Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم تطلب سوريا إعانة حليفتيها إيران وروسيا لحل أزمة الوقود؟

يعيش السوريون مشكلات خانقة انعكست سلباً على اقتصادهم في بلد يفترض أنه يتمتع بوفرة في المشتقات النفطية

استكشافات نفطية في الساحل السوري من ميناء اللاذقية (اندبندنت عربية)

يترقب السوريون انطفاء حدة أزمة الوقود، بعدما أعلن رسمياً استئناف العمل بمصفاة بانياس، غرب سوريا في 22 أبريل (نيسان) 2019، لتبدأ بإنتاج مادتي البنزين والمازوت، محققة تحسناً ملحوظاً وتخفيفاً لأزمة خانقة شهدتها المحافظات التي تسيطر عليها الدولة، حيث حاجة البلاد تُقدر بما بين 100 و136 ألف برميل يومياً من النفط الخام، مع حاجتها للاستيراد، لكنهم يتخوفون من أيامٍ مُنهكة اقتصادياً ومعيشياً، جراءَ ارتفاع الأسعار، كمطرقة سندانها المواطن صاحب الدخل المحدود.

أين الدعم؟
مع اشتعال أزمة المحروقات فُقدت مواد البنزين والمازوت والغاز المنزلي، ومعها أذُنت بكوارث ليست على المستوى الاقتصادي فحسب بل على المستوى الإنساني أيضاً، إذ شملت الأزمة بطبيعة الحال سيارات الإسعاف والإطفاء والدفاع المدني والأجهزة الطبية في المستشفيات، تزامناً مع نقصٍ في إمداد التيار الكهربائي.
وتساءل السوريون عن عدم تدخل الحليفين الروسي والإيراني ومساندتهما، لمواجهة الحصار. ومع شحّ البيانات التي تصدرُ عن السلطة، انتشرت معلومات تفيد بعدم وصول شحنات من المشتقات النفطية منذ ستة أشهر، وأن كل ما يجري تسويقه من البنزين للمواطنين هو من المخزون الاحتياطي والإنتاج المحلي، يفسره ارتفاع تكلفة فاتورة الاستيراد لتصل إلى حوالي تسعة ملايين دولار يومياً، وفق تصريحات وزير النفط علي غانم.

إيران وروسيا
ورداً على التساؤلات كافة، أعلنت دمشق وطهران أن السفن البحرية ممنوعة من دخول قناة سويس المصرية، بسبب العقوبات الأميركية على السفن الإيرانية المحملة بالمشتقات النفطية، وهذا ما سبب ارتفاعاً بأسعار النفط العالمي.
وتمخضت العقوبات التي شملت إيران وفنزويلا على السواء، عن ارتفاع بأسعار النفط العالمي، وتقفز فوق معدلاتها 3.3 في المئة أي 74.31 دولار للبرميل الواحد، بحسب وكالة رويترز.
روسياً جاء الرد عبر قنوات رسمية أعلنت استعدادها لإرسال شُحنات نفطية عن طريق البحر، لكن لم يُطلب منها ذلك، في حين عزت مصادر روسية اقتصادية مطّلعة عدم طلب دمشق المعونة، لارتفاع نفقات تكاليف الارساليات النفطية، إذ تتضاعف التكلفة 20 ضعفاً عن طريق البر أو البحر، في وقت أبدت جمهورية القرم استعدادها لإرسال المشتقات النفطية لسوريا.



أين نفطنا؟
تردد في المدة الأخيرة سؤال "أين النفط السوري…وهل يعقل أن يعيش السوريون أزمات خانقة انعكست على اقتصادهم سلباً، بدلاً من أن يتحول غنى البلاد ووفرتها بالمشتقات النفطية مصدراً مميزاً لتحسين الاقتصاد حتى ينعكس على مستوى المعيشة إيجاباً"؟ وتختنق إجابات السوريين المقتضبة والمعبرة في الحين ذاته مفصحة عن واقع نفطي منهوب، ويرى خبراء مطلعون أن الحروب الدائرة وإحكام القبضة على منابع النفط في الشمال والشمال الشرقي، سبب مباشر لهذه الأزمة.
بدأت أنظار العالم تتجه إلى النفط السوري في العام 2003 حين اكتُشف مخزون من الغاز والنفط شرق المتوسط، يمتد من محافظة اللاذقية غرب سوريا الى شواطئ مصر، لتحتل سوريا المرتبة 31 في احتياطي النفط.

