Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تلاشي تأثير كوربين يجعل حزب العمال البريطاني مناسبا أكثر لستارمر

لدى الزعيم هامش للمناورة أوسع مما ظن كثيرون حين باشر مهامه

 لم يعد جيريمي كوربين عضواً في مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال ويتراجع تأثير أنصاره في الحزب بشكل سريع (غيتي)

الجيش الـ"الكوربيني" (نسبة إلى جيريمي كوربين زعيم حزب العمال الأسبق) آخذ في الذوبان. كان دعم الغالبية بين أعضاء قواعد حزب العمال هو الأرضية الصلبة لقوة جيريمي كوربين خلال تمرده الذي استمر أربعة أعوام. فذلك الدعم كان قد ضمن للزعيم الأسبق إحكام قبضته على الزعامة، والسيطرة على اللجنة التنفيذية الوطنية (الهيئة الحاكمة في الحزب)، والفوز بتأييد المؤتمر السنوي الذي يعد الهيئة السيادية فيه، حتى وإن كان الفريق البرلماني والحكومة المحلية قد بقيا في أيدي آخرين طوال الوقت.

كان من المعتقد أن الغالبية ضمن أعضاء الحزب ستفرض قيوداً على (السير)كير ستارمر. فهي قد انتخبته على مضض في أعقاب كارثة الهزيمة في انتخابات العام 2019، على أمل أن يكون رئيس وزراء بديل أكثر مصداقية ، ولو أنه كان مرتبطاً بالسياسات "الكوربينية". وكانت هناك تكهنات بأنه سيلتزم هذه السياسات إما لأنه كان قد وافق عليها، أو لأن خطر اندلاع "حرب أهلية" داخل الحزب كان أكبر بكثير من أن يحاول الابتعاد عن سياسات سلفه والتسبب بنشوبها.

لكن ليس هذا ما يحصل فعلاً. فالغالبية "الكوربينية" تتراجع على نحو تكاد سرعته تعادل سرعة ذوبان ثلوج هذا الشهر. فقد عقدت دوائر انتخابية عمالية عدة هذا الأسبوع اجتماعاتها السنوية العامة، التي انتهت بخسارة معظم أنصار كوربين مواقعهم. وفقدت الزمرة "الكوربينية" بامتياز، المسماة "مومينتوم" Momentum ، سيطرتها على "هامبستيد آند كيلبورن" Hampstead & Kilburn، وهي الدائرة اللندنية التي تمثلها توليب صديقي في مجلس العموم، وعلى "إيرث آند تيمزسميد" Erith & Thamesmead التي تشغل أبينا أوبونغ - أساري مقعدها في مجلس العموم. إضافة إلى ذلك، كادت "مومينتوم" تخسر أيضاً دائرتي "باترسي" Battersea ، و"هورنسي آند وود غرين"  Hornsey & Wood Green . وأكدت الانتخابات الداخلية أيضاً تراجع أنصار كوربين في دوائر "إنفيلد ساوث غيت"، و"هاكني ساوث"، في لندن، و"بريستول ويست"، و"هارلو"، و"ستيفيناج"، و"بانبري"، و"نورث نورفولك"، الواقعة خارج العاصمة.

ويقول لي أحد الناشطين إن "اليسار المتطرف يعمل جاهداً الآن في سبيل البقاء حتى في أعمق معاقله". ويضيف "على الرغم من كل الضجيج الذي تصاعد من هنا وهناك، فإن الحزب يريد النجاح لستارمر". وإذ يبقى أعضاء حزب العمال بشكل عام، "كوربينيي" الهوى لجهة تأييدهم لسياسات على شاكلة التأميم ونزع السلاح النووي، فأعضاء الحزب في الواقع كانوا دوماً كذلك. وقد اطلعت أخيراً بالصدفة على الدراسة التي أعدها باتريك سيد وبول وايتلي حول مواقف حزب العمال من عام 1989 وحتى 1990، ووجدا أن 82 في المئة من أعضائه أرادوا إعادة الشركات الخاصة إلى القطاع العام، فيما رغب 86 في المئة منهم في تقليص الإنفاق على الدفاع. ولطالما اعتبر الأعضاء أنفسهم يساريين، بيد أن ما يختلف من عضو إلى آخر هو مدى الاستعداد للمساومة على هذه المعتقدات من أجل الفوز.

يُشار إلى أن الأعضاء المؤيدين لكوربين ممن انتسبوا للحزب في العام 2015، أقنعوا أنفسهم لفترة قصيرة بأنهم يستطيعون الفوز في 2017 من دون أي مساومة، لكنهم لم يلبثوا أن أجبروا بفظاظة في العام 2019 على تذكر القواعد المعتادة. وبينما خرج من الحزب بعض أنصار كوربين الأكثر تشبثاً بقناعاته الأيديولوجية، إلا أن معظم أولئك الذي دعموا كوربين يؤيدون حالياً ستارمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول صديقي الناشط "ليس هناك تملق لستارمر كما كانت عليه الحال بالنسبة إلى كوربين، أو حتى لبلير ولو لفترة قصيرة". ويتابع "في ضوء هذه المعطيات، يبدو الأمر وكأن أحد الجانبين "مليء بالتركيز المتحمس" فيما الآخر غير متحمس، إلا أن هذا ليس صحيحاً". ويشير هذا الناشط إلى أن أحد الجانبين يمثل التقليد الطويل الأمد في حزب العمال الذي كان عموماً موالياً للقيادة، أما الجانب الآخر فهو عبارة عن "تمرد آخذ حالياً في التلاشي، وربما على نحو أسرع مما توقع أي منا على الإطلاق".  

يعني هذا أن لدى ستارمر هامشاً للمناورة أوسع مما ظن كثيرون أن ذلك ممكن حين باشر مهامه زعيماً للحزب. ونجح كوربين في إقصاء نفسه من برلمان الحزب، فيما يواجه ستارمر بعض الضغوط المثيرة للدهشة، لإعادته (كوربين) إلى برلمان الحزب. وهكذا لم تفشل زمرة "مومينتوم" فشلاً ذريعاً فحسب في الفوز بالأغلبية داخل اللجنة التنفيذية الوطنية في نوفمبر ( تشرين الثاني) الماضي (إذ نالت مجرد 37 في المئة من التفضيلات الأولى وخسرت أربعة مقاعد داخل اللجنة في ظل نظام التمثيل النسبي الجديد)، بل لم يعد من الواضح أن هذه الزمرة ستتمكن من استقطاب تأييد الأغلبية في المؤتمر الوطني حين يعقد حزب العمال اجتماعاً من هذا النوع في نهاية المطاف.

وهذا الأمر قد يفسر سبب استعداد ستارمر للمجازفة باتخاذ خطوات مثل معارضة أي زيادة فورية في ضريبة الشركات في ميزانية الأسبوع المقبل. والواقع أن هذا مايجد صعوبة في قبوله حتى من قبل بعض البراغماتيين الذين لم يكونوا من أنصار كوربين، وبعض أنصاره السابقين، الذين أخذت كفتهم ترجح ببطء، ولكن بصورة متزايدة داخل منظمات الحزب المحلية في انحاء البلاد.  وإذا أراد ريشي سوناك، وهو وزير (مالية) محافظ بثياب سياسي ديمقراطي اجتماعي، أن يرفع الضرائب المفروضة على الشركات الكبرى التي جنت أرباحاً أثناء الجائحة، فإن ذلك سيكون أمراً حسناً بالنسبة إلى هؤلاء العماليين، كما أنه سيكفي للتغلب على رغبتهم الكنزية Keynesian (نسبة إلى الاقتصادي البريطاني جون كينز) الشريرة في زيادة الاقتراض الحكومي خلال فترة الركود الاقتصادي.

إلا أن الانهيار المدهش  لـ"الكوربينية" على مستوى قواعد حزب العمال هو ما يفسر سبب شعور ستارمر بأنه قادر على شن غارة مثيرة للجدل من هذا النوع، للاستيلاء على اللقب الخاص بحزب المحافظين الذي يوصف عادة بـ"الحزب المؤيد للأعمال".

© The Independent

المزيد من آراء