عقد مجلس النواب الليبي، الاثنين في مدينة طبرق، جلسة تشاورية لمنح الثقة لحكومة الوحدة التي يرأسها عبد الحميد دبيبة، ويعقد نظيره الموازي في صبراتة في الغرب الليبي جلسة مماثلة اليوم الثلاثاء، تبحث الموضوع نفسه، في مشهد يعكر صفو التفاؤل الذي يسود الشارع الليبي منذ تشكيل السلطات التنفيذية، التي ينتظر منها قيادة مركب البلد المترنح بعد عقد من الاضطرابات إلى بر الانتخابات نهاية العام الحالي.
وفي الوقت الذي يجهز رئيس الوزراء الجديد قائمته الحكومية لعرضها على البرلمان لنيل الثقة، لا حديث في ليبيا إلا عن الانقسام البرلماني المقلق، ولا سؤال يشغل الأذهان سوى أين سيعرض دبيبة تشكيلته الوزارية، في سرت التي اختارها عقيلة صالح مقراً للجلسة المرتقبة، أم صبراتة التي تجمع فيها غالبية النواب للغرض نفسه؟
اجتماع في طبرق ودعوة لسرت
وناقش مجلس نواب طبرق برئاسة عقيلة صالح، الترتيبات اللازمة للنظر في منح الثقة للحكومة الجديدة. وقال متحدث المجلس عبد الله بليحق، إن "الجلسة افتتحت بكلمة لرئيس البرلمان، دعا فيها إلى ضرورة التئام النواب، لمنح الثقة للحكومة القادمة".
وأضاف، "بعد المداولات خلصت الجلسة إلى تأكيد مطالبة الحكومة الجديدة بضرورة تمثيل الأقاليم الجغرافية الثلاثة لليبيا فيها من دون تهميش، والعمل على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة بأسرع وقت ممكن، وأن تعمل من مدينة سرت في وسط ليبيا، كما جرى الاتفاق عليه سابقاً".
وأوضح بليحق أنه جرى الاتفاق على "عقد جلسة خاصة في مدينة سرت، لمناقشة منح الثقة للحكومة، بعد موافقة لجنة 5 +5". مشيراً إلى أن "رئاسة مجلس النواب أكدت الالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وعرضت مقترحات المسار الدستوري على اللجنة التشريعية، للنظر فيما توصلت إليه".
من جانبه، بيّن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب عبد الحميد الصافي، أسباب اختيار سرت مقراً لجلسة منح الثقة للحكومة، قائلاً "مدينة مؤمنة ومحط إجماع من مختلف الفرقاء الليبيين". لافتاً إلى أن "عقيلة صالح سيوجه دعوة إلى النواب لعقد جلسة عامة فيها خلال الأيام المقبلة".
وانتقد الصافي النواب الذين يعدون لجلسة في صبراتة. معتبراً أنهم "إذا كانوا يضعون مصلحة الوطن قبل ذواتهم ومصالحهم الشخصية، فإن سرت مدينة ليبية، الجميع يستطيع الذهاب إليها، ومؤمنة بالكامل". مشيراً إلى أن "سرت خيار اتُفق عليه دولياً، حيث ستكون المدينة التي تحتضن السلطة التنفيذية، ممثلة في المجلس الرئاسي والحكومة الموحدة".
مهام ثقيلة على عاتق الرئاسي
من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في كلمة على هامش الجلسة، استعداد البرلمان لدعم المجلس الرئاسي الجديد في تنفيذ المهام الصعبة الملقاة على عاتقه. مؤكداً "ضرورة تنفيذ التزاماته المنوطة به، منها تهيئة الظروف المناسبة لتنظيم الانتخابات في موعدها المحدد، وإطلاق المصالحة الوطنية، والمطالبة رسمياً بإخراج القوات الأجنبية من ليبيا فوراً، وتوحيد المؤسسات ومنح الليبيين فرص المشاركة في بناء ليبيا على أسس العدل والمساواة بين الأقاليم الثلاثة من دون إقصاء أو تهميش".
متطلعاً أن "يعمل المجلس الرئاسي بتشكيلته الجديدة، وبالتنسيق مع حكومة الوحدة الوطنية، على قائمة الأولويات التي ينبغي إنجازها فور تسلم مهامه، لرفع المعاناة عن الليبيين، والتركيز على قطاعات الأمن العام والصحة والتعليم والقضاء والنفط والكهرباء وتحسين مستوى الخدمات، وتأمين عودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم".
اجتماع مواز في صبراتة
وفي صبراتة في الغرب الليبي، أدار عشرات من النواب ظهورهم لرئيس المجلس عقيلة صالح وجلسته، ودعوته لالتئام البرلمان في مدينة سرت لمنح الثقة للحكومة الجديدة، وأكدوا عزمهم عقد جلسة تشاورية تناقش عدداً من الملفات، منها الترتيب لجلسة الموافقة على التشكيلة الحكومية التي سيقدمها رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة.
وتشير مصادر متطابقة إلى أن الجلسة تجهز أيضاً لاختيار رئيس جديد للمجلس خلفاً لصالح، على أن يكون من الجنوب الليبي، تنفيذاً لما اتُفق عليه بين أطراف الحوار السياسي الليبي في جنيف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وترأس النائب أبو بكر بعيرة، وهو من مدينة بنغازي، الجلسة التمهيدية التي عقدها النواب في صبراتة، الاثنين، التي خُصصت للتشاور بشأن إعادة هيكلة المجلس ومهامه المقبلة، باعتباره أكبر الأعضاء سناً. وأكد بعيرة، الذي هاجمه عقيلة صالح في تصريحات تلفزيونية قبل أيام، متهماً إياه بالسعي منذ سنوات لرئاسة المجلس، في بيان على صفحاته في مواقع التواصل، أن "حضوره إلى مدينة صبراتة يأتي في إطار التواصل مع كل الأطراف الليبية، سعياً لتوحيد مجلس النواب".
وقال إنه والنواب الذين اجتمعوا في صبراتة "يعملون على توحيد مجلس النواب لاستكمال الاستحقاقات الوطنية، واختيار حكومة وحدة وطنية يكون من أولوياتها فك المختنقات وحل المشكلات التي يعانيها المواطن في أسرع وقت، وإنهاء حالة الانسداد السياسي الحاصل، وإعطاء فرصة للشارع لانتخاب أجسام جديدة تقود المرحلة المقبلة".
أما مقرر لجنة الدفاع في مجلس النواب بشير الأحمر، فصرح أن "النواب ما زالوا يتوافدون على مدينة صبراتة". مشيراً إلى أن "اعتماد الحكومة الجديدة يحتاج إلى نصاب قانوني بحضور 86 عضواً، حضر منهم حتى الآن، أكثر من 60 نائباً". وتابع "جلسة اليوم الثلاثاء ستناقش إعطاء الثقة للحكومة الجديدة المنتخبة، وتنظيم اللائحة الداخلية للمجلس وتغيير الرئاسة".
عودة القرار للجنة الحوار
ويعتقد الناشط السياسي والحقوقي عبد الحميد بن صريتي، أن "الحل الأسلم للخروج من معضلة الخلافات القانونية، والنقاش العقيم حول أي الجلستين المنعقدتين في صبراتة وطبرق هي الشرعية، هو العودة إلى لجنة الحوار في جنيف، لمنح الثقة للحكومة، وننتهي من هذا الملف، ونبدأ التجهيز لما هو أهم، الانتخابات العامة".
ويضيف "كلا الجلستين ستسهل الطعن في قانونية عقدها، ومنحها الثقة للحكومة". موضحاً "جلسة طبرق لن تنجح في الحصول على النصاب القانوني، بالنظر إلى أعداد النواب الذين تجمعوا في صبراتة حالياً. أما جلسة صبراتة فيوجد خلل قانوني واضح يخالف لوائح البرلمان في الجلسة التي يجهز لعقدها، وهو غياب الرئيس ونائبيه، وهو أمر مخالف للائحة الداخلية للبرلمان، وتسقط بموجبه بغياب هؤلاء الثلاثة، الصفة الشرعية والقانونية لعقد الجلسة".
ويؤيد الصحافي الليبي عمر الجروشي، ذهاب التشكيلة الحكومية الجديدة إلى لجنة الحوار الليبي لنيل الثقة، للخروج من هذا الخلاف غير المجدي، ويقول "ستيفاني ويليامز كانت تعرف أن هذا سيحدث، لذا ألزمت الأطراف الليبية التوقيع على اتفاق يمنح لجنة الحوار صلاحية إقرار الحكومة، في حال فشل البرلمان في ذلك". ويضيف "هذا الخيار كان الجميع يريد تجنبه، اختصاراً للوقت الضيق، لكن يبدو أنه لا بد مما ليس منه بد".