Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تنفي عبور عناصر استخبارات فرنسية من ليبيا إلى أراضيها

مع تدهور الأوضاع الأمنية في طرابلس تجدد الحديث حول عمل الأجهزة الأجنبية انطلاقاً من الأراضي التونسية وسط تساؤلات عن دورها في تحريك الأزمة

مركبات مزودة بمدافع حربية تابعة لحكومة الوفاق في إحدى الضواحي الجنوبية لطرابلس (أ. ف. ب.)

تجدد الجدل في تونس بشأن قضية الفرنسيين الذين أوقفتهم السلطات التونسية على الحدود مع ليبيا. ونقلت "إذاعة فرنسا الدولية" عن مصدر مأذون قريب من رئاسة الجمهورية التونسية، أن الفرنسيين الذين عبروا من ليبيا إلى تونس الأسبوع الماضي "ليسوا دبلوماسيين كما تؤكد فرنسا، وإنما عناصر تابعين لأجهزة الاستعلامات (الاستخبارات)"، مضيفةً أن جزيرة جربة (جنوب تونس) القريبة من الحدود الليبية تحولت إلى "قاعدة خلفية لأجهزة الاستخبارات الأجنبية".

نفي رسمي

إلا أن الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش نفت الثلثاء 23 أبريل (نيسان) الحالي، ما نقلته "إذاعة فرنسا الدولية"، معتبرةً أن تلك التصريحات "خطيرة وتمس الأمن القومي التونسي".

وقالت قراش في تصريح إلى الوكالة الرسمية التونسية للأنباء (تونس أفريقيا) إن "الإذاعة الفرنسية بثت الخبر من دون التثبت منه عبر القنوات الرسمية"، مؤكدةً أن "موضوع الدبلوماسيين الأوروبيين عُولج وسُوّي في الأطر القانونية ووفق الأعراف الدبلوماسية المعمول بها".

وكان وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي، أكد في 16 أبريل الحالي وصول مجموعتين تحملان أسلحة وجوازات سفر دبلوماسية إلى تونس، من ليبيا. وأوضح أن المجموعة الأولى التي حاولت المرور في 10 أبريل عبر الحدود البحرية (جزيرة جربة) بواسطة مركبَي مطاط، مؤلفة من 11 أجنبياً من جنسيات مختلفة يملكون جوازات دبلوماسية ومذكرات تحت غطاء الاتحاد الأوروبي.

وتابع الزبيدي أن المجموعة الثانية تتكوّن من 13 فرداً حاملين للجنسية الفرنسية، قدموا إلى تونس في 14 أبريل، على متن 6 سيارات رباعية الدفع وتحت غطاء دبلوماسيي وكانت بحوزتهم أسلحة وذخيرة.

"أمن السفارة"

أوضحت السفارة الفرنسية في تونس من جهتها، في بيان، أن هؤلاء الفرنسيين هم "فريق أمني يقوم بتأمين السفارة الفرنسية في ليبيا بحكم الأوضاع الأمنية الحالية"،

مشيرةً إلى أن هذا الفريق خضع لعملية تفتيش روتينية منذ حلوله في معبر راس جدير الحدودي بين تونس وليبيا وتم جرد المعدات التى كانت بحوزته قبل أن يواصل طريقه.

كما بيّنت السفارة أن تنقّل هذا الفريق تم بالتشاور مع السلطات التونسية ويندرج في إطار التنقلات الدورية لعناصر السفارة الفرنسية في ليبيا بين طرابلس وتونس.

أما وزير الداخلية هشام الفوراتي، فصرح على هامش زيارة عمل أجراها في 16 أبريل إلى ولاية مدنين، بأن الإجراءات الأمنية المعتمدة عند العبور تشمل البعثات الدبلوماسية، مؤكداً أن تونس تحترم الأعراف الدبلوماسية وتسعى إلى تسهيل تنقل البعثات الأمنية والدبلوماسية إلى بلدانها عبر تونس وحتى إدخال التجهيزات التي تحملها.

"مرتع للاستخبارات"

في المقابل، يعتقد الصحافي التونسي المتخصّص في الشأن الليبي سمير جراي أن "الحادثة خطيرة ولم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة فدخول مجموعة مسلحة إلى التراب الوطني بتلك الطريقة يمس السيادة الوطنية. وعلى الرغم من التبريرات التي قدمتها السلطات التونسية إلا أن عدم توضيح كيفية التعامل مع العناصر التي دخلت من ليبيا، وكشف هويتها يدل على تواطئ من تونس لخدمة أجندات الاستخبارات الأجنبية وبخاصة الفرنسية". وأضاف جراي أن "العناصر التي دخلت

في مجموعتين وفق تصريحات وزير الدفاع، رجّحت أغلب المصادر أنها كانت تعمل لمصلحة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يشن حرباً على طرابلس، وتقدم له الدعم اللوجستي والتقني في غرفة عمليات في مدينة غريان جنوب طرابلس، ما يؤكد أن هذه العناصر، فرق استخباراتية فرنسية وليست كما تقول فرنسا والاتحاد الأوروبي إنها بعثة أمنية لحماية البعثات الدبلوماسية الأوروبية في طرابلس... بخاصة أن كلّ مسؤولي البعثات الدبلوماسية الأوروبية ومن بينهم السفيرة الفرنسية لدى طرابلس تمارس مهماتها من العاصمة التونسية، بينما مقراتها في طرابلس خالية".

وتابع جراي أن "ما كشفه مصدر مطلع من الرئاسية التونسية عن أن العناصر التي دخلت من ليبيا إلى جربة هي استخباراتية وليست دبلوماسية يفرض على رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع توضيح الأمر والتعامل مع مثل هذه الحوادث بجدية وشجاعة فهي مسألة أمن قومي ولا مجال لأن تبقى بعض المدن التونسية مرتعاً للاستخبارات الأجنبية، بخاصة في ما يتعلق بالملفين الليبي والجزائري، فذلك سيؤثر في صدقية تونس وحيادها في التعامل دبلوماسياً مع الأوضاع في هذين البلدين".

المحور القطري- التركي استغل الحادثة

أما المحلّل السياسي الجمعي القاسمي فيرى أن "القول إن جزيرة جربة التونسية تحوّلت إلى مرتع للاستخبارات الاجنبية أمر مبالغ فيه"، مستدركاً أن ذلك "لا يمنع

أن المتغيرات الميدانية في ليبيا وما تشهده من تنامي لعمل الأجهزة الأمنية والعسكرية ضمن سياق الاجندات الإقليمية والدولية، ستجعل من جربة محطةً لقوى تريد أن تكون لها عيون وآذان لمتابعة ما يجري في ليبيا. لذلك فإنها مسألة عادية جداً أن تهتم الأجهزة الأمنية والعسكرية الدولية بتطور الأوضاع في ليبيا وأن تجد مكاناً مناسباً للقيام بعملها".

ويعتقد القاسمي أن "الأجهزة الأمنية التونسية تدرك جيداً هذه المسألة وتراقب وتتابع نشاط هذه الأجهزة ضمن إطار صيانة الأمن القومي التونسي وحمايته".

وقال إن "كل التجارب التاريخية تؤكد أن أجهزة الاستخبارات عادة ما تختار أماكن آمنة للقيام بمثل هذا العمل الموجه إلى دولة مجاورة، وهنا نستحضر كيف تحولت جزيرة قبرص إلى ما يشبه خلية نحل للاستخبارات الأجنبية أثناء الحرب الأهلية في لبنان أو أثناء النشاط الكثيف لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت".

ويرى المحلّل السياسي التونسي أن "المسألة عادية جداً ولا تستدعي كل هذا الاستنفار"، مرجحاً أن سوء الاتصال والتنسيق بين الحكومة ورئاسة الجمهورية أدى إلى هذا الجدل. وعبّر القاسمي عن اعتقاده بأن هؤلاء الفرنسيون هم دبلوماسيون هربوا عندما تدهورت الأوضاع في ليبيا. وأضاف أن "إعطاء هذه المسألة بُعداً أكبر من حقيقتها يخفي نوايا لخدمة طرف دون الآخر". واتهم القاسمي "المحور القطري- التركي باستغلال هذه الحادثة من خلال الإعلام، لمصلحة أطراف سياسية معينة في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي