Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يهدد استقلال اسكتلندا أمن بريطانيا وأميركا؟

استطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبها سيصوت للبقاء ضمن المملكة المتحدة

يظل الحزب الذي تقوده رئيسة الوزراء نيكولا ستورجيون متقدماً على بقية الأحزاب في الإقليم (أ ف ب)

أظهرت نتائج استطلاعات الرأي في اسكتلندا أن نسبة أكبر من المواطنين ستصوت للبقاء ضمن المملكة المتحدة في حال إرجاء الاستفتاء على الاستقلال كما تعهّد الحزب القومي الإسكتلندي الحاكم في الإقليم.

وأعلنت نتائج استطلاعات الرأي تلك، الخميس، 11 مارس (آذار)، مشيرة إلى أن نسبة أكبر ممن شملتهم من الإسكتلنديين لا توافق على إجراء الاستفتاء على الاستقلال بنهاية هذا العام، كما أظهرت نتائج الاستطلاعات أيضاً تراجع التأييد للحزب القومي الإسكتلندي في انتخابات مايو (أيار) المقبل، ما يعني أنه لن يفوز بأغلبية مريحة في البرلمان الإقليمي لاسكتلندا بعد نحو شهرين، ومع ذلك يظل الحزب الذي تقوده رئيسة الوزراء نيكولا ستورجيون متقدماً على بقية الأحزاب في الإقليم.

جاءت نتيجة استطلاع مؤسسة "يوغوف" لتؤكد أن 50 في المئة لا يريدون إجراء استفتاء على الاستقلال في 2021، وذلك بزيادة 6 في المئة عمن رأوا ذلك في استفتاء سابق للمؤسسة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. بينما صوتت نسبة 36 في المئة فقط لصالح إجراء استفتاء على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا هذا العام، كما تعهدت ستورجيون، وذلك بتراجع بنسبة 7 في المئة عن استطلاع نوفمبر.

السنوات الخمس

أما نسبة الذين قالوا إنهم سيصوتون بـ "لا" في الاستفتاء فجاءت عند 51 في المئة، مقابل 49 في المئة قالوا إنهم سيصوتون بـ "نعم"، وهي نسبة أقرب ما تكون إلى نتيجة الاستفتاء الذي أجري في اسكتلندا في 2014، ورفض فيه الإسكتلنديون الانفصال عن المملكة المتحدة.

وفي استطلاع آخر أعلنت نتائجه، الخميس، أيضاً، وأجرته مؤسسة "سافانتا كومريس" قال 47 في المئة، إنهم سيصوتون بـ "لا" في الاستفتاء، بينما جاءت نسبة من قالوا إنهم سيصوتون بـ "نعم" عند 45 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من الزيادة في نسبة من لا يريدون إجراء استفتاء على الاستقلال هذا العام، فإن نسبة كبيرة تريد إجراءه في وقت لاحق، فبحسب نتائج استطلاع "يوغوف"، ترى نسبة 42 في المئة أنه يتعين إجراء استفتاء حول الاستقلال في غضون السنوات الخمس المقبلة، مقابل 39 في المئة لا يرون ذلك.

كما أظهرت نتائج استطلاع "يوغوف" أن توقعات التصويت لصالح الحزب القومي الإسكتلندي في انتخابات مايو تراجعت 4 في المئة، لكن المؤسسة تتوقع أن يفوز الحزب بأغلبية بنحو 13 صوتاً ويحصل على 71 مقعداً في البرلمان الإقليمي.

أما استطلاع "سافانتا كومريس"، فسجل تراجع توقعات التصويت للحزب القومي في انتخابات مايو بنسبة 7 في المئة، وترى المؤسسة، أن الحزب ربما يفقد الأغلبية بمقعد واحد ويحصل على 64 مقعداً فقط في البرلمان.

خطر الاستقلال

وتقلق فكرة الاستفتاء على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا الحكومة المركزية في لندن، وهناك مقترحات قدمت لرئيس الوزراء بوريس جونسون بأهمية دراسة منح الأقاليم البريطانية (اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية) تفويضاً بسلطات أكثر للحفاظ على اتحاد المملكة المتحدة.

ولا تقتصر مخاطر انفصال اسكتلندا على المملكة المتحدة فحسب، بل تهدد مصالح الولايات المتحدة أيضاً والتحالف الغربي عموماً، كما كتب عظيم إبراهيم، مدير مركز السياسات الدولية في واشنطن، في مقال له بمجلة "فورين بوليسي"، ويرى إبراهيم أن انفصال اسكتلندا سيضعف بريطانيا كأهم حليف للولايات المتحدة، ويهزّ من مكانة بريطانيا الدولية، بل إنه يطرح إمكانية أن تسعى بعض القوى الصاعدة في العالم، كروسيا والهند، إلى التشكيك في عضوية بريطانيا الدائمة في مجلس الأمن الدولي في حال انفصال اسكتلندا.

ويفصل الكاتب علاقة القوميين الإسكتلنديين بروسيا، وكيف أنها قوية، هذا إلى جانب أن اسكتلندا أقرب لنموذج الديمقراطية الاجتماعية منها لنموذج أميركا وبريطانيا، ويخلص إلى أن التدخل الآن لمنع استقلالها ضرورة ملحة لأن محاولة ترميم أضرار ذلك الانفصال إذا حدث ستكون مكلفة، وربما غير ناجعة.

التحالف الغربي

ويقول إبراهيم: "سيدعم الكرملين ويموّل كل ما يضعف التحالف الغربي، من اسكتلندا إلى كتالونيا إلى أي قوى قومية في أوروبا تعارض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وعلاقة روسيا مع القوميين الإسكتلنديين واضحة، على أقل تقدير ستكون أول حكومة في اسكتلندا المستقلة علاقات راسخة مع موسكو أكثر مما مع واشنطن، وهذا وحده كفيل بدق جرس الإنذار في البيت الأبيض، وحيثما توجد علاقات سياسية للكرملين سيأتي الصينيون بأموالهم، ولن يقدر أحد على منافستهم في هذا السياق".

ويبدو الخطر من انفصال اسكتلندا على المصالح الأميركية كالتالي، بحسب إبراهيم، "إذا كان للصين أن تموّل وتبني ميناء كبيراً في اسكتلندا كما فعلت في سريلانكا وجيبوتي، فسيشكل ذلك خرقاً حرجاً في المظلة الدفاعية للولايات المتحدة في شمال المحيط الأطلنطي".

يشير الكاتب إلى أهمية موقف الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الحملة الانتخابية حين هدد بوقف مفاوضات الاتفاق التجاري مع بريطانيا إذا تضمن اتفاق خروجها من الاتحاد الأوروبي "بريكست" أي تجاوز لاتفاقية الجمعة العظيمة التي أنهت الصراع في إيرلندا الشمالية لصالح بقائها ضمن الاتحاد، واعتبارها جزءاً من المملكة المتحدة، ويطالب بأن يتدخل بايدن في مسألة اسكتلندا بالروح ذاتها.

ويضيف: "على بايدن وإدارته أن ينتبهوا للتهديد الحقيقي والآتي من اسكتلندا، وهناك ميزة لبايدن لو تدخل شخصياً في المسألة، فلم يكن شعب اسكتلندا يطيق (الرئيس الأميركي السابق) دونالد ترمب بينما يقدرون ويحترمون التزام بايدن القوي باتفاقية الجمعة العظيمة. وسيأتي بايدن ومعه قدر هائل من المصداقية والرصيد السياسي، وسيستمع إليه الإسكتلنديون، وسيشكل ذلك فارقاً مهماً بالنسبة لمستقبل اسكتلندا والمملكة المتحدة والتحالف الغربي".

ليس في مصلحة أحد

وزادت الدعوات السياسية من أجل إجراء استفتاء جديد على الاستقلال مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكان الإسكتلنديون صوتوا بأغلبية كاسحة في استفتاء "بريكست" العام 2016 لصالح البقاء في أوروبا، لكن نتيجة الاستفتاء على مستوى بريطانيا جاءت لصالح الخروج.

ويشعر السكتلنديون أنهم خاسرون من "بريكست"، بخاصة مع مشاكل قطاع الصيد في الاتفاق، وهو يمثل أهمية كبيرة للإسكتلنديين، أضف إلى ذلك أن مشاكل التصدير لأوروبا، ليست من أسماك الصيد فقط، بخاصة وأن المنتجات الغذائية والزراعية الإسكتلندية متضررة من القيود الجديدة نتيجة "بريكست".

ويكتسب الصراع السياسي بين القوميين والوحدويين في البلاد زخماً من خلافات سياسية داخلية تؤجج مشاعر الاستقلال، حتى لو كان ليس في مصلحة أحد، فاسكتلندا المستقلة ستحتاج إلى سنوات للانضمام مجدداً للاتحاد الأوروبي، وستكون هناك صعوبات وتعقيدات تتعلق بتداخلها مع بريطانيا في أمور كثيرة حتى بعد الانفصال، ثم إن اسكتلندا تعتمد على كونها بريطانية في حماية أمنها.

وهذه نقطة في غاية الأهمية، إذ إن سلاح الردع النووي للأسطول الملكي البريطاني يتركز كله في القاعدة البحرية الرئيسة في اسكتلندا التي تضم الغواصات النووية، وتعهدت حكومة القوميين بأنها ستفكك القاعدة البحرية في حال الانفصال، ولأنه يصعب إيجاد موقع مناسب آخر على شواطئ بريطانيا للغواصات النووية ستفقد بريطانيا قدراً مهماً من قوتها العسكرية، وكذلك لن تستطيع اسكتلندا بناء قدرات عسكرية قوية أيضاً.

ثم إن اسكتلندا تعتمد في دخل الإقليم على دعم من الحكومة المركزية في لندن يتجاوز 9 في المئة من ميزانية الإقليم، وسيكون من الصعب على حكومة مستقلة تعويض هذا الدخل من أي نشاط اقتصادي إضافي.

تلك العوامل كانت السبب الرئيس في فشل استفتاء الاستقلال السابق قبل سبع سنوات، وعلى الأرجح ستكون السبب في نتيجة مماثلة إذا أجري استفتاء جديد هذا العام.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير