Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبو اليد من الشبان الفلسطينيين "يفضلون الشقراوات"

الهوس بالبشرة البيضاء يقلق الفتيات الحنطيات وأهل العريس معاً

معظم نساء فلسطين من ذوات البشرة الحنطية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

بعد ثلاث سنوات من علاقة حب جمعت خليل وهبة، قررا الزواج، وفي جلسة الخطوبة التي تجرى عادة بين العائلتين، طلبت والدة العريس من العروس إزالة مساحيق التجميل عن وجهها، والجلوس إلى جانبها، وهذا الطلب كان كفيلاً بتغيير هدف الزيارة كلياً.

تقول هبة "لم تتحدث والدته إطلاقاً عن خطبتي لابنها، وغيرت مسار الكلام لحديث عمومي، ثم غادرت منزلنا".

في بيت خليل، كان المشهد مكتملاً، بالصراخ والاستهزاء، بدأت الأم الحديث وبلهجتها العامية قالت "أنت ما بتعرف تختار، ولا عندك ذوق، ولا شفت بنات في حياتك، كيف جايب عروسة سمراء؟". يبدو أن أم خليل تريد الانضمام إلى حزب الرجال في الفيلم الشهير لمارلين مونرو "الرجال يفضلون الشقراوات"!

التعليم والمال لا يجلبان السعادة

وعلى الرغم من أن هبة أنهت دراستها الجامعية في تخصص الصيدلة، ومارست العمل في مهنتها، فإن ذلك لم يشفع لها في أعين الخاطبات اللاتي يرين فيها نقصاً في معايير الجمال التي يطلبها الرجال، الذين عادة يشترطون أن تكون الفتاة شقراء، أو من ذوات البشرة البيضاء على الأقل.ولا يخبئون رغباتهم العنصرية ولا يكترثون بالبوح بمثل هذه الرغبات في العلن.

وهذا ما بررته والدة خليل، إذ بدأت في إقناعه بأن التعليم والمال لا يجلبان السعادة، التي بالعادة، وحسب رأيها، تتحقق في رؤية زوجة جميلة كل صباح، تنجب له أطفالاً يشبهون ملامحها الشقراء، أو على الأقل البيضاء، ويتحسن نسل العائلة تدريجياً.

إصرار عائلة العريس واستمرار إقناعه، دفعا خليل إلى الموافقة الفعلية على ترك هبة في منتصف الطريق، وتفويض أمه لاختيار فتاة بيضاء وطويلة وذات عينين واسعتين، يؤسس معها أسرة، وينجب منها أطفالاً يحملون صفات الجمال الأبيض.

هذه الشروط، بالعادة، عبارة عن تقاليد قديمة، ومعايير تمييزية كانت الأمهات الخاطبات يضعنها قاعدة لاختيار العروس، وما زال بعض أهالي قطاع غزة يحافظون عليها قدر الإمكان، ويظهر ذلك واضحاً في الارتباط التقليدي، وتستثنى من هذه القاعدة حالات نادرة، أو أولئك الذين يتزوجون من خلال الارتباط العاطفي السابق.

اللون الحنطي أكثر انتشاراً

في الحقيقة، لا يتمتع سكان فلسطين بالبشرة البيضاء، وبالعادة يمتازون بالبشرة الحنطية، وبالاستناد إلى دوائر العرض الجغرافية، فإن الأراضي الفلسطينية تقع ضمن مدار السرطان، البعيد 23.5 درجة شمالاً عن خط الاستواء، وبالعادة يتميز سكان هذه الدائرة بدرجات البشرة السمراء والحنطية، وبحسب التوزيع اللوني للسكان، فإن الغالب، عموماً لون البشرة الحنطية، ويشكل أصحابها نسبة كبيرة من إجمالي السكان.

وفي الواقع، لا يقتصر طلب الفتاة الشقراء على الأهالي فحسب، بل على الكثيرين من شبان غزة (الذين يتزوجون بطريقة تقليدية)، فهم يشترطون على أمهاتهم اختيار زواجات بمواصفات جمالية معينة.

إزالة مساحيق التجميل

هوس الرجال بالارتباط بالشقراوات وذوات البشرة البيضاء، انعكس سلباً على الحالة النفسية لفتيات في غزة، وتشير الفتاة منى الحطاب إلى أن أكثر من 20 عريساً تقدموا لخطبتها ولم تكتمل فرحتها بسبب لون بشرتها القمحية وليست البيضاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول الحطاب "خرجت كثيراً للخاطبات، وأكثر مرة تأثرت نفسيتي عندما قالت إحداهن إن كل ما فيك جميل إلا لون بشرتك، لو أنك بيضاء لصار نصيب"، عندها قررت عدم الخروج لأي عريس مقبل، وفضلت البقاء عزباء للأبد على زواج كهذا.

وتروي سعادة الشوا قصتها قائلة "أنا سمراء، وأختي بيضاء، وصديقاتي يرسلن لنا خطاباً من طرفهن، بلا استثناء، جميعهم كانوا يفضلون الارتباط بأختي، هذا الأمر أثر على حالتي النفسية كثيراً، وبت أشعر باليأس عندما تزور بيتنا الخاطبات".

نفسية الفتيات

تقول الأخصائية الاجتماعية مهاد الآغا، إن النظر للون بشرة الفتاة ينعكس سلباً على حالتها النفسية، ويتسبب بمشاكل عدة، أبرزها العزلة ورفضها فكرة الزواج، كما أن لهذه العادات أثراً سيئاً على المجتمع، ولا يمكن معالجتها لأنها تقع ضمن خصوصية الأفراد والعائلات.

الهوس بالفتيات الشقراوات ليس مقتصراً على قطاع غزة فحسب، بل أيضاً الموضوع منتشر في الضفة الغربية، في شمالها، وبالتحديد في مدينة نابلس، حيث تظهر هذه العادة بشكل واضح عند الأمهات الكبار بالسن، وتؤكد الحاجة صبحية دراغمة أنها لن تخطب لأي شخص في عائلتها صبية من ذوات البشرة الحنطية، لأنها تطمح في "نسل جميل".

والمعروف أن جيل الشباب في نابلس أقل تمسكاً بالعادات والتقاليد في الزواج، وبات الكثيرون من الشبان يتوجهون للارتباط بالفتيات بعد علاقة عاطفية، إلا أن ذلك لم يغير نظرة الزواج من ذوات البشرة البيضاء عند معظم الأمهات والشبان.

وتقول نادين فرحات إنها طلقت بعد عام من زواجها، إذ اتهمها طليقها "بالغش والخداع له، وإنها كانت تدعي أنها ذات بشرة بيضاء، وتبين له ولأهله أنها حنطية اللون، فانفصل عنها".

هذا ليس غريباً، والأمر لدى آيات الهواوشة أكثر صعوبة، إذ وجدت أم الشخص الذي ترغب بالارتباط به في منزلها من دون موعد، وترغب في التأكد من أن صورها على وسائل التواصل الاجتماعي مطابقة للواقع.

وتوضح الأخصائية مهاد الآغا أن النظرة إلى المكانة الاجتماعية بالتباهي بالزوجة الجميلة من شأنه أن يدمر الكثير من النسج الاجتماعي ويعزز النظرة الطبقية بين سكان المنطقة الواحدة ما يسبب مشاكل يصعب حلها.

هوس

أما في رام الله، وسط الضفة الغربية، فالنظرة التمييزية أقل انتشاراً، ويرجع ذلك لكون المنطقة مهتمة بالاقتصاد والمصالح العامة، وسكانها أكثر تحرراً من التقاليد القديمة، وبالعادة، يجري الاتفاق بين العريس والعروس بعد التوافق بينهما، على كل التفاصيل، ثم يأتي دور الأهل، وهذا يجعل الزواج من الشقراوات أقل انتشاراً.

وترى الأخصائية الاجتماعية الآغا أن الزواج من خلال علاقة عاطفية قد يكون الحل الأفضل، خصوصاً في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يضمن اختيار الرجال شريكات حياتهم بعيداً عن لون بشرتهن، وعلى أساس الانسجام الفكري والعاطفي، لكن عادات الفلسطينيين بالأساس ترفض فكرة الارتباط بالعلاقات العاطفية التي تسبق الزواج.

المزيد من منوعات