Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تزايدت عمليات "داعش" في العراق أخيرا؟

استثمر التنظيم التراخي الأمني والسياسي ولا تزال الحدود مع سوريا تمثل المعضلة الأكبر

جهات سياسية ترى في عودة نشاط "داعش" فرصة للكسب على حساب الحكومة العراقية الحالية (غيتي)

استعاد تنظيم "داعش" خلال الأسابيع الأخيرة عملياته ونشاطه في العراق بشكل أوسع. وبدا هذا الأمر جلياً خلال تمكّنه من استهداف العاصمة بغداد بعملية إرهابية هي الأولى منذ ثلاث سنوات، نفذها انتحاريان في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، ما يثير جملة من التساؤلات عن الأسباب السياسية والأمنية التي أدت إلى ذلك، فضلاً عن انعكاسات الملفات الإقليمية والدولية على المشهد العراقي، خصوصاً مع وصول إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض.

ويرى مراقبون أن انشغال الحكومة بملفات الانتفاضة والإشكالات مع الفصائل المسلحة الموالية لإيران خلّف ثغرات أمنية عدة أتاحت لـ"داعش" زيادة نشاطه في البلاد.

وبالرغم من أن العمليات التي شنها التنظيم في بغداد الشهر الماضي تعني تصاعد نسق نشاطه في العراق، إلا أن هجماته الإرهابية في محافظات شمالية عدة كانت مستمرة منذ فترة طويلة.

عدم استمرار الملاحقة

ولعل عدم حسم عدد من الملفات العالقة في المدن التي كان يسيطر عليها التنظيم، خصوصاً ملفات النازحين والاستهدافات الطائفية، يعدّ هو الآخر أحد العوامل الرئيسة التي أدت إلى استعادته نشاطه من جديد.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن عام 2019 "شكّل انتعاشاً لداعش في الجغرافيا العراقية، إذ استطاع خلاله إعادة هيكلة نفسه وتنظيم خلاياه واستقطاب المزيد من العناصر"، عازياً السبب إلى "عدم استمرار عمليات متابعته وملاحقته بعد إعلان الانتصار عليه عام 2018".

ويرجّح أن يكون النهج الذي اعتمدته حكومة عادل عبد المهدي من خلال "التغاضي عن نشاطه" أثر بشكل مباشر في تمدد عملياته.

ويشير الشمري إلى أسباب أخرى، من أبرزها "الانشغال السياسي ومحاولة الاستحواذ على المناصب وتمكين جهات على حساب جهات أخرى، فضلاً عن التعاطي السيّء من قبل حكومة عبد المهدي مع ملفات حقوق أبناء المناطق المحررة وإعادة إعمارها وإهمال ملف النازحين"، مبيّناً أن التنظيم "سيستغل تلك الخلافات كمنافذ لإعادة ترتيب صفوفه، خصوصاً أن القوى السياسية تمثّل أزمة مستدامة في البلاد".

ورقة طائفية واستثمار انتخابي

ويشكّل استغلال الأحزاب السياسية الموالية لإيران لملف تنامي الاستهدافات فرصة بالنسبة إليها للابتعاد عن الإشكالات مع واشنطن وتسليط الضوء على الملفات الطائفية للكسب السياسي، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات.

وبحسب الشمري، فإن جهات سياسية ترى في عودة نشاط "داعش" فرصة للكسب السياسي على حساب الحكومة الحالية، لافتاً إلى أن "استمرار الخروقات الأمنية سيصبّ في صالح الفصائل والتيارات الموالية لإيران، من خلال الترويج أنها كانت جزءًا من وسائل ردع التنظيم، فضلاً عن استخدامه كورقة طائفية في الانتخابات المقبلة".

ويستبعد الفرضية التي تطرح بشأن وقوف الولايات المتحدة خلف عودة نشاط التنظيم، مشيراً إلى أن "واشنطن لا تريد دفع ثمن جديد لعودة نشاط داعش أو الدفع بقوات إضافية إلى العراق والمنطقة، ومن مصلحتها استقرار الأمن في البلاد".

وبالرغم من العمليات الأمنية الواسعة التي تشنها القوات العراقية ضد خلايا التنظيم، إلا أنه يواصل تنفيذ اعتداءات نوعية جديدة في مناطق عدة من شمال البلاد وغربها في محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى والأنبار. 

التراخي الأمني والسياسي 

تضاف عودة "داعش" إلى تحديات حكومة مصطفى الكاظمي المحاطة بملفات شائكة عدة، أبرزها ملف الميليشيات الموالية لإيران، الأمر الذي ربما سيزيد من تمسكها بالتعاون مع واشنطن من خلال التحالف الدولي لمواجهة التنظيم الإرهابي.

ويعتقد المستشار السابق في وزارة الدفاع العراقية معن الجبوري أنه بالرغم من خسارة "داعش" المعركة الأساسية في البلاد بعد عام 2018، إلا أن تلك الخسارة "اضطرته إلى تغيير التكتيك في العمليات، بالتالي تبديل الاستراتيجية من خلال العودة إلى هذا النوع من العمليات التي يشهدها العراق خلال الأشهر الماضية".

ويشير إلى عوامل عدة أدت إلى تنامي عمليات التنظيم خلال الفترة الأخيرة، من بينها "استثماره التراخي الأمني والسياسي، فضلاً عن استغلال الفترة الانتقالية بين إدارتي دونالد ترمب وبايدن".

ويربط الجبوري بين موعد الانتخابات المقبلة وتزايد عمليات التنظيم، قائلاً إن "هذه العوامل التي أسفرت عن زيادة التناحر السياسي، تعدّ مؤشراً خطيراً يمكّنه من تنفيذ عمليات أوسع مما سبق".

ويعتقد أن التغييرات في هرم القيادات الأمنية التي قام بها الكاظمي في الفترة الأخيرة، "أثرت بشكل إيجابي في مواجهة التنظيم، خصوصاً أنها أبعدت تأثير الأحزاب عن القرار الأمني في البلاد".

تدخل السياسة 

وتستمر مطالبات الجماعات الموالية لإيران بخروج القوات الأميركية من البلاد، على الرغم من إشارة متخصصين في الشأن الأمني إلى أن هذا الوجود ضمن التحالف الدولي يمثّل أهمية كبيرة للعراق في مواجهة "داعش".

وعن دور الولايات المتحدة، يقول الجبوري إن "الأمر الأهم بالنسبة إلى بغداد هو استمرار الاعتماد على الجانب الأميركي كثقل أساس في التحالف الدولي، خصوصاً مع امتلاكه قوة جوية ضاربة وقدرته على توفير معلومات استخباراتية يعجز العراق عن الحصول عليها، إضافة إلى التكنولوجيا الحديثة والتسليح والتدريب والدعم اللوجستي".

ولعل ما يعزز ضرورة استمرار نشاط التحالف الدولي في البلاد لمدة أطول، بحسب الجبوري، هو أن "قواته الجوية وجّهت ضربة موجعة للتنظيم يوم أمس (الثلاثاء) وأطاحت برؤوسه في البلاد".

ويشير إلى أن الإشكالية التي يعيشها العراق في الفترة الحالية تتمثّل في "تدخل القرار السياسي بتقييم العمل الأمني والعسكري، خصوصاً في ما يتعلق بالمطالبات بإخراج القوات الأميركية"، مبيّناً أن "الأحزاب السياسية لا تستطيع تقييم الحاجة إلى الجهد الأميركي، وهذا الأمر من اختصاص الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية".

الحدود العراقية-السورية

مثّلت الحدود السورية مع العراق المعضلة الأكبر منذ عام 2003 في ما يتعلق بدخول الجماعات الإرهابية. ويلفت الجبوري إلى أنها "منطقة رخوة وبيئة خصبة لنشاطها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويختم أنه "على الرغم من استلام العراق أبراج مراقبة متطورة من التحالف الدولي استطاع من خلالها تأمين 400 كيلومتر من هذا الشريط الحدودي، إلا أن بقاء نحو 200 كيلومتر بالقرب من المثلث العراقي السوري التركي يمثّل ثغرة يستغلها التنظيم".

وكان الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء يحيى رسول، قال في تصريحات تلفزيونية الأربعاء، 3 فبراير (شباط)، "لا يزال الإرهاب حاضراً بشكل كبير في مناطق شمال شرقي سوريا"، مشيراً إلى أن "المعركة الحالية استخباراتية وقد حققنا عمليات نوعية".

وتابع "نواصل عملياتنا لضرب الإرهاب ومجاميعه غرب نينوى وفي صحراء الأنبار"، موضحاً أن "الجهود الكبيرة أثمرت عن اصطياد رؤوس كبيرة على الرغم من تحركهم بأعداد قليلة للغاية".

زيادة نسق الهجمات مع وصول إدارة بايدن

ويرى مراقبون أن تزامن تصاعد هجمات "داعش" مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض ربما يكون مترابطاً، بحيث  يشعر التنظيم أنه أقل تطلّعاً للخوض في غمار الشرق الأوسط وملفاته، خصوصاً خلال المئة يوم الأولى، إلا أن اشتراك التحالف في قتل قياديين في التنظيم يثبت عكس ذلك.

وأعلنت خلية الإعلام الأمني مقتل 4 من عناصر التنظيم، في 2 فبراير، بضربة جوية نفذها طيران التحالف الدولي، غرب العاصمة بغداد.

وفي اليوم ذاته، أعلن الكاظمي مقتل "قائد جنوب العراق في داعش".

وقال في تغريدة له على "تويتر"، "استكمالاً لعهد أبطالنا بالقضاء على قادة عصابات داعش ووفاءً لدماء شهداء العراق، تم اليوم القضاء على الإرهابي أبو حسن الغريباوي، قائد جنوب العراق في التنظيم، والإرهابي غانم صباح، المسؤول عن نقل الانتحاريين، وآخرين من عناصر الإرهاب".

وكان رئيس الوزراء قد توعّد التنظيم على خلفية التفجيرات الانتحارية الأخيرة وسط بغداد بردٍّ "قاسٍ"، وأعلن في 28 يناير، عن مقتل ياسر العيساوي، "نائب الخليفة ووالي العراق في داعش" بعملية استخباراتية نوعية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير