Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكمأ في جنوب العراق هبة المطر وضحية الألغام وكورونا

تجارته الموسمية مربحة لكن إغلاق المنافذ البرية بسبب الجائحة أعاق تصديره إلى الدول المجاورة

تعتمد وفرة الكمأ على غزارة الأمطار المصحوبة بالبرق والرعد (اندبندنت عربية)

مع حلول فصل الشتاء سنوياً ينهمك قسم كبير من البدو العراقيين في البحث عن الكمأ (الفطر البري) في البادية الجنوبية، أحد أهم مصادر كسب قوتهم بعد رعي الإبل. وأوجدت تجارته الموسمية فرص عمل مؤقتة لمئات العاملين في البحث عنه ونقله وبيعه في ظل ارتفاع الطلب المحلي على استهلاكه.

الزبيدي أشهر الأنواع

تزخر بادية العراق الجنوبية بأنواع عدة من الكمأ، أشهرها "الزبيدي" الذي يتميز بكبر حجمه نسبياً ولونه المائل إلى البياض، إضافة إلى "الخلاصي" الأحمر اللون، وفي بعض المناطق يكون ألذّ وأغلى من "الزبيدي". كما يوجد "الجبي" الأسود المحمَّر، أما "الهوبر" فهو أردأ أنواع الكمأ، ويكاد لا يُباع ولا يُشترى.
وتتركز تجارة الكمأ في الزبير الذي يُعدّ ثاني أكبر قضاء في العراق، حيث ينقل البدو إلى سوقه حصادهم اليومي. ومع توسع تجارته يُباع بالجملة في مزادات علنية ينظمها وسطاء (سماسرة)، ويحددون أسعاره بناء على العرض والطلب، ويصل سعر الكيلوغرام من (الزبيدي) الكبير الحجم نسبياً إلى 75 ألف دينار عراقي (ما يعادل 50 دولاراً)، وهو أغلى بكثير من أي فاكهة محلية أو مستوردة.


تصدير إلى الخليج

خلال الأعوام الماضية، كانت كميات غير قليلة من الكمأ العراقي تُصدَّر يومياً إلى الكويت عن طريق منفذ سفوان الحدودي البري الوحيد بين البلدين، لكن جائحة كورونا تسببت بإغلاقه، فلجأ بعض التجار خلال العام الحالي إلى نقله براً الى إقليم كردستان في شمال العراق، ومن ثم جواً إلى بعض دول الخليج، خصوصاً قطر والإمارات. ويُعدّ "الزبيدي" الذي يتميز بمذاقه اللذيذ ورائحته المميزة، النوع المفضَّل في ذلك.
وبحسب بائع الكمأ في سوق الزبير، حاتم الجشعمي فإن "التصدير إلى بعض دول الخليج يؤدي إلى رفع أسعاره محلياً، ولولا الصعوبة حالياً بسبب إغلاق منفذ سفوان الحدودي لتضاعفت أسعاره أكثر".


بانتظار المطر

تعتمد وفرة الكمأ على غزارة الأمطار المصحوبة بالبرق والرعد. ورصد العرب هذه العلاقة التي كان يكتنفها الغموض منذ زمن بعيد. ومع التقدم أوجد العلماء تفسيراً دقيقاً لها، إذ أفادوا بأن البرق يُزيد من تركيز أكسيد النيتروجين في الهواء، فيتّحد مع المطر ويتغلغل في التربة، ما يساعد على نمو هذا النبات. وبسبب العلاقة الوثيقة بين ظهوره وحدوث البرق يسمى أحياناً "بنت الرعد".
وبحسب تقارير هيئة الأنواء الجوية العراقية فإن الأمطار التي هطلت على جنوب العراق خلال الشتاء الحالي أقل من المعدل، وبذلك تكون الكميات المتاحة في الأسواق منه قليلة نسبياً مقارنة بأعوام سابقة. ويأمل باعته في هطول مزيد من الأمطار الرعدية قبل انقضاء هذا الفصل لبيع كميات أكبر وجني أرباح. وقال بائع الكمأ محمد الشمري إن "هطول المطر بغزارة مرة واحدة إضافية كفيل بازدهار تجارة الكمأ لغاية أبريل (نيسان)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تهديد الألغام

للخبرة والفراسة دورهما الحاسم في الاستدلال على الكمأ، وثمة دلائل تؤخذ في الاعتبار عند البحث عنه، كوجود تشققات في سطح التربة، ونموه قرب نباتات برية من نوع معين، وتطاير الحشرات حوله. مع العلم أنه ما لم يُجمع الكمأ بعد اكتمال نموه يتحلل بسرعة ويتبدد في التراب.

وعادة ما تكون رحلات البحث عن الكمأ محفوفة بالمخاطر، فالعراق من أكثر الدول التي تنتشر فيها الألغام على مستوى العالم، ونسبة غير قليلة مخبأة في أرض البادية الجنوبية وتهدد حياة الباحثين عن هذا النبات. وبعض رحلات البحث عن الكمأ تنتهي بمأساة، إذ قُتل 5 عراقيين خلال الأعوام الثلاثة الماضية، في حوادث متفرقة بألغام ومقذوفات حربية غير منفجرة تتركز في مناطق نائية، بعضها متاخم للحدود مع السعودية والكويت، ومن المفارقات أن هذه المناطق تعد الأفضل للكمأ كماً ونوعاً، عدا وفرته مناطق صحراوية نفطية يُمنع البحث فيها.

المزيد من منوعات