Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب سينال البراءة لكن فرصته في الترشح للرئاسة انتهت

رغم استمرار شعبية الرئيس السابق بين الجمهوريين فإن صورته قد تتلاشى تدريجيا

مع اقتراب المحاكمة الثانية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في مجلس الشيوخ من نهايتها، بدت فرصه في نيل البراءة "شبه مؤكدة"، نتيجة غياب أي دلائل بين الجمهوريين على تغيير مواقفهم، خصوصاً عقب مرافعة هيئة دفاع ترمب التي حاولت تقديم "صورة مغايرة" تماماً للحقائق التي قدمها الادعاء الذي يمثله الديمقراطيون في مجلس النواب.

ومع ذلك، ظلت هناك ثغرات عديدة من المرجح بشكل كبير أن تنهي فرص ترمب للترشح للانتخابات الرئاسية، كما أنها قد تسهم كثيراً في تلاشي صورته تدريجياً داخل الحزب الجمهوري على الرغم من التأييد الواسع الذي يتمتع به حتى الآن بين قواعد الحزب، فما هذه الثغرات، وهل نجح الديمقراطيون في تحويل القضية إلى محاكمة رأي عام رغم البراءة المنتظرة في التصويت داخل مجلس الشيوخ؟

كتاب ترمب

سيظهر التصويت المنتظر في نهاية المحاكمة مدى استعداد الحزب الجمهوري في الوقت الحالي على الأقل لإغلاق كتاب ترمب الذي سيطر به على الحزب على مدى أكثر من أربع سنوات. فعلى الرغم من أن خمسة أو ستة جمهوريين "قد يصوتون" مع جميع الديمقراطيين بـ"إدانة ترمب"، وهو بالمقاييس التاريخية رقم غير مسبوق، فإن الرئيس السابق سينال البراءة نتيجة عدم تصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ (67 عضواً) لصالح الإدانة، وهو ما يعني أن قبضة ترمب على الحزب ما زالت قوية.

غير أن ما قدمه فريق الدفاع القانوني لترمب من اتهامات للديمقراطيين ووسائل الإعلام بالازدواجية والكيل بمكيالين والتشكيك في نتائج الانتخابات السابقة، وأن ترمب لم يوجه الجماهير إلى اقتحام مبنى الكابيتول، وأن خطابه كان محمياً بموجب التعديل الأول من الدستور الأميركي، ربما أسهم في تعزيز مواقف الجمهوريين الراغبين في تبرئة ترمب لأسباب أخرى، لكنه لم يسد عدداً من الثغرات التي اتضحت خلال الأسئلة والأجوبة التي تلت مرافعة الدفاع مثل الحديث عما إذا كان ترمب على علم بالخطر الذي يواجهه أعضاء الكونغرس ونائب الرئيس مايك بنس وقت اقتحام أنصار ترمب لمبنى الكابيتول، وما إذا كان امتنع عن مطالبة المهاجمين بوقف الهجوم.

وقد يكون ما نشرته وسائل إعلام أميركية من أن كيفين ماكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كان على اتصال مع ترمب وقت الاقتحام، وأن الرئيس السابق رفض التدخل بوقف الهجوم، سبباً في فتح نقاشات جديدة مثيرة للجدل، يرجح أن تضعف موقف ترمب كثيراً، خصوصاً أمام الرأي العام بالولايات المتحدة.

قضية رأي عام

وبينما استنتج كثير من الديمقراطيين أن استدعاء الشهود في المحاكمة يمكن أن يمدد أجلها من دون تغيير في النتيجة النهائية، تحول اهتمامهم إلى جعل المحاكمة قضية رأي عام يستخدمونها لجعل الصور المؤلمة لعملية اقتحام مبنى الكابيتول إرثاً لا يمكن نسيانه أو تبريره لرئاسة ترمب.

وفي ظل إدانة بعيدة المنال للرئيس السابق يعقبها تصويت في مجلس الشيوخ لمنعه من تولي أي منصب فيدرالي، فإن المدعين الديمقراطيين في المحاكمة، اكتفوا بتوجيه رسالتهم إلى الشعب الأميركي الذي شعر بالخطر من تصرفات ترمب بمحاولة الاعتداء على سلطة أخرى موازية، وإلى المؤرخين الذين سيصدرون ذات يوم أحكامهم بشأن الرئيس السابق والفترة التي قضاها في السلطة.

