Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حركة النهضة تستعرض قوتها في الشارع التونسي

تحشد أنصارها تحت شعار "مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات"

يواجه راشد الغنوشي معارضة داخل حركة النهضة وفي البرلمان التونسي (غيتي)

تحشد حركة النهضة التونسية أنصارها، وتدفعهم للنزول إلى الشارع، السبت 27 فبراير (شباط) 2021، تحت شعار "مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات". وأعلنت الحركة، في بيان، أن المسيرة بمثابة "رسالة إلى مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية بضرورة الحوار وتعزيز مقومات الوحدة الوطنية والممارسة الديمقراطيّة".

وتأتي هذه المسيرة في خضمّ أزمة سياسية عاصفة تشهدها تونس، وتتمثل في احتدام الصراع بين رؤوس السلطة (الجمهورية، الحكومة والبرلمان). وتتزامن مع سعي كتل المعارضة في البرلمان إلى جمع التوقيعات الضرورية لتقديم لائحة إلى الجلسة العامة في مجلس النواب، للتصويت على سحب الثقة من رئيس المجلس، راشد الغنوشي، المتهم بسوء إدارة المؤسسة التشريعية والانحياز الواضح لحزبه (حركة النهضة) وللمقرّبين منها على غرار نواب ائتلاف الكرامة.

الغنوشي في مواجهة خصومه

وتباينت المواقف إزاء هذه المسيرة وتوقيتها، ويتساءل كثيرون عن معنى أن يدفع حزب في السلطة أنصاره إلى الشارع لمساندته. بينما يرى آخرون أن رئيس حركة النهضة، ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، يهدف من وراء الاستنجاد بالشارع إلى تخفيف الضغط عليه، من داخل الحركة والبرلمان، إضافة إلى محاولة الحركة استعراض قوتها أمام خصومها السياسيين.

ويواجه الغنوشي محنة مزدوجة، فمن جهة يتنامى عدد معارضي سياسته في إدارة الحركة، ومن جهة أخرى يتعاظم رفض إدارته البرلمان المعطل منذ مدّة.

وبينما أكد الغنوشي تمسكه بمسيرة السبت، وكتب على صفحته على "فيسبوك"، "لا تراجع عن مسيرة 27 فبراير 2021"، يعارض قادة في الحركة النزول إلى الشارع. واعتبر عدد منهم أنّ حلّ الأزمة السياسية لا يكون بالنزول إلى الشارع وإنما بالحوار.

وأعلن القيادي والنائب عن حركة النهضة سمير ديلو، في تصريحات صحافية، أنّه لن يُشارك في المسيرة التي دعت إليها الحركة، قائلاً ''أنا ضدّ النزول إلى الشارع مهما كان الطرف الداعي إلى ذلك، ومهما كانت المُبرّرات والخلفيات''.

في المقابل، أكد عضو المكتب السياسي ومجلس الشورى في الحركة، رفيق عبد السلام، أن "مسيرة السبت ليست لاستعراض العضلات والتجييش والاحتجاج، بل رسالة قوية من الشارع بالوقوف إلى جانب الدولة ودعم المؤسسات وحماية الدستور، في مواجهة القوى الفوضوية التي كانت وما زالت تعمل على إسقاط المشروع الديمقراطي وحرفه عن مساره".

ائتلاف الكرامة يفك ارتباطه بالنهضة

كذلك عبّرت أحزاب مساندة لحكومة هشام المشيشي عن رفضها النزول إلى الشارع والمشاركة في المسيرة، التي دعت إليها حركة النهضة. وأعلن ائتلاف الكرامة، في بيان، أنه غير معني بالخروج إلى الشارع، داعياً أنصاره إلى عدم التجاوب مع تلك الدعوة. واعتبر أن "حركة النهضة انقلبت على توافقاتها"، مشيراً إلى أنها "تسعى من وراء هذا التحرك إلى فرض شروط التفاوض مع المنظومة في الشارع، من أجل تسويات وتوافقات معينة لا علاقة لها بشعارات الدفاع عن الشرعية والمحكمة الدستورية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد الكاتب المتخصص في الشأن السياسي، زياد الهاني، أن "غاية المسيرة استعراض القوة وتظهير قدرة حركة النهضة على تعبئة أنصارها من مختلف جهات الجمهورية". ويسأل عن موقف الحركة في حال حدثت أعمال عنف، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والغضب الشعبي.

ويترقّب الهاني "تداعيات لهذه المسيرة في الحركة التي تعيش انقساماً بات واضحاً، وفي الشارع المشحون بالسخط والغضب عليها وعلى الطبقة السياسية بشكل عام".

يضيف الهاني أن "الغنوشي أصبح شخصية مثيرة للجدل في المشهد السياسي العام في تونس"، مشيراً إلى أن "استمراره على رأس مجلس النواب مصدر تشنج وتعطيل لأعمال المجلس".

الحفاظ على المؤسسات المنتخبة

في المقابل، يعتبر الصحافي خالد البارودي، أن "الشارع ملك للجميع، ومسيرة حركة النهضة تأتي للردّ على دعوات كثيرة أطلقتها أطراف عدة في الفترة الماضية تنادي بحلّ البرلمان". وهي أطراف، في تقديره، "تفتقد الشرعية الانتخابية". ويلفت إلى أن "هذه الجهات التي تدعو إلى حل البرلمان والتخلي عن المؤسسات المنتخبة معروفة بعدائها الإيديولوجي لحركة النهضة".

ويستبعد البارودي أن "يكون الشعب التونسي فقد الثقة في هذه المنظومة الحاكمة"، لافتاً إلى أنّ "أنصار حركة النهضة والمقرّبين منها يدعمون خياراتها بناء على ما أفرزته نتائج الانتخابات".

وتتزامن دعوات حركة النهضة إلى التظاهر مع إعلان رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، تنظيم سلسلة تحركات احتجاجية، داعية أنصارها إلى التعبئة العامة. وقالت إن المعركة مع حركة النهضة "تحوّلت من حلبة البرلمان إلى الشارع".

ينذر الخطاب المشحون من جميع الفرقاء السياسيين في تونس بالمواجهة العنيفة. وهو ما يجعل مسؤولية أجهزة الأمن مضاعفة للحيلولة دون خروج التظاهرات عن السيطرة، ومنع احتكاك الخصوم السياسيين في الشارع.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي