Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقنية "الحنين العميق"... هل تحويل صور الراحلين إلى فيديو تزييف للتراث؟

المنصة تدافع عن نفسها بأنها تساعد في صنع ذكرى غير تقليدية للأجداد والمنتقدون يتخوفون من انتشار الفبركة

  المنصة مختصة لاستكشاف تاريخ العائلة والبحث عن الأصول العرقية (الحساب الرسمي للمنصة على فيسبوك)

تبدو اللعبة في البداية بريئة تماماً، بل تظهر تقنية Deep Nostalgia، وكأنها تقدّم خدمة عاطفية لمن فارقهم محبوهم قبيل التطور التكنولوجي الهائل، وقبل عصر تصوير الفيديوهات السريع، ولكن تدريجياً، وبعد الانغماس فيها، يفصح هذا "الحنين العميق" عن وجهه الآخر، ويرى كثيرون من المعلقين أن هذه الطريقة سوف تمكّن الكثيرين من التلاعب بالتراث وبالحقائق من حولنا، وبتركيب الوجوه في غير محلها، وبات من السهل تحويل الصورة إلى فيديو أقرب كثيراً إلى الواقع من دون أن يلحظ معظم المتابعين أن الصورة بالأساس ثابتة، واستخدم الذكاء الاصطناعي في تحريكها وجعل تعبيرات الوجه طبيعية، وعلى الرغم من أن منصة My Heritage تدافع عن تقنيتها الجديدة التي دشنتها نهاية الشهر الماضي، بأنها خدمة عائلية وعاطفية، ولكن بعض المستخدمين ما زالوا متخوفين مع ذلك.

فكرة ساحرة أم خادعة؟

الفكرة التي تبدو ساحرة بالنسبة للجمهور، لاقت بالطبع قبولاً واسعاً واهتماماً بتجريبها، وتعتمد على مشاركة المستخدمين صورة قديمة تخص ذويهم ومعارفهم، وعبر التطبيق يتم تحريك الصورة بشكل قريب جداً للطبيعية، وكأنها تتحول إلى فيديو عادي، ويبدو صاحب الصورة بهيئته يتحرك ويؤدي الإيماءات ويوزّع الابتسامات بسلاسة مطلقة.

 

لا أحد تقريباً لن تغويه تلك التقنية، وهي دعوة عاطفية في المقام الأول للعودة إلى ذكريات الأحبة الذين اختفوا، وأيضاً نوع من الفضول لمشاهدة كيف كانوا عندما يبتسمون، وعندما يلتفتون، خصوصاً من لم يحالفهم الحظ بأن تكون ذكرياتهم مؤرشفة بصور وفيديوهات، ولكن لا أحد يمكن أن يضمن ألا تخرج الأمور عن السيطرة، خصوصاً أن تقنية "التزييف العميق" تنتشر عالمياً بشكل عام الآن، وهو أمر بدأ بالفعل في نشر ذكريات مشوشة، ومعلومات مغلوطة على نطاق واسع، مثلما حدث في الفيديوهات التي تم تركيبها بإتقان بالغ  باستخدام الـ Deepfake، "التزييف العميق"، في فيديوهات عدة للمشاهير من قبل الهواة، وبينهم من قام بتركيب وجه الممثلة ليندا كارتر على جسد الممثلة غال غادوت في لقطات من فيلمWonder Woman  المعروض قبل أربعة أعوام، وكانت ليندا كارتر قد أدت الشخصية نفسها في مسلسل تلفزيوني في سبعينيات القرن الماضي، حيث جاء التبادل بينهما متقناً بشكل مثالي، ومن الصعب أن يفرق فيه المتابع العادي بين الفيديو الأصلي والمفبرك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شجرة العائلة المتحركة

منصة My Heritage العالمية، تعرّف نفسها على أنها هي "المنصة العالمية الرائدة لاستكشاف تاريخ العائلة، واكتشاف الأصول العرقية، والعثور على أقارب جدد"، ويقوم المستخدم بإنشاء حساب عبر الموقع الرسمي، ويدخل بياناته وصوره المتاحة في محاولة للبحث عن شجرة عائلته في أنحاء العالم، حيث يتيح له الموقع هذه الخدمة من خلال قاعدة بيانات عملاقة، كما تتيح أيضاً للمستخدمين الاستفادة من تقنياتها المتعددة في تلوين الصور القديمة، وردّ ألوانها الأصلية أو الأقرب إلى الأصلية، بينما خدمتها الجديدة لاقت ترحيباً من قطاعات كثيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأوا في نشر نتيجة استخدامهم لها، وأبدوا اندهاشهم من قدرتهم على رؤية ما كان يبدو مستحيلاً، ومتابعة كيف كانت وجوه أجدادهم القدامى وهم يبتسمون، وبدا الأمر مثيراً حتى لو كان يحدث لمدة 16 ثانية فقط وبطريقة شبه آلية، وفي مساحة محدودة مثل صورة في إطار، إذ إنه على الرغم من ذلك، يجعل الأقارب والأحبة المشتاقون لذويهم الراحلين يذرفون الدموع لأن مجرد الحركة تستدعي الذكريات وتثير الدهشة.

 

متاجرة في سلعة رائجة وخدمة تسعد الكثيرين

تعتمد التقنية الجديدة التي تم تدشينها أخيراً Deep Nostalgia على أسس تكنولوجية باتت منتشرة حالياً مثل التعلم العميق والتعلم الآلي، ويمكنهم صنع ذاكرة متحركة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لوجوه كان يظنّ الجميع أنها سوف تظل صلبة وصامتة وجامدة مهما حدث، حتى أن الرغبة في التجريب جعلت المستخدمين يطبقونها على تماثيل شهيرة قديمة من آلاف السنين وأيضاً على الصور المتخيلة للإنسان البدائي، وكذلك رجال سياسة وقادة معارك غادروا الحياة منذ مئات السنين، حيث حمل الأمر بعض الطرافة في بعض الأوقات، وجاءت النتيجة بجودة متوسطة في أحيان أخرى، وفي كل الأحوال، السؤال الجوهري، الذي جعل كثيرين من المعلقين قلقين حيالها، هو إلى أي مدى يمكن أن تسهم إتاحة تلك التقنية في صنع ذاكرة جمعية مزيفة خصوصاً للأجيال الجديدة التي قد يختلط عليها الأمر، في ظل عصر يعاني فيه الجميع أساساً من انتشار المعلومات المغلوطة حتى لو كانت مرتبطة بأحداث جارية، خصوصاً أن الأمر قد لن يقف عند هذا الحدّ، وأن التمادي قادم لا محالة، بخاصة أن المنصة نفسها طرحت على سبيل المثال صورة متحركة بشكل مثالي لأبراهام لينكولن الرئيس الأميركي الـ16، وأضافت لها محاكاة لصوته أيضاً.

وترى المنصة أن التقنية هدفها صنع تاريخ عائلي مليء بالدفء فقط، وبحسب ما جاء على مدونتها الرسمية عن خدمة "الحنين العميق"، "هل تتساءل أحياناً كيف تحرك أسلافك وابتسموا، وكيف كانوا في الحياة الواقعية؟ يمكنك الآن رؤية أسلافك من الأجيال الماضية كما لم يحدث من قبل!"، وتتابع للترويج للتقنية التي يصفها البعض بأنها تتاجر في سلعة لا تبور أبداً، وهي الشوق للراحلين، ولأجيال ذهبت، "يمكنك تحريك أي من الوجوه في صورك لرؤيتها تتحرك وتومض وتبتسم"، وتدعو الجمهور للمشاركة بها ونشر نتيجتها مع الأصدقاء والمقربين.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات