Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصدر يغرد خارج سرب الموالين لإيران ويدعم الإشراف الدولي على الانتخابات

محاولات لإرساء تحالف بين قوى شيعية عراقية لمنع حصول "التيار الصدري" على منصب رئيس الوزراء

بعد يومين من انتشار عناصر ميليشيا "سرايا السلام" التابعة لزعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، في بغداد وكربلاء والنجف بحجة وجود مخطط لـ"داعش" والبعثيين وبعض مَن أُطلق عليهم صفة المندسين من المتظاهرين، يستهدف العتبات الدينية الشيعية والوضع الأمني عموماً، خرج الصدر بموقف جديد من مسألة الإشراف الدولي على الانتخابات ليكون أول المغردين خارج سرب الجماعات الشيعية الموالية لإيران الرافضة ذلك.
وعلى الرغم من أن استعراض مسلحي "سرايا السلام" قوبل بانتقادات كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن قبل بعض الجهات السياسية الا أن الاعتراض الأكبر كان من جهات وأحزاب موالية لإيران، وجدت فيها محاولةً سلبية للتغطية على زيارة رئيس مجلس القضاء الإيراني إبراهيم رئيسي إلى العراق الإثنين الماضي، وإلقائه كلمة في مكان مقتل قائد فيلق "قدس" السابق قاسم سليماني على طريق مطار بغداد الدولي فضلاً عن إجرائه سلسة لقاءات وزيارة العتبات الشيعية وسط ترحيب الموالين لإيران في العراق.
ويرى متابعون للشأن العراقي أن "ما حصل من نزول عناصر مليشيا سرايا السلام بدا بمجمله بمثابة رسالة إلى الأحزاب الشيعية المنافسة للتيار الصدري وحتى إلى إيران نفسها، بأن زعيم التيار وجمهوره يُعدّ رقماً صعباً في المعادلة الشيعية لا يمكن تهميشه في تشكيل أي سلطة جديدة في العراق، كما أنها رسالة واضحة بأن أي عملية تزوير في الانتخابات من قبل أي جهة على حساب التيار الصدري ستواجَه برد فعل غير متوقع.
وجاء انتشار عناصر "سرايا السلام" بعد صدور تصريحات من قبل سياسيين موالين لإيران مثل نوري المالكي وغيره، رفضوا تسلم أي "صدري" منصب رئيس الوزراء، مؤكدين أنهم لن يسمحوا لـ "سائق البطة" أن يكون رئيس وزراء، في إشارة الى عناصر التيار الصدري وزعيمهم.
ويطلق لقب "البطة" في العراق على سيارة من نوع تويوتا كروان، استخدمتها ميليشيا "جيش المهدي" التابعة للتيار الصدري في أعمال العنف الطائفي الموجهة ضد العراقيين السنّة عامَي 2006 و2007.

إصرار على منع التزوير

يبدو أن تصريحات مقتدى الصدر من النجف بعد انسحاب مسلحيه من الشارع، بشأن ضرورة وجود إشراف دولي على الانتخابات العراقية، واعتباره ذلك خطوةً مهمة لمنع حدوث تزوير، مشابه لما جرى في انتخابات عام 2018.
وقال الصحافي العراقي علي بيدر إن "لدى مقتدى الصدر مخاوف من احتمال وجود محاولة لإبعاده عن المشهد السياسي العراقي عبر تزوير الانتخابات المقبلة من قبل منافسيه"، لافتاً إلى أن "انتشار سرايا السلام هي رسالة إلى الخصوم". وأضاف إن "الإشراف الأممي يعني أن تكون العملية الانتخابية بإدارة دولية ويختلف ذلك عن الرقابة التي كانت تحصل خلال الانتخابات التي جرت في السنوات السابقة"، مشيراً إلى أن "التيار الصدري من التيارات التي تمتلك قاعدة جماهيرية حقيقية ولها نفوذ داخل المجتمع العراقي وسيلتزم أنصاره بأي تعليمات تصدر منه".

وأوضح البيدر أن "أحزاباً ناشئة عدة تسعى إلى تأمين إشراف الأمم المتحدة على الاستحقاق الانتخابي المقبل وإقناع المجتمع الدولي بهذه الخطوة، لاسيما في ظل وجود مفوضية انتخابات عراقية تشوب عملها ملاحظات كثيرة، في ظل مخاوف من تدخلات داخلية وخارجية، ما يدفع الشارع نحو المطالبة بإشراف دولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رسائل متعددة

تبدو الرسائل التي حاول الصدر إيصالها عبر الدعوة إلى الاشراف الأممي على الانتخابات، مهمة في تقريبه من المجتمع الدولي ومرجعية النجف التي باتت لها مواقف رافضة لمجمل العملية السياسية في البلاد منذ انطلاق التظاهرات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "تأييد الصدر للأشراف الدولي يهدف إلى توجيه رسائل عدة أهمها تقديمه كحليف للمجتمع الدولي وانسجامه مع دعوة المرجع الديني الأعلى علي السيستاني الذي طالب بالإشراف والمراقبة الدولية، وبالتالي فإنه لا يريد الخروج من إطار المرجعية". وأضاف الشمري إن" تأييد الصدر للإشراف الأممي يشكّل رسالةً إلى الأمم المتحدة بأن الصدر وجمهوره لا يعارضون المنظمة الدولية، وهو نموذج مغاير لبعض القوى والزعامات الشيعية التي رفضت ذلك".
وأشار الشمري إلى أن "دعوة الصدر تنسجم مع حركة أكتوبر (تشرين) الناشئة والتي تدفع باتجاه الإشراف الدولي، وبذلك يقدم رسالة تحالف أو مساحة مشتركة مع هذه الأحزاب الصاعدة، فضلاً عن أنه يستذكر التزوير الذي حدث في الدورات الانتخابية الماضية، ويريد بذلك أن يعطي شرعية لهذه الانتخابات من خلال المجتمع الدولي لأن جمهوره ثابت".
و"يحاول الصدر قطع الطريق على بعض القوى التي انتهجت أسلوب التزوير ويدرك أنها ضعيفة لا تستطيع أن تخوض انتخابات نزيهة وستخسر الكثير من مساحتها  إذا كان هناك إشراف دولي"، بحسب الشمري الذي "بيّن أن جمهور التيار الصدري ثابت وهم الأكثر على صعيد الأصوات قياساً بالقوى الشيعية التقليدية الأخرى".  

إحراج المنافسين

في السياق، اعتبر الصحافي باسم الشرع أن "دعوة الصدر إلى الإشراف الدولي تحرج منافسيه من الأحزاب والفصائل الشيعية الحليفة لإيران كونها رفضت ذلك بشدة واعتبرته تدخلاً خطيراً في شؤون العراق".
وأضاف الشرع إن "الصدر بموقفه هذا يحاول تصدير تصوراته حول الميليشيات التي يسميها منفلتة وأغلبها من الجهات المنشقة عن التيار الصدري في السنوات الماضية، إلى المجتمع الدولي بهدف تقديم نفسه لاعباً أساسياً في أي عملية أو تحرك جدي للحد من نفوذها في العراق".
ورأى أن "انتشار سرايا السلام في بغداد والبصرة وكربلاء هدفه استعراض القوة ضد الجهات الشيعية المنافسة التي روّجت خلال الأسابيع الماضية لإمكان تحالفها في قائمة انتخابية واحدة لمنع حصول الصدر على منصب رئيس الوزراء".
ورجّح الشرع أن "يؤدي الإشراف الدولي إن حصل، إلى هزيمة مدوّية لمنافسي الصدر الذين اتُهِموا بتزوير انتخابات عام 2018، وصعود جهات سياسية جديدة أقرب إلى الصدر، من بقية الأحزاب الشيعية التقليدية".

المزيد من العالم العربي