تشعر الولايات المتحدة بخيبة أمل، لأن إيران استبعدت عقد اجتماع غير رسمي لمناقشة سبل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى، لكنها أوضحت أنها لا تزال مستعدة للمشاركة مجدداً في جهود دبلوماسية جادة في شأن هذه القضية.
وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض "على الرغم من شعورنا بخيبة أمل من رد فعل إيران، ما زلنا مستعدين للمشاركة من جديد في دبلوماسية جادة لتحقيق عودة متبادلة للامتثال بالتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة"، في إشارة إلى الاتفاق النووي.
وأضافت أن واشنطن ستتشاور مع شركائها في مجموعة "5+1" والأعضاء الأربعة الآخرين دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي؛ الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، إضافة إلى ألمانيا في شأن أفضل سبيل للمضي قدماً.
من جانبه، قال مسؤول أميركي كبير إن الولايات المتحدة ليست مرتبطة بأي صيغة محددة للمحادثات، وفقاً لوكالة "رويترز".
وقال المسؤول "لا نعتقد أن ذلك هو نهاية المطاف. من المؤسف... رد الإيرانيين بالرفض لكننا سنكون مستعدين لأي أفكار أخرى". وأضاف "إذا أردتم منا أن ندرس صيغة أخرى، فلن نتمسكك (بهذه) الصيغة".
في المقابل، قالت إيران، الاثنين الأول من مارس (آذار)، إنه يتعيّن على الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على طهران أولاً إذا كانت تريد إجراء محادثات لإنقاذ الاتفاق النووي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، "يتعيّن على إدارة الرئيس جو بايدن تغيير سياسة الضغوط القصوى التي اتبعها (سلفه دونالد) ترمب تجاه طهران... إذا كانت تريد إجراء محادثات مع إيران، يتعيّن عليها أولاً رفع العقوبات". واعتبر أن "رفض الإدارة الأميركية الجديدة العودة للاتفاق خطأ تاريخي"، مضيفاً أن إيران ستواصل العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الرغم من تقليص التعاون معها.
وفي بيان سابق، اعتبر خطيب زادة أن الوقت "غير مناسب" لاجتماع في شأن الاتفاق النووي، رداً على الطرح الأوروبي لعقد لقاء غير رسمي للبحث في سبل إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن أحادياً عام 2018.
وقال المتحدث، "نظراً إلى المواقف الراهنة وخطوات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (المنضوية في الاتفاق)، تعتبر الجمهورية الإسلامية في إيران أن الوقت غير مناسب لعقد اجتماع غير رسمي اقترحه المنسق الأوروبي لخطة العمل الشاملة المشتركة"، الاسم الرسمي للاتفاق المبرم بين إيران والقوى الست الكبرى عام 2015.
وشدّد خطيب زادة على أنه "لم يحدث أي تغيير في مواقف الولايات المتحدة وتصرفها بعد، وإدارة الرئيس الجديد جو بايدن لم تكتفِ بعدم التخلي عن سياسة الضغوط القصوى الفاشلة لسلفه دونالد ترمب، بل لم تعلن حتى التزامها احترام مسؤولياتها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة وقرار مجلس الأمن الدولي 2231".
وكان علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قد حث مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة على عدم دعم مسعى بقيادة الولايات المتحدة لانتقاد قرار طهران تقليص تعاونها مع الوكالة.
ونقلت وكالة "إيرنا" عن صالحي قوله "إذا تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً ضد إيران فسنظهر رد الفعل المناسب".
وفي وثيقة اطلعت "رويترز" عليها وأرسلت إلى بقية أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبيل الاجتماع ربع السنوي هذا الأسبوع لمجلس محافظي الوكالة تهدد إيران بإنهاء اتفاق أبرم مع الوكالة قبل أسبوع ينص على إبقاء مؤقت لبعض عمليات المراقبة لأنشطتها.
وقال دبلوماسيون إنه لم يتضح بعد إن كان المجلس سيتبنى مشروع قرار.
وكانت إيران قد توقفت يوم الثلاثاء الماضي عن تنفيذ البروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع غير معلنة.
لكنها وافقت في اتفاق 21 فبراير (شباط) على مواصلة تسجيل بيانات إضافية حددها الاتفاق النووي وذلك لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر والسماح لوكالة الطاقة بالاطلاع عليها في نهاية المطاف إذا رُفعت العقوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واتخذ ترمب الذي اعتمد سياسة "ضغوط قصوى" حيال إيران، قراراً عام 2018 بسحب بلاده أحادياً من الاتفاق المبرم في فيينا بين إيران وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.
وأعاد ترمب بعد ذلك فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بالتراجع عن تنفيذ كثير من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وأبدت إدارة الرئيس بايدن نيتها العودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت أن تعود إيران أولاً إلى احترام التزاماتها.
في المقابل، شددت طهران على أولوية عودة الأطراف الآخرين إلى التزاماتهم، لا سيما قيام الولايات المتحدة برفع العقوبات التي أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الإيراني، وأنها ستعود عندها لاحترام كامل التزاماتها.
وفي ظل هذا التجاذب، طرح المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، عقد اجتماع غير رسمي بمشاركة كل أطراف الاتفاق النووي، في اقتراح رحبت به واشنطن.
وشدد بيان الخارجية الإيرانية الأحد في 28 فبراير على أن "تطبيق التزامات كل أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة ليس مسألة للتفاوض (...) الطريق إلى الأمام واضح جداً. على الولايات المتحدة أن تضع حداً لعقوباتها الأحادية وغير القانونية وتعود إلى التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة".
وكرر خطيب زادة موقف بلاده بأنها "سترد على الخطوة بخطوة، وكما ستعود إلى التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة في حال رفع العقوبات، سترد على الخطوات العدائية بالطريقة ذاتها".
وأكد أن طهران ستواصل التشاور مع أطراف آخرين في الاتفاق النووي، ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "بصفته منسق خطة العمل الشاملة المشتركة، على المستويين الثنائي والمتعدد".