Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة السياسية المستمرة في تونس تستوجب تنازلات متبادلة

"اتحاد الشغل" يحاول الدخول على خط الحل في ظل قلق المواطنين على مستقبلهم

يدفع المواطن التونسي وحده ثمن العبث السياسي وحالة عدم الاستقرار وتداعياتها الاجتماعية (رويترز)

تسود حال من الترقب في تونس وسط غموض الأفق السياسي واتساع الهوّة بين الرئاسات الثلاثة (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان)، علاوة على تنامي الاستقطاب الثنائي الحاد بين الدستوريين الممثلين في "الحزب الدستوري الحرّ" بقيادة عبير موسي من جهة، و"حركة النهضة" الإسلامية وأتباعها من نواب "ائتلاف الكرامة" من جهة أخرى.

مراهقون سياسيون

ويتمسك كل طرف من أطراف الأزمة السياسية التي تعصف بتونس بموقفه، ولا يتنازل "قيد أنملة" من أجل مصلحة البلاد، مما دفع بالاتحاد العام التونسي للشغل إلى القول بأنه "لن يترك تونس في أيادي المراهقين السياسيين".

وبينما تحتد الأزمة السياسية وتتنامى تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، يكابر كل من رئيس البرلمان راشد الغنوشي من خلال رفضه استقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، بدعوى ضرورة الحفاظ على الاستقرار الحكومي، بينما يربط رئيس الجمهورية قيس سعيد الدخول في الحوار الوطني من أجل إنقاذ تونس باستقالة المشيشي، الذي صرّح بدوره أخيراً أنه لن يستقيل من منصبه.

في الأثناء، يدفع المواطن التونسي وحده ثمن العبث السياسي وحالة عدم الاستقرار وتداعياتها الاجتماعية، من خلال تنامي مظاهر الاحتكار والمضاربة وغلاء الأسعار والفساد، بينما يفقد يوماً بعد يوم ثقته بالطبقة السياسية وبمؤسسات الدولة، فأية سيناريوهات تنتظر تونس في الأيام المقبلة؟

وعبّر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي عن أسفه "للوضعية التي أصبحت فيها تونس اليوم بين الدول"، قائلاً إن "تونس لأبناء الشعب وليست للمراهقين السياسيين الجدد".

تونس دولة مدنية

ودعا الطبوبي خلال كلمة ألقاها الأربعاء 10 مارس (آذار) 2021 أمام ندوة الكوادر الصحية في العاصمة، السياسيين إلى تقويم الوضع واحترام مصلحة الشعب التونسي، منتقداً "الصراعات حول الهوية والدين"، ومؤكداً أن "مثل هذه المسائل حُسمت بالدستور وتونس دولة مدنية".

وشدّد الطبوبي على أهمية حل الأزمة السياسية لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، منتقداً التردد في الاستجابة لمبادرة اتحاد الشغل الداعية إلى الحوار الوطني في إشارة إلى رئاسة الجمهورية.

وتتباين الآراء والمواقف حول مآلات الأزمة السياسية الراهنة، بين من يرجح إمكان التوصل إلى اتفاق في شأن استئناف الحوار الوطني ولو بشروط، وضمانات من المنظمات الوطنية الكبرى، وبين من يتحدث عن صراع في الشارع، وما قد ينتج منه من عنف من خلال توجه الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حشد الشارع للضغط على الطبقة السياسية حتى تتنازل وتدخل في حوار وطني ينهي هذه الأزمة.

الحوار أو العنف

في السياق، صرح النائب السابق هشام الحاجي أن "تونس اليوم أمام خيارين، إما الحوار وتقديم تنازلات متبادلة لتجاوز الأزمة أو البقاء في وضعية الاستعصاء، وما قد ينتج منها من انفلاتات في الشارع"، مشيراً إلى بوادر الصراع بين المتخاصمين سياسياً، مثلما حدث خلال اعتصام الدستوري الحر أمام فرع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في العاصمة، وما رافقه من ردود فعل من نواب كتلة "ائتلاف الكرامة" من تشنج وعنف.

ولمّح الحاجي إلى إمكان انزلاق الوضع نحو الفوضى، واصفاً ذلك الأمر بالخطير "لأنه يضرب المؤسسات ويدوس على القانون، وينسف المسار الديمقراطي طالما أن الأطراف المتخاصمة متمسكة بمواقفها"، ملمحاً إلى أن "موقف الاتحاد العام التونسي للشغل غير واضح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضغط الشارع

في المقابل، يراهن الصحافي التونسي زياد الهاني على موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، معتبراً أنه "موقف مسؤول حمّل من خلاله الأمين العام للاتحاد المسؤولية للطبقة السياسية". وأضاف أنه "على الرغم من كل التجاذبات الحاصلة والتعنت وسياسة الهرب إلى الأمام من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، أو من رئيس الحكومة هشام المشيشي ومن يقف في صفه، فإن الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الوطنية لن يترك تونس بين أيدي العابثين".

ورجح الهاني أن "يدعو اتحاد الشغل التونسيين إلى النزول للشارع، وتحميل كل طرف لا يراعي وضع البلاد في أزماتها، ولا يراعي المخاطر التي تهدد بانهيار الدولة مسؤوليته كاملة".

واستبعد الهاني أن يكون للنزول إلى الشارع تداعيات خطيرة، معتبراً أن "الغالبية الصامتة في تونس اليوم متألمة لهذه الأزمة"، واصفاً إياها بـ "صراع الديكة الذي لا يعني عموم التونسيين"، ملمحاً إلى أن "الفتنة الكبرى قد تحصل عندما تعجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين".

اتفاقات موازية

في موازاة ذلك، صرح الكاتب محمد بوعود أن "الحلول لم تعد متوافرة لحل الأزمة السياسية، بخاصة أن الجميع يرفض التنازل"، مضيفاً أن "تونس تسير نحو انسداد تام للمشهد السياسي ستسفر عنه اتفاقات موازية قد تطيح برئيس الحكومة هشام المشيشي، أو احتمال تنازل رئيس الجمهورية قيس سعيد بضمانات من اتحاد الشغل وبقية المنظمات الوطنية".
ورجّح بوعود أيضاً أن تستمر تونس بهذه الأزمة السياسية "التي ستضرب مؤسسات الدولة، مع ما سينتج منها من توتر واحتقان"، مؤكداً أن "شبح العنف بدأ يطل برأسه، مما يدفع إلى الفوضى في ظل تمسك الرؤساء الثلاثة بمواقفهم من دون مراعاة مصلحة الوطن".

ويعوّل التونسيون على المنظمات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها "الاتحاد العام التونسي للشغل"، لإخراج البلاد من أزمتها من خلال الضغط عبر الشارع وتأطير التحركات، طالما أن الرؤساء الثلاثة متمسكون برفض التنازل، بينما الأحزاب منشغلة بتوازناتها الداخلية ومكاسبها السياسية على حساب مصلحة البلاد والمواطنين.

المزيد من العالم العربي