Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأصول المجمدة لإيران أبواب واشنطن الخلفية لإحياء الاتفاق النووي

ربما تعطي إدارة بايدن الضوء الأخضر لحلفائها للإفراج عن بعضها لإعادة طهران إلى طاولة المباحثات

تسعى إيران للحصول على أصولها المجمدة لدى المصارف الأجنبية في ظل أزمتها المالية المتفاقمة (غيتي)

تأثر الاقتصاد الإيراني بشدة جراء سنوات طويلة من سياسة العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي بسبب البرنامج النووي للبلاد. وفي عام 2015 وافق الرئيس حسن روحاني على اتفاق مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى، يحد من الأنشطة النووية لبلاده في مقابل رفع العقوبات.

وبعدما انسحبت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق في مايو (أيار) 2018، عادت العقوبات مع تكثيفها في إطار حملة "الضغط القصوى"، وهو ما كان له أثر كبير في الاقتصاد الإيراني. ومع الاختناق الاقتصادي المتزايد على طهران، يصرّ النظام على عدم الجلوس في أي مفاوضات جديدة مع الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن إلا بعد تخفيف العقوبات، في الوقت الذي تشتد حاجة البلاد إلى مليارات الدولارات من أصولها المجمدة في البنوك الأجنبية، لاسيما في ظل جائحة كوروناالتي زادت من ضائقة الإيرانيين.

الأصول المجمدة

المبلغ الإجمالي للأصول الإيرانية المجمدة لدى البنوك الأجنبية غير معروف. ففي منتصف يناير (كانون الثاني) عام 2016، بعد نحو 6 أشهر من الاتفاق النووي الدولي مع إيران الذي يقضي بتقويض برنامجها للأسلحة النووية، أفادت صحف أميركية بأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية رفعت العقوبات المالية والنفطية التي كانت مفروضة ضد طهران حيث تم الإفراج عمّا يقرب من 100 مليار دولار من أصولها بعدما خلص المفتشون الدوليون إلى أن البلاد قد أوفت بوعودها بتفكيك أجزاء كبيرة من برنامجها النووي.

وتضمنت الأموال المفرج عنها، 400 مليون دولار نقداً سلمتها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما لإيران عبر البنك الوطني السويسري، بالإضافة إلى 1.3 مليار دولار فوائد تتعلق بمبالغ مستحقة على أميركا منذ عام 1979 تعود إلى اتفاقية أسلحة سبقت الثورة الإيرانية. وتزامن إفراج الإدارة الأميركية عن المبلغ الأصلي، الذي تسلمه مسؤول من البنك المركزي الإيراني، مع إطلاق طهران سراح سجناء أميركيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب مركز الدراسات الإيرانية في إسطنبول، ففي عام 2015 قُدر إجمالي الأصول الإيرانية في البنوك الدولية بين 100 و120 مليار دولار، بينها 1.973 مليار دولار في الولايات المتحدة و35 ملياراً في الدول الأوروبية ونحو 22 ملياراًفي الصين. ومع هذا لا توجد إحصاءات رسمية عن مصادر الأموال التي تم الإفراج عنها بعد الاتفاق النووي، كما لا يوجد رقم دقيق بشأن حجمها. ففي حين ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، وقتها، أن الرقم يبلغ 100 مليار دولار، قال مسؤولون إيرانيون، إنه بعد الاتفاق النووي تم رفع التجميد عمّا يقرب من 59.7 مليار دولار من الأصول في المملكة المتحدة والهند واليونان وإيطاليا والنرويج واليابان وكوريا الجنوبية والهند.

ويشير معهد بوينتر للصحافة، إلى أنه بعد الحديث مع عدد من المسؤولين في البنك المركزي الإيراني، قال نادر حبيبي، أستاذ اقتصاد الشرق الأوسط بجامعة برانديس في بوسطن، إن الرقم الفعلي للأموال التي حصلت عليها إيران بعد الاتفاق النووي يتراوح بين 25 و50 مليار دولار، ما يؤكد هذا الاحتمال أن وزير الخزانة الأميركي السابق جاك ليو، أبلغ المشرّعين الأميركيين في يوليو (تموز) 2015 أن طهران ستحصل على ما يصل إلى 56 مليار دولار من الأموال المجمدة.

تأثير العقوبات

قبل خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، عانى الاقتصاد الإيراني الركود وانخفاض قيمة العملة والتضخم سنوات، ويرجع ذلك إلى حد كبير للعقوبات المفروضة على قطاع الطاقة.

وبحسب مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، مؤسسة بحثية في نيويورك، فإنه مع رفع العقوبات، تباطأ التضخم واستقرت أسعار الصرف وارتفعت الصادرات، بخاصة النفط والسلع الزراعية. ومع استعادة إيران شركاءها التجاريين، لا سيما في الاتحاد الأوروبي، بعد دخول خطة العمل الشاملة المشتركة حيز التنفيذ، بدأت طهران في تصدير أكثر من 2.1 مليون برميل يومياً، وهو ما كان يقترب من مستويات ما قبل عام 2012، عندما تم فرض العقوبات النفطية في الأصل.

وأدى انتهاء الإعفاءات من العقوبات المفروضة على صادرات النفط واستعادة العقوبات الأميركية في عام 2018 مرة أخرى إلى قطع مصدر حيوي للإيرادات الوطنية؛ إذ تمثل المنتجات النفطية والبترولية 80 في المئة من الصادرات الإيرانية. وبحلول منتصف 2020، تراجعت صادرات النفط إلى أقل من 300 ألف برميل يومياً. بالإضافة إلى ذلك، في أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 18 بنكاً إيرانياً رئيساً، ما أدى إلى مزيد من الانخفاض في الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي.

في غضون ذلك، زادت مجموعة العقوبات الأميركية غير المتعلقة بالبرنامج النووي من الضرر الذي لحق بالاقتصاد الإيراني. وباتت الشركات المتعددة الجنسيات تخشى أن تعاقبها الولايات المتحدة على تعاملات مع كيانات إيرانية خاضعة للعقوبات مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي يسيطر على العديد من الصناعات.

اتفاق خلف الكواليس

بالنظر إلى أن الجزء الأكبر من الأصول الإيرانية المجمدة يوجد لدى مصارف خارج الولايات المتحدة، فربما يحدث اتفاق خلف الكواليس بين واشنطن وبعض حلفائها للإفراج عن جزء من هذه الأموال لحلحلة الموقف الإيراني الرافض خوض أي مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي قبل تخفيف العقوبات القاسية التي تفرضها الولايات المتحدة، مع الحفاظ على ماء وجه إدارة بايدن التي أكدت مراراً وتكراراً عودة إيران أولاً إلى مائدة المفاوضات كشرط أساس لرفع العقوبات.

وفي الأيام القليلة الماضية، ورد العديد من التصريحات الرسمية الإيرانية بشأن إفراج كوريا الجنوبية عن مليار دولار من الأصول المجمدة كخطوة أولية في حل النزاع بين البلدين بشأن الأموال المجمدة في سيول، التي تصر طهران على أنها ليست ذات صلة بالأنشطة التي تشملها العقوبات الأميركية. فخلال مؤتمر صحافي في 22 فبراير (شباط) الماضي، قال علي ربيعي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إن سيول ستفرج عن مليار دولار من الأصول المجمدة حيث تسعى طهران إلى استخدام الأموال في شراء أدوية لمكافحة وباء كورونا.

 

ووفقاً لربيعي، فإن هناك مدفوعات نفطية محتجزة في كوريا الجنوبية تتراوح قيمتها بين 7 و10 مليارات دولار. وربط المسؤول الإيراني الإفراج عن الأموال باستيلاء طهران على ناقلة نفط كورية جنوبية في الرابع من يناير (كانون الثاني) الماضي. وبحسب شبكة بلومبيرغ الأميركية، قال ربيعيإن محادثات مماثلة تُجرى في اليابان والعراق وعمان تتعلق بالإفراج عن أصول إيرانية توجد لديها. وهو ما أكده الرئيس الإيراني في اليوم ذاته.

لم يمر يومان على هذه التصريحات حتى أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في 25 فبراير، إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن الأموال الإيرانية المجمدة لدى سيول، مشيراً إلى أن "وزارة الخارجية الكورية أصدرت بياناً أوضحت فيه أن الرصيد الإيراني المحتجز سيتم الإفراج عنه بعد التشاور مع الولايات المتحدة".

ومطلع الأسبوع الحالي، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن واشنطن وافقت مبدئياً على الإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية لدى سيول. وقالت صحيفة فايننشيال تريبيون، التي تصدر بالإنجليزية، إن مسؤولاً رفيعاً لدى وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أبلغ الصحافيين، الخميس الماضي، بأن الولايات المتحدة وافقت فعلياً على الخطة، مضيفاً أن هناك مزيداً من المناقشات حول طريقة نقل الأموال، بحسب وسائل إعلام كورية.

وفي الأسبوع الماضي، التقى محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، سفير اليابان في طهران كازوتوشي أيكاوا، لمناقشة سبل الإفراج عن أصول إيرانية بقيمة 1.5 مليار دولار في المصارف اليابانية لشراء معدات طبية، بينما تشير تقارير صحافية إيرانية إلى أن إجمالي الأصول الإيرانية في اليابان تبلغ 3 مليارات دولار.

في ما تأتي هذه المباحثات بين حلفاء واشنطن وطهران، وسط الكشف عن رفض الأخيرة دعوة أوروبية إلى حضور مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، بينما تقول إنها ستواصل "المشاورات" عبر قنوات أخرى. الأمر الذي علق عليه البيت الأبيض بأنه يشعر بخيبة الأمل لكنه "مستعد لإعادة الانخراط في دبلوماسية ذات مغزى لتحقيق عودة متبادلة إلى الامتثال للاتفاق".

المزيد من اقتصاد