Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين: قوة اقتصادية عظمى يحدها النفوذ السياسي

عدد الأثرياء في بكين يفوق نظيره بالولايات المتحدة رغم كورونا

خير مثال على نقاط ضعف الصين الاستراتيجية ما حصل مع شركة "هواوي" (رويترز)

في وقت يغرق العالم في كساد اقتصادي أوقدته جائحة كورونا والإغلاقات المتكررة للقطاعات الاقتصادية وإقفال المدن، وفي وقت ترتفع البطالة ويتراجع الدخل فيزداد الفقر، تبدو الصين مهد كورونا، وكأن الجائحة مرت من هناك من دون عودة.

فالنشاط الاقتصادي الصيني تفوق عالمياً ليعود للنمو بمستوى 2.3 في المئة خلال عام 2020، بينما سجلت الولايات المتحدة تراجعاً في النمو بلغ 3.7 في المئة، وتراجع اقتصاد ألمانيا بواقع 5 في المئة، واقتصاد بريطانيا بواقع 11 في المئة.

المليارديرات

لا بل أكثر من ذلك، ازداد عدد المليارديرات في الصين التي أضافت 259 مليارديراً إلى نادي الأثرياء الذين تفوق ثروتهم مليار دولار خلال عام 2020 ليكسر هذا العدد حاجز الألف، ويسجل 1058 مليارديراً، كما أضافت الولايات المتحدة مثلاً 70 مليارديراً فقط العام الماضي، ليصل عدد الأثرياء الذين تفوق ثرواتهم مليار دولار في الولايات المتحدة 969.

وتشير "ديلي ميل" إلى أن الثروات تحققت بفضل عمليات الإدراج لشركات جديدة وارتفاع أسواق الأسهم في الصين ما عوّض الضرر الناجم عن كورونا.

50 مليار دولار

وعالمياً، أضاف ثلاثة أفراد أكثر من 50 مليار دولار في عام واحد وهم: إيلون ماسك صاحب ومؤسس شركة "تيسلا"، وجيف بيزوس مؤسس شركة "أمازون"، وكولين هوانغ صاحب شركة "بينديوديون"، شركة التجارة الإلكترونية الأسرع نمواً في الصين.

وتبين المتابعات أن آسيا، وللمرة الأولى، أصبحت تضم أعداداً لأصحاب المليارات تفوق أعداد المليارديرات في العالم، كما يتوقع الاقتصاديون أن تتفوق الصين على أميركا لتصبح أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2028.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صعود الصين اقتصادياً يصطدم بضعف النفوذ السياسي

تشهد الصين نمواً كبيراً مقارنة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وإنما ليس بفضل جهودها بحسب ناصر الزهير الباحث في مركز جنيف للدراسات السياسية والاستراتيجية، فالصين دأبت على انتهاك القوانين الاقتصادية العالمية وسرقة حقوق الملكية الفكرية والاستئثار بالأسواق الاقتصادية، كما ممارسة سياسة إغراق الدول بالديون، وكلها ممارسات تنبهت إليها الولايات المتحدة، فالمنافسة الآتية من الصين كما التفوق الصيني غير قائمين على أسس اقتصادية سليمة، وبحسب الزهير، كل المؤشرات والتصريحات تدل على أن إدارة الرئيس جو بايدن ستسير بنهج الرئيس السابق دونالد ترمب نفسه في ما يخص الحرب التجارية مع الصين.

شركة "هواوي"

وتدل تصريحات وزير خارجيته أنتوني بلينكن على أن الولايات المتحدة ستحاول أن تفرمل الصين بقدر المستطاع بعد أن نجح ترمب في تعديل الميزان التجاري، ويتابع الزهير أن من المستبعد أن تتخطى الصين الولايات المتحدة كأقوى دولة اقتصادية عالمياً، فالصين، وعلى الرغم من نموها السريع اقتصادياً، فإنها تحتاج لنفوذ سياسي لا تملكه، وخير مثال على نقاط ضعف الصين الاستراتيجية ما حصل مع شركة "هواوي"، فشركة التكنولوجيا الصينية استطاعت، بحسب الزهير، أن تنافس في وقت قصير شركات عالمية كـ"أبل" و"سامسونغ"، ولكن بقرار واحد من الإدارة الأميركية، ضُربت أسهم "هواوي" فخسرت أكثر من 20 في المئة عندما حُظر تعامل الشركات الأميركية مع أجهزة الشركة.

كما استطاعت الولايات المتحدة بالتنسيق مع دول عالمية كبرى إيقاف "هواوي" من المشاركة في بناء شبكة الجيل الخامس مع هذه الدول التي فضت عقودها مع الشركة الصينية.

النفوذ الاقتصادي

قوة النفوذ الاقتصادي، يتابع ناصر الزهير الباحث في مركز جنيف للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحتاج لنفوذ سياسي، وهذا النفوذ لا يزال غير موجود لدى الصين، وبالتالي لا يزال بإمكان الولايات المتحدة بالتعاون مع الدول الغربية تحجيم الصين اقتصادياً في هذه المرحلة، فالدول الأوروبية تشارك الولايات المتحدة في حذرها من الممارسات الصينية المشبوهة والتمدد المقلق، والاتحاد الأوروبي يتهم أيضاً الصين بممارسة سياسات اقتصادية غير عادلة.

ولعل الأزمة الأخيرة خير دليل، إذ اتهم الاتحاد الأوروبي الصين باستغلال أزمة كورونا لشراء الشركات المتعثرة والمفلسة بسبب الجائحة، ما استدعى قانوناً أوروبياً سريعاً حد من عمليات الاستحواذ من المستثمرين الصينيين بنسبة لا تتعدى 25 في المئة من رأسمال أي شركة أوروبية.

الحرب التجارية

وبحسب الزهير، فبوادر الحرب التجارية الأوروبية الصينية لن تتأخر وستبرز بعد هدوء فترة كورونا، فالمعركة مؤجلة بسبب التأثيرات الاقتصادية الكبيرة لجائحة كورونا، ولكن خلال خمس سنوات يتوقع الزهير بدء نزاع ثلاثي "أوروبي أميركي صيني" سيكون له أثر كبير في تغيير خريطة الاقتصاد العالمي، خصوصاً في وجه ما يعرف بطريق الحرير أو الحزام الصيني الذي يعتبر منافساً للأوروبيين والأميركيين، لا سيما بعد أن استطاعت الصين اختراق الدول الأوروبية عندما وقعت اتفاقاً تجارياً مع إيطاليا بشكل منفصل عن المفوضية الأوروبية.

ولعل أبرز المخاوف الأوروبية الأميركية تتمثل في كون الصين تغرق الدول بالديون للسيطرة عليها اقتصادياً، أولاً، ثم سياسياً، بحسب الزهير، خصوصاً في ما يتعلق بطريق الحرير الذي سيربط كثيراً من الدول ببعضها البعض عبر مشاريع بنية تحتية ضخمة تخلق طرقاً للتجارة العالمية.

الصين قوية جداً حتى تغيير الاستراتيجيات

ويرى الزهير أن الصين ستقود النمو الاقتصادي العالمي خلال السنتين المقبلتين، فهي الدولة الوحيدة التي لم تتأثر بشكل كبير بجائحة كورونا، وتملك قوة تصنيعية كبرى، وتشكل اليوم مصنع العالم.

فالمصانع ستعمل بأضعاف طاقتها بعد إعادة فتح الاقتصادات العالمية ما سيعطي الصين مزيداً من الدفع الاقتصادي على حساب الدول الأخرى، وإنما لن تتأخر المتاعب الاقتصادية بالظهور، فالعالم لا سيما القوى الكبرى منه كالولايات المتحدة وأوروبا، تعمل على تغيير استراتيجياتها، فهناك شركات ستخرج من الصين، وحكومات ستُجبر الشركات على الخروج منها، كما ستواجه بكين، بحسب توقعات مركز جنيف، متاعب في ما يخص الرسوم الجمركية، وستواجه ضغوطاً لتعديل سياستها التي قادتها إلى الغنى الفاحش الذي تترجم بارتفاع قياسي لأعداد المليارديرات، بخاصة سرقة حقوق الملكية الفكرية والالتزام بقوانين التجارة الدولية لمعالجة خلل الميزان التجاري مع الدول الأخرى الذي استمر سنوات طويلة وأتى على حساب الدول المتقدمة والمتطورة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد