Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تدعم التسوية الليبية بالتحضير لإعادة فتح سفارتها في طرابلس

نشطت القاهرة في السنوات الأخيرة على خط حل النزاع الليبي رغم غياب التمثيل الرسمي

جانب من استقبال سيالة الوفد المصري في طرابلس يوم الإثنين 15 فبراير الحالي (صفحة وزارة خارجية حكومة الوفاق)

لطالما شكلت الأزمة الليبية محط اهتمام واسع من قبل مصر، على الرغم من تعقيد المشهد وكثرة التدخلات الخارجية، التي انعكست سلباً على الأمن القومي المصري، لكن المصالح المشتركة ورغبة القاهرة في إنهاء معاناة جارتها، هو ما دفع الدبلوماسية المصرية إلى العودة إلى طرابلس بعد إغلاق السفارة منذ عام 2014 عقب اختطاف 5 دبلوماسيين مصريين.
وبدأت خطوات العودة المصرية منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بزيارة أجراها وفد وزاري يقوده رئيس اللجنة المعنية بالملف الليبي اللواء أيمن بديع إلى العاصمة طرابلس، رأى فيها كثير من الليبيين "اختراقاً مصرياً جديداً للأزمة الليبية".
واستكمالاً لتلك الخطوة، وصل وفد مصري برئاسة السفير محمد ثروت، مدير مكتب وزير الخارجية سامح شكري إلى طرابلس، الإثنين الماضي 15 فبراير، والتقى وزير خارجية "حكومة الوفاق" محمد الطاهر سيالة، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وبحث معهما ترتيبات إعادة افتتاح السفارة المصرية بطرابلس والقنصلية ببنغازي، وشؤون أخرى تهدف إلى تفعيل العلاقات الثنائية.
وأكد الوفد حرص مصر على أمن واستقرار ليبيا، كما تمنى للحكومة الجديدة "كل التوفيق في إنجاز متطلبات واستحقاقات هذه المرحلة وصولاً إلى موعد تنظيم الانتخابات المقرر في 24 ديسمبر المقبل". وأعلن الوفد المصري "البدء بخطوات عملية لإعادة افتتاح مقر السفارة المصرية بطرابلس بما سيسهم في تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين، وبخاصة في مجال تقديم الخدمات والتسهيلات القنصلية على المواطنين في البلدين». وتفقد الوفد المصري مبنى السفارة من أجل تقييم الوضع داخل المبنى وإطلاق عملية الترميم.
وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية أن "موعد إعادة فتح السفارة في طرابلس لم يتحدد بعد"، مؤكدةً أن ذلك سيتم "بعد التشاور مع كبار المسؤولين في ليبيا". وأوضحت المصادر أن "إعادة فتح السفارة تشكل خطوة أولى نحو تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني مع السلطات في طرابلس"، مشددة على أن "مصر ستظل منخرطة بقوة في الشأن الليبي لمصلحة الليبيين أنفسهم".


مرتكزات الدور المصري

ولطالما اتسمت العلاقات الليبية- المصرية بالخصوصية، نظراً إلى التواصل والتصاهر بين الشعبين عبر التاريخ. وكان لمصر دور تاريخي في دعم حركات النضال منذ الاحتلال الإيطالي مروراً بالاستقلال. وعلى الرغم من المد والجزر بين الحكومات الليبية والمصرية المختلفة، لكن أواصر الدم والتاريخ المشترك لم تنقطع بين الشعبين. وكان لمصر دور مهم في رفع الحصار عن ليبيا إبان فترة حكم معمر القذافي وعارضت كل أنواع الغزو الأميركي– الغربي. كما نادت مصر طوال الأزمة الليبية الأخيرة بتهيئة الأجواء والعمل على المصالحة الوطنية من أجل وحدة وسلامة واستقرار ليبيا.
ويتسم الدور المصري في ليبيا بفاعلية كبيرة نظراً لارتباط السلطات المصرية بعلاقات وثيقة ومتوازنة مع مختلف الأطراف السياسية في ليبيا على اختلاف مشاربها. كما أبدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اهتماماً شخصياً خلال لقائه قادة مختلف التيارات الليبية، وتكليفه لجنة وزارية مصرية تعنى بالملف الليبي في أغسطس (آب) 2016. وعقدت اللجنة سلسلة اجتماعات ولقاءات مع مختلف الأطراف الليبية، وانصب نشاطها في اتجاه تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة، للتوصل إلى حل يسهم في الخروج من الأزمة الليبية عبر الحوار السلمي بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وعلى الرغم من أنه لم تكن لها بعثة دبلوماسية أو وكيل يدير مصالحها في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، ظلت مصر متواجدة في المشهد الليبي من خلال التواصل مع القبائل الليبية وإجراء زيارات دبلوماسية لشخصيات وطنية وبرلمانية ومن مجلس الدولة من الغرب الليبي. واستضافت مصر اجتماعات مهمة من أجل تهيئة الأجواء للمصالحة الليبية في القاهرة وشرم الشيخ والغردقة، كما عقدت لقاءات للقبائل وأعيان الجنوب وشخصيات برلمانية، لإيجاد تفاهمات وتهيئة الأجواء. كما تواصلت مصر مع وزير الداخلية فتحي باشاغا، وكان لها دور مهم في اجتماعات اللجنة العسكرية من أجل التوصل إلى توحيد القوات المسلحة الليبية. كما توسطت مصر في وقف إطلاق النار بين "قوات الجيش الوطني" و"قوات حكومة الوفاق" العام الماضي لتسهيل عودة ضخ النفط، واستضافت، أخيراً، اجتماعات الغردقة الدستورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المبادرة المصرية 

في يونيو (حزيران) 2020، أطلقت مصر مبادرتها عبر "إعلان القاهرة" لحل الأزمة الليبية، التي تم التوصل إليها مع قائد "الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح. وشدد السيسي خلال الإعلان عن المبادرة أنه "إذا صدقت نوايا الجميع ستكون بداية مرحلة جديدة لعودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا". وركزت بنود المبادرة على "التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن، والتزام كل الأطراف بوقف النار اعتباراً من 8 يونيو، وارتكاز المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين، التي نتج عنها حل سياسي شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية)، واحترام حقوق الإنسان، واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية، إضافة إلى استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهماتها العسكرية والأمنية في البلاد".


مصر تتحرك مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي 


منذ بداية الأزمة الليبية ومصر تتحرك مع المجتمعين الإقليمي والدولي لدعم العملية السياسية ووقف العنف والاقتتال الداخلي، وحض الأطراف الدولية على وقف إمداد الأطراف الداخلية بالأسلحة والمعدات العسكرية وكل ما يغذي حالة الحرب. وسعت مصر في محيطها الإقليمي، لتكون أيضاً طرفاً فاعلاً في أي تسوية سياسية داخل ليبيا، يتم التوصل إليها عبر مبادرات واجتماعات مشتركة مع دول الجوار وبخاصة تونس والجزائر، خصوصاً مع تصاعد التدخلات الخارجية ومحاولات فرض النفوذ من قبل قوى دولية تسعى إلى إعادة تشكيل الواقع السياسي في ليبيا بما يخدم مصالحها ويضر بالمصالح المصرية.
كما تواجدت مصر في كل المؤتمرات والاجتماعات الدولية في باريس، وباليرمو وأبوظبي وجنيف وكل المحافل الدولية التي دعت إلى ضرورة حل الأزمة الليبية بالوسائل السلمية، مؤكدة رفضها الدائم لأي حل عسكري، وداعية في الوقت ذاته إلى خروج كل القوات الأجنبية من الأراضي الليبية من أجل استقرار ووحدة وسلامة أراضيه.
واعتبر الكاتب الليبي الأمين مازن أنه "يتعذر على كل ذي بصيرة أن ينكر الدور المصري في ليبيا خلال الفترة الماضية، لما لمصر من حضور دولي ولموقعها الجغرافي وتجلياته على أكثر من صعيد ومكان، ما يفرض على كل ذي بصيرة أن يثمن كل خطوة مصرية في الاتجاه الليبي".

المزيد من العالم العربي