Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقلاب ميانمار دليل آخر على أن الديمقراطية في خطر

ينبغي على الدول التأكيد على أن حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية هي قيم عالمية وبالتالي فهي قضايا ذات اهتمام دولي مشروع

تشهد الديمقراطية والحرية تراجعاً متزايداً في مختلف أنحاء العالم.

بدأ هذا العام باعتقال 55 سياسياً وناشطاً مؤيداً للديمقراطية في هونغ كونغ بـسبب "جريمة" بسيطة تتعلق بإجراء انتخابات أولية لاختيار مرشحيهم للهيئة التشريعية. وفي تايلاند وبيلاروسيا وروسيا، رأينا أيضاً احتجاجات من أجل الديمقراطية. ثم في مطلع الشهر شهدنا انقلاباً في ميانمار أطاح بحكومة أونغ سان سو كي المنتخبة ديمقراطياً، ما أثار أكبر مظاهرات عرفتها البلاد منذ أكثر من 14 عاماً.

ثمة درس واضح واحد من كل هذا، وهو أنّ على الديمقراطيين الوقوف سوياً، وعلى العالم الحر أن يتحد لاتخاذ إجراءات.

كان الانقلاب في ميانمار مفجعاً بشكل خاص لأنه جاء بعد عقد من التحرر. فعندما رُفعت الإقامة الجبرية على سو كي قبل ما يزيد عن 10 سنوات، كان قليلون هم من توقعوا أن يذهب النظام العسكري الحاكم أبعد من ذلك. لكن على مدى السنوات اللاحقة، تم إطلاق سراح السجناء السياسيين والاتفاق على وقف إطلاق النار مع العديد من الجماعات العرقية المسلحة في البلاد، وفُتح المجال للمجتمع المدني ووسائل الإعلام (للتحرك). وفي عام 2015، تم إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة فعلياً في البلاد منذ ربع قرن، وحققت الرابطة الوطنية للديمقراطية (NLD) التابعة لـ سوكي فوزاً ساحقاً.

انتقلت السلطة إلى حزبها وتولت منصب رئيسة الحكومة بحكم الأمر الواقع، بينما احتفظ الجيش - بموجب الدستور الذي كتبه أعضائه - بالسيطرة على ثلاث وزارات رئيسية: الشؤون الداخلية وشؤون الحدود والدفاع. كما تحكم الجيش في ميزانيته الخاصة وعلى ربع المقاعد في البرلمان.

كان هذا التوافق بين الديمقراطيين والعسكريين هشاً، ما أدى في السنوات القليلة الماضية إلى مزيد من القمع، الشيء الذي أساء إلى سمعة سو كي على الصعيد الدولي، في ظل مزاعم تغطيتها على (انتهاكات) الجيش. لكنها على الأقل وضعت ميانمار على طريق الديمقراطية - أو هكذا كنا نأمل.

غير أنّ هذا الأمل بدّده الانقلاب، الذي لا يمثل مجرد هجوم على سو كي وحدها أو على حكومتها، وإنما على الديمقراطية نفسها. ففي انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فازت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بقيادة سو كي بولاية ثانية بشكل لا لبس فيه، ولا يوجد دليل يدعم مزاعم الجيش بتزوير أصوات الناخبين. وفي الواقع، تعد مثل هذه المزاعم سخيفة لكونها صدرت من جيش احتال على الشعب على مدى عقود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسط هذا الوضع، كانت استجابة المجتمع الدولي متباينة. لقد سمعنا إدانة قوية من الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والقادة الأوروبيين. لكن تايلاند اعتبرت الانقلاب شأناً داخلياً لجارتها، ووصفته الصين، بشكل يتنافى مع العقل، بأنه "تعديل حكومي كبير".  لكن التعديلات الحكومية تقتضي حدوث إقالات واستقالات وليس إقالة واعتقال جميع وزراء الحكومة، إلى جانب نشطاء المجتمع المدني الذين لا علاقة لهم بسو كي.

كان دور الصين مثيراً للقلق بشكل خاص. ففي الشهر الماضي، التقى زعيم الانقلاب في ميانمار، القائد العام للجيش، الجنرال مين أونغ هلينج، بوزير الخارجية الصيني وانغ يي. ويُعتقد أنه تطرق مع ضيفه لمزاعم الجيش بشأن تزوير الانتخابات. وفي حين أننا بالطبع لا نعرف ماذا كان رد الصين (على تلك المزاعم بالتزوير)، لكن يبدو من غير المحتمل أن يكون الجنرال قد مضى في الانقلاب من دون أن يكون واثقاً من دعم بكين.

يجب على العالم الحر أن يؤكد أن حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية هي قيم عالمية، وبالتالي فهي قضايا ذات اهتمام دولي مشروع. إنها ليست "مسائل داخلية" متعلقة بالسيادة، ولكنها ركائز أساسية للنظام الدولي القائم على القواعد. فعندما يتم الانقلاب على الديمقراطية بالطريقة التي رأيناها في ميانمار، وعندما يتم هدم الحرية كما حدث في هونغ كونغ، فإن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الرد.

لهذا السبب، يجب على العالم الديمقراطي أن يتحد ليس فقط في إدانة انقلاب ميانمار، ولكن أيضاً في التحرك لفرض عقوبات صارمة وموجهة - ليس ضد شعب ميانمار، ولكن ضد جيشها ومؤسساته وأصوله.

كما يجب على العالم الديمقراطي أن يجد سُبلاً لمواجهة النفوذ المتزايد للصين، ليس فقط من خلال الإجراءات العقابية ضد منتهكي حقوق الإنسان، ولكن أيضاً من خلال الاستثمار في القوة الناعمة والتكنولوجيا لدعم المناضلين المتواجدين على الخطوط الأمامية من أجل الحرية. ويمكن أن يشمل هذا تطوير طرق الالتفاف حول آلية الرقابة الصينية على الانترنت والمعروفة بـ "الجدار الناري العظيم،" والتي تُصدّرها الصين إلى أنظمة دكتاتورية أخرى. بالنسبة للنشطاء في ميانمار وهونغ كونغ على حد سواء، تعتبر الإنترنت شريان الحياة نحو العالم الخارجي، لكن شريان الحياة هذا بات مهدداً بالقطع بشكل متزايد.

كل هذا يجعل قمة الديمقراطيات التي اقترحها الرئيس بايدن، وتأسيس مجموعة "الديمقراطية العشر" التي تباهى بها بوريس جونسون كثيراً أمراً ملائما في هذا الوقت.

يجب على الدول المحبة للحرية أن تعي أنه عندما يتم الانقلاب على ديمقراطية وليدة كما هو الحال في ميانمار، ويُداس على الحريات والاستقلال الذاتي في انتهاك لمعاهدة دولية، كما هو الحال في هونغ كونغ، فإن ذلك يشكل خطراً ليس فقط على الناس المتواجدين في الميدان ولكن على النظام الدولي القائم على القواعد وعلى الحرية نفسها.

لهذا السبب، يجب على النشطاء الذين يناضلون من أجل هذه القضية في أنحاء مختلفة من العالم، تعزيز روابطنا مع بعضنا البعض والتضامن معاً، ويجب أن تتحد الديمقراطيات للدفاع عن قيمنا المشتركة في مواجهة التهديد المتزايد لنا جميعاً من الأنظمة الاستبدادية والطغاة.

(ناثان لو كوون تشانغ، ناشط مؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ، وبنيديكت روجرز، ناشط وكاتب في مجال حقوق الإنسان)

© The Independent

المزيد من آراء