Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تسعى إلى استعادة دورها في منطقة الساحل

زيارة بوقادوم إلى مالي تأتي في إطار دعم دبلوماسي لمجهود عسكري يهدف إلى حفظ أمن الإقليم

بوقادوم مترئساً الدورة الـ 42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة بمدينة كيدال شمال مالي (موقع الخارجية الجزائرية)

نشطت الدبلوماسية الجزائرية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، لا سيما على مستوى القارة الأفريقية، وآخر نشاط لها كان زيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى مالي، حيث التقى المسؤولين في البلاد وشخصيات سياسية وأمنية وزعماء القبائل والحركات المسلحة، ما يؤشر إلى عودة قوية للجزائر إلى منطقة الساحل.

تنقل في "صمت"

وترأس بوقادوم الدورة الـ42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر، التي عُقدت في مالي، وتحديداً ولأول مرة في مدينة كيدال شمال البلاد. وقال وزير الخارجية الجزائري في تغريدة، إن "هذا حدث غير مسبوق ومؤشر هام من شأنه إعطاء دفعة قوية لمسار السلم والمصالحة الذي ترعاه الجزائر بالتعاون مع المجموعة الدولية الممثلة في اللجنة".

وجاء في بيان للخارجية الجزائرية، أن بوقادوم استُقبل قبل انتقاله إلى كيدال، في العاصمة باماكو، حيث التقى الرئيس المالي باه نداو، وناقش معه العلاقات الثنائية وآفاق تعزيزها إلى جانب السبل الكفيلة بتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر. كما أجرى بوقادوم سلسلة محادثات مع كل من نائب الرئيس المالي العقيد عاصمي غوتا، ووزير المصالحة الوطنية العقيد إسماعيل واغي، بالإضافة إلى زيني مولاي، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي.

كما زار بوقادوم مدينة غاو، الواقعة شمال البلاد، التي شهدت قبل سنوات خطف دبلوماسيين جزائريين على يد مجموعة إرهابية. وذكر في تغريدة أخرى، "وصلت للتو إلى مدينة غاو في شمال مالي، حيث استذكرت زميلَينا شهيدَي الواجب، القنصل العام بوعلام سايس، ونائبه طاهر تواتي، رحمهما الله وطيب ثراهما، ستبقى ذكراهما خالدة في قلوبنا، لم ولن ننسى".

مواقع برمزية ورسائل

وللمواقع التي زارها وزير الخارجية الجزائري في مالي، دلالة ورمزية، كما أنها بمثابة رسائل موجهة لأطراف عدة داخل مالي وخارجها، باعتبارها مناطق تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية والحركات الانفصالية المسلحة. كما أنها رسالة موجهة إلى فرنسا مفادها أن محاربة الإرهاب ممكنة في حال كانت النوايا صادقة والإرادة السياسية حاضرة. كما أرادت الجزائر من خلال تلك الزيارات ترسيم استعادتها لمناطق نفوذها، والتأكيد على استعدادها لمواجهة أي تهديد إرهابي مقبل من شمال مالي، وفق ما جاء في تعديل الدستور الجزائري، الذي قضى بالسماح لقوات الجيش بتنفيذ عمليات خارج الحدود.
ولم يشمل الاجتماع الذي قادته الجزائر في مالي كل الأطراف الموقِعة على اتفاق السلم والمصالحة، ولكن شارك فيه دبلوماسيون من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ووزراء ماليون. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عبر الفيديو أمام المجتمعين، إنه يرى في الاجتماع في مدينة كيدال، "رمزاً للطريق الذي سُلك منذ عام 2012 ودينامية إيجابية للسلام".
في المقابل، اعتبر مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، المنتهية ولايته، إسماعيل شرقي، أن انعقاد أشغال الدورة الـ42 للجنة متابعة لاتفاق السلم والمصالحة في كيدال، لأول مرة منذ التوقيع على الاتفاق في عام 2015، "يمثل تقدماً ملحوظاً في إعادة تأكيد تمسك كل الماليين بتحقيق السلام في ظل وحدة وسلامة أراضي بلدهم".

نشاط عسكري

وسبق التحرك الدبلوماسي الجزائري في مالي، نشاط عسكري قاده اللواء محمد قايدي، رئيس دائرة الاستعمال والتحضير في الجيش الجزائري، الذي شارك ممثلاً لرئيس الأركان، في "اجتماع مجلس رؤساء أركان جيوش بلدان الميدان"، الذي عُقد في مالي، حيث أكد على ضرورة تضافر الجهود في إطار تعاون واضح وصريح بين الدول الأعضاء، يرتكز بخاصة على تبادل المعلومات وتنسيق الأعمال على جهتَي الحدود بالاعتماد على الوسائل والقوى الذاتية.
وأوضح بيان وزارة الدفاع الجزائرية أن الاجتماع شكل فرصةً لرؤساء أركان مالي والجزائر وموريتانيا والنيجر، لإثراء وتعميق عمل لجنة الأركان العملياتية المشتركة، ولتسليم رئاسة مجلس رؤساء الأركان إلى موريتانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


دعم دبلوماسي لمجهود عسكري
في السياق، قال أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي إن "هذه اجتماعات دورية عادية لرؤساء أركان هذه الدول من أجل مواجهة الأخطار الأمنية في المنطقة، بخاصة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وشبكات الجريمة العابرة للحدود، حيث تُعد الجزائر العنصر الأساس ضمن هذه الهيئة بحكم امتلاكها أكبر جيش". وأضاف أنه "بسبب مرافعة الجزائر لمصلحة الاعتماد على الجيوش المحلية في مواجهة كل هذه الأخطار، خصوصاً الإرهاب، عمدت فرنسا إلى عرقلة نشاط هذا المجلس، ونافست الجزائر عبر تأسيس "مجموعة الخمسة" التي تضم إليها أربع دول من الساحل، لكنها فشلت في مواجهة الإرهاب، بدليل استمرار الاعتداءات والعمليات الإرهابية في منطقة الساحل".
وزاد لونيسي "نعتقد أن فرنسا اقتنعت بالمقارنة الجزائرية التي تنادي بالاعتماد على الجيوش المحلية، وإبعاد الدول الخارجية، وهو ما يفسر العودة القوية لاجتماعات هذه الهيئة، بعد ما جُمدت لسنوات تحت تأثير فرنسي"، مبرزاً أن "تحركات وزير الخارجية بوقادوم تدخل في إطار دعم دبلوماسي لمجهود عسكري من أجل أمن منطقة الساحل، في شكل تكامل دبلوماسي- عسكري".

المزيد من متابعات