Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد الليبي يدفع فاتورة الصراع السياسي والعسكري

توقعات بتزايد البطالة وارتفاع فواتير الاستيراد والتضخم في 2021

قال البنك المركزي الليبي إن عجز الميزانية بلغ 11.4 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من 2020 (أ ف ب)

في ظل التطورات السياسية للمشهد الليبي عقب تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في البلاد، يترقب المواطنون بشغف يشوبه حذر تحسن الاقتصاد، بعد تولي رجل الأعمال والاقتصادي عبد الحميد دبيبه رئاسة الحكومة، الذي وعد بإنهاء معاناة الشعب، وعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، إلى جانب الإعمار والاستثمار عبر الشركات التي خرجت بسبب الانقسام السياسي والعسكري الذي انعكس سلباً على الاقتصاد، توقف معه تصدير النفط إلى خارج البلاد.

الدين العام يبلغ 260 في المئة من الناتج المحلي

طالت التداعيات السلبية الناتجة من التناحر السياسي والعسكري الاقتصاد الليبي القائم بنسبة تصل إلى 95 في المئة على الإيرادات النفطية، وانعكس ذلك على مفاصل الاقتصاد. وكشفت بيانات حديثة لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس، أن الدين العام في العام المنصرم 2020 بلغ 84 مليار دينار (نحو 60 مليار دولار)، ما يعادل 260 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح المصرف المركزي، عبر بيانات، أن المعدل غير قابل للاستدامة، وذكر أن استمرار الدين العام سيؤدي إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي والتأثير سلباً في القطاع الخاص، وأنه منح قرضاً بقيمة 26.7 مليار دينار (7.22 مليار دولار) لتغطية الموازنة العامة للعام الحالي، بسبب إقفال الحقول النفطية في يناير (كانون الثاني) الماضي.

كما خفض المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس الموازنة العامة، أو ما يُعرف بالترتيبات المالية لسنة 2020، إلى 38 مليار دينار (نحو 27.14 مليار دولار)، بعجز يناهز 23 مليار دينار (نحو 16.5 مليار دولار).

توقعات مستقبلية

وتوقعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا" ارتفاعاً في معدلات التضخم وفاتورة الاستيراد ونسبة البطالة بين الليبيين كأعلى نسبة في المنطقة، بسبب تدهور أسعار النفط وانتشار جائحة كورونا، مقابل سيناريو متفائل بتحقيق نمو 3.1 في المئة خلال 2021.

ومن المتوقع حدوث انتعاش في 2021 مع بلوغ معدل النمو 3.1 في المئة (انكماش نسبته 3.8 في المئة بحسب السيناريو المتشائم) مع ارتفاع التضخم من 11 في المئة إلى 15.4. ويشار إلى انكماش الاقتصاد 8.7 في المئة في 2019 أثناء احتدام الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق بين الليبيين، لكن هناك توقعات بالتحرك الاقتصادي في حال نجحت السلطة التنفيذية الجديدة.

وأعلن المصرف المركزي في طرابلس تخصيص 13.452 مليار دينار (3.6 مليار دولار)  لسداد الدين العام خلال الأشهر التسعة الأولى من 2020. ووفق بيان المركزي عن الإيراد والإنفاق خلال الفترة من الأول من يناير (كانون الثاني) إلى 30 سبتمبر (أيلول) 2020، "بلغت الخسائر المباشرة لإيقاف إنتاج النفط وتصديره نحو 10 مليارات دولار أميركي"، مشيراً إلى أن "إجمالي الإيرادات النفطية بلغ 5.259 مليار دينار (1.41 مليار دولار)، منها 2.871 مليار دينار (77 مليون دولار) عن صادرات نفطية خلال ديسمبر 2019، و2.388 مليار دينار حصيلة صادرات الأشهر التسعة من 2020، منها 48 مليون دينار فقط عن سبتمبر".

ونوّهت بيانات المركزي إلى أن "العجز في إيرادات النقد الأجنبي بلغ 6.976 مليار دولار تمت تغطيته من احتياطات مصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى التزامات قائمة على قوة اعتمادات مستندية للقطاعين العام والخاص تقدر بمبلغ سبعة مليارات دولار".

عجز الميزانية 11.4 مليار دولار

قال البنك المركزي الليبي إن عجز ميزانية البلاد بلغ 15.7 مليار دينار (11.4 مليار دولار) في الأشهر السبعة الأولى من العام المنصرم 2020. وعزا العجز إلى تراجع حاد في إيرادات الحكومة من عائدات النفط، بسبب إغلاق منشآت نفطية منذ بداية العام المنصرم، والتراجع الحاد في الإيرادات غير النفطية بسبب الجائحة.

ووفقاً لبيانات المركزي بلغ إجمالي الإيرادات حتى نهاية يوليو (تموز)، بما فيها النفطية، ثلاثة مليارات و345 مليون دينار (2.43 مليار دولار)، بانخفاض 41 في المئة عن إجمالي الإيرادات المقدرة في الموازنة.

وجرت تغطية العجز بقرض من المصرف المركزي بمقدار 15 ملياراً و579 مليون دينار (4.1 مليار دولار)، إضافة إلى مليار و225 مليون دينار (31 مليون دولار) من عائدات بيع النقد، حوّلها المصرف المركزي لتمويل مشاريع تنموية، خصوصاً للمؤسسة الوطنية للنفط.

وبحسب المصرف المركزي، فإن إيرادات الحكومة من عائدات النفط خلال الفترة بلغت مليارين و218 مليون دينار بانخفاض مليار و282 مليون دولار أو 37 في المئة عن المقدرة في الموازنة 3.5 مليار دينار (95 مليون دولار) .

ارتفاع كبير في الأسعار

وبحسب وزارة الاقتصاد في حكومة الوفاق فإن غالبية الضروريات الأساسية ارتفعت أسعارها بأكثر من 50 في المئة في 2020، ويُعزى الأمر إلى القيود التي فرضها المصرف المركزي في طرابلس، وكذلك الجائحة التي أدت إلى تفاقم الأزمة.

ويرى عدد من المحللين الاقتصاديين أن الخطة الاقتصادية التي طبقتها حكومة الوفاق بدءاً من تغيير سعر الصرف، لم تغيّر الكثير من أحوال المواطنين المعيشية، إذ لا يزال غلاء الأسعار مستمراً والمصارف خالية من السيولة النقدية، إلى جانب استمرار الفجوة في سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وأكدوا أن معاناة المواطن سوف تزداد خلال 2021 إذا لم تقدم الحكومة الجديدة خطة اقتصادية جديدة لرفع المعاناة، من خلال زيادة المرتبات بنسبة لا تقل عن 60 - 50 في المئة من أجل تعويض الإصلاحات الاقتصادية مؤخراً، مشيرين إلى أنه لا بد من إجراءات تعويضية للمواطن مقابل التي اتُخذت، والتي قالوا إنها لن تصب في مصلحة المواطن والاقتصاد الوطني.

خسائر قطاع النفط

يعتقد مراقبون أن ليبيا خسرت أكثر من تسعة مليارات دولار أميركي، وهو رقم مهم في ظل الأزمة العالمية جراء كورونا، وما تسبب فيه من انخفاض أسعار النفط الدولية، بالتالي سيضطر البنك المركزي إلى تعويض الفاقد من الاحتياط الذي سيواصل تآكل أرصدته، ولن تستطيع أي حكومة حالياً أو مستقبلاً رد هذا العجز بسهولة، ويحتاج الأمر إلى أكثر من خمسة أعوام شريطة التصدير من دون انقطاع.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، أن قيمة الخسائر جراء استمرار إغلاق المنشآت النفطية في البلاد وقدّرتها بنحو 9.1 مليار دولار، بعد أن تراجع إنتاج النفط بشكل كبير منذ منتصف يناير الماضي إلى ما دون 100 ألف برميل بعدما كان يتجاوز 1.2 مليون برميل يومياً، عقب إيقاف التصدير من موانئ رئيسية في منطقة الهلال النفطي شرق البلاد ليبيا أرغِمت على خفض ميزانيتها. 

3.9 في المئة معدل النمو في 2023

توقع صندوق النقد الدولي، في فبراير (شباط) الماضي، تحقيق الاقتصاد الليبي مكاسب في النمو 3.9 في المئة خلال الفترة الممتدة إلى عام 2023. وأكدت المديرة التنفيذية للصندوق، كريستالينا غورغييفا، أن مسألة عدم الاستقرار في ليبيا تمثل خطراً على النمو الاقتصادي في المنطقة ككل. وأضافت "نأمل في أن تساعد الجهود الدبلوماسية الجارية في تحقيق تسوية سلمية وعاجلة للصراع الدائر في البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلن المصرف المركزي في طرابلس تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار بقيمة 4.48 مقابل الدولار الواحد. والسعر السابق كان يبلغ 1.4 دينار مقابل الدولار الواحد. ودخل التعديل حيز التنفيذ في الثالث من يناير 2021، وسيكون متاحاً لجميع الأغراض الحكومية والتجارية والشخصية.

وفي السنتين الأخيرتين كان في ليبيا سعرا صرف رسميان: الأول 1.40 دينار في مقابل الدولار الواحد، مخصص حصراً للأغراض الحكومية، والثاني حدد بـ 3.9 دينار للأغراض التجارية والشخصية. وجاء تعديل سعر صرف الدينار في أول اجتماع موحد لمجلس إدارة البنك المركزي الليبي منذ ستة أعوام.

واتخذ القرار بعد ضغوط محلية ودولية على البنك المركزي بضرورة توحيد السعر، للحد من عمليات الفساد المالي، وغسل الأموال من أطراف ليبية تهرب الدولار للخارج، مستغلة الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، الذي تخطى قبل أيام حاجز سبعة دنانير.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد