Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل رفض المؤرخ ستورا "اعتذار" فرنسا عن استعمار الجزائر؟

مبادرات ممكنة وخطوات رمزية على غرار إعادة سيف الأمير عبدالقادر الذي قاد المقاومة في القرن الـ 19

قدم ستورا تقريره إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 20 يناير (غيتي)

أوضح المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا أنه لم يرفض "اعتذار" فرنسا عن 132 سنة من الاستعمار للجزائر.

يأتي ذلك وسط جدل واسع تشهده فرنسا والجزائر، في شأن تقرير قدمه ستورا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكرّر ستورا لصحيفة "لكسبريسيون" الجزائرية الناطقة بالفرنسية، ما جاء في تقريره المعنون بـ "مصالحة الذاكرة"، وهو "أنني لا أرى مانعاً من تقديم اعتذارات من فرنسا للجزائر على المجازر المرتكبة".

وأضاف المؤرخ، "لنكن واضحين، ليس هناك في تقريري شعار لاعتذار ولا توبة".

وأشار ستورا إلى أن عمله ومقترحه "لم يكن كتابة تاريخ الجزائر المعاصر، ولكن تقدير آثار حرب التحرير في تشكيل مختلف جماعات الذاكرة في فرنسا".

وكان الانتقاد الأكبر في الجزائر هو عدم التوصية في تقريره بضرورة تقديم فرنسا "اعتذاراً" للجزائر على ما أصاب شعبها خلال الاحتلال الذي استمر من 1830 إلى 1962.

ورفضت المنظمة الوطنية للمجاهدين (محاربو حرب التحرير الجزائرية) تقرير ستورا لأنه "تغاضى عن الحديث عن الجرائم المتعددة التي ارتكبتها الدولة الفرنسية باعتراف الفرنسيين أنفسهم".

وسبق أن وعد ماكرون باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، لم يصدر أي رد فعل رسمي من الرئيس عبدالمجيد تبون الموجود في ألمانيا للعلاج من مضاعفات إصابته بـ "كوفيد-19".

ومع اقتراب الذكرى الـ 60 لاستقلال الجزائر في عام 2022، فإن ملف "مصالحة الذاكرة" ستكون ضمن أولويات المحادثات بين الرئيسين ماكرون وتبون، بمجرد عودة الأخير لبلاده.

وفي صلب تقرير ستورا الذي سيحول كتاباً من 200 صفحة، توصية مهمة حول تشكيل لجنة في فرنسا باسم "الذاكرة والحقيقة" تكلّف اقتراح "مبادرات مشتركة بين فرنسا والجزائر حول مسائل الذاكرة".

ومن بين المبادرات الممكنة خطوات رمزية على غرار نقل رفات المحامية جيزيل حليمي التي عارضت حرب الجزائر إلى مقبرة العظماء (البانتيون)، وتخصيص مساحة أكبر لتاريخ البلدين في مناهج التعليم، وإعادة سيف الأمير عبدالقادر الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن الـ 19. لكن هذه "التوصيات لن تطبق بالضرورة، فهذه مسألة تتعلق بقرارات سياسية"، وفق الخبير بتاريخ الجزائر، ولذلك يشدد ستورا على أنه لم يعمل "كموظف في الإليزيه (الرئاسة الفرنسية) أو مستشار"، ولكن عمل "كمؤرخ وأكاديمي".

وتابع، "أنا لست ممثلاً للدولة الفرنسية، ولكنني باحث"، مضيفاً أنه "بدل رفض التقرير بشكل كامل، أعتقد أن من المهم استخدامه كنقطة انطلاق للنهوض بقضية الجزائريين".

وقال المؤرخ في حواره مع الصحيفة الجزائرية إنه فوجئ بـ "الصدى الإعلامي الذي أثاره التقرير، مما يدل على أن مسألة حرب الجزائر ما زالت موضوعا ساخناً".

فرنسا "تحمل مسؤوليتها التاريخية" عن التجارب النووية

وفي سياق متصل، قال رئيس قسم هندسة القتال بقيادة القوات البرية الجزائرية العميد بوزيد بوفريوة إنه "يجب أن تتحمل فرنسا مسؤوليتها التاريخية" في ملف التجارب النووية التي أجرتها في الصحراء الجزائرية خلال الستينات.

وأشار بوفريوة في حوار نشرته مجلة الجيش في عددها لشهر فبراير (شبط) الصادر الأحد، إلى أنه جرى "الاعتراف بصورة واضحة وصريحة بمبدأ الملوِث يدفع، وهذه المرة الأولى التي يطالب فيها المجتمع الدولي القوى النووية بمعالجة أخطاء الماضي".

وأجرت فرنسا في 13 فبراير 1960 التجربة النووية الأولى في الصحراء الجزائرية في منطقة رقان (جنوب) تحت اسم "اليربوع الأزرق"، واستعملت فيها أربع قنابل ذرية بطاقة تفجيرية تراوح بين 10 و70 كيلوطن، أي ثلاثة أضعاف قوة القنبلة المستعملة في هيروشيما، امتدت تداعياتها الاشعاعية إلى كامل غرب أفريقيا وجنوب أوروبا.

ونفّذت فرنسا 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية بين 1960 و1966 في منطقتي رقان وإن إيكر.

وجرت 11 من تلك التجارب، وجميعها تحت الارض، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962 التي قادت لاستقلال الجزائر لكنها تضمنت بنوداً تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى العام 1967.

وكانت السلطات الفرنسية قد أكدت بعد ثلاثة أيام من تجربة 13 فبراير 1960 أن الإشعاع أدنى من مستويات السلامة المقبولة.

لكن وثائق رفعت عنها السرية عام 2013 أظهرت أن الإشعاع أعلى بكثير مما أعلن حينها، ويصل إلى كامل غرب أفريقيا وجنوب أوروبا.

وأكد بوفريوة أن تلك التجارب النووية "تركت آثاراً ذات أخطار صحية على السكان المحليين إلى جانب الآثار السلبية على البيئة عموما وكذا الثروة الحيوانية والنباتية".

وأشار إلى "غياب المعلومات التقنية عن طبيعة التفجيرات النووية والعتاد الملوث اشعاعيا الذي تم دفنه".
وجاء في مقال آخر نشر في العدد نفسه من مجلة الجيش أنه "بعد مرور أكثر من ستين سنة على هذه التفجيرات، تصر فرنسا على إخفاء الخرائط التي من شأنها كشف أماكن مخلفاتها النووية، باعتبارها حقا من حقوق الدولة الجزائرية إلى جانب المماطلة في مناقشة قضية التعويضات التي تخص المتضررين الجزائريين".

ويمثل ملف التجارب النووية الفرنسية أحد أبرز خلافات الذاكرة بين الجزائر وباريس.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار