Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات تأسيس "منتدى الصداقة" للتعاون بين الخليج وشرق المتوسط؟

يهدف إلى "بناء السلام والازدهار في المنطقة وليس موجهاً ضد طرف بعينه"

ممثلو دول الخليج العربي وشرق المتوسط في منتدى الأصدقاء باليونان  (أ ف ب)

أعلن وزراء خارجية كل من اليونان وقبرص وفرنسا والسعودية ومصر والإمارات والبحرين، تأسيس "منتدى الصداقة (فيليا)" في ختام اجتماع استضافته العاصمة اليونانية، أثينا، بهدف تعزيز التعاون بين أعضاء المنتدى والمساهمة "بنشاط" في توطيد السلام والاستقرار والأمن في المنطقة، بحسب بيان مشترك صادر عن الوزراء الذين شددوا على أن المنتدى "ليس موجهاً ضد أي طرف".

ووسط إجماع الوزراء المشاركين على رفض التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة، دان وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، ما وصفه "بالاستفزازات والتدخلات" التركية بالمنطقة، مستشهداً بالمذكرة الموقعة بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني المنتهية في ليبيا.

نسخة سياسية في مجال الطاقة

يهدف "منتدى فيليا" (منتدى الصداقة) إلى "بناء الصداقة والسلام والازدهار في المنطقة"، كما أكد وزير الخارجية اليوناني، خلال المؤتمر الصحافي الختامي، مشيراً إلى أنه يسعى إلى تعزيز الروابط بشكل خاص في مجالي الطاقة والأمن.

وقال الوزير اليوناني، إن "منتدى الصداقة ليس موجهاً ضد طرف بعينه". وأضاف "نتعاون في ذلك المنتدى في مجالات عدة بينها الطاقة والثقافة، فضلاً عن حرصنا على السلام في المنطقة". وأشار في ختام الاجتماع مع نظرائه من دول عربية وأوروبية إلى أن "طموح اليونان هو أن تصبح جسراً بين شرق البحر المتوسط والخليج والبلقان وأوروبا".

وقال هاني الأعصر، الباحث في شؤون الأمن القومي بالمركز الوطني للدراسات بالقاهرة، إن "منتدى الصداقة" يقدم "نسخة سياسية لمنتدى شرق المتوسط الذي يضم دولاً عربية وأوروبية عدة، وأساسها التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، وهو بمثابة محاولة لإثبات القدرة على التكتل، وإقصاء أي خصم إقليمي يتدخل في شؤون الدول العربية، ومحاولة لإحراج المنظمات والأطراف الدولية الفاعلة للضغط باتجاه تحجيم أي أدوار هدامة لدول إقليمية تقوم بزعزعة الأمن الإقليمي بعد عجز منظمات دولية عن القيام بدورها، وتحفيز دول كبرى على التحرك لوقف الممارسات العدائية والتدخلية".

وعقد الوزراء المشاركون في المنتدى جلسات مطولة للتباحث حول عدد من القضايا الإقليمية المهمة، وقال الأعصر إن هناك تحديات سياسية واقتصادية عديدة بسبب كورونا، مشدداً على رفض الدول المشاركة بالمنتدى التدخلات الخارجية في شؤون دولها، ملمحاً إلى عجز المنظمات الدولية عن الاضطلاع بدورها في هذا الصدد، قائلاً "إن توسع قوات أجنبية على أراضٍ عربية ينبئ بتراجع في منظومة العلاقات الدولية وعدم القدرة على احترام مبادئ الأمم المتحدة".

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، "لا بد من أن يكون هناك احترام للمبادئ الدولية والقيم المشتركة كافة وعدم توظيفها لأغراض ضيقة، وأدعو مجلس الأمن إلى أن يضطلع بكامل مسؤوليته في تعزيز هذه المبادئ وتوفير الاستقرار".

أهمية سيادة الدول

من جانبه، جدد وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان "التأكيد على أهمية سيادة الدول وحقوقها واستقلالها وسلامة أراضيها وفقاً للقوانين والأعراف الدولية"، ودان "التدخلات الخارجية في شؤون الدول، إذ تهدد هذه التدخلات الأمن والسلم الدوليين والاستقرار الاقتصادي العالمي"، مؤكداً دعم بلاده "كل ما يفضي لخفض التوتر والتصعيد، وحل النزاعات بالحوار والسبل السلمية، ونحن مستعدون للعمل مع الدول كافة لأجل السلام والاستقرار". وشدد ابن فرحان على أهمية احترام حرية الملاحة في الممرات الدولية، ومبادئ السيادة.

