Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أثر قنابل ميغان وهاري ضد العائلة الملكية البريطانية سيستمر عقودا

دوقة ساسكس تفتح خزانة أسرار مريرة لكن رواياتها قد ترتد عليها

على مدى ساعتين، وفي أفضل أوقات المشاهدة الأسبوعية، تابع ملايين الأميركيين على شبكة تلفزيون "سي بي إس" بشغف بالغ القنابل المتتالية التي ألقتها ميغان ماركل وزوجها الأمير هاري على العائلة المالكة البريطانية في واحدة من أكثر مقابلات أوبرا وينفري النجمة التلفزيونية الأشهر إثارة للجدل، ليس فقط لأن هذا اللقاء سيدمر إلى الأبد أي فرصة للتصالح بين هاري والعائلة الملكية، ولكن أيضاً لأنه يثير أسئلة ملحة حول ما ينتظر النظام الملكي البريطاني في السنوات المقبلة، فما الذي ستفتحه الحرب الكلامية مع قصر وندسور، ومع صحافة التابلويد؟ ولماذا كانت الأميرة الراحلة ديانا هي الحاضرة الغائبة؟ وكيف سيكون تأثير هذه الاتهامات على صورة العائلة المالكة البريطانية ومستقبلها؟

انتهى التشويق الذي انتظره الملايين في لقاء ميغان ماركل، دوقة ساسكس، وزوجها الأمير هاري، العضوين غير العاملين في العائلة المالكة البريطانية، فقد تكشفت معظم الأسرار والإحباطات والشكاوى التي كان الزوجان يحتفظان بها ضد المؤسسة الملكية الأشهر في العالم، والتي استقالا منها العام الماضي، لكن المقابلة التلفزيونية الساخنة لم تذكر فقط بمقابلة الأميرة ديانا التلفزيونية الشهيرة عام 1995 التي كشفت فيها عن الكثير من أسرار العائلة المالكة، بل تجاوزتها بكثير، بدءاً من اتهام العائلة الملكية علانية بأنها عنصرية، مروراً بأن القصر هو الذي قرر عدم جعل ابنهما آرتشي أميراً، وانتهاءً بدفع ميغان إلى التفكير في الانتحار أثناء الحمل وحرمانها من المساعدة التي توسلت إليها.

البطل الضحية

بخلاف بعض المفاجآت السعيدة، مثل انتظار الزوجين مولودة أنثى في الصيف المقبل، أو المفاجآت الغريبة، مثل الكشف عن زواجهما سراً في الفناء الخلفي لمنزلهما قبل ثلاثة أيام من بث التلفزيون حفل الزفاف في كل أنحاء العالم، اعتبرت بعض الصحف الأميركية في تعقيبها على اللقاء أن ماركل حاولت الظهور بمظهر الضحية طوال الوقت، فلكي تكون بطل قصة أسطورية مشحونة بالعواطف، يجب أن تظلم أولاً، وهذه المقابلة بما احتوت عليه من مظالم عديدة تمثل أحدث ضربة في معركة إعلامية لتشكيل بطل الرواية في أحدث دراما حول قصر وندسور.

ولم يكن من المثير للدهشة أن تتصدر ميغان ماركل المشهد في المقابلة، فمن وجهة نظر الأخبار والتلفزيون الأميركي هي الشخصية الأساسية في تقع في قلب الجدل الآن، وهي الدخيل الأميركي بين أفراد العائلة المالكة البريطانية، كما أن الأمر يتعلق ببنية القصة ضمن دراما عامة جرى تأطير مركل فيها في دور البطل.

 

استحضار الأميرة ديانا

واستكمالاً لدور البطل الضحية، كان من الملاحظ استحضار الأميرة ديانا والدة هاري في أكثر من مناسبة، وفي إشارات ورموز عديدة، فقد ارتدت ماركل سوار كارتييه من الماس، كان للأميرة الراحلة ديانا حتى تكون معهم بروحها، وفقاً لما ذكرته مجلة "بيبول"، كما شاركت ميغان قصة مطالبة العائلة المالكة لها البقاء في المنزل قبل زواجها من هاري، عندما قالت إنها غادرت المنزل مرتين فقط خلال الأشهر الأربعة السابقة لزواجها، وهي قصة استحضرت فيها معاملة القصر للأميرة ديانا بعد خطبتها.

وأجرت أوبرا وينفري خلال اللقاء مقارنة مع الموسم الأخير من مسلسل "كراون" أو "التاج" على شبكة "نتفليكس" الذي يعرض قصة الأميرة ديانا، كشخصية بسيطة تزوجت من العائلة المالكة، وشعرت بأنها محاصرة وظلت موضع شك من العائلة بسبب شهرتها حول العالم.

والشهر الماضي فقط، أعلن الأمير هاري وزوجته أنهما يتوقعان طفلهما الثاني، في ذكرى إعلان الأميرة ديانا أنها حامل بطفلها الثاني هاري.

لون بشرة آرتشي

كانت العائلة المالكة البريطانية تترقب بقدر من القلق ما ستقوله ميغان عن قضايا العرق، وهو ما حدث بالفعل، فقد مثلت إشارتها حول محادثات أجراها أحد أفراد العائلة مع هاري حول مدى سواد لون بشرة طفلها قبل أن يولد إحدى أقوى القنابل وأكثرها ضرراً.

وعلى الرغم من امتناعها عن تحديد اسم من قال ذلك لاعتقادها أن الكشف عن الشخص سيكون مدمراً، فإن أحد الأسباب التي ستجعل هذه المقابلة ضارة للغاية هو أن زواج الأمير هاري من امرأة ثنائية العرق كان يعني حقاً شيئاً مهماً للبريطانيين السود وذوي الأعراق المختلطة، حسب ما قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، ما يمكن أن يفتح جدلاً واسعاً في بريطانيا عن أمر شائك لم يكن مطروحاً بهذه القوة في محيط العائلة المالكة.

خطر الصحافة الشعبية

ولعل إحدى القنابل المثيرة للاهتمام ما كشفت عنه ميغان حول الشائعات التي أطلقتها الصحافة الشعبية في بريطانيا من أنها جعلت كيت ميدلتون زوجة الأمير ويليام شقيق هاري، تبكي خلال استعدادات حفل زفافها، مؤكدة أن العكس هو الذي حصل، وأن كيت هي التي جعلتها تبكي، وأن هذه القصة غير الحقيقية كانت على ما يبدو محورية في تدهور علاقة ميغان وهاري مع بقية العائلة، لأنها كانت نقطة تحول، ما يوضح مدى قوة وتأثير وسائل الإعلام بما يشكل طبيعة المناخ داخل القصور الملكية.

وما تحاول ميغان أن تخبر به الجميع، أنه يمكن للقصور أن تقضي على التغطية السلبية لها في الصحافة البريطانية، لكنها لم تفعل، وهو ما اتسق مع حديث الأمير هاري في النصف الثاني من اللقاء التلفزيوني عندما وصفه بالعقد غير المرئي بين العائلة المالكة والصحف الشعبية الذي يسيطر فيه الخوف على العائلة الملكية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن الانقسام بين أفراد العائلة المالكة غالباً ما ينظر إليه على أنه صراع بين الشخصيات أو اختلال وظيفي بين أفراد العائلة، فإنه بدأ كمعضلة حديثة في المؤسسة الملكية وهو كيف تتعامل مع الصحافة في وقت تتسم فيه العلاقة بين العائلة المالكة وصحف التابلويد بأنها "عناق يهدد دائماً بالتحول إلى اعتداء"، حسب وصف الصحافي ستيغ أبيل.

ولا يخفى أن الأمير هاري يكره الصحف البريطانية، التي يلومها على وفاة والدته، كما اكتسبت كراهيته حدة جديدة بعد أن التقى ميغان ماركل، وبخاصة عندما نشرت صحيفة الـ"دايلي ميل" موضوعاً بعنوان "فتاة هاري تخرج مباشرة من كومبتون"، حيث كشفت عن منزل والدتها المتواضع.

ميغان وكيت

أما ميغان ماركل فقد اشتكت في حوارها مع أوبرا وينفري من مدى فظاعة الصحف الشعبية بالنسبة لها عندما كانت تواعد هاري، وبعد حفل زفافهما، ظهرت قصص حول كيف تحولت ميغان إلى عروس أميركية، ما صدم المساعدين الملكيين بمطالبها غير المألوفة، مثل مطالبتها باستخدام معطر جو للتخفيف من رائحة كنيسة سانت جورج، التي تزوجا فيها، ويعود تاريخها إلى القرن الـ15 بسبب رائحتها العفنة.

غير أن الصحف الأميركية اعتبرت ذلك نوعاً من المبالغة على اعتبار أن الصحف كانت مروعة بالقدر نفسه بالنسبة لكيت ميدلتون قبل زواجها بالأمير ويليام، إذ سخرت من والدة كيت التي كانت تعمل في السابق كمضيفة طيران، كما تهكمت من كيت نفسها لأنها كانت تتجول مع الأمير ويليام طوال تلك السنوات من دون خطوبتها.

ويشير المدافعون عن الملكية إلى أن كيت ميدلتون قاومت الإساءة من الصحف بخصوص الطبقة الاجتماعية، وليس العرق، كما تدعي ميغان، وتتساءل لماذا لا تستطيع ميغان فعل الشيء نفسه؟

سيطرة العائلة

قنابل ميغان ماركل لم تتوقف، فقد اشتكت من السيطرة التي تمارسها العائلة المالكة على صورتها الإعلامية، مؤكدة أنه تم إسكاتها، كما كشفت وبشكل عاطفي ومثير، عن أن الاقتراب من الأمير هاري والعائلة المالكة وتعرضها للتنمر من الصحافة ومنعها من مغادرة المنزل ولد لديها أفكاراً انتحارية مستمرة أثناء حملها، وحينما سألت أحد كبار الشخصيات الملكية عن إمكانية رعايتها وعلاجها في القصر، قيل لها إن ذلك لن يكون ممكناً لأنه سيلحق الضرر بالمؤسسة الملكية.

لكن آخرين يرون الأمر من زاوية مختلفة تجعل تحدث أحد أفراد العائلة الأكثر شهرة في العالم بصراحة، نوعاً هائلاً من القوة الناعمة التي يبدي القصر قلقاً كبيراً في شأنها لأسباب وجيهة.

قنبلة هاري الوحيدة

كان لدى الأمير هاري قنبلة واحدة على الأقل، وهي أنه بينما كان يتحدث مع ميغان عن الشروط التي سيتركان بموجبها مكانتهما الملكية العليا، توقف والده الأمير تشارلز عن الرد على مكالماته، ما يشير إلى أن القصص التي نشرت في الصحف البريطانية يمكن أن يكون لها تأثير مباشر ومدمر على أقرب العلاقات العائلية.

كما لمح هاري إلى أن أفراد عائلته المباشرين، الذين رحبوا في البداية بميغان، أزعجوها بعد ذلك حينما شاهدوا شعبيتها خلال جولة مشتركة لهما في جنوب المحيط الهادي، ووصف هاري والده الأمير تشارلز، وشقيقه الأمير ويليام، بأنهما محاصران في أدوارهما، وأنه يشعر بالأسف تجاههما، الأمر الذي سيزعج ساكني قصر وندسور ويزيد الفجوة داخل العائلة بما يصعب من جسرها.

ميغان وسيمبسون

لم تكن توقعات النزاع العائلي الملكي بعيداً عن التصورات، فقبل ثلاث سنوات، وبينما كانت بريطانيا تستعد للاحتفال بزفاف الأمير هاري على ميغان ماركل، أجرى مقدم البرامج التلفزيوني بيرس مورغان مقارنة لا يمكن وصفها إلا بأنها كانت تنذر بالخطر، وقال إنه إذا أنجبت ميغان طفلين وقررت إعادتهما إلى كاليفورنيا، فسوف تذكر البريطانيين بواليس سيمبسون التي دفعت الملك إدوارد الثامن إلى التنازل عن العرش البريطاني، ولا تزال واليس سيمبسون التي توفيت عام 1986، من أكثر الشخصيات المكروهة في بريطانيا، وينظر إليها على نطاق واسع على أنها جشعة ومتلاعبة.

تحديات مقبلة

وبينما يقول هاري إنه لم يكن ليتمكن من الابتعاد عن العائلة المالكة من دون ميغان التي وفرت له مخرجاً، بدا الأمر كما لو أن ميغان دخلت حياة هاري في لحظة كان يحاول فيها إيجاد طريقة للخروج من العائلة المالكة، لكن ما يثير فضول الكثيرين هو كيف يمكن أن تغير هذه المقابلة السياق بالنسبة لميغان وهاري، بعدما كانت مقابلة ديانا 1995 مؤسفة تماماً ومصدراً للعديد من التحديات المقبلة.

وحتى قبل أن ينفصل الأمير هاري عن العائلة المالكة، كانت هناك أسئلة ملحة حول ما ينتظر النظام الملكي البريطاني في السنوات المقبلة، ففي حين كانت الملكة إليزابيث الثانية على مدى 68 عاماً، هي الأصل الأكثر قيمة للمؤسسة الملكية البريطانية، وتمكنت من الحفاظ على التقاليد المحافظة، والحياد السياسي، ما أسهم في نمو وازدهار شعبيتها على الرغم من عصر الاضطرابات الاجتماعية وتراجع قوة بريطانيا في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنها عندما تموت، سيكون الشعور بالخسارة عميقاً، وستظهر الأسئلة المتعلقة بعلاقة النظام الملكي بجيل الشباب من جديد.

فبينما يتحدث الأمير هاري بدفء واضح عن جدته الملكة إليزابيث، يطفو الألم على السطح فور سؤاله عن والده ملك المستقبل الأمير تشارلز، والذي تضررت بشدة صورته العامة بسبب الانفصال عن ديانا، وهو ما عمل كثيراً لإعادة بنائها، فإن حديث هاري وميغان سيجدد الذكريات القديمة ويلحق الضرر بالأمير تشارلز.

وقد كان من أكثر الأمور المحيرة خلال العامين الماضيين هو عدم قول الأمير تشارلز أي شيء دفاعاً عن ميغان وهاري، وعندما بدا أن الزوجين يكافحان ظل صامتاً، والآن تظهر هذه المقابلة أن العلاقة ستزداد سوءاً.

مستقبل غامض

وفي وقت تمحور فيه اللقاء التلفزيوني لماركل وهاري على قصة اثنين من المطلعين على الشؤون الملكية الداخلية وهربا من إحدى أكثر المؤسسات غموضاً وسيطرة في العالم، فإنه من المحتمل أن يكون الفصل التالي من هذه القصة للعائلة المالكة مختلفاً تماماً، حيث من المنتظر أن يتردد صدى ما كشف عنه في الصحف البريطانية لأيام وأسابيع وعقود مقبلة، ومن الصعب تخيل أن القصر سيظل صامتاً.

وإذا كان الفستان الأسود المتميز بزهرة اللوتس البيضاء الذي ارتدته ماركل من تصميم جورجيو أرماني، يرمز إلى الإزهار والانبعاث والولادة الجديدة، فإن تداعيات ما سيتلو هذا الحديث المشحون قد ترتد على ميغان ماركل في قادم الأيام.

المزيد من تحلیل