الجزيرة تحت المجهر
وحملت زيارةُ مسؤولين روس رفيعي المستوى، أبرزهم نائب رئيس الوزراء الروسي إلى دمشق، مقترحات لإعادة الآبار النفطية في الشمال والشمال الشرقي إلى حضن الدولة.
ويرى البعض في المقترحات الروسية عن احتواء عمليات تفاوض مع الأكراد لتسليم الآبار للحكومة، احتمال ادراج عملية عسكرية إيرانية روسية سورية مشتركة وشيكة، في حال فشل المفاوضات لاسترداد الآبار الواقعة تحت قبضة قوات وأحزاب كردية مدعومة أميركياً.
ويُمسك الأكراد السوريون بمنابع نفط الجزيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017 إثر سقوط مدينة الرقة شمال سوريا، أبرز معاقل داعش. وكان التنظيم المتطرف يرسل آنذاك آلاف البراميل يومياً من الآبار النفطية التي تقدر بما يقارب عشر آبار عبر الحدود الشمالية السورية إلى تركيا، تهريباً وبأسعار زهيدة، في الوقت الذي تهاوت الآبار النفطية أمام تقدم قوات الجيش السوري المدعومة روسيا في البادية السورية في حمص، وسط سوريا في أوغسطس (آب) في العام 2017.
وتزود قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مناطق سيطرة السلطة السورية، نسبة من المشتقات النفطية، تراوح كميتها ونسبتها، عن طريق وكلاء مقربين من السلطة، أو حتى عن طريق التهريب عبر أنابيب عائمة شرق الفرات.

الساحل والبادية
يشكل الاحتياطي السوري من الغاز والبترول في البادية والساحل 83 في المئة، في حين تحوي الجزيرة السورية 12 في المئة، خلافاً لما يروج عن الغنى الكبير للنفط في الجزيرة، وفق مركز "فيريل" للدراسات في برلين. وهذا ما يفسر دخول موسكو وتركيزها في حربها منذ العام 2015 في المدن الرئيسية، حلب شمالاً والوسط السوري، متناسية الاتجاه لتحرير أرض البترول السوري، وهي الآبار في الرقة ودير الزور شرقاً، بينما أفسحت في المجال للولايات المتحدة لبسط نفوذها هناك، في أوج عمليات روسيا الاتحادية ضد فصائل المعارضة المسلحة.



الحضور على الساحل
ومع تمركز روسيا على طول الساحل السوري، أنشأت موسكو قواعد عسكرية وكسبت امتيازات التنقيب على النفط مع الحضور الواسع لها شرق البحر المتوسط، مستفيدة من فتح ممر عابر كصلة وصل بين المتوسط والبحر الأسود.
وقطفت شركة "سوز نفتا" الروسية، الثمار بحصولها على عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في البلوك البحري الرقم 2، مع مباشرتها العمل من دون الالتفات إلى حقول الجزيرة والبادية السورية، التي من المرجح أن ينبض نفطها في العام 2022 على خلاف الآبار في البادية والساحل، التي يُقدر مركز "فيريل" للدراسات أن يبقى حتى العام 2051.

استكشافات نفطية
تتموضع حقول النفط في مناطق الساحل والبادية والجزيرة، حيث عاد جزء من المنشآت النفطية في المنطقة الوسطى للحكومة، ومع ذلك لا يكفي الانتاج المحلي، إذ يصل معدلات الانتاج من النفط حالياً إلى 24 ألف برميل في اليوم، والغاز إلى 17 مليوناً في اليوم، أما الغاز المنزلي فيصل معدل إنتاجه إلى 250 طناً، تضاف إلى ذلك 250 طناً في اليوم من المصافي النفطية، بناء على تصريحات وزير النفط السوري، على هامش مؤتمر عقد في دمشق للجيولوجيين. 
وتحشد العاصمة كل امكاناتها لدفع عمليات الاستكشاف النفطي بكل قوتها، وأعلن وزير النفط بدء أعمال الحفر في حقول منطقة شمال دمشق، وبدء الإنتاج منها للمرة الأولى قبل عام، في العاشر من أبريل (نيسان) ٢٠١٨.

شركات التنقيب
ويعود تاريخ الاستكشافات النفطية للعام 1974 بعد تنفيذ مسح حوالي 800 كم طولي، بمساهمة شركة "تربكو" الأميركية، مقابل الشواطئ السورية. وتوالت المسوحات وفق معلومات وزارة النفط السورية حتى العام 2011 حين أُعلن ثلاثة قطاعات بحرية بمساحات وشروط جديدة، وشراء دفاتر الشروط من قبل 12 شركة عالمية، لم يرد أي عرض منها بعد نشوب الحرب على الأرض السورية. في وقت تحتدم المفاوضات الخفية وعرابها موسكو، لسان حالها، "حان الوقت أن تعود آبار النفط إلى السلطة بعدما انتهت قبل عامين من حربها، وخرجت منتصرةً في مدينة حلب، والوسط السوري مع أجزاء من البادية السورية، وعيونها على مكامن النفط فيها لتكمل السيطرة على منابع النفط كافة في معركة عض الأصابع بين موسكو ودمشق مع الأكراد في الشرق والأميركيين من جهة مقابلة.

المزيد من العالم العربي