Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغذاء النباتي ينقذ التنوع البيولوجي من الانقراض

الإنتاج العالمي للمواد الغذائية يتهدد وجود 24 ألف نوع من الحيوانات والنبات كما يحذر مستشارون سياسيون لدى "الأمم المتحدة" و"معهد تشاثام هاوس" في بريطانيا

40 في المئة تقريباً من محاصيل الحبوب في العالم تستخدم كعلف لحيوانات المزارع (غيتي)

يشكل الإنتاج العالمي للأغذية الرخيصة السبب الرئيس في تسريع عجلة تدهور العالم الطبيعي، كما يحذر عدد من كبار مستشاري السياسات في العالم.

يقول هؤلاء الخبراء إن زراعة المحاصيل وتربية المواشي والدواجن، ستمضيان في تدمير النظم الإيكولوجية (البيئية)، وتؤديان إلى أزمة التنوع البيولوجي، إلا إذ أدخلنا بصورة عاجلة تغييرات إلى أنظمتنا الغذائية، بما في ذلك التحول إلى أنماط غذائية غنية بالنباتات.

أما أي تدمير إضافي للموائل الطبيعية والكائنات الحية فسيهدد قدرتنا على الحفاظ على حياة البشر، بحسب ما يرد في تقرير صدر أخيراً عن معهد البحوث المستقل "تشاثام هاوس" ("المعهد الملكي للشؤون الخارجية" Chatham House)، في بريطانيا، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، ومنظمة "التعاطف مع مزارع العالم" ("كومباشين إن وورلد فارمينغ" Compassion in World Farming).

يذكر التقرير إن الآثار المترتبة على إنتاج مواد غذائية إضافية إنما بتكلفة متدنية تعتبر أيضاً محركاً رئيساً لأزمة المناخ، إذ تمثل نحو 30 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن أنشطة الإنسان.

واستناداً إلى تقديرات الخبراء، يتهدد الإنتاج العالمي للغذاء وجود 24 ألف نوع حي من بين 28 ألف حيوان ونبات مهددة راهناً بالانقراض.

ومع "الانقراض الجماعي السادس" الذي يشهده التنوع البيولوجي حالياً، يتجاوز معدل فقدان الأنواع الحية الآن متوسط ما خسره العالم الطبيعي على مدى العشرة ملايين سنة الماضية.

بناء عليه، يدعو الباحثون الذين أعدوا التقرير إلى إصلاح عاجل للأنظمة الغذائية، ويقترحون ثلاثة إجراءات رئيسة هي، تغيير الأنماط الغذائية على الصعيد العالمي، وحماية الأراضي الطبيعية وعدم استغلالها، والتحول إلى زراعة المحاصيل وتربية المواشي والدواجن بأسلوب أكثر ملاءمة للطبيعة وداعم للتنوع البيولوجي.

يقول الخبراء إن "النمط الغذائي الرخيص"، الذي ينطوي على اجتثاث الأراضي من أجل زراعة المحاصيل، والإفراط في التدجين المكثف، يقود إلى حلقات مفرغة من الطلب المتزايد على الطعام الذي ينبغي إنتاجه بالطريقة المدمرة عينها.

يعتمد ذلك إلى حد كبير على استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات وموارد الطاقة، وكميات كبيرة من المياه، فضلاً عن الزراعة الأحادية غير المستدامة (بمعنى زراعة وإنتاج محصول واحد في مساحة واسعة من الأرض أو لسنوات عدة)، التي تقلص من تنوع المناظر الطبيعية وموائل الأنواع الحية، بالإضافة إلى أنها تهدد أو تقضي على عمليات التكاثر والأغذية وأماكن تعشيش الطيور والثدييات والحشرات والكائنات الميكروبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع صدور التقرير، حذرت جاين غودال، عالمة الأنثروبولوجيا الشهيرة، من أن السعي وراء الغذاء الرخيص مرتبط أيضاً بخطر تفشي مزيد من الأوبئة الفيروسية.

وأوضحت الدكتورة غودال، إن "التدجين المكثف لمليارات الحيوانات على مستوى العالم يُلحق بالبيئة أضراراً جسيمة، من بينها فقدان التنوع البيولوجي، وإطلاق كميات هائلة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي.

"البيئات الشديدة الازدحام حيث الرحمة منعدمة لا تسبب معاناة قاسية للكائنات الحساسة فحسب، بل أيضاً تفسح في المجال أمام مسببات الأمراض (البكتيريا والفيروسات والطفيليات) لتنتقل من الحيوان إلى الإنسان، ما يهدد بظهور أمراض جديدة حيوانية المنشأ... لأسباب أخلاقية، ينبغي وقفها في أسرع وقت ممكن"، على ما قالت الدكتورة غودال.

كذلك يربط التقرير بين إنتاج الغذاء والأمراض الحيوانية المنشأ (التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر) "الجديدة والخطيرة"، عبر السماح لمسببات الأمراض بالتنقل بين الحيوانات البرية والحيوانات في المزارع.

واقتضت زراعة المحاصيل بغية توفير العلف للماشية والحصول منها على اللحوم والألبان، إزالة الأشجار من مساحات شاسعة من الأراضي، في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. ويُستخدم حتى 90 في المئة من محصول فول الصويا كعلف للحيوانات المنتجة للحوم، في حين تشكل تربية الماشية (بغرض الحصول على لحومها ومنتجاتها) "عاملاً رئيساً" في استهلاك المياه، وفق "المنتدى الاقتصادي العالمي" World Economic Forum.

وحري بالعالم، تقول الدكتورة غودال، أن يقدر قيمة الطعام، كما فعلت هي عندما كانت طفلة أثناء الحرب (العالمية الثانية)، ويقلص من هدر الأغذية.

وتناول نتائج التقرير أيضاً فيليب ليمبري، من "كومباشين إن وورلد فارمينغ" (CiWF)، موضحاً أن الفكرة القائلة إن التدجين المكثف يوفر المساحة لم تكن صائبة، ذلك أن 40 في المئة من محاصيل الحبوب حول العالم تُستخدم لإطعام حيوانات المزارع.

ويرى معدو التقرير "أن ترك مساحات طبيعية من دون استغلال، والتحول إلى زراعة المحاصيل وتدجين الحيوانات بأسلوب صديق للطبيعة، يعتمدان على تغيير نظامنا الغذائي، وسيكون من العسير جداً تحقيق ذلك إذا كان التزايد المستمر في الطلب على الأغذية يضع على كاهل موارد الأراضي حملاً لا ينفك يتفاقم".

ويقول الخبراء إنه بينما تسعى حكومات عدة إلى "إعادة البناء بشكل أفضل"، على واضعي السياسات العالمية ترجمة تلك الأفعال إلى أهداف وطنية.

© The Independent

المزيد من بيئة