Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الثورة المضادة" في الجزائر... اختراقات لسلمية الحراك وتغيير لرموز "الواجهة"

بن بيتور: نظام بوتفليقة مستمر … والحديث عن ثورة مضادة ليس منطقياً ما دام الحراك لم يحقق أهدافه بعد

من تظاهرات الجمعة التاسعة في العاصمة الجزائرية (رويترز)

يرى مراقبون للوضع في الجزائر أن لـ "نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة" يداً في ما يشبه "الثورة المضادة" لحراك الجزائريين السلمي، إذ يحتكمون إلى مشاهد الشارع من جهة، وقرارات السلطة من جهة أخرى، للدفع بفرضية "الفلول" إلى الواجهة. وتستجيب السلطة منذ الـ 22 فبراير (شباط) تاريخ أولى المسيرات المليونية التي طالبت بإلغاء ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، بشكل بطيء و"مستفز" أحياناً لشعور عموم الجزائريين الغاضبين. البطء في التعاطي مع المرحلة ومحاولة فرض "الفلول" أنفسهم طرفاً في الحل السياسي المتوقع، بدلاً من أن يكونوا جزءاً من المشكلة يقرّ بمسؤوليته، أطال عمر الحلول المستوحاة من شعارات الشارع. وانتقل الحراك تدريجياً من شعار "لا للخامسة" إلى "لا للتمديد"، وصولاً إلى شعارات أكثر "تطرفاً" تطالب بـ"رحيل الجميع". وبات شائعاً أن رد فعل السلطة، كلما جاء متأخراً ومحدوداً، أثار مشاعر غضب واستفزاز أكبر. فهل لم يزل "نظام بوتفليقة وفلوله"، يديران لعبة "الحل" نحو المرحلة المقبلة من خلف الستار؟

 
"جيوب بوتفليقة" تمارس "المقاومة"
 
وعبّر المعارض عبد العزيز رحابي عن اقتناعه بوجود "جيوب" موروثة عن نظام الرئيس المستقيل، مؤكداً أنه "من غير المنطقي توقع تصرف على خلاف المقاومة، من قِبل نظام حكم الجزائر لـ 20 سنة كاملة". وأضاف رحابي "النظام الذي حكم البلاد خلال الـ20 سنة الماضية، لا يزال قائماً ومتمكناً ومتمدداً في كل المستويات داخل دواليب مؤسسات الدولة".
وشغل رحابي مناصب وزارية في أيام الرئيس السابق، ليامين زروال (وزير الاتصال، الناطق باسم الحكومة)، ثم مع بوتفليقة، قبل أن يتخاصما علناً ويعلن استقالته في بداية الألفية.
ولدى سؤاله عن أماكن تموضع "جيوب النظام"، أجاب أنها "موجودة في مؤسسات حيوية وحتى داخل القيادة العليا للجيش. وتوجد أيضاً في الإعلام الحكومي وفي النسيج الاقتصادي الرسمي. أما الذي تخشاه تلك الجيوب فهو نشوء نظام سياسي تكون فيه عدالة مستقلة، تفتح ملفات الفساد".
ويصف رحابي الذي يشارك دورياً في لقاءات المعارضة (قوى التغيير لنصرة الحراك الشعبي)، ما يحدث حالياً في الجزائر بـ"الأزمة الحقيقية"، لأنها "نتاج قوى غير دستورية تعمل ضد الهبة الشعبية".
ورجّح أنه "إذا طالت الأزمة في الوضع الذي هي عليه، لا يُستبعَد الدخول في حالة عصيان مدني ورفض كل ما هو رمز للسلطة، من دون التمييز بين السلطة والدولة. هنا تكمن حقيقة المنعرج الخطير الذي لا يمكن تجاوزه إلا عبر الحل السياسي".
   
"ما زلنا في نظام بوتفليقة"
 
لا يختلف توصيف رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور عن توصيف عبد العزيز رحابي المرحلة الحالية، لكنه يطرح رأياً أكثر تقدماً إذ يتحدث عن "استمرار نظام بوتفليقة إلى اليوم"، ويعتبر أن "الحديث عن ثورة مضادة ليس منطقياً ما دام الحراك لم يحقق أياً من أهدافه بعد، ما عدا منع الولاية الخامسة".
وقال بن بيتور في مقابلة مقتضبة على هامش حضوره ندوة صحافية السبت، إن "الجزائر لم تخرج بعد من مسار العهدة الخامسة مع فرق عدم وجود بوتفليقة … ليس منطقياً إذاً الحديث عن ثورة مضادة، لأن الجزائر لا تزال تحت حكم نظام بوتفليقة بل مقيدة بالسياسات التي رسمها على مدار عقدين". أضاف أن "المسار الدستوري الذي تتمسك به مراكز عدة للقرار هو تمديد لحكم النظام السابق وفي حال التمسك بموعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في 4 يوليو (تموز) فإن النظام القائم سيحكم من جديد".
أما البديل الممكن فيقول بن بيتور، الذي يطالب جزائريون كثر بمنحه دوراً في المرحلة الانتقالية، "إعطاء وقت كافٍ وتجسيد خريطة طريق متفق عليها ومقبولة شعبياً قبل إجراء الموعد الانتخابي، وإلا فإن الحراك لم يحقق شيئاً".
 
"اختراق الحراك من الداخل"  
 
من جهة أخرى، يدافع الإعلامي حسين بولحية عن فرضية "اختراق العصابة (محيط بوتفليقة) للحراك من الداخل". ويؤمن تالياً بضرورة اللجوء إلى عمل مضاد و"تصحيح مسار حراك الشعب".
أما الجهة الوحيدة الكفيلة بمعالجة الوضع، فيقول بولحية "سيقع حمل هذا الثقل كله على أقوى مؤسسة في الجزائر وهي الجيش، الجهة القادرة على أن تدفع بما تبقى من الدولة العميقة لتسليم السلطة إلى هيئة انتقالية تضمن حسن سير ما تبقى من شبه مؤسسات الدولة".
ويتوقع بولحية أن ينتقل ضغط الحراك تدريجياً نحو المؤسسة العسكرية "لأنها المؤسسة الوحيدة التي يمكنها ترجمة مطالب الحراك الحقيقية في الوقت الراهن".
ولا يتصور بولحية أن لنظام بوتفليقة "القدرة على الوقوف أمام الحراك الشعبي"، لكنه في المقابل يحذر من نقاشات قد تعصف بمجهود الجزائريين الجماعي "فوحدة الحراك ووحدة المطالب وعدم تمييعها في نقاشات تافهة بشأن الهوية والجهوية والعرقية والاثنية، هذه كلها كانت من عمل الشيطان … والشيطان هنا هو الدولة العميقة التي سعت إلى اقناع البعض برفع مثل هذه الشعارات والمطالب".
ويتابع "الحراك مطالب بأن يبحث في ايجاد آليات لتحقيق المطالب ولن تتحقق كل المطالب من دون وجود أرضية وذلك كي لا يُسمح لأي طرف بالمزايدة أو رفع مطالب باسمه ليست من صميم المطالب التي تشكل مصدر اجماع، وعلى الحراك أن يمنع الاستقطاب وأن يعزل أي طرف يسعى لذلك من أي جهة كان".
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي