Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يريد احترام "حياده التام" في الصراع بين الولايات المتحدة وطهران

بغداد قلقلة من تلويح بإجراءات أميركية ضد مسؤوليها إذا خرقوا العقوبات على إيران

زعيم تحالف الإصلاح عمار الحكيم مستقبلاً القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود (المكتب الإعلامي للحكيم)

تحاول واشنطن فهم الموقف السياسي الدقيق للعراق من التصعيد الأميركي المستمر ضد طهران، الذي بلغ ذروته في الإعلان عن وقف نظام الإعفاءات من العقوبات الأميركية على النفط الإيراني.

في المقابل، تخشى بغداد أن تكون الولايات المتحدة الأميركية جادة في تلويحها باتخاذ إجراءات ضد العراق في حال لم يلتزم العقوبات على إيران.

واشنطن تلوح بإجراءات ضد العراق ولم يستبعد القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، جوي هود، أن تتجه بلاده نحو "إجراءات دبلوماسية" ضد العراق في حال لم يلتزم العقوبات المفروضة على إيران.

ويعتقد هود أن "إيران تضغط على العراق لخرق العقوبات الأميركية". ويقر بأن بلاده "تراقب عن كثب" وتتخذ "إجراءات عاجلة" لضمان "توقف أي تحويلات إيرانية إلى شركات وأفراد، خصوصاً من المرتبطين بجهات إيرانية كالحرس الثوري".

وهذه الإشارة الأميركية الأولى إلى أن واشنطن تراقب حركة أموال تتصل بأشخاص عراقيين مرتبطين بإيران.

ويقول هود إن دور الولايات المتحدة في العراق، يتمثل في "تقوية حكومته لاستكمال هزيمة داعش، وبسط سلطتها في مواجهة التدخلات الإيرانية".

يضيف أن "الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان محقاً بضرورة مراقبة الدور الإيراني السلبي في المنطقة"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة لا تراقب إيران من قواعدها في العراق".

يتابع الدبلوماسي الأميركي، "نتطلع إلى زيارة رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي إلى واشنطن، ولدينا كثير من الملفات موضع البحث"، مشيراً إلى أن "عبد المهدي يريد عراقاً قوياً اقتصادياً يمكنه الانفتاح على الجوار في مجالات عدة بينها استيراد الطاقة".

ويقول "نريد أن يكون العراق مستقلاً في مجال الطاقة. أعطينا الحكومة استثناءات قصيرة الأمد بخصوص استيراد الطاقة من إيران، ونريد أن ينتج العراق الطاقة والغاز من دون الاستعانة بأحد، ولديه وزراء أكفاء للقيام بهذا المهمة".

الطاقة هي المفتاح

يشكل ملف الطاقة مفتاحاً للمقاربة الأميركية بشأن تموضع العراق في الصراع بين واشنطن وطهران. ويستورد العراق نحو ثلث احتياجاته من الكهرباء من إيران، على شكل تيار كهربائي مباشر، أو غاز يشغل به محطاته الغازية.

ونفى المتحدث باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس، "وجود بديل من الغاز الإيراني لتوليد الطاقة الكهربائية"، مشيراً إلى أن ما يستورده العراق "من الغاز من إيران يبلغ 28 مليون متر مكعب، وستزداد صيفاً إلى 35 مليون متر مكعب".

يضيف أن "الحقول الغازية العراقية في ديالى والأنبار بحاجة إلى إعادة تأهيل. وهذا الأمر يتطلب نحو 4 سنوات من العمل".

وفي حال وجد العراق بديلاً من الكهرباء أو الغاز الإيرانيين، فإن احتمال التزامه تطبيق العقوبات الأميركية سيكون أكبر.

العراق قلق من التهديد الأميركي

لم يمض كثير من الوقت على التهديد الأميركي للعراق في حال لم يلتزم العقوبات على إيران، حتى تحركت الأجواء السياسية في بغداد لاحتواء التصعيد.

وفي هذا السياق، استقبل رئيس تحالف الإصلاح، السيد عمار الحكيم، التجمع الأكبر في البرلمان العراقي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود، لمناقشة "تطورات الشأن السياسي في العراق والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة".

وبدا واضحاً خلال اللقاء، أن الحكيم يحاول إقناع المسؤول الأميركي بأن العراق ليس جزءاً من صراع المحاور في المنطقة.

شدد الحكيم، وفق بيان رسمي، خلال لقائه هود، "على ابتعاد العراق عن المحاور الدولية"، مؤكداً أن "مصلحته الوطنية العليا ومصلحة أبناء شعبه هما البوصلة في علاقاته مع الجميع".

لكن الحكيم قال للمسؤول الأميركي إن "سياسة العقوبات الاقتصادية وتجويع الشعوب سياسة غير مجدية ولا يمكن اعتمادها في حل الخلافات"، مشيراً إلى أن "الحوار هو السبيل الأمثل لحلها".

ويرى مراقبون أن موقف العراق يمثّل الحياد العراقي التام في النزاع الأميركي الإيراني.

لكن نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، يرى أن "التزام العراق قرار العقوبات الأميركية على إيران يعتبر خرقاً لسيادة البلاد".

ويقول الأعرجي إن قرار العقوبات الأميركية على إيران، "لم يكن أممياً، كما أن التزام بعض الدول به كان لأسباب سياسية وليست قانونية".

يتابع أن القرار "يتنافى مع سياسة العراق الجديدة بضرورة الانفتاح على جميع دول الجوار بما يُحقق المصلحة العراقية"، داعياً الكتل السياسية إلى دعم الحكومة العراقيّة "لاستمرار التعامل مع إيران لتحقيق استقلال القرار العراقي". 

وكانت الولايات المتحدة أعلنت في مارس (آذار) 2019، استمرار إعفاء العراق من الالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران ومواصلة شراء الكهرباء الإيرانية لمدة 90 يوماً إضافية. 

ويستهدف الإعفاء الأميركي مساعدة العراق في تغطية العجز في إمدادات الكهرباء. ما يعني استمرار إعفاء بغداد من الالتزام بالعقوبات الأميركية على قطاع الطاقة الإيراني بشكل خاص.

الصيف الحاسم

وتقول مصادر مطلعة في بغداد إن "يونيو (حزيران) 2019، سيكون حاسماً بالنسبة إلى تحديد الموقف العراقي من تطور النزاع الأميركي الإيراني".

وسينتهي الإعفاء الأميركي للعراق من الالتزام بالعقوبات على إيران في 19 يونيو، بالتزامن مع بلوغ درجات الحرارة أعلى معدلاتها خلال الصيف في البلاد. ما قد يضع الحكومة العراقية في مواجهة احتجاجات شعبية واسعة، بسبب نقص إمدادات الطاقة، ربما تطيح بها.

وحتى الساعة، لا تملك بغداد تصوراً واضحاً عن الطريقة التي يمكن أن تواجه به استحقاق يونيو، لكن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء العراقي يقولون إن الأمر بحاجة إلى مشاورات مكثفة مع أطراف سياسية داخلية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي