأميركية أكثر إغراءً بسبب مرونتها ومعاييرها الراسخة.
قبل أسابيع، تجاوزت الصين الولايات المتحدة للمرة الأولى لتصبح أكبر اقتصاد جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020، وتصعد إلى المركز الأول الذي احتلته أميركا لعقود، وذلك وفق أرقام مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد". لكن الاستثمار الأجنبي المباشر يختلف عن مثيله في الأسهم والأوراق المالية الأخرى، لأنه يعني الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي وليس في الأسهم والسندات والعملات. فهو يعني بناء الشركات والأعمال الخارجية، مصانع أو مراكز تشغيل لها في بلد ما، أو توسيع أعمالها الموجودة في ذلك البلد بمزيد من الاستثمارات في مشروعاتها فيه أو بالاستحواذ على شركات وأعمال محلية. وحتى في هذا المجال، يظل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الولايات المتحدة أكبر من مثيله في الصين، نتيجة عقود من تراكمها فيها، أكثر من أي بلد آخر في العالم.
ومع الانتعاش الاقتصادي بعد الخروج من أزمة وباء كورونا ستزيد استثمارات الأجانب في أسواق الأسهم والسندات الأميركية أكثر. ونتيجة التغيرات التي فرضتها أزمة الوباء سيزيد في الأغلب عدد المستثمرين الجدد في أسواق الأسهم، وأكثرهم من الأفراد مستثمري التجزئة. وعلى الرغم من تطور الأسواق المالية في الاقتصادات الصاعدة والنامية، لكن المرجح أن يتوجه القدر الأكبر من هؤلاء إلى أسواق "وول ستريت".

المزيد من اقتصاد