تعاون في مجال الأمن البحري

وشدد البيان المشترك الصادر عن المنتدى على التزام الدول المشاركة بالقانون الدولي وحرية الملاحة "بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي وقعنا عليها جميعاً، وأكدنا التزامناً القوي بالمبادئ الأساسية المنصوص عليها فيها، مثل احترام السيادة والحقوق السيادية واستقلال وسلامة أراضي الدول، والحل السلمي للخلافات ورفض التهديد أو استخدام القوة، وعدم التدخل في الدول الأخرى وحرية الملاحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الأعصر أن التكتل الجديد يعكس حالاً من التوفيق بين مصالح الحلفاء لتحقيق مستوى أكثر تطوراً من التعاون بين منطقتي الخليج وشرق المتوسط في ضوء الأهمية الاستراتيجية للمنطقتين في ما يتعلق بإمدادات الطاقة والتجارة الدولية، و"محاولة من دول الخليج للاقتراب أكثر من الدول التي تشارك معهم من شرق المتوسط لتحقيق تقارب استراتيجي، وتعزيز مشاركة دول الخليج في تحقيق الأمن البحري في منطقة شرق المتوسط، فضلاً عن محاولة إيجاد حلول للمعضلات الأمنية الناتجة عن الانسحاب الأميركي المتوقع، وهو ما يمثل هاجساً أمنياً في الخليج".

تزايد التحديات

وقالت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي، إن "تزايد حجم التحديات والأزمات التي تواجه المنطقة يتطلب منا التعاون وزيادة في التنسيق والتعامل بحكمة وعقلانية لإرساء أسس التنمية والأمن والسلام".

وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، قالت الهاشمي خلال مؤتمر صحافي مشترك في ختام الاجتماع "أكدنا ضرورة الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب"، كما أوضحت أن دولة الإمارات ترفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول، وتؤكد أهمية احترام سيادة القانون والالتزام بالمواثيق الدولية، وأمن واستقرار منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والمنطقة العربية.

وقال عبد اللطيف الزياني، وزير خارجية البحرين، بدوره، إن الجلسات المطولة اتسمت بالوضوح والشفافية والصراحة، و"أتاح لنا هذا اللقاء فرصة التباحث في عدد من القضايا الإقليمية المهمة، وعلى وجه الخصوص تحديات الأمن والاستقرار، إلى جانب التعاون المشترك لتحقيق الازدهار لصالح شعوب المنطقة". وأوضح أنه تم التباحث حول "تطورات الأوضاع السياسية والأمنية وانعكاسها على أمن واستقرار المنطقة".

تنسيق استراتيجي بين الخليج وشرق المتوسط

ويرى المتخصص في شؤون الطاقة، سيريل ويديروشوفين، إن الإعلان عن "منتدى فيليا" أو "منتدى الصداقة الإقليمي"، يمثل "خطوة كبيرة إلى الأمام لإقامة تعاون إقليمي بين شرق المتوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، وهذا التطور الأخير هو متابعة منطقية لاتفاقيات التعاون الثنائية أو متعددة الأطراف المعززة والمستمرة التي أبرمتها السعودية والإمارات في ضوء تطورات منتدى شرق البحر المتوسط، واستراتيجيات تكامل الطاقة الإقليمي ومساعيهما لمواجهة التهديدات والخصوم من خلال شراكة متعددة الأبعاد وحضور متزايد في الدوائر المؤثرة على أمن الخليج".

واعتبر ويديروشوفين أن مشاركة فرنسا، كأحد أهم الأطراف في الاتحاد الأوروبي، والـ"ناتو"، وفي ضوء الدعم الكامل منها لمنتدى شرق البحر المتوسط، تشير إلى أن المناقشات الأخيرة لا ترتبط فحسب بالجوانب الإنسانية أو الثقافة أو "الصداقة" كما هو اسم المنتدى، ولكنها ترتبط بنهج واضح تجاه الاقتصاد والتعاون الجيوسياسي والعسكري في المستقبل، وتظهر الاهتمام المتزايد للسعودية والإمارات بشرق البحر المتوسط، بالتوازي مع تدشين المملكة تحالف البحر الأحمر، ما يعكس أن كل الأطراف مهتمة بإنشاء هياكل اقتصادية وأمنية جديدة لتدعيم استقرار المنطقة.

أضاف "ترتبط كل المناقشات رسمياً بالطاقة، أو خيارات الاستثمار الإقليمي في الطاقة، أو التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، ولكن لا يمكن تقييم ذلك من دون مؤشرات الأمن والتهديدات والمخاطر التي يتصورها الجميع. عند تقييم التحرك الراهن، لا تزال هناك قضايا رئيسة يجب التعامل معها، إذ إن تركيا نقطة تعكر صفو التعاون في تلك المنطقة، وقد تمت دعوة العراق والأردن للمشاركة مع استبعاد إسرائيل، ومن اللافت عدم مشاركة إيطاليا المنخرطة في ليبيا ولديها علاقات أكثر ودية تجاه تركيا، على الرغم من مشاركتها في منتدى غاز المتوسط، إذ تسهم شركاتها بنصيب كبير في الاستثمارات في مجال الغاز بالمياه الاقتصادية لدول أعضاء في منتدى الصداقة".

ووصف ويديروشوفين المنتدى بمثابة "جسر بري" بين البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج، قائلاً "هذا ما نحتاج إليه، حتى نوضح للآخرين أن القضايا في أي من هذه المياه الإقليمية أو المناطق تهم الجميع، ولا سيما بالنسبة للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو اللذين لا يضطلعان بالدور المتوقع في الأمن البحري وحماية حرية الملاحة، وسيكون من الجيد جداً إجراء مناقشات مباشرة حول هذا التقدم، وإلا، فإن روسيا والصين ستحتلان مكاناً على طاولة المفاوضات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير