Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حراك الجزائر" يحتفل بذكراه الثانية ويستمر بالدعوة لرحيل النظام

يرى مراقبون أن الأجدر بالسلطة أن تعيد قراءة خريطة طريقها خصوصاً بعد صدور نتائج الاستفتاء على الدستور

كشف إحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي الجزائري عن عودة "التوتر" بين السلطة و"حراك 22 فبراير2021"، ففي وقت اعتبرت الحكومة أن خروج مواطنين إلى الشارع يشكّل احتفالاً بـ"اليوم الوطني للأخوّة والتلاحم"، رأى متظاهرون فيه استمراراً لـ"انتفاضة 22 فبراير 2019".

شعارات وصيحات

وأظهرت الشعارات واللافتات المرفوعة والصيحات المدوّية التي رافقت المسيرات التي شهدتها مختلف مدن الجزائر، أن هوية الحراك تغيّرت، مقارنةً بتظاهرات 22 فبراير 2019، التي اندلعت بـ"عفوية ومن دون سابق إنذار" من أجل إسقاط "الولاية الخامسة" للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ومحاربة الفساد وإحداث التغيير. وقدّم ضعف الزخم وتراجع أعداد المشاركين في 22 فبرير 2021، دليلاً على توجّه مؤطّر بعد حدوث اختراق ما في صفوف المتظاهرين.

"نحن لسنا هنا للاحتفال، وإنما للمطالبة برحيلكم"، أحد الشعارات التي تؤكد الصراع بين السلطة التي اعتبرت أن المسيرات احتفالية، وجزء من الحراك الذي يشدد على أن الخروج إلى الشارع يستهدف رحيل النظام. وهو ما يطرح التساؤل: ماذا يريد ما تبقّى من الحراك؟

إعادة الثقة وفتح حوار
الناشط السياسي حسين خلدون، رأى أنه "كان أجدر بالسلطة أن تعيد قراءة خريطة طريقها بعد نتائج الاستفتاء الشعبي الأخير حول الدستور، وألا تستمر في سياسة الهروب إلى الأمام. ومراجعة الذات ليست تراجعاً ولا عيباً، لأن السياسة الحكيمة هي التي تواجه الحقيقة ولا تتستّر وراء مواقف شعبوية لن يتعدّى مداها مدى الحبر الذي صيغت به مفرداتها". وأضاف أن "احتواء الحراك الشعبي لن يتم إلا بقرارات ثورية تعيد إلى الشعب الجزائري ثقته بوطنه"، مشدداً على أن "استمرار الحراك في المسيرات السلمية والتمسك بالمطالب المشروعة والمعقولة، بمثابة سلطة مضادة تحفظ السلطة من أي انزلاق في أهوائها إلى حين إعادة بناء الثقة بين المواطن ودولته من خلال إيجاد مؤسسات تحظى بتزكية الشعب وتعمل بكل شفافية، بعيداً من كل الشبهات".

وتابع الناشط الجزائري "أنصح بفتح حوار حقيقي هادئ ومسؤول يفضي إلى رسم خريطة طريق نحو عهد جديد تكون فيه الجبهة الداخلية موحّدة لمواجهة كل التحديات والمخاطر التي تتهدد أمتنا واستقرارنا". وأوضح خلدون، "أقصد بالحوار الحقيقي إشراك الأطراف الفاعلة والوازنة في المجتمع وليس أولئك الذين يعرفهم الشعب بمواقفهم في المحطات السابقة، إذ تحالفوا ضد الشرعية الشعبية وساندوا توقيف مسار الانتخابات في التسعينيات، وانضموا إلى هيئة غير دستورية سُمّيت آنذاك بالمجلس الاستشاري، ثم المجلس الانتقالي بعدما تم حل البرلمان في ظروف لا تزال غامضة إلى اليوم".

انتقال سياسي حقيقي

كذلك، قال الحقوقي عبد الغني بادي، أحد أبرز رموز الحراك في الجزائر، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "الحراك يريد انتقالاً سياسياً حقيقياً وليس مناورات وخداعاً سلطوياً يهدف إلى مصادرة الإرادة الشعبية مجدداً"، مضيفاً أن "الحراك واعٍ جداً إلى أن ما حدث مجرد تحايل واضح، وأن الحقوق والحريات الأساسية عادت إلى وضع أسوأ مما كانت عليه، وأن كل المسارات التي اتّخذتها السلطة السياسية هدفها القضاء على الحراك".
من جهة أخرى، وبقدر ما راهنت السلطة على تهدئة الحراك من خلال إصدار الرئيس عبد المجيد تبون قرارات عدة أهمها إطلاق سراح "حراكيين" وحل البرلمان، جاءت عودة وجوه من النظام السابق إلى واجهة الحياة السياسية، لتفسد محاولة التقارب بين الطرفين وتحويل إحياء الذكرى إلى احتفالية حقيقية بـ"اليوم الوطني للأخوة والتلاحم"، وذلك بعد تعيين محمد علي بوغازي، المستشار السابق لبوتفليقة، وزيراً للسياحة، ودليلة بوجمعة وزيرةً للبيئة، الأمر الذي زرع بذور الشك في نفوس الجزائريين ومنح حراك 22 فبراير 2021 بعض المصداقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الرئيس أطلق قطار التغيير والتجديد؟

في سياق متصل، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر في كلمة بمناسبة الذكرى الثانية للحراك، أن الرئيس تبون "ارتقى، وهو يرسم اليوم الوطني للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه، بمعاني التضامن والوحدة والأخوة والتلاحم في ما بينهما لخدمة الديمقراطية وتحقيق التنمية المستحقة على كامل تراب الجزائر"، موضحاً أنه "على الرغم من قصر الظرف والوضع الاستثنائي الذي يمر به الوطن والعالم بسبب وباء كورونا، إلا أن الجزائر أطلقت قطار التغيير والتجديد باتجاه التأسيس لديمقراطية تمثيلية، تشاركية فعلية ترتكز على تطوير منظومة الحقوق والحريات ومواكبة الثورة التكنولوجية الزاحفة". وأضاف بلحيمر أن "هذا الجهد الذي يترجم التزامات رئيس الجمهورية بإحداث تغييرات جذرية وتحولات نوعية من أجل إرساء دولة القانون واقتلاع جذور الفساد، كُلِّل أساساً بدستور جديد عزز الحريات والحقوق، لا سيما حقوق المرأة والشباب".

الخروج غير احتفالي

في المقابل، استبعد الحقوقي سليمان شرقي أن "يكون هدف الذين خرجوا في مسيرات هو الاحتفال، وإنما لأنهم متأكدون أن أهداف حراكهم لم تتحقق بعد"، موضحاً أن "إسقاط واجهة النظام ووقف مهزلة العهدة الخامسة، لم تحسّن من الوضع العام للبلاد والعباد، ليس في الجانب الاجتماعي فحسب، وإنما على كل المستويات، فلا انفتاح سياسي ولا إعلامي، بل لا تزال الحقوق الفردية والجماعية مقيّدة، لذلك وجد هؤلاء في تلك الذكرى مناسبة لبثّ الزخم من جديد لمواصلة المسيرة السلمية بالمطالب ذاتها". وختم "هؤلاء ينصحون السلطة باختصار الجهد والوقت والمال والبحث عن الحل المراد والتمهيد لانفتاح أعمق يفضي لذهاب آمن لهذا النظام".

المزيد من العالم العربي