Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا تخرج من عنق الزجاجة وتنتظر حكومة الوحدة بفارغ الصبر

الناطق باسم الجيش الوطني يقر بأن المجلس الرئاسي الجديد هو القائد الأعلى

رئيس "حكومة الوفاق" المنتهية ولايته فايز السراج مدلياً بصوته في انتخابات مجلس بلدية طرابلس السبت 6 فبراير الحالي (أ ف ب)

قوبل تشكيل السلطات التنفيذية الليبية، بترحيب كبير داخل البلاد وخارجها، كونها تمثل خطوة كبيرة في الطريق إلى إنجاز خريطة الطريق المتفق عليها، والتي تفضي إلى إجراء الانتخابات العامة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وإنهاء المرحلة الانتقالية التي طالت لعقد من الزمن، وشابتها سلسلة نزاعات سياسية وعسكرية، خلفت انقساماً في مؤسسات الدولة وشروخاً اجتماعية كبيرة.
وعلى الرغم من أهمية تشكيل الأجسام التنفيذية، وما تحمله من دلالات إيجابية، فإن المهمة الملقاة على عاتق السلطات اللليبية الجديدة لن تكون سهلة، إذ سيكون عليها أن تعالج أزمات ضخمة وملفات حساسة عدة، في فترة زمنية مضغوطة، لا تتعدى تسعة أشهر، ما يطرح أسئلة كبيرة حول قدرتها الواقعية على النجاح في مهمتها الصعبة.

تشكيل حكومة متوازنة

أول تحد بدأ رئيس "حكومة الوحدة الوطنية" الجديدة، عبد الحميد دبيبة، العمل عليه فوراً، هو تشكيل حكومة موحدة، تحظى بتمثيل متوازن يرضي كل الكيانات السياسية والاجتماعية والجهوية في ليبيا، مع الإيفاء بالتعهد الذي أخذته بعثة الأمم المتحدة منه، بتمثيل المرأة في هذه الحكومة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة. وكل هذا يجب أن ينجز خلال ثلاثة أسابيع فقط.
في هذا السياق، ذكرت مصادر ليبية أن دبيبة بدأ فعلاً مشاورات تشكيل حكومته بالتواصل مع شخصيات مرشحة لتولي حقائب وزارية من أقاليم ليبيا الثلاثة، لتحقيق التوازن في الحكومة الجديدة، مع البحث عن وجوه نسائية لشغل مناصب في الحكومة، وفق النسبة المخصصة لها والتي تحصل عليها لأول مرة.
وأشارت المصادر إلى مشاورات جارية بين دبيبة ورئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، حول المرشحين لوزارتي الدفاع والخارجية في الحكومة الجديدة، لطرح أسماء توافقية للوزارتين، حتى لا تصطدم برفض البرلمان للتشكيلة الوزارية الجديدة.
ويسعى رئيس الوزراء الليبي الجديد، إلى نيل ثقة البرلمان، من دون الحاجة للرجوع إلى لجنة الحوار من أجل ذلك، اختصاراً للوقت الذي يضع ضغطاً كبيراً على كاهله، نظراً إلى الفترة الزمنية القصيرة التي حددت لحكومته.
وأكدت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز في مؤتمر صحافي عقدته في جنيف، أن "أمام مجلس النواب 21 يوماً للنظر في منح الثقة للحكومة الجديدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وإلا فإن القرار سيعود في هذا الشأن لملتقى الحوار السياسي". وأوضحت ويليامز أنه "يتوجب على رئيس الحكومة المنتخب، تشكيل حكومته خلال فترة لا تزيد على 21 يوماً أيضاً، وتقديم برنامج عملها إلى مجلس النواب، للمصادقة عليها كاملة ومنحها الثقة".

طريق الانتخابات محفوف بالمخاطر

ويتوقع من الحكومة بعد نيلها الثقة من البرلمان أو لجنة الحوار، أن تبدأ مباشرة العمل على أهم المهمات المناطة بها، وهي تمهيد الطريق لإجراء انتخابات عامة نهاية العام الحالي في ظروف آمنة وطبيعية، وهي مهمة لن تكون سهلة، في ظل الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد وحالة الانقسام المؤسساتي، وستتطلب عملاً كبيراً من السلطات التنفيذية الجديدة.
وفي هذا الصدد رأى محللون ليبيون أن "الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف الأبرز التي من أجله أنشئت السلطة التنفيذية الجديدة، ألا وهو إجراء الانتخابات في موعدها، يتطلب تنفيذ مقررات اللجنة العسكرية 5+5، الخاصة بتوحيد المؤسسة العسكرية وإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد، في أقرب وقت".
وتعززت الآمال في قدرة الحكومة الجديدة على إزالة هذه العوائق، وتحسين الظروف الأمنية قبل نهاية العام، بعد اتفاق اللجنة العسكرية في اجتماع جديد في سرت، في اليوم التالي لانتخاب السلطة التنفيذية، على الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار وملحقاته في الاجتماعات التالية. وأولى هذه الخطوات فتح الطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها، في ظرف زمني لا يتجاوز الأسبوعين.
وقالت اللجنة العسكرية في بيان صدر، السبت، إنها "مصرة على تنفيذ بنود وأحكام وقف إطلاق النار، الموقع في جنيف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والمضي قدماً في عملية إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد فوراً"، مكررة مطالبتها مجلس الأمن بمتابعة مخرجات "مؤتمر برلين" وإلزام كل الدول المنخرطة في الشأن الليبي بتنفيذ ما نص عليه.
كما أعلنت اللجنة أنها بدأت فعلياً في نزع الألغام ومخلفات الحرب، تمهيداً لفتح الطريق الساحلي، وأن لجنتها الفرعية لإخلاء خطوط التماس ستبدأ بإعادة تمركز القوات بعد إتمام عملية نزع الألغام في المناطق المحددة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إعادة الإعمار وجبر الضرر

وكان دبيبة تعهد، السبت، في أول كلمة تلفزيونية له كرئيس للوزراء، بإعادة إعمار البلاد، مبدياً استعداده للعمل مع الجميع حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي.
وتعتبر ملفات إعادة الإعمار وجبر الضرر للمتضررين من الحرب التي شهدتها البلاد طيلة السنوات الماضية، إضافة إلى توحيد المؤسسات ومعالجة الاختناقات الاقتصادية، من أهم التعهدات التي قطعها دبيبة على نفسه في العرض الانتخابي أمام لجنة الحوار السياسي.
وتحتاج معالجة هذه الملفات إلى ميزانية ضخمة، قد تتطلب من الحكومة الجديدة التقدم بطلب إلى مجلس الأمن لفك تجميد بعض الأرصدة الليبية في الخارج، المقدرة بمئات مليارات الدولارات، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل الأمم المتحدة طيلة السنوات الماضية. ولكن يتوقع أن تنجح الحكومة الجديدة في هذا الملف هذه المرة، نظراً إلى الدعم الدولي الكبير الذي تعهدت المنظمة الدولية بحشده لها، لمساعدتها في الخروج بليبيا من أزمتها.

تحديات المجلس الرئاسي

في المقابل، سيواجه المجلس الرئاسي الجديد المكون من رئيس يمثل شرق ليبيا وهو محمد المنفي، ونائبين من الجنوب موسى الكوني وعن الغرب عبد الله اللافي، تحديات من نوع آخر في مهمته التي تمتد لنهاية العام أيضاً.
ويعتبر التحدي الرئيس والأهم الذي سيواجه المجلس  الرئاسي، حسب المهام التي أنيطت به وينص عليها الاتفاق السياسي الليبي، الذي أنشئ بموجبه، هو معالجة ملف المؤسسة العسكرية وتعيين قياداتها على رأسها منصب القائد العام للجيش.
ويتوقع أن تتسبب هذه النقطة بجدل كبير في ليبيا، حال العمل عليها من قبل "الرئاسي"، الذي منحت له صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي كانت سابقاً من حق رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والذي كلف بموجبها القائد العام الحالي المشير خليفة حفتر.
وينتظر أن تمارس أطراف عسكرية، في غرب البلاد، ضغوطاً على المجلس الرئاسي لإقالة حفتر من منصبه، بينما سترفض الأوساط الموالية له هذا القرار إذا اتُخذ.
وكان الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري صرح، السبت، بأن "الجيش الليبي مؤسسة ضمن المؤسسات الليبية في الدولة، تتعامل مع أي سياسي وفقاً للقانون والإعلان الدستوري القائم حالياً". وأضاف أنه "وفق الاتفاق السياسي فإن المجلس الرئاسي الجديد هو القائد الأعلى للجيش الليبي"، مشدداً على أن "أهم ملفين يواجهان الجيش هما خروج المرتزقة والقوات الأجنبية، ومعالجة ملف الميليشيات المسلحة".

المزيد من العالم العربي