Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستتعافى لندن فيما أناسها يغادرونها وقطاع الضيافة قيد إقفال مديد؟

لندن تعاني هجرة واسعة والكساد يضرب مطاعمها وحاناتها

منطقة جسر لندن الشهيرة شوارعها خاوية من السكان والسياح بسبب إجراءات الإغلاق (أ ف ب)

بالنسبة إلى المدن الكبرى في العالم المتقدم، ستظل الندوب موجودة. وفي الواقع، لا يقدم الإطار الذي أعلنه بوريس جونسون عن كيفية إعادة فتح اقتصاد المملكة المتحدة، شيئاً كثيراً إلى لندن. اعملوا من المنازل، إذا استطعتم. تشكّل الضيافة أحد القطاعات الأخيرة التي سيُعَاد فتحها. السفر الجوي؟ من يدري؟

كل من يستطيع أن يتذكر لندن أو نيويورك في سبعينيات القرن العشرين يدرك ما يعنيه تعرض حاضرة كانت مزدهرة ذات يوم، إلى متاعب. لقد مضى البريق. لقد قلَّ المال. لقد ضعفت الجاذبية للمواهب.

تمثل لندن جيداً المدن العالمية، على الرغم من امتلاك نيويورك رسائل مماثلة، بل في بعض الأشكال [تملك نيويورك] رسائل أكثر إقلاقاً. وسأصل إلى هذه الرسائل بعد لحظة. على الورق، تجاوزت لندن أول ركود في شكل أفضل من بقية اقتصاد المملكة المتحدة. إذ تراجعت بـ16 في المئة في الفصل الثاني في مقابل حوالى 21 في المئة للاقتصاد ككل. لكن هذا ليس ما بدا، أو يبدو الآن حقاً. إنّ وسط لندن، لاسيما قلبها التجاري، مهجور.

وشرح ذلك مفاده أن بعض القطاعات كالخدمات الحكومية والمصارف والتأمين، تراجعت قليلاً جداً، وعوّضت بمرونتها النسبية الانهيار في السياحة والترفيه. في المقابل، جرت تلك الخدمات من المنازل إلى حد كبير. لم تكن الأرقام سيئة للغاية، لكن الواقع بالنسبة إلى الحياة المدينية جاء مروعاً.

وفي نيويورك، حدث الشيء نفسه تقريباً. إذ تفتح المدينة أبوابها ببطء الآن لكن إدارة سينما تعمل بـ25 في المئة من سعتها، ولا أكثر من 50 شخصاً لكل شاشة [في صالاتها]، لن تولّد كثيراً من الشعور بالمتعة.

وبفضل ازدهار الأسواق المالية، يبدو اقتصاد نيويورك على ما يرام. إذ شهد المصرف الأكبر فيها، "جاي بي مورغان"، سنة طيبة في ظل عوائد قياسية من التداولات. لكن، إلى حد أكبر بالمقارنة بلندن، انتقل الأثرياء إلى خارج المدينة، ربما إلى منازلهم الصيفية في "لونغ آيلاند"، أو على نحو أكثر إقلاقاً، إلى ولاية فلوريدا. أما الكتلة الأقل ثراءً من الناس، التي تدير خدمات تُبقي القطاعات عاملة، فإنها عالقة في ورطة بسبب انهيار الأعمال.

إليكم الآن الجزء الأكثر إقلاقاً. إذا إمكن لأهل لندن الأثرياء العمل من منزل ثانٍ، لنقل إنه موجود في "ديفون" مثلاً، شرط أن يحافظوا على عنوانهم في لندن، فسيواصلون دفع الضريبة نفسها. والواقع أن تغييرهم موقع قاعدة عملهم أمر سيّء بالنسبة إلى اقتصاد وسط لندن التجاري، لكن الأثر الإجمالي في الأوضاع المالية في البلاد ضئيل. في المقابل، إذا انتقل أولئك الأثرياء إلى سويسرا، فستكون تلك لعبة مختلفة، لكن هذا ليس خياراً متاحاً لدى غالبية الناس.

وفي نيويورك، ثمة ضربة للقاعدة الضريبية إضافة إلى التأثير المحلي. إذا كان العمل من المنزل يعني النهوض به من مدينة ميامي، تخسر نيويورك ضريبة الدخل المحلية، وتفقد الأمة ككل عوائد ضريبية، لأن فلوريدا لا تفرض ضريبة على الدخل. وفجأة تحول التسرب إلى فيضان، مع إعطاء الجائحة دفعة قوية لحركة قائمة فعلاً.

وعلى المستوى السياسي، يبدو الأمر ضخماً للغاية، خصوصاً في نيويورك، حيث أصبح أندرو يانغ، رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا والمعلق السياسي لدى شبكة "سي إن إن"، المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً لمنصب رئيس البلدية. وستكون مهمته صعبة. في المقابل، بالنسبة إلى أي شخص يفكر في مستقبل المدن عموماً، فلربما يفيد بأن ننظر في الاقتصاد وليس في المجال السياسي.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما هي السرعة التي ستعود بها الأعمال؟ لا نستطيع أن نعرف إلا أننا نستطيع أن نرى سؤالين كبيرين، ستمنحنا الإجابات عنهما شعوراً بما قد يحدث. يتمحور الأول عن مدى أهمية القرب (من مراكز المدن)، ويستفهم الثاني عمّا يريد الشباب أن يفعلوه.

يكتسب السؤال الأول أهمية كبيرة. إذا كان العمل من المنزل على القدر نفسه من الكفاءة حقاً، لا نحتاج إلى مكاتب في قلب المدن. ولا يوجد توافق في الآراء في شأن إشغال المكاتب بمجرد استقرار الأمور. في الخريف الماضي، بدا الناس كأنهم يندفعون عائدين إلى مكاتب لندن، لكن ذلك اختفى بسرعة مع الإغلاق الحالي. وفي لندن، يفيد بنك "إتش إس بي سي" بأنه سيخفض مساحة المكاتب بحوالى 40 في المئة. ويشير رئيسه التنفيذي، نويل كوين إلى إنه "سيكون هناك مزيد من النموذج الهجين الذي يرتكز على العاملين في المكاتب، لكن بطريقة مختلفة، ويعتمد أيضاً على العمل من المنازل عندما يريدون".

وفي الولايات المتحدة، يبلغ متوسط إشغال المكاتب قرابة الـ25 في المئة، ويتراوح بين 36 في المئة في "هيوستن" و13 في المئة في سان فرانسيسكو. في المقابل، لا تعطينا البيانات الحالية قدراً كبيراً من المعلومات عما سيحمله المستقبل. وإذا أدى القرب (أي التواجد في مكاتب العمل) في واقع الأمر إلى إنتاجية أعلى، سنعود إلى المكاتب.

وأنا أُولِي قدراً أقل كثيراً من الاهتمام إلى السؤال الثاني بشأن "ماذا يريد الشباب؟". في الواقع، ليست لدينا أي فكرة. نعلم أن الشباب الأكثر طموحاً تدفقوا على مدى أجيال إلى الأمكنة التي يرون فيها أفضل مزيج بين فرص العمل والنشاط الاجتماعي [بمعنى المزج بين] الوظائف والمرح. وقد تُرجِمَ ذلك بازدهار المدن الكبرى في مختلف أنحاء العالم، ويحمل الناس مساحة سكنية محدودة والجوانب السلبية الأخرى كلها من الحياة المدينية.

والآن، يبدو الأمر كأن المدن ستكون أقل عرضة إلى الضغط بعض الشيء. وإذا أصبح هدف "إتش إس بي سي" معياراً، سيتوفر كثير من العقارات التي تسعى إلى وظائف جديدة. وستنخفض الإيجارات. وستكون المدن أكثر شبهاً ببرلين، [بمعنى أنها] "فقيرة لكن جذابة"، وأقل شبهاً بلندن أو نيويورك.

وفي اعتقادي، ستميل المدن الكبرى في العالم المتقدم بقدر ضئيل صوب الرؤية التي أوردها رئيس بلدية برلين في 2003، عن تلك المدينة، بل ستنتهي [المدن الكبرى] في واقع الأمر، إلى شيء أشبه برؤية "دويتشه بنك" إلى المدينة نفسها [بمعنى أنها] "ثرية ومبتكرة".

في المقابل، أنا واثق من شيء واحد يتمثّل في أن الشباب هم الذي سينقذون لندن ونيويورك والمدن الكبرى الأخرى. إذ لا يستطيع كبار السن أن يفعلوا ذلك.

© The Independent

المزيد من آراء