Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تحتاج إلى قوانين جديدة لمواجهة التطرف "المخيف والخطير"

إنها لحظة فاصلة تشهد جنوح شباب نحو أشكال مختلفة من الراديكالية

باتت الكراهية وخطاباتها وسردياتها وجرائمها وقائع يومية مؤلمة في الحياة المعاصرة (كرايمستوبرز.يوكيه.أورغ)

دعا رئيس سابق في شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا إلى وجوب وضع قوانين جديدة في مواجهة المستوى "المثير للذعر والخطير" من التطرف في المملكة المتحدة.

وأشار السير مارك رولي و"لجنة مكافحة التطرف" Commission for Countering Extremism (هيئة مستقلة تدعم المجتمع بشأن محاربة التطرف وتقدم النصح للحكومة البريطانية عن ذلك المجال)، إلى أن جماعات الكراهية بأنواعها المختلفة "تعمل في ظل الإفلات من العقاب"، على استغلال فجوات ضمن التشريعات الراهنة، [تفصل] بين جرائم الكراهية والإرهاب.

وتبين من خلال مراجعة نُشرت مؤخرا، أن هؤلاء المتطرفين امتلكوا القدرة والفرصة على تغذية روح الإرهاب وإثارة مشاعر الكراهية العنصرية والإفلات من أي إدانة ومحاكمة. وتبين أيضاً أن بعض المعتدين الإرهابيين كزعيم العصابة المسؤولة عن حادثة جسر لندن، كورام بات، كان ممكناً القبض عليهم قبل ارتكاب فعلتهم لو وُجِدَتْ قوانين رادعة أشد صرامة.

واستطراداً، اعتبر السير مارك أن هناك حاجة ملحة إلى تغيير عاجل بهدف سد "ثغرة قانونية خطيرة" ساهمت في بروز مجموعة متنامية من المتطرفين الذين يعمل الإرهابيون على تجنيد أفراد منهم.

وكذلك رأى الخبير البريطاني في مكافحة الإرهاب أن "طبيعة التطرف ومستواه المُمارس في الوقت الراهن في ظل القانون، يشكلان مصدراً مثيراً للذعر والخطر. فقد ضاعف عالم الإنترنت هذا التحدي خلال العقد الماضي من الزمن، ولم تتمكن قوانيننا من اللحاق بالركب".

استناداً إلى ذلك، طالبت هذه المراجعة الأمنية الحكومة ببناء إطار قانوني جديد يكون قابلاً للتطبيق، من أجل مكافحة "تطرف الكراهية" الذي لا يزال يتجاوز القوانين السارية. وقد حظيت النتائج التي توصلت إليها [المراجعة الأمنية]، بتأييد رئيسي الوزراء السابقين ديفيد كاميرون وطوني بلير، والرئيس الراهن لشرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة نيل باسو، وقادة دينيين منهم رئيس أساقفة كانتربري، والحاخام الأكبر للديانة اليهودية في بريطانيا، ورئيس "المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة".

واستطراداً، دعا التقرير الصادر عن المراجعة الأمنية إلى وجوب النظر في صلاحيات حظر الجماعات التي "تنخرط عن قصد وإمعان في تطرف الكراهية" التي ما زالت مغيبة في القوانين الراهنة المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وطالب التقرير أيضاً بفرض قيود إضافية على حيازة مواد ذات محتوى متطرف.

وفي ذلك الصدد، اعتبر التقرير أنه يتعين العمل على سد الثغرات التي تتيح في الوقت الراهن للناس تغذية روح الإرهاب وإثارة الكراهية العنصرية من دون التعرض للمحاكمة، من خلال سن تشريعات في هذا المجال تحدد تلك الجرائم الجنائية الجديدة وتعاقب عليها.

واستكمالاً، طالب التقرير بإعطاء سلطات لأجهزة إنفاذ القانون والهيئات التنظيمية والجهات الحكومية، تمكنها من التعامل مع مسألة تطرف الكراهية، وأن تُمنح تلك المسألة أولوية في المعالجة ضمن "مشروع قانون الأضرار على الإنترنت" الجديد Online Harms Bill (يستهدف وقف انتشار المحتوى الإلكتروني المؤذي).

في سياق مواز، نبهت سارة خان المستشارة المستقلة لحكومة المملكة المتحدة في ملف التطرف، إلى أنه "لا يمكن الاستمرار في السكوت عن الوضع الراهن". وفي مؤتمر صحافي، أشارت إلى "إننا أمام لحظة فاصلة لم يعد لدينا فيها خيار تقبل غياب إطار قانوني عن هذه المشكلة التي تزداد سوءاً. ثمة سؤال مطروح الآن عما إذا كانت لدى الحكومة إرادة سياسية في معالجة هذه القضية".

ونبهت السيدة خان التي تترأس "لجنة مكافحة التطرف"، إلى أن الجماعات الراديكالية والخطاب المتطرف، أوجدت "مناخاً مؤاتياً للإرهاب" من دون التورط بشكل مباشر في العنف. وضربت مثلاً على ذلك داعية الكراهية أنجم تشودري، الذي أوردت إنه عمل على تعبئة ما يراوح بين 70 و100 شخص وحضهم على ممارسة الإرهاب، في وقت لم تُجرَ محاكمته إلا في 2016، وذلك حصرياً استناداً إلى جريمة محددة تتمثل في دعوته إلى دعم "داعش"، بدلاً من مقاضاة سيرته الطويلة في الحض على التطرف. واستكمالاً لتلك الصورة، نبهت خان إلى أنه "في حال بروز شخص آخر يوماً ما، على نسق أنجم تشودري، فإننا سنجد أنفسنا أمام الموقف نفسه. لقد حاولت الحكومة على مدار فترة طويلة معالجة هذه المسألة الشائكة بالاستناد إلى مجموعة التشريعات المتعلقة بالإرهاب. وتكمن حجتنا في أن هذا النهج يشكل مساراً خاطئاً وفاشلاً". وبذا، خلصت رئيسة الهيئة التي تقدم النصح للحكومة البريطانية في موضوع التطرف، إلى التحذير من أنه، إضافة إلى تفاقم خطر انجذاب الناس نحو الإرهاب، فإن الجماعات المتطرفة تزرع الفِرقة في المجتمع وتقوض الديموقراطية، وتعمل على تجريم معارضين مفترضين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مسار متصل، كشف السير مارك عن أنه عندما تقاعد من منصب رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة في 2018، كان قلقاً للغاية من مسألة التطرف في البلاد.

وأضاف، "تمثل ما فاجأني في تنامي أعداد مجموعة الأفراد الذين يجنحون نحو التطرف، بحيث بات يتسنى للإرهابيين اختيار أشخاص منهم بهدف تجنيدهم. وفي الواقع، لا توجد هيئات تنفيذية تولي موضوع مكافحة الارهاب والتطرف اهتماماً خاصاً وتضعه أولوية في جدول أعمالها، بل يجري التعامل مع المسألة كلها بشكل عرضي، الأمر الذي يسهم في تصاعدها وتفاقمها".

في صورة عامة، يشار إلى أن الحكومة البريطانية سعت في 2015 إلى وضع مشروع قانون عن مكافحة التطرف، إلا أن التشريع المقترح أُلغي بسبب المعارضة الواسعة وعدم القدرة على إيجاد تعريف مقبول للتطرف من الناحية القانونية. وآنذاك، أفادت "لجنة مكافحة التطرف" بأن استخدام التعريف الذي وضعته في 2019، هو "تطرف الكراهية" hateful extremism الذي لم تعتمده الحكومة بعد، إنما يحدد إطار الراديكالية بشكل أكثر دقة على نحو لا ينتهك حرية التعبير.

وتوضيحاً، تعرف اللجنة "تطرف الكراهية" hateful extremism على أنه مبدأ يهدف إلى إشاعة وبث سردية مشحونة بالضغينة المعادية لـ"الجماعات الخارجة عن مفاهيمها"، الأمر الذي من شأنه أن يشكل حجة أخلاقية في ممارسة العنف، أو التسبب بضرر للأفراد أو المجتمعات أو المجتمع ككل.

واتصالاً بذلك، أوضحت السيدة خان إن إطار هذا المصطلح "غير محدد من الناحية الإيديولوجية"، بل يشمل الإسلاميين وجماعات أقصى اليمين وأقصى اليسار، وأولئك الذين ينتمون إلى "الثقافة الفرعية للعازبين" (المعروفة بـ Incel Subculture أو "العازبين غير الإردايين" Involuntary Celibates الذين يتسم خطابهم بالكراهية ضد النساء)، إضافة إلى غيرهم من الراديكاليين.

ويوضح السير مارك رولي أن التقرير "لا يدعو إلى استخدام القانون لتقييد كل شيء قد تشعر غالبية الناس بأنه رأي كريه ومرفوض"، بل يقترح [التقرير] تغييرات في القوانين تتيح استمرار النقاش المحتدم والتعليقات المثيرة للجدل والاتهامات".

وأضاف، "حان الوقت لنشمّر عن سواعدنا ونتصدى لهذه المسألة، [لأن] العواقب التي ستترتب على فشلنا في تحقيق ذلك ستكون وخيمة، فمسار العمل شائك ومثير للقلق. ثمة تزايد في أعداد الشباب ممن يسلكون طريق الراديكالية".

في مسار متصل، اطلعت بريتي باتيل وزيرة الداخلية البريطانية على مضمون التقرير، وتعمل على دراسة نتائجه. في المقابل، أكدت البارونة ويليامز وزيرة الدولة لشؤون مكافحة التطرف، أن "الحكومة ملتزمة بمواجهة أولئك الذين يبثون الخوف ويزرعون الفتنة والشقاق داخل مجتمعاتنا، ويحولون الآخرين إلى التطرف، ويدعمون الإرهاب".

ووفق كلمات من ويليامز، "إنني أشكر السيدة خان والسير مارك على تقريرهما. وستعكف وزارة الداخلية باهتمام كبير، على درس حصيلة النتائج التي توصلا إليها".

© The Independent

المزيد من دوليات