ولهذا، اعتمد الديمقراطيون ومعهم عدد من الجمهوريين الرافضين لسيطرة ترمب على حزبهم استراتيجية مختلفة، تركز على أنه إذا لم يُدَن الرئيس السابق، فعلى الأقل يمكن التأكد من أنه يظل في أذهان الناس والتاريخ شخصية سياسية مؤذية، لدرجة لا يمكن معها أن يظل على القوة نفسها التي كان عليها من قبل، وإن لم يكن منبوذاً بين السياسيين، فمن الممكن أن ينبذه العامة من الجمهور، بحيث يصبح غير قادر على الترشح في عام 2024، ومع ذلك فإن زيادة عدد الجمهوريين الذين يمكن أن يدينوا ترمب سيكون مؤشراً مهماً حول ما ينتظر ترمب داخل حزبه الجمهوري.

كيف سيصوت الجمهوريون؟

يواجه الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ خياراً تاريخياً بعد نهاية المرافعات من الادعاء والدفاع في محاكمة ترمب. لكن، لا أحد يتوقع أن يصل عدد الجمهوريين الذين يتحدون ترمب إلى العدد الإجمالي المطلوب للإدانة وهو 17، على افتراض أن جميع الديمقراطيين يصوتون بنفس الطريقة، لكن التصويت النهائي المتوقع، سيكون اختباراً رئيساً لمزاج الحزب المنقسم.

في الماضي، تراجع كثير من الجمهوريين قبل أن يقتربوا من فكرة الانفصال عن ترمب، ولا يزال الرهان المضمون لمعظم أعضاء الحزب هو التبرئة، لكن إذا قرر خمسة أو ستة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أنه يجب إدانة ترمب، فسيكون هذا التصويت هو أعلى تصويت من الحزبين في التاريخ الأميركي في محاكمة عزل أو إدانة حتى لو كان أقل بكثير من أغلبية الثلثين المطلوبة للإدانة.

حسابات الإدانة

لكن عدداً من الأعضاء الجمهوريين في المجلس يرون أنه سيكون من المثير رؤية أكثر من ستة جمهوريين يصوتون بالإدانة رغم عدم استبعاد حدوث مفاجآت، لأن تصويت أي عضو جمهوري في مجلس الشيوخ بإدانة ترمب من شأنه أن يحدث موجات هائلة من التوتر، حتى لو كان عددهم أقل بكثير من الـ17 عضواً جمهورياً اللازمين لضمان إدانة الرئيس السابق بفرض تصويت جميع الديمقراطيين الخمسين بنفس الطريقة كما هو متوقع، وذلك بعد ما واجه الجمهوريون العشرة الذين صوتوا لعزل الرئيس الشهر الماضي، درجات مختلفة من ردود الفعل السلبية، بدءاً من الانتقاد إلى التوبيخ، مروراً بمحاولات العزل من مناصبهم الحزبية في مجلس النواب.

ورغم الدعم الذي قدمه الفريق القانوني لترمب خلال مرافعته، فإن جزءاً من الأسئلة والأجوبة التي تلت المرافعة، لم يشجع الأصوات المتأرجحة في الحزب الجمهوري، مثل السيناتورة ليزا موركوفسكي التي قالت، إنها لم تحصل على إجابة عن سؤالها، وهو: متى علم ترمب باقتحام مبنى الكابيتول؟ وهو سؤال طرحه أيضاً الديمقراطيون من دون إجابة واضحة من الدفاع.

الأقرب للإدانة

ويشمل أعضاء مجلس الشيوخ الستة من الجمهوريين الأقرب للإدانة السيناتور "سوزان كولينز، وميت رومني، وبن ساس، وبات تومي، وبيل كاسيدي، وليزا موركوفسكي"، وجميعهم اعتبروا المحاكمة دستورية، ما يجعلهم قاعدة للجمهوريين الذين يفكرون في الإدانة. كما أن السيناتورين روب بورتمان وريتشارد بور اللذين سيتقاعدان العام المقبل بما يعفيهما من الحسابات السياسية، لم يكشفا عن موقفهما، الأمر الذي جعلهما مرشحين لاتخاذ مواقف بعيدة عن الضغوط داخل الحزب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يزال الجمهوريون يستبعدون أن يصوت ميتش ماكونيل زعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ بإدانة ترمب، على الرغم من أنه لم يخبر زملاءه أنه سيصوت حتماً بالبراءة، وتمسك بأن يكون التصويت استناداً إلى ضمير الأعضاء، ومع ذلك يدرك الجمهوريون في مجلس الشيوخ أن تصويت ماكونيل بإدانة ترمب من شأنه أن يعقد بشكل خطير قدرته مستقبلاً على قيادة الحزب الذي يتجه إلى انتخابات التجديد النصفي بعد أقل من عامين.

