Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلاح الفردي يعزز الخوف من عودة التفلت الأمني في غزة

مشاكل عائلية استُخدمت فيها الأسلحة وخلفت عدداً من الإصابات

قتل فلسطيني بسلاح فردي عزز الفلتان الأمني وهدد السلم الأهلي (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

بصعوبة تمكنت الأجهزة الأمنية في غزّة من السيطرة على شجار عائلي استمر لمدة أربعة أيام، وكان أشبه بحرب أهلية، أطلق خلاله النار بأنواع مختلفة من الأسلحة بينها المفرقعات اليدوية محلية الصنع، وقذائف صاروخية (آر بي جي)، وأسفر عن مقتل مواطن وإصابة آخر.

في الواقع، لم تكن هذه الحادثة الأولى في القطاع، إذ سبقتها مشاكل عائلية عدة استُخدمت فيها الأسلحة، وخلفت عدداً من الإصابات الخطرة في صفوف المواطنين. الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية من ظاهرة استخدام السلاح بشكل غير مشروع، وعودة الاقتتال العائلي والانتقام العشائري.

تزايد في استخدام السلاح

يكمن التخوف الحقيقي، في فكرة استخدام السلاح المنتشر بين أيدي العائلات تحت أي ظرف، أو فتح ملف قضايا القتلى على خلفيات أمنية، أو أولئك الذين سقطوا ضحايا الاقتتال بين حركتي "فتح" و"حماس" عام 2007، الأمر الذي يهدد السلم المجتمعي والأهلي، ويثير الفتنة ويعزز الاقتتال الداخلي على خلفيات سياسية أو خلافات عائلية.

ويقول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي، إن هناك تزايداً ملحوظاً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في استخدام السلاح وإطلاق النار في الضفة الغربية وقطاع غزّة على حد سواء، ويعود لمجموعة ظواهر سياسية واقتصادية تحث على العنف بديلاً عن الحوار والسلم الأهلي، فحالة الفقر والبطالة والانقسام السياسي توفر بيئة خصبة للاقتتال.

ونتيجة لاستخدام السلاح سواء في الشجارات العائلية أو لأخذ الثأر أو غيرها من الحالات، وصل عدد جرائم القتل في فلسطين منذ عام 2015 حتى 2020 إلى حوالى 310، بدوافع مختلفة وغير مقتصرة على خلفيات سياسية. وسجل عام 2015 نحو 42 جريمة قتل، وانخفضت عام 2016 إلى 33 جريمة، لترتفع مجدداً عام 2017 إلى 37، وفي 2018 سجلت 41 حالة، وارتفعت كثيراً عام 2019 الذي سُجلت خلاله أكثر من 65 جريمة قتل، وفي عام 2020 وصلت إلى 92 جريمة، وفق مؤشرات الأفعال الإجرامية في بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية).

 

الشرطة تحاسب وفق القانون

ويؤكد عبد العاطي أن الشرطة الحاكمة في غزّة، غضت الطرف مراراً وتكراراً عن مطلقي النار في الخلافات، لذلك من الضروري حماية أركان السلم الأهلي من الأجهزة الأمنية والنيابة العامة، (الجهتين المخولتين) بتطبيق وحفظ القانون.

لكن مدير شرطة محافظة غزة جمال الديب نفى أن يكون هناك أي تهاون مع مطلقي النار، لافتاً إلى أنهم لن يسمحوا لأحد بالمساس بالأمن والاستقرار، من خلال تطبيق الإجراءات القانونية بهذا الخصوص.

وبحسب الديب، فإن الأجهزة الشرطية تقوم بمصادرة قطع السلاح الناري المستخدم في أي شجار أو مناسبة، وكذلك تتابع الأدلة الجنائية وتعمل على توقيف الأشخاص المتورطين في إطلاق النار، ومعاقبتهم من أجل إنفاذ القانون.

رفع الغطاء الفصائلي عن مطلقي النار

وهناك انتشار للسلاح بأيدي المواطنين في الأراضي الفلسطينية، وبالتحديد في قطاع غزّة، إذ يعيشون حالة استثنائية ربطتهم بوجود السلاح بأيديهم، بدافع مقارعة إسرائيل، ويعزى هذا السبب لانتشار السلاح مع الفصائل السياسية والعائلات والحالات الفردية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير عبد العاطي إلى ضرورة تثقيف الفصائل عناصرها حول منع استخدام السلاح في أي حال إلا بقرار تنظيمي وفي جهات معروفة، لذلك على القوى السياسية رفع الغطاء والحماية التنظيمية عن عناصرها الذين يطلقون النار تحت أي ظرف.

وجرى ذلك بالفعل، إذ اتفقت الفصائل على رفع الغطاء التنظيمي والعشائري عن أي محاولة إطلاق نار واستخدام للسلاح، حفاظاً على السلم الأهلي ولضمان عدم العودة للفوضى والاقتتال.

قانونياً... تمنع حيازة السلاح

لكن القانون الأساسي الفلسطيني لا يسمح أن يكون هناك سلاح في أيدي المواطنين، وتعد حيازته بشكل غير مشروع جريمة بحد ذاتها تعرض صاحبها للمساءلة.

وعلى الرغم من ذلك، هناك استثناء أجاز فيه القانون حيازة السلاح "الفرد" للحماية بعد ترخيصه وتسجيله بإجراءات معينة تتبعها وزارة الداخلية. ويوضح عبد العاطي أن ذلك لا يعطي الحق للمواطنين بإطلاق النار، ويبقى الأصل استخدامه من الشرطة فقط، وفق قواعد استخدام القوة على مبدأ التدرج وإطلاق النار كخيار أخير.

ويلفت عبد العاطي إلى أن وجود السلاح من دون ضوابط قد يؤدي إلى ظواهر أخذ الحق باليد والانتقام، وهذا يهتك النسيج المجتمعي ويزيد المشاكل والفرقة المجتمعية ويعود بالفلسطينيين لمربع الاقتتال الداخلي، لذلك من الضروري منع استخدام السلاح في الشجارات أو العلاقات الوطنية والمجتمعية، ونطالب بضبط السلاح ورفع الغطاء عن مطلقي النار.

محاولات لمنع الاقتتال

فكرة وجود السلاح في أيدي المواطنين تعزز ثلاثة مخاوف تدفع لارتكاب جرائم قتل، الأول على خلفية مشاكل عائلية بينها الثأر، والثاني نتيجة خلفية سياسية، ففي أحداث الاقتتال الفلسطيني عام 2007 بين حركتي "فتح" و"حماس"، قُتل نحو 300 فلسطيني، ومنذ ذلك الوقت يصر الأهالي على الانتقام لذويهم وضحاياهم، والثالث على خلفية الانتقام لقتل متخابرين قبل قدوم السلطة من دون محاسبة قانونية.

وخوفاً من عودة هذه الظاهرة، تسعى "حماس" في إطار الجهود التي تبذلها لجنة المصالحة المجتمعية، لتسوية ملفات ضحايا الاقتتال الفلسطيني عام 2006، من خلال إغلاق ملفات الثأر السياسية والعائلية، ونجحت في إقفال نحو 200 ملف من أصل 300، وحصلت على أوراق براءة والتزام عدم الأخذ بالثأر من عائلات المقتولين.

وكذلك أغلقت الفصائل ملفات الإعدام والتحقيق مع المتخابرين التي قادتها الأجنحة الضاربة التابعة لها في الانتفاضة الأولى قبل قدوم السلطة الفلسطينية، واعتبرتها ملفات وطنية وخطاً أحمر لا يجوز استحضارها في الوقت الحالي.

المزيد من متابعات