Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لن تنخفض أسعار البيوت في بريطانيا كما كان متوقعا من قبل؟

إجراءات الدعم الحكومي تشجع الطلب مع عدم كفاية العرض من العقارات الجديدة

مؤشرات لارتفاع أسعار البيوت في بريطانيا بدعم الحوافز الحكومية للميزانية (غيتي)

عدلت أغلب شركات السمسرة العقارية وشركات الاستشارات والدراسات تقديراتها لأسعار البيوت في بريطانيا هذا العام بالزيادة، خصوصاً بعد ما وفرته الميزانية الجديدة التي أعلنها وزير الخزانة ريشي سوناك من حوافز لمشتري البيوت.

وكانت أغلب التقديرات حتى نهاية العام الماضي أن سوق العقار البريطاني سيبدأ في التراجع بعد الربع الأول، وأن الأسعار ستأخذ في الانخفاض بعد ارتفاعها ما بين 7.3 و7.5 في المئة العام الماضي على الرغم من أزمة وباء فيروس كورونا.

وكانت السوق العقارية البريطانية التي عانت من الإغلاق كبقية قطاعات الاقتصاد في بداية انتشار وباء كورونا قبل عام عادت للنشاط منذ مايو (أيار) الماضي، معوضة الصفقات المعطلة والطلب المتراكم. وتوقع المحللون في السوق العقارية أنها ستشهد نمواً حتى الربع الثاني من هذا العام، ثم تأخذ في التراجع مع ظهور آثار أزمة وباء كورونا.

الضريبة العقارية

لكن ما تضمنته الميزانية الجديدة من تمديد لفترة الإعفاء من ضريبة الدمغة العقارية على أول نصف مليون جنيه من سعر العقار، والتي كان يفترض أن تنتهي آخر مارس (آذار)، حتى آخر يونيو (حزيران) ثم استمرارها على مبلغ أقل حتى نهاية سبتمبر (أيلول) أعطى السوق دفعة جديدة.

كما أعلن وزير الخزانة في بيان الميزانية مطلع هذا الشهر أمام النواب في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني عن دعم الحكومة لتوفير المقرضين عقوداً عقارية تغطي 95 في المئة من سعر الشراء. هذا إضافة إلى تمديد برامج دعم الأسر والشركات مثل برنامج الحفاظ على الوظائف الذي تضمن الخزانة بمقتضاه ما يصل إلى 80 في المئة من رواتب العاملين الذين تعطلت وظائفهم بسبب الإغلاقات للحد من انتشار فيروس كورونا.

استمرار ارتفاع الأسعار

ومن العوامل المشجعة أيضاً على قوة نشاط السوق العقارية واستمرار ارتفاع أسعار البيوت لفترة أن بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) ربما لن يرفع الفائدة عن مستوياتها الصفرية (0.1 في المئة) الحالية لفترة طويلة حتى مع الانتعاش الاقتصادي وزيادة معدلات التضخم. ويعني ذلك أن كلفة الاقتراض العقاري ستظل قليلة ما يشجع المشترين على زيادة الطلب.

أما ارتفاع الأسعار، فيعود إلى أن العرض في السوق العقارية ربما لا يلبي زيادة الطلب المتوقعة. وفي أحدث تقرير له الأسبوع الماضي، أشار المعهد الملكي للمساحين المعتمدين إلى النقص المستمر في عدد العقارات التي تطرح للبيع في السوق. واعتبر أن هذا التراجع في العرض يمثل التحدي الأكبر للسوق العقارية في بريطانيا.

لذا عدلت أغلب الشركات العقارية توقعاتها لارتفاع الأسعار في 2021 من صفر أو 1 في المئة إلى ما بين 4 و5 في المئة. هذا مع توقع استمرار الارتفاع على مدى السنوات المقبلة ليصل معدل ارتفاع أسعار البيوت بحلول 2025 إلى نسبة 21.1 في المئة، بحسب تقديرات شركة "سافيل" للسمسرة العقارية في أحدث تقاريرها. وعدلت "سافيل" تقديرها السابق لارتفاع أسعار البيوت هذا العام من صفر إلى 4 في المئة. على أن تواصل الارتفاع بنسبة 3.5 في المئة في 2022، وبنسبة 3 في المئة في 2023.

كما عدلت شركة نايت فرانك للسمسرة العقارية تقديراتها لارتفاع أسعار البيوت بالزيادة من صفر بحسب تقديرها السابق في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 5 في المئة. بينما عدلت شركة "كابيتال إيكونوميكس للعقارات" تقديراتها بالزيادة أيضاً من تراجع بنسبة سالب 4 في المئة إلى ارتفاع بنسبة 3 في المئة هذا العام، وارتفاع بنسبة 2.5 في المئة العام المقبل.

مخاوف وتقديرات مختلفة

تختلف المناطق في بريطانيا من حيث قوة السوق العقارية وارتفاع الأسعار، لكن في الإجمال تتوقع أغلب الشركات العقارية والاستشارية استمرار الارتفاع في الأسعار، وإن كان معدل الارتفاع في العاصمة البريطانية لندن أقل من المعدلات في مناطق أخرى من بريطانيا.

وربما يرجع ذلك إلى تأثير قطاع العقارات التجارية، حيث إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" إلى جانب الممارسات الجديدة المرتبطة بوباء كورونا كالعمل من المنزل جعل العرض أكثر من الطلب في قطاع العقارات التجارية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى الاقتصاديون في مركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" بلندن أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتشجيع القطاع العقاري لم تؤثر كثيراً في السوق في العاصمة. ويقول اقتصاديو مركز كوروم "لم تستفد لندن بقدر استفادة بقية البلاد. يقع اللوم على قيود الإغلاق المقترنة بآثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. تعتقد الشركات العقارية مثل نايت فرانك أن أسعار العقارات سترتفع هذا العام في لندن بنسبة 4 في المئة على الأقل. نحن لا نتفق معهم. نعتقد أن سوق العقارات في لندن ستكون أضعف لفترة أطول".

وربما يمكن تفسير تلك المخاوف من ضعف القطاع في لندن باحتمالات تراجع قطاع العقارات التجارية. كذلك سوق الشراء للتأجير ربما لا تستفيد كثيراً من إجراءات التشجيع الحكومي، التي تقتصر في الأغلب على من يشترون بيتاً للمرة الأولى وبغرض السكن أساساً وليس للاستثمار بتأجيره.

وكتب محررو "الفايننشال تايمز" في افتتاحية للصحيفة الأسبوع الماضي، أن الإجراءات الحكومية إنما تشجع الطلب في سوق العقار من دون انتباه لمشكلة العرض. وحذروا من أن زيادة الطلب وقلة العرض ستؤديان إلى ارتفاع الأسعار بما يشكل فقاعة عقارية يمكن أن تتحول إلى هبوط شديد في سوق العقار فيما بعد.

المزيد من اقتصاد