وعلى الرغم من أن الجمهوريين يجتمعون يومياً وجهاً لوجه، فإنهم لم ينسقوا قبيل التصويت بدستورية المحاكمة، ولا تجري بينهم مناقشات الآن حول كيفية التصويت على إدانة أو تبرئة ترمب على خلاف محاكمة عزل العام الماضي، لكن المفاجأة الحقيقية كانت موقف ميت رومني الذي أدلى بخطاب مؤثر قبل ساعات من تصويته النهائي بإدانة ترمب.

خطر الانقسامات

ويشير استراتيجيون في الحزب الجمهوري إلى أن عدداً كبيراً من الجمهوريين الذين صدموا من تصرفات ترمب بعد الانتخابات، يريدون تحميله المسؤولية وهم غير مرتاحين لتحرك ترمب داخل الحزب. ولا شك أن تصويت ستة أو أكثر بإدانته سوف يبرز الانقسامات العميقة في الحزب الذي لا يزال يحاول التعامل مع إرث الرئيس الخامس والأربعين ومع قبضته القوية على قواعد الحزب.

وما يجعل الأمور صعبة لعدد من الأعضاء الجمهوريين المترددين في التصويت بالإدانة، هو أنهم على الرغم من إدراكهم أن ترمب رئيس سابق خسر البيت الأبيض، ويعتقد على نطاق واسع أنه أسهم في خسارة مجلس الشيوخ، وهو متهم بالتحريض على أعمال شغب عرضت حياتهم للخطر، فإنه لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في الحزب الجمهوري، حيث أظهر استطلاع للرأي، أن 87 في المئة من الناخبين الجمهوريين يعتقدون أنه لا ينبغي إدانة ترمب، كما أن النسبة نفسها لا يزال لديها رؤية تفضيلية حيال الرئيس السابق.

ولهذا لا يبدو بشكل قاطع أن الأعضاء الجمهوريين الستة الذين صوتوا بدستورية المحاكمة سوف يصوتون بإدانة ترمب على الرغم من أن السيناتور تومي سيتقاعد في الانتخابات المقبلة، وأعيد انتخاب كل من "كاسيدي، وكولينز، وساس" قبل أسابيع، بالتالي أمامهم ست سنوات حتى يخوضوا غمار الانتخابات مرة أخرى، كما أن كلاً من موركوفسكي ورومني أظهرا منذ فترة طويلة خطاً مستقلاً تجاه ترمب.

صورة ترمب ستتلاشى

وبينما بدا من الواضح أن الحزب الجمهوري لن يغامر في الوقت الحالي بقطيعة نهائية مع ترمب على الرغم من أن موقفه يشكل خطراً على الحزب مع جمهور الناخبين الأوسع من غير الحزبيين، ففي أعقاب اقتحام الكابيتول بدا أن انقلاب قادة الحزب على ترمب يمكن أن يحدث، بعد ما وجه عدد من حلفائه المخلصين مثل ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ آنذاك والسيناتور ليندسي غراهام انتقادات لاذعة له، لكن هذا الزخم تضاءل بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين.

وهكذا أصبح أفضل أمل الآن لدى الجمهوريين المتشككين في ترمب، هو أن تتلاشى صورته تدريجياً من المشهد السياسي، إذ من المحتمل بحسب رأي مراقبين جمهوريين أن تكون فرصة ترمب المستقبلية للترشح للانتخابات الرئاسية قد انتهت عملياً بعد هذه المحاكمة وأحداث الشغب العنيفة داخل الكابيتول، لكنه يظل قوة مهمة في الحزب الجمهوري، وما يتبقى بعد ذلك هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نفوذه أو ظهور شخصيات أخرى في الحزب لملء الفراغ، ولا شك أن الجمهوريين يريدون تجاوز هذا الوضع، والتطلع إلى مستقبل يركز على قادة جدد للحزب غير دونالد ترمب.

لكن، إذا مرت بسلام محاولات محاكمة الرئيس السابق قضائياً في ولايتي جورجيا ونيويورك وربما العاصمة واشنطن أيضاً، فقد يفسح ذلك المجال أمام ترمب للعودة مجدداً للمشهد السياسي عبر دعم محاولة الجمهوريين استعادة السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات التجديد النصفي عام 2022.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير