Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معدلات التضخم ترتفع في سوريا مع مواصلة انهيار الليرة

سعر الصرف أحد الأسباب الأساسية والاهتمام بالمشاريع الزراعية ضمن الأولويات لرفد الاقتصاد

الاهتمام بالزراعة والأمن الغذائي والصناعة لرفد الاقتصاد في سوريا (اندبندنت عربية)

تتضارب التكهنات حول مآل العملة السورية لا سيما بعد ما طرح البنك المركزي السوري ورقة نقدية جديدة من فئة الخمسة آلاف ليرة والتي تقابل اليوم في سعر الصرف الرائج في الأسواق حوالى دولار ونصف الدولار، إلا أن جميع المتخصصين في المجال الاقتصادي يجمعون على أن العملة الجديدة هي نتيجة ارتفاع التضخم الحاصل في البلاد بشكل مذهل، وهي محاولة  لكبح جماحه.

عملة جديدة في الظرف الصعب!

وبحسب البنك المركزي فقد تعرض سعر صرف العملة إلى تدهور حاد ومستمر خلال الحرب السورية منذ العام 2011 وإلى اليوم عدا عما يلوح في الأفق من شبح استمرار العقوبات الاقتصادية المتلاحقة والمفروضة على سوريا حتى وصل سعر الصرف إلى ما يقارب الثلاثة آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد بينما كان قبل الحرب بين 45 إلى 50 ليرة سورية فقط.

المركزي السوري وهو المصرف الذي يرسم السياسة النقدية للبلاد يحاول وضع حلول في مشهد مأساوي تعيشه العملة السورية بينما وقع في مصيدة القانون الأميركي (قيصر) على لائحة الكيانات المعاقبة في 24 ديسمبر (كانون الأول)، حيث يصنفها بأنها عقوبات أحادية الجانب لكن تترك تأثيرها القاسي في تعاملاته المالية.

وفي حين يرى مراقبون اقتصاديون عكس ذلك، إذ يتوقعون مع العملة الجديدة التوصل إلى مزيد من الانهيار، قالت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة النظام السوري لمياء عاصي إن طرح البنك المركزي فئة الـ 5000 ليرة سورية في الأسواق مقابل سحبه العملة التالفة لن "يزيد الكتلة النقدية الموجودة في السوق".

وأضافت أن هذه الخطوة لن تؤثر في "سعر الصرف أو أسعار السلع، ولن تزيد معدل التضخم في سوريا".

ترتيب بين العملات المضطربة

على الرغم من تحسن الوضع الأمني في البلاد في العامين الماضيين إلا أن الواقع الاقتصادي يعيش تدهوراً غير مسبوق، في وقت بلغت الكلفة التي نجمت عما كبّده النزاع السوري للاقتصاد الكلي حوالى 442,2 مليار دولار وهي القيمة المفصلة للدمار اللاحق برأس المال، مع دمار البنى التحتية للمشاريع الصناعية، وخسائر في المباني والمعدات الخاصة والعامة عدا عن المستشفيات والمدارس والمساكن التي خرجت من الخدمة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا السياق كشف أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز، ستيف هانكي عن أن حجم التضخم في سوريا للعام 2020 وصل إلى مستوى شاسع بلغ 263,64 في المئة.

قياس هانكي الذي يعمل مدير مشروع العملات المضطربة في معهد كاتو في واشنطن صنّف سوريا أنها تأتي بالترتيب بعد فنزويلا ولبنان وزيمبابوي في قائمة البلدان التي سجلت أعلى معدلات التضخم خلال العام المنصرم.

وكان رئيس قسم المصارف والتأمين في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، علي كنعان وصف في دراسة سابقة نشرها في العام 2016 التضخم النقدي بالجامح غير القابل للضبط ويقفز بمعدلات كبيرة، تجاوزت 1200 في المئة نتيجة خلل بين العرض والطلب.

الصادرات والمستوردات

ويرى المتخصّص الاقتصادي، علي محمود محمد أن "العامل الأساسي للتضخم حالياً موضوع الإنتاج في ظل وجود ميزان تجاري سوري خاسر في العام 2019 حيث بلغت قيمة الواردات ستة مليارات يورو والصادرات ما يقارب نصف مليار يورو كفيل بإعطاء فكرة لمعدل التضخم الراهن والمستقبلي إن لم ترتفع نسب الصادرات وتقل الواردات، والحل الأساسي الإقلاع بالعملية الإنتاجية".

كما إن سعر الصرف من الأسباب الأساسية لزيادة معدلات التضخم والذي يصل اليوم في السوق الموازية إلى 3250 ليرة مقابل الدولار الواحد وبالنتيجة ينعكس على المستهلك والعقار وتكلفة الدعم الحكومي للطحين والمشتقات النفطية.

الزراعة أم الصناعة أولاًّ!

إزاء ذلك ينقسم الاقتصاديون حول مسألة من يسبق أولاً الزراعة أم الصناعة لرفد الاقتصادي السوري، وينصح محمود محمد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" في الوقت الحالي ينبغي الاهتمام بالصناعة إلى حين ترتيب الأولويات ولا بد من إعطاء الزراعة والأمن الغذائي المقام الأول.

يأتي ذلك بعد انكفاء السوريين في البحث عن قوت يومهم الذي هو صلب أولوياتهم اليومية عن النظر مثلاً عن شراء مركبات أو شقق سكنية لأنها اليوم ضرب من المستحيل فمتوسط أجور العاملين بين 50 إلى 100 ألف ليرة أي ما يعادل أقل من 50 دولاراً.

ويعتقد أن تحقيق الأمن الغذائي أولوية وبعدها يمكن السعي إلى تخفيف الحجم الهائل للمستوردات "الحكومة سعت إلى برنامج (إحلال بدائل المستوردات) يتضمن ما يقارب 67 مادة وربما زادت مواد ضمن البرنامج، وهذا لا بد منه للإقلاع بشكل كبير لتخفيض المليارات من المستوردات للتعادل مع الصادرات".

الميزان التجاري وهاجس التوازن 

لقد انخفضت نسبة الصادرات السورية من 8,7 مليار دولار في العام 2010 إلى 2,3 مليار دولار في العام 2012 واستمرت في التراجع المطرد حتى وصلت إلى 0,72 مليار دولار في العام 2018 بحسب تقرير منظمة "الأسكوا" في تقريرها للعام الماضي حيث يأتي هذا التدهور نتيجة طبيعية لتعطل عجلة الإنتاج والتجارة.
وسببت الحرب التي لحقت بالبنى الأساسية، بالإضافة إلى القيود الاقتصادية الأحادية الجانب وقتها من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، هروب رأس المال السوري المادي (الفني والتقني والآلات) والنقدي والبشري إلى خارج البلاد.

التقصير أم قيصر؟

يرى متابعون للشأن الاقتصادي السوري أن العقوبات هي شماعة للتقصير الحاصل في النهوض الداخلي من صناعة وغيرها.

وأيّد المتخصّص الاقتصادي تلك الفكرة لكنه في الوقت نفسه أعرب عن ضرورة عدم إشاحة النظر عن مدى تأثير العقوبات الاقتصادية كإحدى العوامل المؤثرة في التضخم.

رفع العقوبات 

ودعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ألينا دوهان الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا، التي قد تعيق إعادة إعمار البنية الأساسية المدنية التي دمرت بسبب الصراع.

وذكرت دوهان أن النطاق الواسع لقانون العقوبات الأميركي، الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران (يونيو) الماضي، قد يستهدف أي عمل أجنبي يساعد في عملية إعادة البناء أو حتى موظفي الشركات والجهات الإنسانية الأجنبية وفق بيان صحافي نشر في 29 ديسمبر الماضي.

فيما اليوم تتجه أنظار السوريين إلى ساكن البيت الأبيض الجديد وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بعد أنباء تتردد حول دراسة يعدها عدد من الوزراء منها الخزانة والخارجية والتجارة لتخفيف العقوبات على سوريا بهدف وصول مساعدة الاستجابة السريعة لمكافحة فيروس كورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير