Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة الاستنزاف... قصة 25 شهراً من صراع الجنيه المصري والدولار

العملة المصرية استردت 6% من قوتها أمام نظيرتها الأميركية الأقوى عالميا بعد مناورات 750 يوما

علاقة شد وجذب بين الجنيه المصري والدولار الأميركي منذ منتصف القرن العشرين (رويترز)

علاقة تاريخية تربط الجنيه المصري بالدولار الأميركي منذ منتصف القرن العشرين، اتسمت بالشد والجذب، والتجاذب والتنافر، كانت معركة ضارية تسيدها الكر والفر، يتخذ الجنيه المصري حاليا فيها دور الكر منذ منتصف مارس (آذار) 2017، يشن فيها  غارات على الدولار الأميركي، يبدو أنها تحقق مكاسب على أرض المعركة، ولم تتوقف حتى الساعة.

الجنيه استرد قوته بنحو 6% من قوته مقابل الدولار الأميركي رابحا 100 قرش كاملة في الفترة من 15 مارس (آذار )2017 حيث سجل آنذاك الدولار الأميركي 18.12جنيه مقارنة بـ17.12 جنيه الأحد الماضي الموافق  22 أبريل (نيسان) 2019 محققا أفضل مكاسب منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي.

بداية المعركة
البنك المركزي المصري قرر في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وكان سعر صرفه عقب القرار مباشرة 8.88 جنيه، بعد 30 يوما من القرار فقد الجنيه المصري نحو ضعف قيمته، أو ما يعادل 102% أمام الدولار، لتنخفض قيمة العملة المحلية من 8.88 جنيها لكل دولار إلى نحو 18 جنيهاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستمر نزيف الجنيه في معركة حامية الوطيس أمام عدوه اللدود إلى أن عمّق جراحه في 15 مارس (آذار ) 2017 والذي توغل فيه الدولار الحدود غير الآمنة للجنيه المصري كاسرا حاجز 18جنيها ليصل إلى أعمق نقطة محققا 18.12جنيه.

وبعد عامين من الصبر في حرب استنزاف شنها الجنيه على غريمه الدولار حقق الأول مكاسب حقيقية وانتزع نحو 5.5% من قوته ومكانته أمام الدولار.

الجنيه يعوض خسائره
منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي نجح الجنيه في عبور وكسر حدود الـ18 جنيهاً مقابل الدولار، وواصل زحفه محققا 17.12 جنيه في البنوك المحلية نهاية يوم عمل الأحد الماضي الموافق 21 أبريل (نيسان) 2019.

 

ورصدت "اندبندنت عربية" رحلة تحركات الجنيه مقابل الدولار في نحو 750 يوما منذ 15 مارس (آذار) 2017 وحتى 21 أبريل (نيسان) 2019.

 الخبراء أثنوا وباركوا صولات وجولات الجنيه المصري مقابل الدولار، وأرجعوا الانتصار إلى عدد من العوامل، واستندوا إلى أسباب أساسية. بعضهم أرجع تراجع الدولار مقابل الجنيه للكساد وركود.

حصيلة قياسية من تحويلات المصريين بالخارج
قال محمد ماهر، خبير الأوراق المالية، إن ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها تحسن الحصيلة من العملات الأجنبية، وأشار إلى أن العام الماضي 2018، خاصة الربع الأخير من العام الذي شهد زيادة الحصيلة السياحية وارتفاعا في حصيلة تحويلات المصريين العاملين بالخارج مما أسهم في رفع الضغط علي الدولار الأميركي مما مكن الجنيه من تحقيق هذه المكاسب.

توقعات بتعزيز المكاسب
وتوقع خبير الأوراق المالية تراجع الدولار مقابل الجنيه إلى ما دون الـ 17 جنيها مقابل الدولار خلال الشهور المقبلة، وحول زعم البعض أن ما يحدث يعد تعويما مدارا من البنك المركزي سيعقبه ارتفاع كبير في سعر العملة الأجنبية قريبا، نفي ماهر هذه المزاعم مؤكدا أن تحرك الجنيه ارتفاعا مبنيا على أسس ومحددات ناتجة عن زيادة الحصيلة الدولارية مما أعطى أريحية للجنيه.

 

وأضاف البنك أن تحويلات المصريين بالخارج قادت نمو التحويلات في منطقة الشرق الأوسط العام الماضي بنسبة 9.1% على أساس سنوي، وتوقع البنك الدولي أن تواصل التحويلات بالمنطقة نموها العام الحالي، ولكن بوتيرة أبطأ حول مستويات 3%، نتيجة تواضع النمو في منطقة اليورو على وجه التحديد.

ثقة المؤسسات المالية الدولية دعمت الجنيه
بينما أرجع فخري الفقي، المساعد الأسبق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الارتفاع في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار إلى زيادة الحصيلة من رسوم ومتحصلات العبور بقناة السويس وتحسن مؤشرات الصادرات المصرية.

وأضاف الفقي أنه لا يمكن أن نغفل الدعم الإيجابي من مؤسسات التمويل الدولية، وكذلك التصنيفات الجيدة التي حصلت عليها القاهرة من مؤسسات التصنيف العالمية مثل موديز واستاندرد آند بورز وفيتش.

وأكد الفقي أن النظرات الإيجابية عن الاقتصاد المصري تؤتي ثمارها في حصول مصر على الثقة الدولية من حكومات أو مؤسسات مالية أو المستثمرين الأجانب، مستشهدا بنجاح وزارة المالية المصرية في طرح سندات دولية باليورو والدولار بلغت جملتها 6 مليارات دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، صبت في الاحتياطي المصري من العملات الأجنبية، لافتا إلى أن رفع التصنيف الائتماني لمصر أسهم في زيادة ثقة المستثمرين الأجانب للدخول بقوة في السوق المصرية للاستثمار في أدوات الدين خاصة مع تراجع مخاطر الاستثمار في السوق المحلية.

 

في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي أعلن البنك المركزي المصري، زيادة متحصلات رسوم المرور بقناة السويس خلال النصف الأول من السنة المالية  2018/2019 بمعدل 5.8% لتسجل نحو 2.9 مليار دولار مقابل نحو 2.8 مليار دولار، بالفترة المقارنة من العام الماضي.

وأضاف المركزي، في بيان صحافي، أن حصيلة الصادرات السلعية ارتفعت بنحو 2.2 مليار دولار، حيث ارتفعت حصيلة الصادرات السلعية بمعدل 18.4% لتسجل نحو 14.3 مليار دولار، مقابل نحو 12.1 مليار دولار. وتابع "ارتفعت إيرادات مصر من السياحة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بنسبة 36.4% مقارنة بنفس الفترة العام المالي الماضي.

 وأظهرت بيانات للبنك المركزي أن متحصلات مصر من السفر بلغت نحو 6.8 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مقابل 4.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الماضي.

سداد 36 مليار دولار في 4 سنوات
وكشف مصدر بارز بالبنك المركزي المصري لـ"اندبندنت عربية" أن "الحكومة المصرية نجحت خلال السنوات الثلاث الماضية في سداد نحو 36 مليار دولار ديوناً خارجية في ظل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي".

وأضاف المصدر "الديون المسددة توزعت ما بين نحو 30 مليار دولار أقساط الديون المستحقة على مصر وبين 6.472 مليار دولار فوائد الدين الخارجي خلال نفس الفترة، مؤكداً أن توفير العملة الصعبة أصبح لا يشكل ضغطا علي البنك المركزي".

 

كان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر أعلن في بيانات صحافية مؤخراً أن حجم تدفّقات النقد الأجنبي إلى مصر منذ تحرير سعر الصرف بلغ أكثر من 150 مليار دولار، شملت إصدار سندات دولية بنحو 18 مليار دولار، وتدفّقات مباشرة للبنوك، نتيجة بيع العملات الأجنبية لها بنحو 88 مليار دولار خلال عامين، والاستثمار في أذون الخزانة والبورصة بنحو 26 مليار دولار، وقروض دولية حصلت عليها البنوك بقيمة بلغت 15 مليار دولار والوديعة السعودية بنحو 3 مليارات دولار.

وأوضح أن مصر اتخذت الكثير من السياسات لجذب الأموال والسيولة، التي تسهم في عملية الاستثمار والتنمية، والتي شملت الحصول على قروض وتمويلات من مؤسسات دولية، فضلاً عن إيرادات الصادرات، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والسياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر، والاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومية.

للمستوردين رأي آخر  
وحول تأثر الدولار خلال الفترة المقبلة نتيجة استيراد السلع لقرب حلول شهر رمضان، قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن جميع العمليات الاستيرادية الخاصة بشهر رمضان المبارك انتهت منذ شهر مستبعدا ارتفاع الدولار مقابل الجنيه نتيجة التكالب على الدولار خلال الفترة المقبلة.

وأرجع شيحة تراجع الدولار مقابل الجنيه إلى أنه "بعد قرار التعويم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 ارتفع الدولار مقابل الجنيه بمستويات بمبالغ فيها"، مؤكداً "وضع طبيعي أن يعاود الجنيه الصعود".

ولفت شيحة إلى أن تراجع الدولار يرجع أيضا إلى "أن حجم المعروض من الدولار أكثر من الطلب، ولذلك فهناك حرية لتحرك الجنيه صعوداً"، وفسر شيحة "إن المستوردين تم تحجيم عملياتهم الاستيرادية بعد إصدار القرار 43 لسنة 2016 الخاص بقواعد تسجيل المصانع المؤهلة للتصدير لمصر.

 

يذكر أن مصطلح تحرير سعر الصرف، والمعروف بالتعويم، يعني رفع يد البنك المركزي المصري (المسئول عن السياسة النقدية للبلاد) عن العملة بشكل كلي ليتركها تتحرك بكامل حريتها وتخضع لقوى العرض والطلب، وحررت الحكومة المصرية في يناير (كانون الثاني ) من عام 2003 بعدما أعلن عاطف عبيد رئيس الوزراء المصري آنذاك تعويم الجنيه بنسبة اقتربت من 50%حيث ارتفع سعر صرف الدولار من 3.7 جنيه إلى 5.35 جنيه.

 وهناك أيضا ما يعرف بـ"التعويم الحر"، ويعني ترك سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن بحسب قوى السوق، ويقتصر تدخل السلطات النقدية - البنك المركزي المصري على التأثير في سرعة تغير سعر الصرف، وترك سعر الصرف يتحدد وفقاً للعرض والطلب مع لجوء البنك المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد