تتجه الحكومة الجزائرية إلى تنظيم المجتمع المدني استعداداً للمرحلة المقبلة. وعلى الرغم من أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون شدد خلال حملته الانتخابية الرئاسية وما بعدها على ضرورة تنشيط المجتمع المدني لأهميته ودوره في تحريك عجلة التنمية، غير أن توقيت الكشف عن مبادرة "نداء الوطن" أثار جدلاً.
تكتل مدني
وأعلنت منظمات وجمعيات ونقابات عن ميلاد التكتل تحت إشراف مستشار تبون، المكلف بالمجتمع المدني والجالية في الخارج، نزيه برمضان، الذي قال خلال كلمة الافتتاح إن الرئيس "يثمن مثل هذه المبادرات التي تخدم مصلحة المجتمع المدني والشباب"، في حين أوضح أصحاب المبادرة أن الخطوة جاءت بفضل إسهامات ومقترحات عملية في مواجهة التحديات الراهنة لتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، وتأكيد التلاحم بين الشعب ومؤسسات الدولة، والوقوف في وجه المؤامرات المتوالية التي تستهدف المساس باستقرار البلاد.
وأشار المؤسسون إلى أن هذا التكتل سيبقى مفتوحاً أمام باقي مكونات المجتمع المدني الفاعلة والنخب الفكرية التي تتقاسم معه أرضية تأسيس العمل، على أن يتم عقد لقاء شامل قريباً لجميع المكونات المؤسسة والمنخرطة.
ولم يمر الإعلان عن المبادرة من دون ضجيج، حيث تشهد مواقع التواصل الاجتماعي "معركة" أعادت إلى الأذهان "صراع" دعاة الولاية الخامسة للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة مع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، ما تطلب تدخل برمضان، بالقول إن "هناك من شبه هذه المبادرة بأخرى سابقة، لكن الفرق شاسع، فتلك كانت لأجل أشخاص ولجان مساندة، ولكن اليوم هي نداء وطن، ومن بادروا إليها هم أشخاص لهم صدقية على المستوى الوطني"، مضيفاً أن "هناك من يعملون على تهديم كل شيء، ويهاجمون كل مبادرة".
نحو تشكيل قطب مساند
ويرى الناشط السياسي عبدالله بوخاري أن المبادرة تطرح عدداً من التساؤلات، بخاصة أن الإعلان عنها جاء تحت أنظار الرئاسة، مما يعني أنها ليست عفوية.
ويشير إلى أن السلطة تتجه نحو تشكيل قطب مساند لتوجهاتها وسياستها، مثلما حصل في وقت سابق وبشكل خاص خلال حكم بوتفليقة، مما يعني استمرار الممارسات نفسها، قائلاً إن اشتداد ضغط الحراك دفع السلطة إلى الاستنجاد بتكتل مواز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف بوخاري أن لجوء السلطة إلى هذه الخطوة يكشف عن نيات لتشكيل ائتلاف رئاسي سياسي وآخر اقتصادي ليكتمل المشهد العام الموعود، مشيراً إلى أنه يرتقب أن تخرج مسيرات مساندة للحكومة وتوجهاتها لكسر الحراك الشعبي، الذي يبدو أنه حاد عن مساره الأصلي.
وبالنظر إلى الظروف التي تعيشها البلاد، فإن ظهور المبادرة يمكن إدراجه في سياق التحضير للانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة، التي يراهن عليها تبون من أجل تحقيق مؤسسات قوية ذات صدقية.
كما يمكن اعتبار الخطوة مدخلاً لخريطة سياسية جديدة تريد الرئاسة رسمها، في ظل طبقة سياسية أضعفها الحراك وفضح توجهاتها "الضيقة".
الحماية والبناء
من جانبه، أوضح أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر حبيب بريك الله أن مثل هذه المبادرات هي قناعات شخصية الهدف منها، كما يشير أصحابها، حماية البلاد من مختلف التهديدات الخارجية والداخلية ودفع عجلة بنائها، من خلال دعم جهود الرئيس في تفعيل المؤسسات وتحقيق التنمية.
ويقول بريك الله إنه من الضروري أن تبتعد المبادرة عن الممارسات الغريبة، كتمجيد الأشخاص، التي كانت تقوم بها مختلف الأحزاب والجمعيات والتكتلات في النظام السابق.
ويؤكد بريك الله أن هذه المبادرات ستخلق نوعاً من الخلاف الخفي بينها وبين ما تبقى من الحراكيين، لأنها ستفكر ربما في مسيرات تدعو إلى مساندة الرئيس والسلطة الحالية.