Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإعلام البريطاني يعاني العنصرية وكل قول آخر مجرد دعاية

يتحدث عديدون علانية عن الحاجة إلى زيادة التنوع لكننا لا نرى أي أفعال

المسألة العنصرية في بريطانيا تحركت مجدداً إثر مقابلة ميغان وهاري مع أوبرا وينفري (أ ف ب)

بالطبع، إن قطاع الإعلام في المملكة المتحدة قطاع عنصري. إنه أمر مؤكد، ومع ذلك فإن "جمعية المحررين"، وهي واحدة من أقوى المنظمات في هذا المجال، حاولت هذا الأسبوع خداع أولئك الذين يدركون المشكلة.

وأثناء مقابلة ميغان وهاري مع أوبرا وينفري، التي بُثّت على قناة "آي تي في" البريطانية في وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكر [الأمير هاري] دوق ساسيكس أن عنصرية الصحافة الشعبية التي تسربت إلى بقية المجتمع، شكّلت "جزءاً كبيراً" من سبب رحيله وزوجته من المملكة المتحدة. وكذلك وصف الصحف البريطانية بأنها مؤسسة "متعصبة" تخلق "بيئة سامة" من "السيطرة والخوف".

ومنذ ذلك الحين، أصدر الرئيس التنفيذي لـ"جمعية المحررين"، إيان موراي، بياناً يفند فيه ذلك. وذهب إلى أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن "وسائل الإعلام البريطانية ليست متعصبة، ولن تُثنى عن دورها الحيوي في محاسبة الأثرياء وذوي النفوذ، في أعقاب الهجوم على الصحافة من قبل دوق ودوقة ساسيكس".

وعقب انتقادات شديدة، نشرت الجمعية بياناً توضيحياً تعهدت فيه "بتدارس رد الفعل على تعليقاتها السابقة".

وأضافت، "صدر بياننا بشأن ميغان من هذا المنطلق، لكنه لم يعكس ما نعرفه جميعاً، المتمثل في وجود كثير من العمل الذي يتعين فعله في الإعلام بهدف تحسين التنوع والإندماج".

ومع ذلك، وقع الضرر، بل شكل خطوة إلى الوراء. فبعد عودة ظهور حركة "حياة السود مهمة" خلال الصيف الماضي والخطاب العالمي حول العنصرية، بدا أن لحظة الحساب قد آنت بالنسبة إلى وسائل الإعلام البريطانية التي أُجبرت على النظر في تعصبها.

في هذا الصدد، أصدرت المؤسسات الإعلامية رسائل تضامن مع قضايا مناهضة العنصرية في أوقات سابقة، وكذلك عبّر محررون عن دعمهم لدعوات زيادة التنوع في غرف الأخبار، وخُصّص مزيد من مقالات الرأي لعرض تجارب السود. وفجأة، اكتشف المسؤولون التنفيذيون في التلفزيون وجود الإلهام والميزانية كي يُنتَجْ مزيد من المحتوى المتنوّع، من الطراز الذي يجري حذفه عادة على مدار العام، إلا أثناء شهر تاريخ السود. وبعد ذلك بمدة وجيزة، في نهاية 2020، عقدت "جمعية المحررين" حلقة نقاش حول التنوع في وسائل الإعلام كجزء من مؤتمر افتراضي، وبحثت كيفية دعم المواهب في مجتمعات السود والآسيوية والأقليات العرقية، أثناء سعيها إلى مستقبل مهني في الصحافة.

وكذلك ناقش المتحدثون كيف يمكن لغرف الأخبار توسيع العمل مع المجتمعات المهمشة والاحتفاظ بأصوات متنوعة. جاءت فكرة الحدث مهمة، وقد دُعيتُ إلى المشاركة في المناقشة، ولكن لم أتمكن من الحضور بسبب التزام سابق.

ومع ذلك، بعد مضي أقل من ثلاثة أشهر، تنكر الجمعية نفسها وجود العنصرية في الإعلام. لذا تواجه الجمعية التي تضم حوالى 400 عضو، من ضمنهم محررون ومديرو التحرير ورؤساء التحرير، اتهامات بحماية مصالح منصات الأخبار في المملكة المتحدة. ويوحي البيان الذي أصدره موراي هذا الأسبوع، بتقصير في أداء مهامه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبرز النقاش نفسه كل بضعة أشهر في الإعلام. وهناك دائِماً بعض الجدل أو الحديث حول التنوع في وسائل الإعلام وما يمكن فعله بهدف تحسين الأمور، ومع ذلك ها نحن في هذا الوضع. إنه أمر محبط لأن هذه المناقشات غالباً ما يجري تنظيمها والترويج لها من قبل المتحكمين في الإعلام، الذين يتمتعون بقوة حقيقية في إحداث تغيير هادف ودائم. ويتحدث عديد من هؤلاء المحررين كثيراً حول الحاجة إلى مزيد من التنوع، لكننا لا نرى أي فعل.

وبعد تصريح موراي غير المدروس، وقّع أكثر من 160 صحافياً ملوناً من منصات مختلفة تشمل "فايننشال تايمز"، و"ميترو"، و"القناة الرابعة"، و"الغارديان"، رسالة قوية وصفوا فيها ما أدلى به [موراي] بـ"غير المقبول".

ماذا لو أخبرتكم أن عدداً من الصحافيين من الأقليات العرقية قرروا عدم التعبير عن دعمهم للقضية بشكل علني، ليس بسبب نقص الإرادة لكن بسبب خوف حقيقي من فقدان وظائفهم وعدم العثور على وظيفة أخرى في هذا القطاع الذي يُعتبر حِكراً على البيض تقريباً؟ وفي الوقت نفسه، أعرب صحافيون آخرون من البيض عن مخاوفهم من عواقب تسليط الضوء على عنصرية وسائل الإعلام في المملكة المتحدة.

خلال مقابلته، أشار هاري إلى أن العائلة المالكة "خائفة" من الصحف الشعبية الصفراء. وأوضح أنه إذا "انقلبت عليهم" الصحافة، قد يكون ذلك كارثياً على النظام الملكي. وفي هذا الشأن أضم صوتي وأقول "أنا أيضاً". أنا خائفة وعديد من الأشخاص خائفون، خائفون بشأن حاضر ومستقبل إعلامنا وكيف سيؤثر في المجتمع.

ففي وضعها الحالي، تعتبر الصحافة البريطانية ممارسة نخبوية، إذ إن 94 في المئة من الصحافيين هم بيض، و86 في المئة منهم حاصلون على تعليم جامعي، و55 في المئة منهم هم ذكور. وينتمي 11 في المئة من الصحافيين إلى الطبقة العاملة، فيما لا يشكل السود سوى 0.2 في المئة من الصحافيين، على الرغم من أنهم يشكلون 3.3 في المئة من السكان. كذلك يشكّل المسلمون 0.4 في المئة من الصحافيين البريطانيين فيما تصل نسبتهم إلى حوالى 5 في المئة من مجموع السكان.

واستناداً إلى ذلك، ترسم هذه الإحصاءات القاتمة صورة واضحة جداً عن حالة الإعلام. ويعني ذلك أن الأمور ليست على هذا النحو لأن الفئات الممثلة تمثيلاً ناقصاً لا تريد ببساطة الحصول على وظيفة في مجال الإعلام أو لأنها تفتقر بطريقة ما إلى المهارات المطلوبة، بل يحدث هذا لأن قطاع الإعلام أفسدته العنصرية والمتحكمون فيه الذين يرفضون التنحي جانباً.

واستطراداً، يلحق هذا الأمر ضرراً بنا جميعاً لأنه يعني أن الإعلام لا يعكس التنوع الموجود في المجتمع الذي يدعي أنه يُقدره.

لقد اختار البعض منّا العمل في هذا المجال بهدف المساهمة في إحداث التغيير المنشود بشدة، المتمثّل في خلق بيئة صحافية متنوعة للجميع. وتالياً، إن كل إيحاء بأن القضاء على العنصرية ليس مطلوباً كي تتحقّق هذه الغاية يشكل محض دعاية، بكل وضوح وبساطة.

(تحديث: استقال إيان موراي المدير التنفيذي لجمعية المحررين من منصبه مساء الأربعاء على خلفية عنصرية الصحافة)

© The Independent

المزيد من آراء