Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... المقاعد الشاغرة الحاضر الأكبر في ندوة المشاورات الوطنية

الرئاسة تصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد دستورياً رغم رفض الشارع

سقطت ندوة "المشاورات الوطنية" التي دعا إليها رئيس الدولة الجزائري الموقت، عبد القادر بن صالح، بمجرد انطلاقها، إذ اقتصر الحضور صباح الاثنين على أقل من 30 شخصاً من أصل مئات وجِّهت إليهم دعوات رسمية، ما أفقد خطوة الرئاسة "الصدقية" وقد يكلفها أثماناً سياسية.

وطال انتظار منظمي ندوة المشاورات وصول المدعوين، وتأجل افتتاح الجلسات ساعة عن الموعد المحدد إلى العاشرة صباحاً، إلا أن عدد الحاضرين بالكاد ملأ الصف الأول في قاعة المؤتمرات في "نادي الصنوبر" (أحد مقرات إقامة الدولة الجزائرية).

تغيّب بن صالح

ودفع ضعف الحضور بعبد القادر بن صالح، إلى التغيّب عن حفل الافتتاح، وناب عنه الأمين العام لرئاسة الجمهورية، حبة العقبي. وتسلم الحاضرون، نسخةً من وثيقة رئاسية حول المشاورات، تشير إلى ضرورة إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلَّفة بتحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو (تموز) المقبل "بشكل عاجل" لتمكينها في "أقرب موعد" من التكفّل بالمسار الانتخابي.

وجاء في الوثيقة التي تتضمن مشروع إنشاء الهيئة، أن تشكيلها يندرج في إطار "تطبيق التزامات رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، التي تضمنها خطابه الموجَّه إلى الأمة في التاسع من الشهر الحالي". وأضافت الوثيقة أن "الضرورة الدستورية تفرض تشكيل هذه الهيئة الجامعة بشكل عاجل لتمكينها في أقرب موعد من التكفّل بكل المسار الانتخابي، وهو الأمر الذي يستدعي تحديد النص القانوني المتعلق بهذه الهيئة والتصديق عليه".

وأكدت الوثيقة "استقلالية الهيئة عن السلطات العامة"، كونها "سيدة في تسيير شؤونها"، كما يمكن لها أن "تضطلع بالمهمات الأساسية ذاتها التي تمارسها الإدارة العامة في ما يخص الانتخابات".

الموالاة بقيادات الصف "الخامس"

وعشية انطلاق المشاورات بخصوص إنشاء الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات الرئاسية، فاجأ حزبان من التحالف الرئاسي، السلطة، بإعلانهما المقاطعة. ورفض حزب "تجمع أمل الجزائر" (تاج) الذي يرأسه عمار غول، دعوة بن صالح إلى الحوار والتشاور. وقال الحزب في بيان إنه "تبعاً للدعوة التي وجِهت إلى حزب تجمع أمل الجزائر من طرف رئاسة الجمهورية للمشاركة في ندوة تشاورية، نظم المكتب السياسي للحزب لقاءً عاجلاً ترأسه السيد عمار غول وقرر عدم المشاركة".

كما رفض عمارة بن يونس، رئيس "الحركة الشعبية الجزائرية"، المشاركة في اللقاء التشاوري الجماعي، قائلاً في بيان صدر عن الحركة، إن "المناخ العام غير ملائم لإجراء أي انتخابات، ومن ناحية أخرى، فإن هذا الموعد قريب جداً ولا يمكن أن يلبي المطالب المشروعة للحراك الشعبي، وهو تغيير النظام وإنشاء جمهورية جديدة". وبالنسبة إلى "الحركة الشعبية الجزائرية"، فإن تطبيق "المادة 102" من الدستور شرط ضروري ولكن غير كافٍ للخروج من الأزمة، وتعتبر أن الجزائر تحتاج إلى انتقال ديموقراطي منسَّق وسلمي.

أحزاب شاركت

أما من جهة أحزاب الموالاة التي شاركت في اللقاء، فاكتفت "جبهة التحرير الوطني" (حزب بوتفليقة) بإرسال عضو مجلس الأمة، محمود قيصاري، بينما بعث "التجمع الوطني الديمقراطي"، بممثلته عن محافظة باتنة، فيما كان رئيس حزب

"التحالف الوطني الجمهوري" بلقاسم ساحلي، الرئيس الوحيد لأحد أحزاب الموالاة، الذين شاركوا شخصياً في الاجتماع.

أما من المعارضة فشارك فيلالي غويني، رئيس "حركة الإصلاح الوطني"، وهو شخصية من التيار الإسلامي، عارضت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة طيلة 20 سنة، لكنه أعلن تأييد الولاية الخامسة قبل استقالة الأخير، ليجد نفسه في وضعية "تسلل".

وكان حزب "جبهة المستقبل"، الذي يقوده عبد العزيز بلعيد، الوحيد من بين أحزاب المعارضة، التي وافقت على المشاركة الندوة، بيد أن ممثلها قاطع الجلسات بمجرد بدايتها، وانسحب أمام المنظمين، بدعوى أن "الجلسة تمت مغلقة ومن دون حضور الصحافة".

"تمسك رئاسي"

وكان الأمين العام لرئاسة الجمهورية، حبة العقبي، الشخصية الأولى في لقاء المشاورات، بينما ترأس الندوة، كل من أستاذ القانون صبري حنصال وعضو المجلس الدستوري قادم محمد.

وأبدى العقبي تمسكاً واضحاً بموعد الانتخابات الرئاسية التي يرفضها الشارع. وقال لصحافيين قبل الافتتاح أن "المشاورات التي باشرها رئيس الدولة مع الأحزاب

والشخصيات الوطنية ستتواصل إلى غاية الانتخابات الرئاسية"، مضيفاً أنها" ستجرى في موعدها المحدد دستورياً" أي في 4 يوليو المقبل.

وقال الأمين العام للرئاسة إن "الانتخابات الرئاسية التي حُدِّد تاريخها بـ 4 يوليو المقبل، كما أعلن رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، أمر مفروض دستورياً".

وبات معلوماً أن مؤسسات الدولة القائمة في الجزائر، تعمل على ملف واحد هو تحضير الانتخابات الرئاسية وتنظيمها في موعدها، حيث أعلنت وزارة الداخلية مساء الأحد، تقدم 32 شخصاً بـ"نية الترشح" لدى مكاتبها، من دون ذكر أسمائهم.

وأوضح حبة العقبي، وهو المستشار الوحيد من بين الذين عملوا إلى جانب بوتفليقة وحافظ على منصبه بعد استقالة الأخير، أن "المشاورات التي باشرها رئيس الدولة مع الأحزاب والشخصيات الوطنية ستتواصل، كونها ترتبط بمستقبل البلاد وبتنظيم انتخابات حرة ونزيهة"، مضيفاً أن هذه المشاورات ترمي إلى "إرساء الديمقراطية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة والتأسيس لنظام سياسي جديد".

وفي رده على سؤال يتعلق بالأطراف التي قاطعت هذا اللقاء، أوضح أن الرئاسة "وجهت الدعوة إلى الجميع من أجل التشاور حول موضوع هام"، بينما للمعارضة "منطقها الخاص".

"مقاطعة شاملة"

أحزاب المعارضة من جهتها، أعلنت عدم المشاركة في اللقاء التشاوري. وهذه الأحزاب هي: حزب الحرية والعدالة، حزب العمال، التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، الحركة الشعبية الجزائرية، حزب تجمع أمل الجزائر، حركة مجتمع السلم، جبهة العدالة والتنمية، الاتحاد من أجل التغيير والرقي، اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، وتشكيلات أخرى، من بينها الجبهة الوطنية الجزائرية وطلائع الحريات والحزب الوطني للتضامن والتنمية.

مستقبل بن صالح على المحك

وربط مراقبون بين نجاح أو فشل ندوة المشاورات وبين مصير رئيس الدولة الموقت عبد القادر بن صالح. ورجح فشل الندوة فرضية تقول باقتراب رحيله، في غياب إجماع وطني حول موعد الانتخابات الرئاسية وظروف تنظيمها.

واستقبل بن صالح خمس شخصيات في مقر الرئاسة، من بينهم رئيسان سابقان للبرلمان، هما عبد العزيز زياري، ومحمد العربي ولد خليفة، ورئيسا حزبين، بلعيد عبد العزيز "رئيس جبهة المستقبل"، وفيلالي غويني، رئيس "حركة الإصلاح الوطني"، إضافة إلى الحقوقي ميلود براهيمي.

وتزامنت نتائج هذه المشاورات، مع زيارة متوقعة أعلنتها وزارة الدفاع، لرئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح الثلثاء، إلى مقر الناحية العسكرية الأولى، في

البليدة (50 كيلومتراً جنوب العاصمة)، بعد ساعات على إعلان النائب العام للمحكمة العسكرية في المدينة، حبس الجنرال السعيد باي، القائد السابق للناحية العسكرية الثانية، وتوقيف الجنرال حبيب شنتوف، قائد الناحية العسكرية الأولى سابقاً بتهم "تبديد أسلحة وذخيرة حربية" ورفض "الامتثال للتعليمات العسكرية العامة".

ويترقب جزائريون دورياً، خطابات رئيس الأركان، التي باتت مرجعاً يعكس موقف المؤسسة العسكرية من الأحداث التي تشهدها البلاد.

المزيد من العالم العربي