Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تل أبيب تسعى لتفعيل "الإدارة المدنية"... وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية

واشنطن وتل أبيب تسعيان إلى اقامة حكم ذاتي محدود ورفض اقامة حتى دولة منزوعة السلاح

جنود إسرائيليون على مشارف مدينة رام الله (رويترز)

في مؤشر إلى قرب "انتهاء حقبة أوسلو" بعد أكثر من 25 عاماً على انطلاقها، تعمل سلطات الاحتلال الاسرائيلي على تفعيل وتوسعة صلاحيات "الإدارة المدنية" التي تعتبر ذراع وزارة الدفاع الإسرائيلية في الضفة الغربية. وتهدف إسرائيل من تعزيز دور "الادارة المدنية" التي أسسها وزير الدفاع الاسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 1981 إلى تقليص صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية المقيدة أصلاً والمساهمة في إضعافها بحسب مصادر فلسطينية.

سلطة بلا سلطة
ومنذ سنوات يصرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن السلطة الفلسطينية التي أسست لتكون جسراً لإقامة دولة فلسطينية أصبحت "سلطة بلا سلطة واحتلالاً من دون تكلفة". وفي ما بدا تصريحاً مفاجئاً وجريئاً، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبل اكثر من عام "سأقول أموراً قد تغضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنا أعتقد أن الرئيس الحقيقي للشعب الفلسطيني هو وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، أما رئيس الوزراء الفلسطيني فهو المنسق مردخاي".
ويؤاف مردخاي الذي يقصده عريقات هو منسق الحكومة الإسرائيلية لشؤون الضفة الغربية وقطاع غزة ويترأس الإدارة المدنية.

تخطي السلطة الفلسطينية
وعمل مردخاي منذ توليه منصبه (2014-2018) على إقامة خط مباشر مع فلسطينيين وتخطي السلطة الفلسطينية بحجة تقديم تسهيلات لهم في مقابل التضييق على السلطة الفلسطينية، واقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المدن الفلسطينية في وضح النهار حتى على بعد أمتار من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، في خطوة يعتبرها الفلسطينيون تحدياً للسلطة وإحراجاً لها أمام الفلسطينيين.
ويرى المحلل السياسي خليل شاهين أن تفعيل الإدارة المدنية الإسرائيلية ينسجم مع سياسة حكومة بنيامين نتنياهو القائمة على "الضم الزاحف" لمعظم اجزاء الصفة الغربية بالإضافة إلى الاستعداد لإدارة شؤون الفلسطينيين في حال انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية بسبب رفض إسرائيل اقامة دولة فلسطينية وموت عملية السلام.

نزاع... لا احتلال؟
ويقول شاهين إن اسرائيل باتت تتعامل مع الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين كأنهم طرفان متنازعان في الضفة الغربية وتُصور الصراع بينهما نزاعاً بين كتلتين سكانيتين وليس احتلالاً. ويضيف شاهين أن الإدارة المدنية أصبحت تدير شؤون المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء مع جعل السلطة الوطنية مجرد وكيل أمني لها. ومنذ نشأتها عملت "الإدارة المدنية" على سلب الأرض من الفلسطينيين وإقامة "جسم تمثيلي" فلسطيني على هيئة "دمى" تعمل وفق السياسة الإسرائيلية من خلال تأسيسيها في بداية ثمانينيات القرن الـ 20 ما عرف "بروابط القرى" لتكون حلقة وصل بين الفلسطينيين و"الإدارة المدنية" وبديلاً من منظمة التحرير الفلسطينية لكنها فشلت في ذلك.

لا صلاحيات ولا سلطة
يقول عمر جعارة المختص في الشؤون الاسرائيلية إن اسرائيل تهدف من وراء توسيع الإدارة المدنية وتعزيزها إلى إبعاد الصفة الاحتلالية عنها وإبراز الجانب المدني لإسرائيل. ويشير جعارة إلى أن السلطة الفلسطينية أصبحت بلا صلاحيات ومن دون سلطة، مضيفاً أن واشنطن وتل أبيب تسعيان إلى اقامة حكم ذاتي محدود للفلسطينيين ورفض اقامة حتى دولة منزوعة السلاح دولة فلسطينية.
يضيف المختص بالشأن الإسرائيلي أن مقر الادارة المدنية في "بيت ايل" قرب رام الله يتحكم في كل مناحي حياة الفلسطينيين إذ يوجد فيه سجل بأسمائهم كافة وملفاتهم الأمنية، بالإضافة إلى وجود ضباط إسرائيليين مختصين في قطاعات الصحة والتعليم والتجارة لتسيير جميع امور الفلسطينيين.

ترسيخ الاحتلال
ومنذ تعيين يوآف مردخاي رئيساً للإدارة المدنية عمل على توسيع دورها ليشمل عمليات التطوير والتدشين والنهوض بمشاريع متعددة وإنشاء موقع الكتروني على الانترنت يستقبل طلبات الفلسطينيين للحصول على خدمات كتصاريح الدخول إلى إسرائيل للعمل أو السياحة. ويرى وليد وهدان الناطق الإعلامي باسم هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية التي تتولى التنسيق مع الحكومة الاسرائيلية أن توسيع صلاحيات الإدارة المدنية يدل إلى أن اسرائيل تعمل على ترسيخ الاحتلال والحد من صلاحيات السلطة الفلسطينية محذراً الفلسطينيين من خطورة التعامل مع الادارة المدنية كونها وسيلة لتجنيد عملاء لها.

وتعتبر الحكومة الفلسطينية عمل الإدارة المدنية انتهاكاً للملحق المدني في الاتفاقيات بين الجانبين الذي يدعو إسرائيل إلى تقليص عدد كادر "الإدارة المدنية"، لا توسعتها ونقل صلاحياتها تدريجياً إلى هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية. وأكدت الحكومة الفلسطينية أن قرار التوسعة يعتبر تقويضاً لعمل السلطة الوطنية، وترسيخاً للاحتلال، وقفزاً عن كل الاتفاقات التي حددت مع الجانب الإسرائيلي عند تولي السلطة زمام إدارة الحكم الذاتي.

المزيد من العالم العربي