في وقت تلملم مدينة طرابلس اللبنانية أذيال أحداثها الأخيرة، يقبع في السجون 23 موقوفاً بعدما قرر قاضي التحقيق العسكري تخلية سبيل أحد الموقوفين (محمد شعبان)، فيما استأنفت النيابة العامة قرار تخلية سبيل الموقوف محمد بيباني، الأمر الذي أدى إلى تحويل الملف إلى محكمة التمييز العسكرية، التي قررت إطلاق سراحهما.
ويوضح المحامي محمد صبلوح أن المرحلة القضائية بدأت من خلال قيام القاضي مارسيل باسيل بالتحقيق مع الموقوفين على مرحلتين. ووفق المعلومات، استجوب 12 موقوفاً الأربعاء 10 فبراير (شباط)، واستكمل التحقيق مع الآخرين تباعاً، يومي الخميس والجمعة.
ويواصل أهالي الموقوفين والمتضامنين معهم تحركاتهم الاحتجاجية، منذ ثلاثة أيام، أمام المحكمة العسكرية في العاصمة بيروت، عبر قطع الطرقات وإشعال النار بحاويات النفايات.
وشهدت تحركات اليوم الجمعة مواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين، استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه.
في المقابل، يشير مصدر عسكري إلى أن كشف تفاصيل أحداث طرابلس وهوية الفاعلين يتوقف على نتائج التحقيقات القائمة والمحاكمة المقبلة.
التهم متعددة
تركزت التهم الموجهة إلى الموقوفين على الشقّ الجنائي، وتراوحت بين تحقير رئيس الجمهورية وإحراق مبنى البلدية والأملاك العامة، وعدم الامتثال لنداء قوى الأمن لفض التظاهرات ومعاملتها بالشدة، وإضرام حرائق في ممتلكات عامة وخاصة.
كما تم توجيه إتهامات بمحاولة قتل عناصر أمنية، إلا أنها سيقت ضد مجهول، كما يؤكد أحد محامي الحراك أيمن رعد.
وعن الأدلة التي تمت مواجهة الموقوفين بها، يشير رعد إلى "فيديوهات وصور للمتظاهرين في ساحة النور، وأحياناً رمي الحجارة في مواجهة القوى الأمنية، إلا أنه لا يوجد أي دليل على إضرام نار أو استعمال قنابل المولوتوف".
ويتوقع أن تصدر قرارات إخلاء سبيل بعض الموقوفين، وفق رعد، لكن بانتظار موافقة النيابة العامة العسكرية.
في المقابل، في حال قرّر قاضي التحقيق إصدار مذكرة توقيف، يمكن للمحامي تقديم طلب إخلاء سبيل.
ويستبعد رعد إمكان تحقيق العدالة التامة في ظل القضاء الاستثنائي، أي عندما تنظر المحكمة العسكرية في القضايا التي تتصل بالقوى العسكرية وعناصرها، وجرائم استخدام السلاح وحيازته.
بلدية طرابلس
على ضفة بلدية طرابلس التي دفعت الضريبة الأكبر في ليلة الغضب في 27 يناير (كانون الثاني)، بدأ رفع الركام من داخل القصر البلدي، فيما تستمر رائحة الحريق بالتصاعد من الطابق الأول.
وعاد رئيس البلدية رياض يمق إلى مزاولة أعماله واستقبال الضيوف، مؤكداً الإدعاء "على مفتعلي الحريق".
ويقول يمق إن المجلس البلدي سلّم التحقيق إلى القضاء، من خلال تقديم محامية البلدية رولا نجا دعوى قضائية ضد كل من شارك في عملية الإحراق، وتحديداً من حرّض وموّل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يجزم يمق أن البلدية قدّمت التسهيلات الكافية للقضاء من أجل كشف الفاعلين، من خلال اطّلاعه على تسجيلات كاميرات المراقبة.
ينفي يمق أن يكون على علم بهوية الأشخاص الخمسة الذين تم توقيفهم في ملف إحراق البلدية، مشيراً إلى أنه تلقى إتصالات من بعض أهالي الموقوفين للصفح عن أبنائهم، وكان رده بأنه ليس على علم بهم أو بهويتهم لأنه لم يطلع على التحقيقات.
يطالب يمق بملاحقة الفاعلين الحقيقيين، وأن لا يتوقف الأمر على بعض الفتية الذين دفعوا إلى التخريب لقاء 20 أو 30 ألف ليرة لبنانية، فيما يوجد في خلفية المشهد من حرّض وشوّه صورة البلدية وأحرق مبناها، الأمر الذي لم يحدث في أي من الحروب التي شهدتها طرابلس.
النشاط الحقوقي
تجند عدد من المحامين، من طرابلس وبيروت، للدفاع عن الموقوفين الذين بلغ عددهم نحو 30 شخصاً.
ويؤكد رعد أن عمل "لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين" ليس جديداً، بل يعود إلى عام 2015 عندما اتفق عدد من القانونيين والمحامين على توحيد جهودهم بصورة طوعية من دون أي تنظيم هيكلي أو مؤسساتي.
ويشير رعد إلى أن اللجنة تقوم بأعمال التوثيق وجمع البيانات حول عمليات الاعتقال وحالات الضرب، وتتابع الموقوفين لدى المخافر ومراكز التحقيق، وملفات الأشخاص المحالين على المحاكم العدلية والعسكرية لأسباب تتصل بالتظاهر وحرية التعبير.
وكانت اللجنة عادت إلى تفعيل عملها بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.