Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع التضخم في بريطانيا وتوقعات بالمزيد خلال الفترة المقبلة

وزير الخزانة تحت ضغط زيادة الاقتراض قبل إعلان الموازنة

توقع اقتصاديون ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة في يناير مع بدء تطبيق التعرفة الجمركية على الواردات الأوروبية (أ ف ب)

ارتفع معدل التضخم في بريطانيا الشهر الماضي نتيجة زيادة أسعار المواد الغذائية وانعدام الخصومات على السلع المنزلية، وأعلن مكتب الإحصاء الوطني الأربعاء، 17 فبراير (شباط)، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 0.7 في المئة، مقارنة بـ 0.6 في المئة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2020، وجاء أعلى من توقعات الاقتصاديين والمحللين الذي قدروا تراجعه إلى نسبة 0.5 في المئة.

وأشار مكتب الإحصاء الوطني إلى أنه لم يلاحظ تأثيراً واضحاً لرسوم الجمارك وكلفة النقل نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" على الأسعار في يناير. وكان اقتصاديون توقعوا ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة في يناير مع بدء تطبيق التعرفة الجمركية على الواردات الأوروبية.

وقدّر المكتب زيادة المبيعات في يناير على الرغم من الإغلاق الحالي للحد من انتشار كورونا، ولم تشهد السلع المنزلية خصومات سوى على الملابس والأحذية، أما المواد الغذائية فارتفعت أسعارها 0.6 في المئة ما بين ديسمبر ويناير، مقارنة مع انخفاض أسعارها 0.2- في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بينما انخفضت أسعار الأثاث 1.5 في المئة، وانخفضت أسعار الملابس والأحذية 4.9 في المئة، وهي أعلى نسبة انخفاض منذ سبع سنوات.

ارتفاع سريع لمعدل التضخم

وكان بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) توقع قبل أيام أن يرتفع معدل التضخم بقوة ليقترب من المعدل المستهدف عند نسبة اثنين في المئة، ربما بحلول الربيع حين تنتهي فترة الخفض المؤقت لضريبة القيمة المضافة.

وفي تعليقه على أرقام مكتب الإحصاء الوطني، قال يائيل سيلفين الاقتصادي في شركة "كيه بي إم جي" في مقابلة مع "سكاي نيوز"، "نتوقع أن يتسارع ارتفاع معدل التضخم هذا العام مع التعافي الاقتصادي التدريجي وارتفاع أسعار النفط وإلغاء الخفض المؤقت في ضريبة القيمة المضافة، كما أن تأثير بريكست على سلاسل الإمداد سينعكس بارتفاع الأسعار للمستهلكين، ومع ذلك فمن غير المرجح أن يتجاوز معدل التضخم الحد المستهدف من بنك إنجلترا عن اثنين في المئة، والأرجح أن يصل إلى 1.7 في المئة خلال 2021 و1.9 في المئة عام 2022، مما يسمح باستمرار معدلات الفائدة منخفضة لمدة أطول بغرض دعم التعافي الاقتصادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنفاق بالاقتراض

ومهما ارتفع معدل التضخم فلن يؤثر كثيراً في السياسة النقدية لبنك إنجلترا، الذي لن يلجأ للتشديد النقدي إلا إذا ارتفع معدل التضخم عن سقف نسبة اثنين في المئة، كما أن البنك تعهد باستمرار برنامجه للتيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد حتى تصبح الضغوط التضخمية قوية وسريعة.

لكن وزير الخزانة ريشي سوناك يواجه معضلة أخرى، وهو يعكف على إعداد مسودة الموازنة العامة التي سيطرحها على البرلمان الشهر المقبل، وتتمثل في زيادة الدين العام وعجز الموازنة في مقابل الحاجة للاستمرار، فيدعم الاقتصاد حتى يبدأ التعافي من أزمة وباء كورونا.

وبلغ الاقتراض الحكومي في ديسمبر الماضي أعلى مستوى له على الإطلاق ليصل إلى حوالى 47 مليار دولار (34.1 مليار جنيه إسترليني) بحسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني، وبذلك الاقتراض الشهري يصل حجم العجز في الموازنة البريطانية بنهاية العام إلى نحو 375 مليار دولار (271 مليار جنيه إسترليني)، بمعنى أن عجز الموازنة وصل إلى 99.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أعلى نسبة دَين حكومي للناتج المحلي الإجمالي منذ العام 1962. وسبق أن قدّر مكتب مسؤولية الموازنة أن يصل حجم الاقتراض الحكومي بنهاية السنة المالية الحالية آخر مارس (آذار) المقبل إلى حوالى 545 مليار دولار (394 مليار جنيه إسترليني).

سد فجوة العجز

ويطالب عدد من الاقتصاديين البريطانيين وزير الخزانة بالاستمرار في الإنفاق وعدم البدء في سد فجوة العجز الآن، خصوصاً وأن كلفة الاقتراض ما زالت شبه معدومة مع أسعار الفائدة قرب الصفر، وهو ما سيستمر لفترة. وحين يبدأ الاقتصاد في النمو بقوة مع احتمالات زيادة التضخم وارتفاع كلفة الدين العام، سيكون معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي كافياً لتقليل نسبة الدَين منه، أي ببساطة، كما هي النظرية الاقتصادية التقليدية، سيتكفل النمو بتمويل الدين.

وتأتي تلك الآراء الاقتصادية متّسقة مع دعوات المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للاقتصادات المتقدمة بمواصلة الإنفاق بالاقتراض، للخروج بالاقتصاد من الأزمة الحالية، ويطالب هؤلاء باقتفاء أثر الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الذي طرح خطة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار.

لكن معهد الدراسات المالية في بريطانيا ينصح بأن يكون الإنفاق بالاقتراض موجهاً لقطاعات وبرامج معينة، كما يشير على وزير الخزانة بألا يتوسع في الاقتراض ما لم يكن مستعداً لزيادة الضرائب في وقت لاحق.

وبحساب إجمالي ما تم إنفاقه من حزم تحفيز اقتصادية منذ مارس (آذار) الماضي لدعم الاقتصاد في مواجهة أزمة وباء كورونا، نجد أن نسبة ذلك الإنفاق من الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا في حدود ستة في المئة، بينما تصل في الولايات المتحدة إلى نحو 16 في المئة، وبإضافة الحزمة الأخيرة لإدارة بايدن تقترب من 25 في المئة، لكن بريطانيا تظل نسبياً أفضل من الاتحاد الأوروبي بحيث لا تزيد حزم التحفيز المالي التي قدمتها المفوضية الأوروبية حتى الآن عن أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.

المزيد من اقتصاد